ورشات العمل وأخواتها ترفٌ أم ضرورة، بحث عن تمويل وداعم وصرف موازنات فقط؛ أم أن هناك بحثاً عن جودة وتطوير وتميُّز..؟! ما بين ورش العمل ودورات التدريب, والندوات وفعاليات أخرى كثيرة, يقف المرء حائراً ومتسائلاًلكثرتها وتنوّعها, عن مدى فائدتها أو فعاليتها, هل يلمس المشاركون فيها أو القائمون عليها أية استفادة منها, لنتساءل أكثر: هل تحقّق الأهداف المرجوة منها، هل تتم وفق خطط استراتيجية تقوم في إطار الرقي بالمؤسّسات والأفراد على حد سواء، الورشات وأخواتها هل هي ترف أم ضرورة، بحث عن تمويل وداعمين وصرف موازنات؛ أم أن الأمر أكبر من ذلك, فهناك بحث عن الجودة وتحسين الأداء, والبحث عن مخرجات حقيقية, تعمل على التطوير وإيجاد طرق جديدة, تكون أكثر إبداعاً وتنمية..؟!. فهناك فنادق مشغولة على الآخر.. قاعات لا تكاد تخلو, تحجز ليوم أو أيام أو أسابيع, و أحياناً لأشهر.. هناك حركة دؤوبة يا ترى هل تعود بالنفع للمجتمع وتطوّره.. أم أنها تحصيل حاصل..؟ هل يخطط لها لتحقق الأهداف المرجوة منها, أم غدت مجاراة للآخر, ومصدراً للربح فقط..؟ كل ذلك هو ما نريد أن نناقشه مع مهتمين وخبراء إعلاميين وأكاديميين.. وكان لنا ذلك في طريق نريد أن نحس بأن هناك سبلاً كثيرة تعمل على التطوير, لا بد أن تسلكها مؤسسات أو تنشدها, في واقع توجد فيه مؤسسات مهددة بالإفلاس أو يخالجها الخوف بأن القادم أسوأ, لأنها لم تهتم أبداً بكادرها البشري, الذي أصبح مجرد موظف عادي وبسيط, غير مدرب وغير منتج بتاتاً.. شللية من المؤسف أن الاهتمام بالورشات نادراً ما تهتم به الوزارات الحكومية ومؤسساتها المختلفة, و إن وجد فهو يذهب إلى أناس معينين أو مقربين كما يقول البعض, وهو الأمر ذاته ينسحب إلى عمل المنظمات التي تهتم بالتنمية الشبابية أو المرأة, فقد أصبحت الورشات حكراً على البعض, كما عرفنا ذلك من إجابات من استطلعنا آرائهم, فأية دورة أو ورشة أو ندوة إلا وتجدهم أمامك.. فهناك شبه احتكار أو نستطيع أن نسميه بالشللية.. فعبدالله الوادعي وجد نفسه في برنامج تدريبي, كان هو الوحيد ومتدرب آخر كالغرباء, لم يوبه لهم, فالمتدربون معهم سبق وأن تدرّبوا معاً كثيراً.. كما يقول, فأعطيت رسالة في اليوم التدريبي الأول بأنهم تكملة رقم فقط, أو لإعطاء الداعم التطمين بأنه يوجد التنوع وسعة المشاركة في البرنامج.. فهناك ما يشبه المحسوبية والوساطة والمعرفة التي انتقلت إلى هذا الوسط, الذي من المفترض أن يبتعد عن هذه السلوكيات. برامج الدكتور عبدالخالق السمدة, والذي له تجربة كبيرة مع الورشات التدريبية والبرامج المختلفة, سواء تلك التي تهتم بجوانب العمل أم تلك المتعلقة بالتخصص والاهتمامات العلمية، أوضح بأن ما يدفعه للمشاركة هو الدعوة وإصرار القائمين على الحضور، عناوين الورشة ومحاورها، الشخصيات المتبنية للورشة, أو تلك التي ستديرها، فيما يتعلق بالمردود هناك عدة اعتبارات لا بد أن تؤخذ في الحسبان أولها طبيعة الورشة وأهميتها والحاجة الماسة لها.. بالإضافة إلى قدرة المؤسسة على ترجمة المخرجات إلى برامج عملية ومتابعة التنفيذ، مدى ملاءمة وواقعية المخرجات وعلميتها. تخبُّط عن نوعية الورشات يرى الدكتور السمدة, أن العديد من الورش قد تناقش موضوعات, ليست ذات أهمية، وفي أحيان أخرى نجد ورشاً تناقش قضايا كان من الأولى أن تُناقش في إطار مؤتمر وليس ورشة، وبالتالي هناك غياب توصيف لطبيعة ومهام وأغراض الورشة ومدى الاحتياج لها، وما هي الموضوعات والقضايا التي تُعالج في إطار ورش