حضر الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، أمس اللقاء الوطني الموسع الذي عقد في الصالة الكبرى بالقصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء، ومعه الإخوة رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي، ورئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة، ونائبا رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، والمهندس عبدالله محسن الأكوع، ومستشارو الرئيس. وضم اللقاء أعضاء مجالس النواب والوزراء والشورى ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية والاجتماعية وعدداً من المسؤولين في الدولة والحكومة. وفور وصول الأخ الرئيس عزفت الموسيقى السلام الجمهوري، ثم بدأت فعاليات اللقاء بتلاوة آي من القرآن الكريم. وألقى الأخ رئيس الجمهورية كلمة قال فيها: «نجتمع اليوم في لحظة فاصلة من تاريخ اليمن، وفي ظروف بالغة التعقيد، تتطلب من كل القوى السياسية والعلماء والوجاهات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة أن تقف صفاً واحداً للدفاع عن الوحدة والجمهورية والديمقراطية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني». وأضاف: «اليمن يواجه اليوم تحديات مصيرية تستهدف وجوده وكيانه ومكتسباته التي تحققت بفضل تضحيات أجيال من اليمنيين». وحيّا الأخ رئيس الجمهورية الحشود اليمنية التي هبت في كل الساحات في مشاهد مهيبة لا يمكن إلا أن ننحني أمامها ونعاهدها بالحفاظ على الثوابت والمكتسبات الوطنية التي عبرت عنها وبذات القوة والإرادة التي أظهرتها.. مؤكداً أن تلك الحشود أثبتت أن الشعب اليمني هو الأحرص على السلم والوفاق وعلى لغة الحوار، رغم كل الصعوبات التي تحيط به. وقال: «لقد بنيت وثيقة مؤتمر الحوار على توافق غير مسبوق في التاريخ اليمني، وهو توافق شهد له القاصي والداني».. داعياً جميع اليمنيين واليمنيات إلى أن يكونوا قوى إيجابية للضغط باتجاه تنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وقال: «تلك المخرجات هي ملك لكم ولكم وحدكم، وهي طريقكم إلى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية فامشوا في طريقكم ولا تقبلوا بأقل من تطلعاتكم ولا ترضوا عمن يستغل مطالبكم المشروعة للوصول لأهدافه الخاصة أو لتنفيذ أجندة خارجية لا تمت لليمنيين ولا لمصالحهم بصلة».. وتابع الأخ الرئيس: «أكدت سابقاً وأكرر اليوم بأنني حريص على كل مواطن من أقصى المهرة إلى أقصى صعدة، وبأنني لن أسمح لأي عابث بأن يهدد أمن واستقرار اليمن، ولا يحق لأي جماعة أن تكون وصية على هذا الشعب العظيم باستخدام ذرائع بالية، كما لا يحق لها أن تتعهد للناس بشيء وجميعنا يعلم أنها تنقض كل اتفاق». وأضاف: «لقد وقف المجتمع الدولي بحزم أمام ما يجري في اليمن وعبّر عن موقفه بهذا الشأن مرات عديدة، وكان آخر مواقفه البيان الرئاسي لمجلس الأمن أمس الأول الذي نص بلغة واضحة لا تقبل التفسيرات على أن التصعيد الجاري من قبل البعض مرفوض وبأنه سيقابل بإجراءات صارمة».. مؤكداً أن كل ذلك يدل على أن اليمنيين والمجتمع الإقليمي والدولي الذي دعمنا طوال السنوات الماضية لن يقبلوا بفشل العملية السياسية نتيجة عبث البعض واستهتارهم بمصالح الشعب ومستقبله. ودعا الأخ رئيس الجمهورية الأطراف التي تغرد خارج السرب أن تعيد حساباتها وتلتزم بما أجمع عليه اليمنيون، وأن تعمل على تحقيق أهدافها وطموحاتها عبر الأطر السياسية والمؤسسية التي كفلها الدستور وعبرت عنه وثيقة الحوار الوطني بشكل لا لبس فيه.. مشيراً إلى أن الدولة مسؤولة وضامنة لهذه الاتفاقيات وتحقيق الشراكة الوطنية روحاً وفعلاً. وقال الأخ رئيس الجمهورية: «مددنا يد السلم دوماً وليس ضعفاً منا ولكن حرصاً على تجنيب البلاد ويلات حرب أهلية لا تبقي ولا تذر وإدراكاً منا أن لغة العنف سوف تحرق الأخضر واليابس، بل وستبدد كل طاقاتنا التي يجب أن نسخرها الآن للتنمية والبناء، كما ستحول البلاد لساحة احتراب لقوى خارجية لا يهمها اليمن ولا اليمنيين». وأضاف: «إن قرار تصحيح أسعار المشتقات النفطية كان خيار الضرورة لتجنب انهيار البلد، أقول هذا وأنا أدرك تماماً معاناة الناس بعيداً