تدفقت ألوف المشجعين للمنتخب الوطني, تسبقهم قلوبهم العاشقة للأحمر اليمني الكروي التي هفت وهتفت باسم المنتخب وظلت ملازمة لبوابات استاد 22 مايو حتى وقت متأخر من مساء اليوم الافتتاحي الذي اكتظت مدرجاتهم بالآلاف المؤلفة من الشباب والشيوخ والنشء والجنس اللطيف ممن تدافعوا ولبوا نداء المحبة لخليجي الأخوة والأشقاء الأحبة يشجعون.. ويرسمون لوحة الإمتاع والإثارة والثقافة والفن في محافظة الفل والبخور والطيب اليمني.. لم نستطع ونحن على بعد أمتار قليلة من بوابات استاد 22 مايو أن نتجاوز الكثافة الجماهيرية التي رأيناها في البوابات الثلاث حيث عبرت منها قلوب المشجعين اليمنيين.. وحينما اجتهدنا أن نتخطى المد الجماهيري خارج مدرجات ومربعات الملعب الذي كان الجميع فيه بانتظار انطلاق العرس الكروي الخليجي وتمكنا من الوصول إلى البوابات صدمنا بوجودها مقفلة وتحيط بها الجماهير غير عابئة بالتوجيهات التي يسمعونها من مسئولي البوابات بأن المدرجات مزدحمة والملعب استوعب جميع العدد المرصود والمحدد لاستيعابهم.. حتى أن معظم الصحافيين لم يحالفهم الحظ في الدخول, ولم يحظوا بالاستقبال والترحاب الذي كانوا يظنونه –ونحن منهم – فعشنا لحظات الحرمان والبؤس واختلطت مشاعر الأسى باللهفة والتطلع إلى وجود أمل ولو من خرم إبرة للولوج إلى الملعب المزدحم من ساسه إلى رأسه وفي كل كراسيه وأطرافه.. إنه جنون الرياضة.. وعشق الكرة.. وحب المؤازرة للمنتخب الذي التفت حوله جموع وشرائح المجتمع اليمني من أقصاه إلى أدناه.. ومن شبوة والمهرة إلى الحديدة وحجة.. المحرومون!! تلكم المشاعر المختلطة بثتها لكاميرا صحيفة الجمهورية بالصورة ولمراسليها بالصوت والنبرة والنبض والدفقة الشعورية.. التفت حولهما الجماهير معبرة عن صدمتها من إغلاق منافذ الدخول إلى الملعب في وجوههم رغم امتلاكهم للتذاكر وتبكيرهم في المجيء ليحصلوا على فرصة المتابعة من المدرجات مباشرة ويسهموا في رسم اللوحة الافتتاحية,ويعبروا عن خلجات مكنوناتهم بهذا الحدث العظيم.. رأينا الوجوم الملفوف بالنظرات البائسة.. والشرود الذي حضر على أفكار وأدمغة المشجعين المحرومين عندما غاب المنظمون عن أداء دورهم على الوجه المطلوب.. فارتسمت بالكلمة والكاميرا احتجاجات نفوسهم وأظهروا عبر (الجمهورية) آراءهم ومشاعرهم المشتعلة حسرة.. والمنفعلة حيرة مما حدث لهم.. باعا الموز لمتابعة المنتخب ولكن!! افترش مفيد صالح حسين وزميله علي صالح اليافعي الرصيف ونظرات عينيهما تراقبان المد العظيم للجمهور المحروم ثم يرتد إليهما الطرف خاسئاً وهو حسير... وتزداد حسرتهما بعد أن يئسا من وجود فرصة أو حتى خزقة يلجون منها إلى الملعب... التفتا إلينا وباشرانا بالتعبير الصريح عن أساهما وقالا: يا صحافة.. ييه يا صحافة.. ترضيكم هذه الحالة.. وسردا حكاية حسرتهما فقالا: نحن نبيع الموز في أبين وعملنا على أن نشتري ونبيع الموز من أجل نوصل نشجع منتخبنا ثم تأوه مفيد صالح وقال: يا أخي بعت حقي الموز لأجل المنتخب وجينا لاهنا للتشجيع وخسرنا ما معانا من فلوس. وأضاف زميله علي صالح اليافعي وهو يريني أوراقاً ثبوتية تؤكد أنه كان مقيماً