عمل، وما هي الموضوعات والقضايا والمشكلات التي يتم مناقشتها في إطار مؤتمر وليس ورشة، وعلى كل حال فلا غنى عن ورش العمل والمؤتمرات العلمية شريطة أن تكون دواعي قيامها ضرورة لا ترفاً أو استنفاداً لمخصصات الموازنة كما يجري في العديد من مؤسسات القطاع العام والمختلط. أهمية الدكتور علي مهيوب العسلي هو الآخر يرى أن أي شيء يُخطط له لا بد أن يكون انعكاساً لحاجة وحلاً لمشكلة قائمة في مؤسسة معينة، فإنه يعود بالنفع والنماء لتلك المؤسسة وللعاملين فيها، فالورش مهمة خاصة للمتخصّصين, الذين يزداد علمهم ومعرفتهم وقدرتهم على حل المشكلات بحسب المتغيرات العصرية وبحسب العلوم، بل وأحدثها, والبعض الآخر يكون في الموازنات العامة والقائمين عليها ينفذونها ليس بغرض تطوير الأداء والنهوض بالعمل وإنما من أجل إنفاق المخصصات والمبالغ المرصودة.. وعن اهتمام الأكاديميين بورش العمل لا بد أن يكون لأنها تحتوي حقيبة من تبادل المعلومات والمعارف وتجارب الآخرين ، كما أنها تكون مفيدة, وتفتح آفاقاً واسعة. أُسس الدكتور خالد الصوفي بدوره يؤكد أن التأهيل والتدريب المستمر هو أحد الأسس المهمة, التي يقوم عليها أي عمل إبداعي للارتباط بكل جديد في التخصص وعكسه على الواقع هذا في حالة الإعداد والتخطيط الجيد لإعداد الورش التدريبية من ناحية الأهداف والعنوان واختيار المدرب المتخصص، وأن تكون بمستوى المتدربين في كونهم مبتدئين أم هو أمام محترفين, ففي مجالنا الإعلامي يجب التركيز على هذه الجزئية بالذات, فما نلاحظه أن من يقوم بالورش الإعلامية غير محترف في الغالب ويحضرها محترفون !! أو أن موضوعات الورش تصمّم للمحترفين ويحضرها مبتدئون والعكس وهذا عبث. استهلاك من جهة أخرى يرى الإعلامي توفيق الشنواح أن الورشات المختلفة هي مجرد تحصيل حاصل وملء فراغ لا أكثر, خصوصاً ونحن إلى اليوم لم نسمع أن توصيات وقرارات ورشة خرجت إلى النور .. فورش العمل والندوات ما هي إلا استهلاك للوقت فقط, أما عن المؤسسات فهناك حد علمي مخصصات للتأهيل لكن لا نحسّها أو نعرف إلى أين تذهب.. يوافقه إلى حد ما الدكتور هواري المعمري من وزارة النفط, الذي يرى أن الورشات مهمة لكن لا بد من ملامسة مخرجاتها على أرض الواقع, فالمشكلة حد تعبير المعمري أنه توجد دراسات وأبحاث تُنشر هنا وهناك, لكن للأسف لا متابعة ولا تدقيق في نتائج تلك التوصيات والدراسات. تجربة وعن تجربة مرّ بها المعمري فقد شارك في إحدى الورشات والتي خرجت بدراسات وتوصيات عن منع استخدام الأكياس البلاستيكية, لكنها لم تر النور كما قال، لكن للأسف لا متابعة ولا تدقيق في نتائج تلك التوصيات والدراسات, ولا وجود لاتخاذ قرارات تخدم صحة المواطن فبعد أن كانت قد اختفت في الأشهر الماضية الأكياس البلاستيكية السوداء من المطاعم والبقالات والمتاجر نراها تعود مرة أخرى وكأن الأمر لا يعني شيئاً.. هذه القضية يجب أن توضع لها البرامج الإعلامية وفي مختلف الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة, فلا بد من نشر الحقيقة ولا يجب السكوت عن نتائج الدراسات والتوصيات والأبحاث، حول هذه المواد البلاستيكية وأضرارها مازلنا نرى كل يوم أكياساً بلاستيكية, تُستخدم في المطاعم لنقل المواد الغذائية الساخنة (السفري) وعبوات جديدة تطوّق أعناق أطعمتنا.. أما عن الورش التي لم تر نتائجها النور, ورشة كانت بخصوص تخفيض الرصاص من الجازولين (بنزين السيارات), وقد قدمت الورشة رؤى وأفكاراً لم يُعمل بها، وهو ما يُعرف بالطاقة البديلة, التي