لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    نقابة الصحفيين تدعو إلى سرعة إطلاق الصحفي المياحي وتحمل المليشيا مسؤولية حياته    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحطّات الخلوية.. انتشار مُخيف.. أضرار محتملة!!
فيما يعتقد كثيرون أنها تسبّب السرطان..!!
نشر في الجمهورية يوم 12 - 01 - 2015

يتخوف ويعارض الكثير في اليمن إنشاء محطات تقوية خاصة بشركات الاتصالات بالقرب من منازلهم, وذلك لاعتقادهم السائد بأن إشعاعاتها تضر بحياة الإنسان, لكن ومع الطفرة التكنولوجية في يومنا هذا بات محتماً انتشار الهواتف الخلوية لحاجتها في اليمن كبقية دول العالم, وبذلك انتشرت معها محطات التقوية, وتعتمد شركات الاتصالات اللاسلكية على شبكة ممتدة من الهوائيات الثابتة أو المحطات الخلوية, التي تتبادل المعلومات فيما بينها بواسطة إشارات تردد لاسلكي, وقد ازدادت باطراد تلك المحطات حول العالم خصوصاً مع انتشار الجيل الثالث من هذه التقنيات, إذ وصلت بحسب الإحصائيات الأخيرة إلى حوالي مليون ونصف محطة هاتف خلوي - المعروفة بأبراج أو دقلات التقوية -, ومن الواضح أن ثمة شبكات لاسلكية أخرى تستعمل في خدمات الانترنت وغير ذلك؛ انتشرت في الآونة الأخيرة في البيوت والمكاتب والمطارات والمولات والمقاهي والعديد من الأماكن العامة والخاصة.
مع ازدياد هذه الشبكات اللاسلكية وتلك المحطات الخلوية الخاصة بشركات الاتصالات وكذلك الهوائيات الأرضية الإذاعية والتلفزيونية؛ يزداد معها تعرض السكان المحيطين, للإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث منها، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا, ما مدى التأثيرات الصحية الناجمة عن تعرض الإنسان المستمر لمستويات منخفضة من أشعة التردد اللاسلكي؟، وماهية آلية تركيب تلك الهوائيات؟.. التحقيق التالي يستعرض كل ذلك مستدلاً بالأدلة العلمية.
قلق متزايد
ثمة قلق سائد بشأن هوائيات محطات الهواتف الخلوية وشبكات الاتصال اللاسلكي المحلية, سببه الاعتقاد الجازم لدى الكثير بأن تعرّض كامل الجسم للإشارات اللاسلكية التي تنبعث منها, يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية على المدى البعيد.
وفي سياق هذا الموضوع كنت شخصياً قد ذهبت إلى الكثير من أصاحب المنازل المرتفعة, مدعياً بأني من إحدى شركات الاتصال, كي أقنعهم بوضع هوائي مقوٍّ في سطح منازلهم, لكنهم جميعاً رفضوا ذلك بحجة أن تلك الهوائيات تسبب سرطانات, باستثناء - محمد توفيق - الذي وافق على الفكرة, مقابل إيجار أن أدفع له كشركة اتصالات 400 دولار شهرياً, ومع - اعتقاد محمد - كغيره بأضرار الهوائي, أفادني بأنه سيترك منزله راحلاً إلى منزل آخر, في رسالة غير واضحة منه بأنه غير مكترث للأضرار التي قد تلحق بالسكان, وللعلم فإن أغلب المباني المرتفعة التي بها محطات تقوية كما وجدت, لا يقطنها أصحابها خشية تعرضهم للإشعاع.
أما - محمد الحبشي - أحد المعارضين بشدة للفكرة والذي وجدته أكثرهم اطلاعاً كما يظن على مخاطر الهوائيات, إذ يعتقد أن تلك الهوائيات تسبب أوراماً سرطانية كسرطان الثدي والدماغ, بالإضافة إلى تسببها لأمراض عديدة نفسية ودماغية وغيرها, - واستطرد الحبشي - واثقاً بأن هذه المخاطر معروفة لدى الجميع ولا تحتاج إلى استبيان, مستدلاً بذلك إلى ما تنشره من تحذيرات وسائل الإعلام وخاصة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.. ومع كل تلك التخمينات والاعتقادات فإن الأثر الصحي الوحيد حتى الآن الذي تم التعرف عليه عن طريق الأبحاث العلمية, يعود إلى الارتفاع في درجة الحرارة (أكبر من درجة مئوية واحدة) نتيجة التعرض لكثافة إشعاعية عالية, والتي تتواجد فقط في بعض المؤسسات الصناعية مثل المسخنات التي تعمل بأشعة التردد اللاسلكي.
