لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    الإطاحة بوافد وثلاثة سعوديين وبحوزتهم 200 مليون ريال.. كيف اكتسبوها؟    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل قيادة « سالمين » للعمليات الفدائية واللحظات الأخيرة لاستشهاد « عبود»
في صبيحة ال 30من نوفمبر1967م الشهيد عبدالفتاح إسماعيل يتلو بيان الاستقلال في مهرجان جماهيري حاشد بعدن

المرقشي: البيضاء وتعز مثلتا حدائق الظل للتخطيط للعمليات الفدائية
عسيري: سنبذل أرواحنا رخيصة في سبيل وحدة الوطن والحفاظ على منجزاته
الجعدني: بعد سقوط المحميات بأيدي المناضلين استسلمت بريطانيا لمفاوضات الاستقلال
عريم: متطلبات العمليات الفدائية ضد المستعمر كانت تصلنا من تعز
ونحن نعيش أفراح أعياد الثورة اليمنية المجيدة (سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر) لابد لنا من وقفة نستذكر فيها تضحيات رجال الثورة، ونضالاتهم في خضم أفراح الذكرى ال43 للاستقلال المجيد 30 نوفمبر 1967م وهذا العيد الوطني الذي يعتبر حدثاً تاريخياً مجيداً في حياة شعبنا اليمني الذي يأتي، وقد تحققت إنجازات عظيمة لشعب اليمن في كافة المجالات .
أشرقت بفضل تضحيات الشهداء والمناضلين شمس الحرية في هذا اليوم الأغر 30 نوفمبر، ورحل آخر جنود الاستعمار البريطاني عن جنوب الوطن .
وبهذه المناسبة الوطنية العظيمة نقف بإجلال أمام التضحيات النضالية التي خاضها أبناء شعبنا، وقد بذل الشرفاء أنفسهم ودماءهم رخيصة في سبيل التحرر من نيل الاستعمار البريطاني البغيض، حتى أضحوا رموزاً للبطولة والتضحية والفداء .
وفي هذه المناسبة كان لنا وقفة مع عدد من الذين أسهموا في المشاركة لمسيرة النضال الوطني، والتحرري ولم يبخلوا بالنفس والدم فداءًَ لوطنهم وتحرره وكان لهم شرف النضال حتى تحقق الاستقلال المجيد.. بداية يحدثنا المناضل – سعيد هادي عسيري عن مجمل نشاطه ومسيرته النضالية من فجر 14 أكتوبر المجيدة حتى تم الاستقلال المجيد، وطرد آخر جنود المستعمر البريطاني في 30 نوفمبر 1967م حيث قال:
البطاقة التعريفية سعيد هادي عسيري من مواليد منطقة الدرجاج عام 1946م محافظة أبين متزوج وأب لخمسة أبناء .
التحق بالحركة الوطنية في وقت مبكر من خلال نشاطين في العمل السياسي والإعلامي.. أصيب في إحدى المعارك التي دارت رحاها في مدينة زنجبار وهو يدافع عن الثورة ضد من أرادوا تقويض انتصارها، والعودة بها إلى نير الاستعمار .
وما أريد قوله هو أن كل من ساهم في العمل النضالي في مسيرة الثورة لم يسلم من القهر، والاعتقال، والتعسف من قبل قوات الاحتلال البريطاني حتى تساقطت المناطق بأيدي الثوار منطقة بعد أخرى، وقد كنت مكلفاً في محافظة أبين بالعمل بالجانب الإعلامي للمحافظة، وكنت مسئولاً عن الإذاعة الداخلية المحمولة على السيارة، وقد قمت بعد الاستقلال، ومن خلال مسئوليتي الإعلامية بعدة مهام سياسية، وتوعوية بتسجيل وقائع المؤتمرات الخاصة بالجبهة القومية منذ عقد المؤتمر الرابع في مارس 1968م.. وفي ظل قيادة الثورة في الجبهة القومية بدأت الأمور تتجه صوب الوعي لماهية إعلان الاستقلال .
ويواصل حديثه: بالقول فالشعب هو من دافع دوماً عن ثورته ووطنه؛ لأنهما مصدر حياته ونمائه، وما نؤكده اليوم في هذه المناسبة الغالية علينا جميعاً هو أننا سنقف دوماً وأبداً إلى جانب الوطن، والوحدة اليمنية، والثورة المجيدة والدفاع عن المنجزات مهما كلف ذلك، ومهما كانت التحديات .