نحن بحاجة إليها فعلاً. تدهور صفوان سلطان في توصيفه للمشكلة التي لا بد من الاعتراف بها خصوصاً في القطاع العام الذي لا وجود للتأهيل أو التدريب لأفراده، وإن وُجد فهو من الطرق للحصول على مبالغ مالية طائلة (طريقة الفساد) حد تعبيره, إذ لا تعود بفائدة على تطوير أداء ذلك المرفق أو تطوير أداء الموظفين فيه, و هذا من أهم أسباب تدهور هذه القطاعات بسبب غياب الاستراتيجيات وكذا المحسوبية في اختيارات المتدربين، لذا على هذه المرافق أن تتبنّى خطة عملية تعتمد على تطوير أداء أفرادها، و هذا سيطوّر من فاعلية الخدمات التي تقدمها للمواطن بكافة الأشكال، ويواصل صفوان والذي له تجارب عدة في هذه المجال: إن القطاع الخاص قد يعتمد خطة منهجية واستراتيجية حديثة في تدريب موظفيه مما يساعدهم في تطوير وفعالية أداء الموظفين, وهو ما يعود بالفائدة الكبيرة عليه. شباب ل «الجمهورية»: ورش العمل التي تُعقد لا تقوم على آليات مهنية معموّّّل بها على المستوى الدولي بما أن الإنسان هو الأساس في عملية الإنتاج، فهو يحتاج إلى تجديد وتطوير، وهذا يأتي عن طريق تزويده بالأساليب الحديثة والمتطوّرة التي تعمل على زيادة الأداء وصقل المهارات، ومن هنا تكمن أهمية الشباب وحرصهم على الاستفادة من التدريب والورش التدريبة, فهم من أكثر الفئات التي تسعى إلى تحقيق أهدافها وتعمل على تطوير مهاراتها وقدراتها، ففي كثير من الورشات تجدهم يبحثون عن المفاهيم والأساليب في مواقف معينة, سواء كانت هذه المهارات فنية أم فكرية أم سلوكية أم كل ذلك, وقد تجد العكس، فهناك شباب يُشاركون لمجرد المشاركة فقط, أو من أجل المادة فقط.أداة فالشباب في رحلة البحث عن تطوير أنفسهم والرقي بها نحو المستقبل يحتاجون إلى التخطيط والدراسة والتدريب كأدوات للتنمية ووسائلها العصرية, وهي الأدوات التي إذا أحسن استثمارها وتوظيفها تمكّنت من تحقيق الكفاءة والكفاية في الأداء والإنتاج، وقد أظهرت نتائج العديد من الأبحاث أن للتدريب دوراً أساسياً في نمو الثقافة والاقتصاد والحضارة عامة، وتبرز أهمية ذلك باعتباره أساس كل تعلّم وتطوير وتنمية للعنصر البشري، ومن ثم تقدم المجتمع وبنائه, فكيف ينظر الشباب للتدريب والورش التدريبية, وهل يسعون إلى المشاركة فيها، وهل هناك تطلّع أكبر للنهوض من حالة ركود نعيشها. فائدة رغدة جمال, ناشطة ومهتمة تؤكد أن لأهمية الورشات لديها تحرص كثيراً للحضور فيها, فهي على حد تعبيرها ذات فائدة كبيرة, تتمثّل أولاً بالتعرّف على عدد من الناشطين والناشطات الشباب، وأيضاً تبادل الأفكار والرؤى تجاه الموضوعات المختلفة, التي تتبناها كل ورشة عمل على حدة, أما عن تحقيق الأهداف المرجوة منها، فهذا يعود بالدرجة الأولى إلى منظّمي ومانحي الورشة نفسها, فهناك من يعمل ضمن خطة مدروسة لها أهدافها الواضحة، وهناك من يحرص فقط على الاستفادة المادية. إنفاق وعكس ذلك يرى أنور المروني أن أكثر البرامج التدريبية التي تعدّها المؤسسات الخاصة كالمنظمات والبنوك والجمعيات, ما هي إلا وسيلة لإنفاق مبالغ مالية على القائمين عليها, وفي شهر مارس من العام المنصرم, كنت مشاركاً في مؤتمر نظمه البنك الدولي, وكانت تكلفته مليوناً وثلاثمائة ألف دولار, سبعون في المائة للخبراء الأجانب, وعشرون في المائة للمنظمين وعشرة للنفقات, هذا فساد مزرٍ, وفاضح وهباء ولعب.. أما من القطاع الحكومي فالدورات شحيحة وإن حصلت فهي بهدف صرف الميزانيات, وأعتقد أن في الكثير منها مجرد تحصيل حاصل وملء فراغ لا