حقيقة الإصابة بالسرطان
التقارير الصحافية والإعلامية التي تحدثت عن وجود إصابات بمرض السرطان تحدثت حول أبراج محطات الهواتف الخلوية؛ زادت من قلق الناس, ويجب هنا ملاحظة أن السرطانات لا تتوزّع بشكل منتظم من الناحية الجغرافية بين أية مجموعة من السكان, وبما أن أبراج المحطات الخلوية منتشرة بشكل كبير في البيئة، فإنه من المتوقع وجود إصابات بأمراض السرطان بالقرب من محطة خلوية بمحض الصدفة, وهذا لا يعني أن سبب حدوث السرطان هو وجود المحطة، خصوصاً وان أمراض السرطان المسجلة في هذه الحالات هي في الغالب مجموعة من أنواع مختلفة من مرض السرطان لا توجد لها أية ميزات أو علة مشتركة, وهذا ما - أكده - أيضاً ل "الجمهورية" المختص في تنظيم استخدام الترددات والأجهزة الراديوية, المهندس. عبد الحفيظ سعيد البذيجي - الوكيل المساعد للشؤون الفنية في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.
- وبحسب منظمة الصحة العالمية - فإن الدليل العلمي عن توزيع مرض السرطان بين السكان يمكن الحصول عليه فقط من خلال دراسات وبائية مخططة ومنفذة بعناية, وفي السنوات الخمسة عشرة الأخيرة تم نشر العديد من هذه الدراسات الوبائية التي تبحث في العلاقة بين انتشار مرض السرطان حول الهوائيات التي تبث موجات لاسلكية, ولم تجد هذه الدراسات أي دليل على أن التعرض للأشعة المنبعثة من تلك الهوائيات, يزيد من مخاطر انتشار مرض السرطان, كذلك الدراسات التي جرت على الحيوانات لفترات طويلة، لم تبين أية زيادة من خطر السرطان نتيجة التعرض لمجالات التردد الراديوي، حتى عند الحيوانات التي تم تعريضها لمستويات أعلى بكثير من مستويات الإشعاع التي تنبعث من أبراج المحطات الخلوية أو من شبكات الاتصال اللاسلكي الأخرى.
شعورهم بأعراض غير محددة
قليلة هي الدراسات التي بحثت في الآثار الصحية العامة عند الأشخاص الذين تعرضوا لمجالات تردد راديوي من محطات الهواتف الخلوية, وذلك بسبب الصعوبة في تمييز شاراتها الضعيفة جداً من بين شارات الترددات الأخرى الأقوى الموجودة في البيئة, ومعظم تلك الدراسات رّكزت على التعرض للترددات الراديوية عند مستخدمي الهواتف الخلوية، ولم تبين الدراسات على الإنسان أو الحيوانات التي تبحث في وظيفة الدماغ وسلوكه بعد التعرض لمجالات تردد راديوي مثل تلك الصادرة من الهواتف الخلوية؛ وجود أية أّثار صحية ضارة, ومستويات الإشعاع الذي تم التعرض له في هذه الدراسات حوالي 1000 مرة, أعلى من تلك التي يتعرض لها الناس من محطات الهواتف الخلوية أو شبكات الاتصال اللاسلكي المحلية, ولم تتم ملاحظة أية تغييرات ذات صلة على نمط النوم أو وظائف القلب والأوعية الدموية.
إن بعض الأشخاص تحدثوا عن شعورهم بأعراض غير محددة عقب تعرضهم لمجالات تردد راديوي صادرة عن محطات الهواتف الخلوية أو من أجهزة أخرى تبث موجات كهرومغناطيسية, وكما تبين من نشرات حديثة صدرت عن منظمة الصحة العالمية, لا تسبب المجالات الكهرومغناطيسية مثل هذه الأعراض, وعلى الرغم من ذلك فإنه لمن المهم الاعتراف بما يعاني منه هؤلاء الأشخاص, وتشير غالبية الدراسات إلى أنهُ لا توجد علاقة بين ظاهرة فرط الحساسية الكهرومغناطيسية وبين التعرّض للمجالات الكهرومغناطيسية, ومن جميع الأبحاث التي أجريت حتى الآن لم يتبين وجود آثار صحية ضارة قصيرة الأمد أو طويلة الأمد من الإشارات التي تنبعث من محطات الهواتف الخلوية, وبما أن شبكات الاتصال اللاسلكية تبث بشكل عام إشارات لاسلكية أضعف من تلك التي تنبعث من محطات الهواتف الخلوية؛ فليس من المتوقع وجود أية آثار صحية ضارة من التعرض لها.
