«أعماق» تلك المنطقة الواقعة في مديرية الصلو بمحافظة تعز حالها كحال بقية القرى في اليمن، أصابها الجفاف منذ فترة طويلة نتيجة للظروف المناخية من احتباس حراري وقلة الأمطار، التي كان لها دور كبير في خلق الأزمات وشحّة في المياه والجفاف، مما أثر سلبياً على الواقع الزراعي، مما يهدّد المستوى المعيشي والأمن الغذائي في المنطقة.. بالرغم من أننا في عام 2014 ، أي في الألفية الرابعة ومازال اليمنيون يشربون من مياه «الآبار» إذ يقوم سكان هذه المنطقة بتعقيم مياه الآبار واستخدامها بسبب شحّة مياه الشرب وتلوّثها إن وُجدت، وقد كان ل «الجمهورية» جولة في هذه المنطقة من محافظة تعز التقت خلالها بالسكان هناك.. كابوس المياه وعن تلك المعاناة قال المواطن عبد الرحمن سعيد: شحة المياه في منطقة أعماق بمديرية الصلو أتعبت الأهالي في المنطقة وخلقت في قلوبهم الهموم والأحزان.. الكبار والصغار يقطعون المسافات الطويلة حتى يصلون إلى الآبار من اجل الحصول على دبة ماء، وهذه المعاناة لا تقتصر على قرية أو عزلة فقط في مديرية الصلو وإنما غطت رقعة المديرية كاملة، والعطش قد اكتسح جميع الأهالي، وأصبحت هذه المشكلة حجر عثرة أمامهم في الوقت الذي يعاني منه المواطن ضيق الحال والفقر.. مضيفاً: عقود مضت ونحن تحت وطأة الإهمال وأصبح مصيرنا مجهولاً إلى متى نظل نتحمّل تلك المعاناة بعد أن ضاق بنا الحال وسئمنا مكابدة العيش بعد مقاومة شرسة لتقلّبات ومتغيرات الحياة الصعبة. لا حياة لمن تنادي وقال أحد أعيان منطقة أعماق: إلى متى نظل نتحمل ضيق تلك الأحوال، فقد سبق وطالبنا السلطة المحلية ببناء حواجز مائية وسدود لنستغل مياه الأمطار في الصيف, لكن لا حياة لمن تنادي، مضيفاً: أصبحت مشكلة المياه تشكّل للمواطن كابوساً يراوده ما بين الحين والآخر وكلما استغاث أو جاء موعد الانتخابات الوعود الكاذبة تهل علينا كالمطر ويمنحونا مشاريع وهمية وكأنهم يقبلون واقع مآسينا. معاناة أخرى وبهذا لم تكتمل المأساة في منطقة أعماق التابعة لمديرية الصلو، فهي أيضاً تعاني غياب الكهرباء على الرغم من مرور الكهرباء على قريتهم إلى قرى مجاورة أخرى وإلى مدينة التربة في محافظة تعز، إضافة إلى عدم وجود مركز صحي في القرية، ومدارس يتعلم فيها أبناؤهم مما نتج عنه تكبّد الأهالي كثيراً من المعاناة لدى تعرّض أحدهم إلى الإصابة بمرض أو عارض صحي، إذ يستلزم قطع مسافة من أجل الوصول إلى أقرب مركز صحي، أو قطع المسافة نفسها ذهاباً وإياباً من أجل تلقي العلم في مدرسة بقرية مجاورة لهم، كما زاد من معاناتهم أن الطريق أكثر وعورة. كهرباء غائبة محمد الصلوي، أحد أهالي القرية روى ل«الجمهورية» احتمالهم طوال الزمن عدم توفير خدمة الكهرباء، حيث يقول: «قمنا بتوفير مولدات كهربائية على حسابنا الخاص، بعد أن أعيتنا المطالبات المتكرّرة على مدى عقود من الزمن على أمل أن تلوح بارقة أمل في توفير الخدمة الكهربائية لقريتنا، التي تنعم بها جميع القرى المجاورة لنا ومرور الكهرباء من قريتنا إلى قرى مجاورة». ويشير إلى أن المولّدات الكهربائية كبّدتهم خسائر كبيرة من تعطل وتلف الكثير منها، إضافة إلى توفير الوقود لها، مؤكداً أن العديد من القرى التي تقع بالقرب من قريتهم تم إيصال الكهرباء إليها، فيما قريتهم التي يقطنها أكثر من أربعمائة مواطن لم يصلها التيار الكهربائي حتى الآن. وقال الصلوي: أملنا بالله ثم في حكومتنا الرشيدة والمسئولين خيراً، لتلمس احتياجاتنا والوقوف على وضع قريتنا.. ويستكمل: يكفي ما عانيناه على مدى سنوات مضت من نقص في كثير من الخدمات، وأدعو أحد المسئولين إلى زيارتنا ليرى بنفسه على الطبيعة ما نعانيه. عانينا كثيراً فيما أكد عمار أحمد عدم وجود مركز صحي في القرية، مما يتطلب منهم عناء السفر والتعرض لمخاطر الطريق أثناء مراجعتهم لأحد المراكز الصحية في القرى المجاورة فيقول: يوجد في القرية نحو 400 نسمة بينهم الكثير من المسنين والأرامل ومن ذوي الاحتياجات الخاصة وبعضهم في حاجة ماسة إلى تلقي العلاج دون تكبّد عناء الانتقال، كما أنهم يتعرّضون لأمراض لا يتمكنون خلالها من قيادة مركباتهم أو عدم وجود عائل لهم يساعدهم ويقوم بإيصالهم لتلقي العلاج في أحد المراكز الصحية في القرى المجاورة. وأوضح أنه وُلد وتربّى في هذه القرية وهو الآن يدرس في المرحلة الجامعية متحدثاً عن معاناة أبناء القرية في تلقي التعليم، فيقول: عانينا كثيراً لعدم وجود مدارس في قريتنا، مما كان يستلزم أن ندرس في إحدى القرى المجاورة لنا، وكنا نعاني في الذهاب والإياب للمدرسة. وطالب وزارة التربية والتعليم بافتتاح مدرستين ابتدائيتين إحداهما للبنين والأخرى للبنات، مؤكداً أن ذلك سيسهم في الحد من معاناة طلاب وطالبات القرية الذين يتردّدون يومياً إلى مدارس القرى المجاورة.