مسيرة المد الثوري
ويستطرد المناضل عسيري بالقول: بداية دخولي معترك العمل الوطني كانت في بداية الستينيات من القرن الماضي، ومن بوابة الحركة الطلابية، والتي كانت تجمع خيرة أبناء شعبنا من جميع المحافظات اليمنية شمالاً وجنوباً، ففي المدرسة المتوسطة جمعتني الظروف في ظل المد الثوري، والذي كانت تشهده المنطقة اليمنية، والعربية، وخاصة بعد انتصار ثورة يوليو المصرية، وما تلته من انتصارات للثورة الجزائرية، والثورة اليمنية ثورة 26 سبتمبر الخالدة جمعتنا بشباب من محافظة شبوة، ومن الضالع علاقة وطنية أنشئت لحركة إعلامية ثورية من الطلاب الذين جاءوا يدرسون في متوسطة زنجبار، وهي المدرسة الوحيدة حينذاك على مستوى المنطقة الوسطى، والتي كان لها الأثر البالغ في تحريك مشاعرنا الوطنية، وقد تم تنظيمنا في مجموعات، وحلقات يتم فيها دراسة عدد من الأفكار، والأدبيات لحركة القوميين العرب لتوعيتنا، وإعدادنا الإعداد الجيد لندخل معترك العمل السياسي والجماهيري في مناطقنا، وكانت المدرسة المتوسطة قد شهدت أول إضراب طلابي شاركت فيه أنا، ومجموعة من الطلبة وعلى أثر ذلك تم اختياري ضمن لجنة تم اختيارها لطرح مطالبنا على وزير المعارف آنذاك الأستاذ عبدالرحمن جرجرة – في حكومة الاتحاد الفيدرالي حينها، وقد كان أيضاً رئيساً للحزب الوطني الاتحادي، وبعد مفاوضات معه قرر الموافقة على كافة المطالب الطلابية، وفق شروط وضعها لنا، وتتلخص تلك الشروط بالتالي أولاً - إبعاد أعضاء اللجنة الطلابية من الدراسة على أن يتم ترحيلنا كمبعوثين للدراسة على نفقة الحزب الوطني الاتحادي، ثانياً - عدم تسريب أي أخبار للصحافة بخصوص الإضراب، ولكن الصحافة علمت بالخبر، وتم نشره في اليوم التالي، وبعدها رفض الوزير جرجرة من مقابلة اللجنة، وتم طردي أنا، ومجموعة من زملائي بعدها توجهنا إلى النادي الثقافي في الشيخ عثمان حيث حصلنا على توصية لمواصلة الدراسة في تعز، وهناك التحقت بمدرسة الثورة وعند افتتاح مكتب الجبهة القومية في تعز التحقت للعمل في المكتب إلى جانب مواصلة الدراسة، وهناك قمت بتأسيس أول قسم للاستماع السياسي، وكان القسم يتبع دائرة الإعلام في مكتب تعز ، حيث استفادت الدائرة من ذلك القسم في معرفة أخبار الثورة، ورصدها بشكل يومي في نشرة التحرير التي كان يصدرها المكتب، ونقوم بتوزيعها على السفارات، والبعثات الدبلوماسية التي كانت متواجدة في تعز، وبعد عقد المؤتمر الأول للجبهة القومية في يونيو 1965م ترشحت للدراسة في القاهرة وفي آخر عام 65م تم تكليفي للعمل السري بمحافظة أبين إلى جانب العمل الإعلامي للجبهة القومية، وتوزيع المنشورات في أبين للخلايا السرية .
حتى إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر عام 1967م المجيد، وبهذه المناسبة أجدها فرصة لأتقدم باسمي، وباسم كافة مناضلي الثورة اليمنية، وحماة وحدتها المباركة بأحر التهاني، والتبريكات للقائد الوحدوي، وباني نهضة اليمن الحديث، والمعاصر فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح – رئيس الجمهورية، وإلى جماهير شعبنا اليمني العظيم، ونسأل الله لهذا البلد الطيب، وأهله مزيداً من التطور، والنماء، والنجاح على مختلف الأصعدة في ظل القيادة الحكيمة .
كما تحدث إلينا في هذا اللقاء المناضل محمد علي عريم – أبو خالد – أحد مناضلي الثورة اليمنية من أبناء محافظة أبين قائلاً :
نحن نحتفل بالذكرى ال43 ليوم الاستقلال الوطني المجيد ال30 من نوفمبر 1967م، والذي يعد حدثاً تاريخياً وطنياً عظيماً، لم يتحقق إلا بعد نضال وطني طويل خاضه شعبنا بمختلف التيارات، والحركات الثورية، وقدم في سبيله قوافل من الشهداء، حتى تم تحقيقه في ذلك اليوم الأغر والذي فيه دحر آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن الغالي؛ لذا فإن 30 من نوفمبر هو نقطة مضيئة في التاريخ اليمني، وكذا العربي، وخاصة بعد نكسة حزيران الأسود، كما أنه ليس ما يثلج الصدر أكثر من استنشاق نسيم الحرية بعد 129عاماً من الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن الغالي .