خطر النقّال "والواي فاي" أكبر
وتشير الدراسات الحالية إلى أن تعرّض السكان للمجالات الكهرومغناطيسية من هوائيات محطات الهواتف الخلوية يتراوح ما بين 0.002% - 2% من مستويات حدود التعرض المسموح بها دولياً، ويعتمد ذلك على عوامل مختلفة مثل بعد الشخص عن هوائي المحطة وكذلك على طبيعة البيئة المحيطة, ومستوى التعرض هذا أقل أو يعادل التعرض لمستويات موجات التردد اللاسلكي المنبعثة من هوائيات البث الإذاعي أو التلفزيوني.
ويؤكد ل"الجمهورية" المهندس. عبد الحفيظ سعيد البذيجي - الوكيل المساعد للشؤون الفنية في وزارة الاتصالات, إن مستويات التعرض لأشعة التردد الراديوي المنبعثة من هوائيات المحطات الخلوية وشبكات الاتصال اللاسلكي هي متدنية جداً, لدرجة أنها لا تتسبب في إحداث آثار حرارية معتبرة وبالتالي ليست لها آثار صحية على الإنسان, واستغرب - البذيجي - من الناس كونهم يركزون على أضرار الهوائيات الخلوية, غير مدركين أن الضرر الأكبر قد يكون ناتجاً من الهاتف الخلوي الذي تبلغ طاقته العادية 700ملي واط, - موضحاً - في ذلك إلى أنه كلما ضعف إشعاع الهوائي وبعد عن الإنسان, رفعت الطاقة في الهاتف نتيجة لقيامه بالبحث عن إشارة ضعيفة وقد يصل إشعاعه إلى 1700ملي واط, بينما في حال وجود التغطية تنخفض إلى 250ملي واط, - ونصح البذيجي - مستخدمي الهواتف, بإبعاد الهاتف عن الأذن في بداية القيام باتصال لأنه يبعث في أعلى طاقته, أما بعد الرد من قبل المستقبل؛ تقوم المحطة بالتحكم بالإشعاع وتخفيضه, - وأردف البذيجي - محذراً من استخدام النقال لأكثر من 6 دقائق كي تستريح الأذن وتبرد, مع مراعاة تنقل الهاتف بين الأذنين, كما - حذر - أولياء الأطفال ما تحت سن العاشرة من إعطاء أطفالهم هواتف, وذلك لضعف سمك حاجب دماغهم الذي يكون بحدود نصف ملّي, والذي يخترقه الإشعاع حتى العمق, أما الأمر الآخر والأهم الذي - أشار إليه البذيجي - فهو شبكات "الواي فاي" والتي عادة ما تكون قريبة من مستخدميها, - فعلى حد تأكيده - أن "الواي فاي" أكثر خطورة من هوائيات الهاتف الخلوي كونه غير مراقب, إذ أن الحد المسموح لبث إشعاعه هو 100ملي وات, لكن بعض المبرمجين يزيد من طاقة إشعاعه خاصة الذين هم على الشوارع ليصل إلى أبعد ما يمكن, ولهذا - نصح البذيجي - عبر "الجمهورية" مستخدميه بأن يكونوا على بعد 10 أمتار من شبكات الشوارع, - كما طالب - وزارة الاتصالات كجانب أخلاقي أن تقوم بقياس مستوى إشعاعات كل الخدمات لكل متر مربع, كونها أمواج منظومة كونية وجودية, وليس هوائيات المحطات الخلوية فقط والتي تعتبر آمنة, - مؤكداً - بأنه قام بقياس "الواي فاي" بأكثر من مكان ووجده أكثر إشعاعاً من السيار, كونه يأتي من دول آسيوية لا تراعي قوانين السلامة.
