شيء مرعب يتجسد ليلاً من أعماق الأرض.. ليقف أمامك في لحظات وقد تقمص هيئة شخص تعرفه.. تراه فتشعر بتوتر غامض يزحف على جسدك.. ولا تدري لماذا.. تحدثه لتطمئن فيتجاهلك ويمضي.. بوقاحة, أو يحدثك بتثاقل وغموض.. قد تسأله فيجيبك, صادقاً أو كاذباً.. لا تهتم.. لأنك حين تقابل الشخص الحقيقي في الصباح تسأله عن ليلة الأمس وما دار بينكما من حديث.. ستراه يعقد حاجبيه متسائلاً.. لكنني لم أغادر بيتي ليلة أمس ولم أتحدث معك قط. ذلك هو لبّ الحكاية.. وبطلها كائن مخيف.. قد يكون من الجان.. وقد يكون من الأرواح الهائمة في الأرض. لكنه يتصوّر بهيئات كثيرة.. ووجوه مألوفة من أهالي المنطقة.. ذكراً أو أنثى.. ذلك هو (المتصور) أسطورة يمنية أخرى.. لها شبيهاتها في كل الثقافات.. يتصوّر ويتجسد بهيئات ووجوه.. لكنك معه لا تحس بالأمان.. لا تحس بالاطمئنان.. لا تشعر إلا بخوف لا تجد له مبرراً حينها.. ووحشة.. تجعلك تتلفت يمنة ويسرة وأنت لا تدري أن ما يخيفك, يقف أمامك.. أسطورة الطاهش.. ذلك المخلوق الغريب الذي بعث الرعب في البلاد قديماً.. حيث كان يعيش في كل قفار اليمن ومفازاتها.. ولعل أشهر مكان كان يُشاهد فيه منطقة الحوبان في مدينة تعز.. واشتهر طاهش الحوبان حتى نافس بشعبيته ملوكاً وسلاطين جاءوا ورحلوا دون أن يحظوا بما حظي به من الشهرة.. ومن لا يعرف (طاهش الحوبان)!!!؟؟ تحدث عنه أجدادنا برهبة.. يحكون تفاصيل لقاءات مرعبة.. وحوادث تمزيق شنيع.. لضحايا كانوا يعثرون عليهم صباحاً في أماكن بعيدة.. وغير مأهولة.. صفات الوحش تختلف باختلاف الرواة.. فمن نحر كنحر الثور القوي.. إلى رأس خليط بين الذئب والليث المفترس.. وجذع كالخيل الجامح.. سريع في العدو.. قوي في القفز.. «لا يدركه طالب.. ولا ينجو منه هارب» لا يأكل الجثث.. و من أغمي عليه و انطرح بين يديه (مخلبيه) فقد نجا.. ليصبح يقص على معارفه ما حدث بفكر مشوش مضطرب.. لا تتضح معه تفاصيل الطاهش كما يجب.. يقول المثل اليمني: كل طاهش معه (يرارة).. واليرارة طائر صغير يرافق الطاهش يطلق صوتاً مميزاً فيدل الناس عليه ليختبئوا منه قبل وصوله. الجدير بالذكر أن معظم تلك الأوصاف تتطابق وحيوان الدب آكل العسل.. حيث أن الدب له نحر عريض وهيئة مخيفة. كما أنه لا يهاجم من يظنهم أموات ويتبعه طائر صغير يدله على أماكن العسل فيهاجمها ويترك له بقية ما يقتات عليه ولكن هل عاشت الدببة في أرض اليمن؟..