عن المزايدات السياسية، لذا وجهت بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية ابتدأت بإجراءات تقشفية تستهدف مسؤولي الدولة، وشملت إجراءات لدعم القطاع الزراعي والسمكي، بالإضافة لاعتماد مئات الآلاف من حالات الضمان الاجتماعي الجديدة، كما وجهت بدراسة كل المقترحات والمبادرات التي قدمتها القوى الوطنية في هذا الشأن». ولفت الأخ رئيس الجمهورية إلى أن الاجتماع الوطني الذي عقد قبل عشرة أيام وتم خلاله تحديد أسس وثوابت لكيفية معالجة هذه الأزمة من خلال تشكيل لجنة وطنية من كل القوى السياسية للذهاب إلى صعدة، من منطلق الحرص والمسؤولية الوطنية والشفافية والتي ستقدم تقريرها إليكم في هذا الاجتماع لبيان الجهود التي بذلتها اللجنة لإيجاد حل يحقق مصلحة المواطن بالدرجة الأولى.. بعد ذلك تلا رئيس اللجنة الوطنية الرئاسية نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور أحمد عبيد بن دغر بيان اللجنة، وجرى بعد ذلك تقديم المقترحات على أن تستمر اللجنة في جهودها وينضم إلى قوام اللجنة تنفيذاً لتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية كل من وزراء المالية الدكتور محمد زمام، والتخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي، والنفط والمعادن حسين الرشيد الكاف، ومحافظ البنك المركزي اليمني محمد عوض بن همام. إلى ذلك رأس الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي - رئيس الجمهورية - أمس اجتماعاً استثنائياً للجنة العسكرية والأمنية العليا. وقف الاجتماع أمام التطورات والأوضاع الراهنة في ضوء ما يحشده عبدالملك الحوثي باتجاه صنعاء وما حولها من مليشيات مسلحة تهدد الأمن والاستقرار والتسوية السياسية برمتها.. وفي الاجتماع أشار الأخ الرئيس إلى المحاولات الحثيثة من أجل تجنب ما لا يحمد عقباه لخروج اليمن من هذه الأزمة والأحداث المتلاحقة وحتى لا يلحق باليمن ما يجري في ليبيا وسوريا والعراق، بعد أن كان على وشك الانتهاء وبنجاح كامل من استحقاقات المرحلة الانتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وباركها وأيدها ودعمها بإجماع وبشكل كامل المجتمع الدولي. واستعرض الأخ الرئيس طبيعة الاتصالات الجارية على مختلف المستويات من أجل تدارك خطر هذا الوضع الراهن.. متطرقاً إلى طبيعة ما جرى في دماج وحاشد وعمران والجوف ومأرب والانتشار الممنهج لجماعة الحوثي وما تشكله من تهديد للأمن والاستقرار وإضعاف صلاحيات الدولة والحكومة في تلك المناطق. ولفت الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي إلى أن هناك اتفاقاً يعتبر عهداً بين العلماء حول دماج منذ عام 1982م، أي ما يتجاوز ثلاثة عقود ولم يكن هناك أي احتكاك أو مناوشات، ناهيك عن حصار وقتال.. وقال الأخ الرئيس: «عملنا كل ما يمكن وقدمنا أموالاً طائلة من أجل حل المشكلة وإنهاء القتال الذي كان هناك». وأضاف الأخ رئيس الجمهورية قائلاً: «إنه بعد عدوان تنظيم القاعدة الإرهابي على الأصدقاء الأجانب في صنعاء وتكرار مثل تلك الاعتداءات ومنها ما تم في مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي من عدوان وحشي يندى له الجبين على الأطباء والممرضين والممرضات والطبيبات والعاملين والمرضى العزل من السلاح، فقد حشدنا وحدات من الجيش لمكافحة آفة الإرهاب، وبينما كان الجيش منهمكاً في ملاحقة العناصر الإرهابية في عزان والمحفد ومناطق أخرى كان عبدالملك الحوثي يقتحم بمليشياته مناطق في حاشد وباتجاه عمران».. ورحّب الأخ الرئيس ترحيباً كبيراً بالبيان الهام الذي أصدره مجلس الأمن الدولي أمس وكذا بياني الإدارة الأمريكية والمملكة المتحدة التي تدين مليشيات الحوثي ومحاولتها اختراق الصف الوطني والإجماع الذي تحقق في مؤتمر الحوار الوطني الشامل والخروج عن ذلك الإجماع الذي يجنب اليمن ويلات الانقسام والتشظي والسلالية والطائفية والوصول باليمن إلى آفاق الاستقرار والأمان والتطور والازدهار. وحث الأخ الرئيس الجميع على اتخاذ أقصى درجات الحيطة والجاهزية الكاملة لمواجهة مختلف الاحتمالات. حضر اللقاء مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد عوض بن مبارك.