لا يوجد إثبات
إن شدة مجالات أشعة التردد الراديوي تكون عالية عند المصدر وتتناقص بسرعة مع البعد عنه, أما الاقتراب من هوائيات المحطات الخلوية فهو ممنوع حيث أن مستوى الإشعاع يمكن أن يتجاوز الحدود الدولية المسموح بها, وتشير القياسات والدراسات الحالية إلى أن مستويات التعرض لإشعاع التردد الراديوي المنبعث من محطات الهواتف الخلوية وتقنيات الاتصال اللاسلكي الأخرى في الأماكن التي يتواجد فيها الناس، هذه المستويات في العادة أقل من الحدود الدولية المسموح بها بآلاف المرات, وبسبب ترددها المنخفض فإن جسم الإنسان عند التعرض يمتص الأشعة المنبعثة من البث الإذاعي FM والبث التلفزيوني بمعدل خمس مرات, أكثر من امتصاصه للأشعة المنبعثة من المحطة الخلوية, كذلك يساعد طول الجسم في امتصاص موجات المذياع والتلفزيون بشكل أكبر, وللعلم فإن محطات البث الإذاعي والتلفزيوني تعمل منذ أكثر من 50 عاماً فإنه لم يتبين أن هذه المحطات لها أية آثار صحية مؤكدة, هذا بالإضافة إلى أن خطر هوائيات الإذاعات أكثر من خطر هوائيات الهاتف الخلوي, فالبث الإذاعي FM يعمل بتردد 100ميغاهيرتز, وتردد المحطات الخلوية حوالي 1000ميغاهيرتز, وفي حين أن معظم تقنيات الاتصال الإذاعي تستعمل الشارات المتواصلة، فإن الاتصالات اللاسلكية الحديثة تستعمل الشارات الرقمية, ولا تشير الأبحاث العلمية التي أجريت حتى الآن إلى وجود أية أخطار محددة تنتج عن تعديلات مختلفة للإشارات الراديوية.
وكان في ندوة أقيمت في صنعاء حول أبراج الاتصالات وتأثيرها على صحة الإنسان, قد - أكد - الدكتور. أحمد القباطي - بوزارة الصحة العامة - إن الجوانب الصحية وعلاقتها بالتكنولوجيا والهواتف المحمولة, في ظل دراسات مكثفة أجرتها منظمات وهيئات دولية في مقدمتها منظمة الصحة العالمية, والتي أكدت أنها لم تحصل حتى الآن إلى إثبات, عن أي تأثير على صحة الإنسان بسبب الترددات الصادرة عن الأبراج, مشيراً إلى أن المنظمة لا زالت بصدد إجراء دراسة واسعة ستنتهي في العام 2016م.
التنسيق بين الجهات العاملة والصحة
قامت كل من اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاعات الغير مؤينة (ICNIRP,1998) وكذلك معهد المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين(IEEE,2005)بتطوير إرشادات دولية للتعرض، لتوفير الوقاية من الآثار المثبتة للمجالات الكهرومغناطيسية, وهنا على الحكومة اليمنية أن تتبنى معايير الأمان الدولية وذلك لحماية مواطنيها من خطر التعرض لمستويات عالية من مجالات التردد الراديوي, كذلك على وزارة الاتصالات أن تحظر الدخول إلى الأماكن التي يمكن فيها تجاوز حدود التعرض المسموح بها دولياً.
في هذا المتناول كان قد - أوضح - في وقت سابق وزير الصحة العامة والسكان الدكتور. رياض ياسين عبد الله: أن وزارة الصحة تسعى إلى إجراء دراسات علمية حول أضرار أبراج الاتصالات على صحة المواطن, وفق المعايير الدولية التي حددتها منظمتا الصحة والتجارة العالميتان ومنظمة الصحة العالمية, وأعرب الوزير عن أمله بأن تقوم كافة الجهات العاملة في هذا المجال بالتنسيق مع وزارة الصحة قبل إنشاء مثل هذه الأبراج.
من جهته - أكد - وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس. لطفي باشريف: أن تدفق أجهزة الهواتف المتنقلة من بعض البلدان إلى اليمن خلق صعوبة في عملية التحكم والرقابة على دخول هذه الأجهزة التي ممكن أن تتسبب في مخاطر صحية على الإنسان, مؤكداً على أن الوزارة ستقوم باتخاذ الإجراءات الوقائية التي تعزز الاستخدام الآمن للهاتف النقال, من خلال العمل على تطبيق الخطوط الإرشادية والمبادئ التوجيهية التي أقرتها اللجنة الدولية للحماية من الأشعة المؤينة، - مستطرداً في قوله - أن الوزارة تسعى لكسب ثقة المواطنين من خلال عملها على توفير الأجهزة المطلوبة لقياس الإشعاع الراديوي على كافة الأراضي اليمنية.