أكثر. ارتزاق إبراهيم الغزالي، إعلامي وناشط، والذي ذهب إلى أن بعض المنظمات لا تعمل بالشكل المطلوب واللازم, ولا تسعى إلى تحقيق تلك الأهداف المرجوة من الورشات, والتي تكتسب من خلاله الدعم الخارجي والمحلي, ما يعني أن البعض منها يعمل على الارتزاق وعلى تحصيل حاصل, فهو لا يهتم بإعداد مخرجات فعلية حقيقية, تنفع المجتمع والدولة للأسف - ومن باب الإنصاف هناك منظمات حقيقية فعّالة, لديها المخرجات الموضوعية والملهمة, لكن تجد لا أحد يستمع إليها، أو قد يستمعون إليها من باب سد الفراغ, ليس من باب أن هناك مشكلة أو قضية, يجب النظر إليها وحلها من جذورها. حبر وهو ما يوافقه فيه صلاح الجندي, والذي حصر الورشات بالمنظمات التي أصبحت دكاكين استرزاق حد تعبيره, باسم حقوق الإنسان وباسم التوعية والتثقيف وقضايا المواطنين بشكل عام, ولم تسع أية منظمة لتحقيق أهدافها بشكل ملموس على أرض الواقع, أما بخصوص ورشات العمل فقد شاركت في ورشات كثيرة وأحرص على المشاركة فيها, إذا كانت تتضمن عناوين مهمة في الواقع السياسي والإعلامي والاقتصادي, لكن للأسف كل الورشات التي حضرتها على الرغم من أهمية موضوعاتها, واختيار القضايا الهامة لكنها فقط تنتهي بانتهاء الدورة فقط, تسجّل حبراً على ورق.. وهو الأمر الذي يراه حاشد البحيري والذي يحرص على المشاركة في هذه الورشات, لكنه لا يجد لها واقعاً ملموساً. استثناء ورش العمل التي تُعقد لا تقوم على آليات مهنية معمول بها على المستوى الدولي.. هو ما يراه يحيى الشرفي معلّلاً بأنها لا تقوم وفق دراسات وأبحاث واستبيانات ميدانية مسبقة, يتم بناء عليها وضع معايير وخطوط رئيسية لورش العمل التي تعقد، وتحديد الأسئلة التي يجب أن تخرج ورش العمل بإجابات حقيقية وصادقة عنها, وبالتالي فإن مخرجات ورش العمل لا تقدّم أي جديد باستثناء بسيط لبعض ورش العمل التي تقيمها منظمات دولية تعمل بمعايير وأنظمة دولية فاعلة ومجدية. انتفاع يعود مجدداً حاشد البحيري ليقول: إن لها أهمية لأنها تسهم في توظيف المهارات عند الفرد وتعمل على ترتيب أفكاره، ولكن من المؤسف فقط أصبح بعضها للتسابق الانتفاعي, وهو الأمر الذي يؤكده الشرفي فمخرجات ورش العمل لا تقدم أي جديد, وبذلك فإنها لا تقدم خدمة قيمة للمجتمع، لأنها أساساً تفتقر إلى المصداقية في تحصيل المعلومات, وطرح المخرجات التي لا تستند في هذا الطرح على معلومات صحيحة.. إضافة إلى أن ورش العمل التي تُعقد لا تعمل على تطوير وتدريب القائمين على عقدها، فمخرجاتها بحاجة إلى الترجمة وهذه الترجمة هي مهمة المراكز البحثية، فالندوات وورش العمل تُعقد من أجل تطوير موضوع أو قضية معينة وبحث جزئية صغيرة في هذه القضية والخروج بمعلومات ومقترحات جديدة من قبل متخصصين, ومن ثم يأتي دور المراكز البحثية التي تأخذ هذه المعلومات وتعمل بموجبها.. ولكن للأسف نحن نفتقر إلى المراكز البحثية والدراسات، ولهذا لن نجد أي نتيجة لأي ورشة عمل تُعقد طالما لا تزال مراكز الأبحاث والدراسات والبحث العلمي مغيّبة. استهلاك عبدالغني الشامي, يرى بأن المشاريع التي تقيمها المنظمات الخارجية , هي التي تحقق أهدافها نوعاً ما, عكس تلك التي تكون داخلية, فهي للاستهلاك فقط, وقد شارك الشامي في الكثير من الورش والبرامج التي يحس بأنه تعلّم منها الكثير وذلك بموجب عمله وخبرته, وحسب رأيه أن أكثر المشاركين الشباب يأتون من أجل العائد المالي فقط, كما أن هناك تقصيراً واضحاً من الكل فالاهتمام ينتهي عقب انتهاء الدورة وكأن شيئاً لم يكن.