صدرت الأحد الماضي في بيروت رواية “بخور عدني” للروائي علي المقري، وهي روايته الرابعة التي تصدر عن دار الساقي للمؤلف. جاء في كلمة الناشر على الغلاف أن القادم من فرنسا إلى عدن حين سألوه عن اسمه وهويته قل لهم “اسمي أيّ شيء”. فالتفتت إليه ماما وأخذت بيده إلى المدينة التي كانت “تعيش حياة غنيّة بتنوّعها”. وبالرغم من أجواء الصراعات والحروب التي كانت قد صارت هواية عند البعض، يحاول القادم أن يخلع ذاكرته الماضية، بما فيها ذكرى شانتال التي اكتشف أنّه لم يكن الوحيد الذي قاسمها تطلعات الحب الأولى، فيندمج بصخب وأحلام المدينة، تلك الأحلام التي قد تتحقّق في غفلة من الحالمين أنفسهم كزيارة ملكة بريطانية اليزابيث الثانية إلى عَدَن، والتي قيل إنَّها اختفت هناك متخفية ببرقع عَدَني، كان المتدينون قد طالبوها بلبسه خوفاً من افتتان المسلمين بها. لكن مَن صار يحمل صفة العَدَني، ككل الذين لجأوا إلى هذه المدينة أو ارتضوها سكناً، أصبح مع التحولات الصاخبة يخشى من أن يفقد هذه الصفة، بعد أن شهد مع ماما “التي غدت بأحلامها دليله إلى خفايا المدينة”، مصير دكّان اليهودي الذي كان، حسب الناشر، “مخزن أسرار المدينة، وحافظ مشاعر أبنائها من الحب والشوق واللوعة”، إذ كان على صاحبه أن يرحل، مع المغنية شمعة، وبقيّة اليهود في بساط من ريح”. “بخور عدني” رواية عن تعايش المسلمين واليهود والمسيحيين والهندوسيين والزرادتشيين والبوذيين والكونفوشيسيين وغيرهم من أتباع الديانات والمذاهب ومن لا دين لهم أو عقيدة، عبر قصص حب و حياة، في مدينة فتحت أبوابها للجميع؛ كما هي رواية عن المِحن المصاحبة لهذا التعايش ابتداء بالتطرف الديني والسياسي وليس انتهاء بسطوة الخائفين الذين يخيفون أكثر من غيرهم.. رواية يقول ناشرها إنّها “تبحث عن معنى الوطن” في مدينة كانت حتى وقت قريب مقصداً لكل الباحثين عن حياة مختلفة “محروسين بصوت شمعة الدافئ وأحلام ماما التي لا تنتهي”. تحوي الرواية إشارات تاريخية تعود إلى سنوات تمتد من منتصف أربعينيات القرن الماضي وحتى بداية السبعينيات، إلاّ أن المؤلف يقول إنّه لم يكتب رواية تاريخية وإنما كتب رواية تضع بعض جوانب التاريخ الاجتماعي والسياسي في المحك الروائي، وإنّ ما يشير إلى هذا الجانب التاريخي في الرواية لا يتعدى بضع فقرات أو أسطر قلية في الرواية كلها. سبق أن صدر للروائي علي المقري روايات: “طعم أسود... رائحة سوداء” (القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية 2009) و”اليهودي الحالي” (القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية 2011) و”حرمة”. وترجمت أعماله إلى الإيطالية والفرنسية والإنجليزية والكردية وغيرها.