المواءمة بين المواطن والمستثمر
في دراسة للدكتور. عبد السلام الخليدي, بكلية الهندسة - جامعة صنعاء - على الأبراج حول علاقة التأثير والتأثر ونتج عن الدراسة أن 85% من الأبراج آمنة, وليس لها تأثير وأن البقية لابد من إعادة مواقعها وإبعادها عن الأماكن المكتظة بالسكان, ومن خلال هذه الدارسة يتضح أن نسبة بسيطة من الأبراج غير آمنة, ومهما كانت تعد خطراً على السكان, وهنا يجب على وزارة الاتصالات أن تعيد النظر حول هذه الأبراج, كي تخلق مواءمة بين خدمة المواطن الذي يحتاج أضعاف هذه الهوائيات, حتى يحصل على التغطية الكاملة أينما وُجد, وكذلك بين القطاع الاستثماري في مجال الاتصالات والإذاعات المحلية, لتنظيم العملية بينهم المحلية وفق محددات ومعايير عالمية, تضمن للدولة والحكومة حقوقها.
في هذا الصدد - أكد - ل "الجمهورية" محمد الحميري - مدير العلاقات الخارجية في شركة MTN للاتصالات -, بأنه لم توجد آثار صحية في اليمن كالسرطانات وغيرها سببتها الإشعاعات, وهذه فكرة خاطئة تولدت لدى الناس, - وأردف القول - إنهم ملتزمون بالإجراءات الوقائية الدولية والمعايير المتفق عليها عالمياً في تركيب الهوائيات ومراعاة المسافات بينها وبين المباني, مشيراً إلى أنهم حريصون على تركيب الهوائيات في أعلى المباني في الحارات, وإذا ما ظهر مبنى أكثر ارتفاعاً أزالوا الهوائي من المبنى المنخفض, - موضحاً - أن الهوائيات التي في اليمن ليست الوحيدة على الأرض, وأن هذه الأجهزة تأتي من أوربا التي هي الأكثر حرصاً على حياة الناس, في - تنويهٍ منه - بأن وزارة الاتصالات اليمنية مشددة على الرقابة ولديها أحدث جهاز معار من MTN يقيس الإشعاعات, وأن اليمن تعد من أكثر الدول حرصاً في هذا الجانب, - وأشار الحميري قائلاً - "الناس في اليمن تتخوف من الهوائيات ولا توافق على إنشاء محطات تقوية في أسطح منازلها, حتى عندما نقنعهم بالتزامنا بقوانين السلامة وبالأدلة العلمية وبتقارير منظمة الصحة وغيرها التي تؤكد عدم وجود أضرار صحية, لا يقبلون بذلك سوى المتعلمين والواعين منهم", - موصياً - أنه لا بد من ضرورة العمل على التقليل من المخاوف المتزايدة من مخاطر لا تزال وهمية وغير مثبتة بشكل علمي ومدروس.
إجراءات احترازية
صحيح أنه لم يثبت علمياً وجود أمراض ناتجة عن هوائيات الإرسال, لكن المهندس. عبد الحفيظ البذيجي كان قد - أفاد - "الجمهورية" بضرورة التزام شركات الاتصالات والإذاعات باتفاقية التشغيل والتفاهم حول تنظيم الهوائيات, للوقاية من الأشعة غير المؤينة الصادرة عن منظومات الهاتف المحمول, مناشداً المواطنين بسرعة الإبلاغ عن أي تجاوزات يراها المواطنون في تركيب هذه الهوائيات, وأشاد - البذيجي - بتعاون شركات الاتصالات, - مشيراً - إلى بعض المخالفات البسيطة لها سابقاً في تركيب الهوائيات, والتي أزالتها الوزارة كجهة رقابية تتطلب تعاون المواطنين معها والذين من حقهم أن يقلقوا على سلامتهم, ووضع - البذيجي - عدة إجراءات احترازية ينبغي أن تلتزم بها شركات الاتصالات والإذاعات, لإدارة مخاطر قد تحدث مستقبلاً.