في المملكة العربية السعودية ولما بدا خليجي 20 قرر أن يشاهده عياناً من المدرجات فعاد إلى أبين وكله شوق وقال: جلست أبيع الموز لما جاء موعد المباراة حضرت ولكن أبصر أين إحنا.. هذه فوضى. بؤس... وأمل مفقود ومررنا عبر الجموع المحرومة فشاهدنا شاباً معتمراً العلم الوطني لبلادنا وهو “سارح” ينظر إلى الأفق كأنما أصابته الأحزان العظيمة.. اقتربنا منه فتعرفنا على اسمه “محمد كعطاب” ترك أعماله الخاصة ولأنه شغوف بكرة القدم، ويشرف على منتدى “كورة يمنية” دفعته شجونه وأحلامه لمتابعة أداء المنتخب الوطني لكنه بدا فاقد الأمل والحيلة تجاه الأبواب الموصدة والجدران الإسمنتية فاكتفى بالوقوف والاتكاء على سارية العمود الكهربائي معلناً يأسه وارتضى بالمراقبة لفتحات الأبواب لعلها تفاجئ الجموع بالفرح والفرج عندما يسمح لهم بالدخول لكن انتظاره طال حتى نهاية المباراة التي لم يتسن لهم الدخول لمشاهدتها. فرقة بلابل صدحت خارج الملعب فرقة بلابل الربان... ساقها غرامها بالمنتخب الوطني إلى القدوم من جعار أبين ظهراً ووصلت إلى استاد 22 مايو الثانية ظهراً. وظل أعضاؤها بقيادة شيخ الطبالين كما يلقبه زملاؤه واسمه الشيخ الهيج .. تحدث باسم فرقته قائلاً: شوف إحنا نشتي نشجع من حبنا لمنتخبنا... بس وبدون غداء من الساعة ثنتين واحنا نزاحم لأجل ندخل ولا فائدة.. ليش ما يخلو مجموعة منتخبنا يلعبوا في أبين.. لأن الملعب كبير كلهم اللي داخل هذا الملعب واللي خارجه شيحصلوا لهم كراسي ولا يبقى منهم واحد.. العيسائي: جئت من جدة وقلبي مع اليمن وحين رأينا الوالد “أبو جلال” قاسم مانع العيسائي سألناه عن أسباب حضوره وعدم دخوله إلى الملعب قال: جئت من جدة وقلبي مع اليمن... وهذه أول مرة أتابع الخليجي بشغف وأتمنى أن تكون المباريات جميلة.. فأنا سعيد جداً بأن بلدي نظمت هذه التظاهرة وإن شاء الله تكون من جميل إلى أجمل.. وبجواره قريبه سعيد محمد العزي أكمل يقول: حضرنا نحن وعوائلنا لمشاهدة وتشجيع المنتخب الوطني.. وصحيح أننا لم ندخل إلى الملعب لكن هذه البدايات دائماً تكون محفوفة بالقصور وإحنا أول مرة ننظم بطولة كبيرة.. والمهم أن يتلافى المسئولون هذه الأخطاء ويستفيدوا منها وإن شاء الله تتحسن أحوال منتخبنا. عيون تحملق في اللاشيء في زاوية أمام البوابة رقم (2) لاستاد 22 مايو الدولي بمدينة عدن انتبذ الشابان الفلسطينيان تامر علي سماسرة وعيسى يوسف القيسية مكاناً قصياً على رصيف الشارع بعد أن باءت جميع محاولاتهما لدخول الملعب بالفشل. بعيون تحملق في اللاشيء أدار الشابان اللذان يدرسان في جامعة ذمار (أحدهما في كلية الطب والآخر بقسم المختبرات) ظهريهما لبوابة الملعب بدا البؤس واضحاً على ملامحهما وهما يسردان تفاصيل قدومهما من محافظة ذمار للاستمتاع بمباريات البطولة وهو مالم يتحقق لهما على الأقل في اليوم الأول من المسابقة. ويشير الشابان الفلسطينيان إلى أن عناء اليوم لن يثنيهما عن تكرار المحاولة الثانية حيث أكدا أنهما سيحرصان على المجيء اليوم لمشاهدة مباريات المجموعة الثانية. وأضافا: أنهما سيؤازران المنتخب اليمني في المجموعة الأولى والعراق في الثانية.