وتتمثل هذه الاحترازات في أن لا تقل المسافة الأفقية بين مركزي برجين لمحطتين عن 50م للمحطة الأساسية الصغيرة, و300م للمحطة الأساسية الكبيرة, إلا إذا كان أحد البرجين أو كلاهما يحمل هوائيات ربط فقط, كما يجب أن لا تقل المسافة العمودية بين الحافة السفلية لهوائيات البدالات المركزية والمحطات الأساسية الكبيرة عن مستوى سطح الأرض عن 15م وعن مستوى سطح المبنى عن 6م وهذا هو المعمول به حالياً في بلادنا, وبالنسبة للمسافة العمودية بين الحافة السفلية لهوائيات المحطات الأساسية الصغيرة فيجب أن لا تقل عن مستوى سطح الأرض عن 10م, ومستوى سطح المبنى عن 4م, وكذلك لا تقل المسافة العمودية بين هوائي المحطة الأساسية المتناهية في الصغر ومستوى سطح الأرض عن 2,5م, ولا تقل المسافة العمودية بين الحافة السفلية لهوائيات التغطية للمحطات الأساسية الكبيرة وأعلى نقطة في المباني والإنشاءات المجاورة المستخدمة من قبل الإنسان عن 4م ضمن محيط دائرة نصف قطرها 30م, - وأضاف - لا تقل المسافة العمودية بين الحافة السفلية لهوائيات التغطية للمحطات الأساسية الصغيرة وأعلى نقطة للمباني والإنشاءات المجاورة المستخدمة من قبل الإنسان عن 2م ضمن دائرة نصف قطرها 12م, - وحذر البذيجي - بأن لا توجه هوائيات الربط باتجاه الأرض أو المباني, - مشيراً - إلى أن الإشعاع كالضوء ينفذ من الأماكن الشفافة لا المعتمة, - وأختتم - بأن لا تقل المسافة العمودية بين هذه الهوائيات وأعلى نقطة في المباني المقابلة لاتجاه الهوائي عن 2م لأي مسافة كانت, وكذلك أن لا يزيد مستوى التعرض لكثافة القدرة الممتصة عن 0,4 ملي واط/ سم2.
التوعية لتعزيز الثقة
بحسب المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI) فإن البيانات التي تم الحصول عليها من هذه الدراسة, لم تشر إلى وجود تغيير كبير في معدل انتشار خلايا نخاع العظام والخلايا الليمفاوية ومعدل نضوج كرات الدم الحمراء وتلف الحمض النووي في الخلايا الليمفاوية, كما أن النتائج النهائية كشفت أنه لم يوجد تأثير على النظام المكون للدم في الفئران عند التعرض لتردد 900ميغاهيرتز عند معدل امتصاص نوعي 2 واط/ كغم, وحسب ما أوصت به المنظمة الدولية للحماية من الإشعاعات غير المؤينة.. تلك الإشعاعات التي لا تمتلك الطاقة الكافية لإحداث عملية التأين, لكنها تسبب بعض التأثيرات الحرارية, أما الإشعاع المؤين فهو الذي يمتلك الطاقة الكافية لإحداث عملية التأين, والتي هي عملية فيزيائية لتحويل الذرة أو الجزيء إلى أيونات بإضافة أو إزالة جسيمات مشحونة مثل الالكترونات أو أيونات أخرى والتي تؤدي إلى إحداث تغيرات على التفاعلات التي تحدث داخل الجسم متضمنة الحمض النووي DNA, وبشكل عام يمكن القول إن ثمة أسباباً مختلفة لتخوف الجمهور منها كما أسلفنا إعلانات وسائل الإعلام عن دراسات علمية جديدة وغير مؤكدة, تقود لشعور من عدم التأكد وإدراك أنه من المحتمل وجود مخاطر غير معروفة أو مكتشفة, وهناك أسباب أخرى لها علاقة بعوامل جمالية والشعور بنقص الرقابة أو عدم المشاركة في عملية تحديد مواقع محطات الهواتف الخلوية الجديدة, ولهذا فإن وجود برامج تربوية توعوية وكذلك التواصل الفعال مع الناس ومشاركتهم, وكذلك أصحاب العقارات (في مراحل مناسبة) قبل تركيب مصادر التردد الراديوي, سوف يعزّز ثقة الجمهور وتقبّلهم لوجود تلك المحطات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.