الانخراط في العمل السياسي
ويتابع المناضل أبو خالد سرد ذكرياته النضالية خلال فترة الكفاح المسلح بالقول: حقيقة كانت بداية انخراطي بالعمل السياسي، والوطني في عام 1959م عندما كنت أعمل في سلك التدريس في إحدى مدارس مدينة زنجبار وقع انتصار ثورة يوليو الناصرية، كان عدد من الشباب في المنطقة ممن لهم دور في العمل الوطني، والسياسي الذي سنحت لهم الفرصة للذهاب إلى مصر العربية للدراسة، وتأثروا بالأفكار القومية لثورة يوليو، ومن ثم عادوا إلى أبين، وعملنا معاً في سلك التدريس في مدرسة واحدة، وأقولها بصدق إنهم كانوا خلية نحل في العمل الوطني، وهم من أطروني أنا وغيري في حركة القوميين العرب، وكان ذلك على يد المناضل الشهيد الرئيس سالم ربيع علي (سالمين)، والذي بدوره سلمنا إلى المناضل ناصر علي صالح، والذي ضمنا إلى مجموعة من الأعضاء هم السفير عبدالله منصر همام، ومنصور مطلاة وعبدالله عوض شيخ وآخرون، وهذه المجموعة من المناضلين شكلت حلقة عمل جرى خلالها إعداد الأفراد سياسياً، وثقافياً، وغيرها من النواحي المتعلقة بأدبيات حركة القوميين العرب، وبعد فترة الإعداد تم نقلي مع آخرين للعمل في إطار خلية، ثم إلى خلية قيادية حتى حزت مرتبة مسئول خلية إلى جانب مجموعة من الرفاق منهم علي صالح عباد (مقبل)، وحيدرة سعيد الحجي، وعبدالقادر سنان، وصالح أحمد، وسعيد ناصر سنان، وهؤلاء المجموعة من المناضلين هم أعضاء في المرتبة المسئولة عن العمل السياسي الجماهيري في كل من منطقة زنجبار، ونواحيها، وقد قسمت المسئوليات في المناطق على النحو التالي:
محمد علي عريم (أبو خالد) منطقة زنجبار، ونواحيها وصالح أحمد منطقة جعار، وتمثلت واجباتنا بالإشراف على النشاط السياسي في هذه المناطق، وهذه المجموعات كانت تعمل بين أوساط الشباب، والتجمعات مثل النوادي الرياضية التي كانت تعد المجال الأوسع لنا في التأثير على الجماهير، وإيصال الأفكار القومية، وحث الشباب على الثورة، والنضال ضد الاحتلال البريطاني .
الانتفاضات والمسيرات الشعبية
ويواصل المناضل أبو خالد حديثه عن ذكريات الثورة حيث قال: كان لانتصار الثورة الأم ال26 من سبتمبر 62م الإسهام الفاعل في تأجيج لهيب الحماس الثوري في أوساطنا، وانتصارها كان له أثره الكبير على النضال الوطني خاصة في المناطق الجنوبية، والشرقية؛ مما ساعد على تهيئة الأجواء لتفجير ثورة 14 أكتوبر 1963م الخالدة من على قمم جبال ردفان الشماء مع انتصار الثورة السبتمبرية، والجمهورية الوليدة انخرطت أعداد كبيرة من مختلف القوى، والتيارات السياسية في صفوف المقاتلين؛ دفاعاً عن الثورة والجمهورية، والذين هبوا من مناطق في جنوب الوطن ومنها أبين كما أتذكر حينها مدينتي زنجبار، وحبار، والمناطق المحيطة بها، والتي خرجت عن بكرة أبيها في جبهات شعبية، وطلابية تهتف للثورة ، والجمهورية، وداعمة لانتصارها، وإنهاء الحكم الإمامي الكهنوتي الظالم على شمال الوطن، وتواصلت الانتفاضات، والمسيرات الشعبية، ضد قوات الاحتلال، ومن يتعاون معهم في المنطقة بتوجيه من قيادة العمل السياسي في عدن، وكان ينضوي في صفوف هذه الحركات، والتنظيمات السياسية حركة القوميين العرب، والتنظيم الناصري، والجمعية اليافعية، والقطاع الطلابي والمرأة، والضباط الأحرار في الجيش والأمن العام، وهؤلاء جميعاً يمثلون كافة مناطق اليمن بشكل عام، وليس مناطق معينة بحد ذاتها، وهذا ما أعطى نجاحاً للعمل السياسي، والعسكري، أكان على مستوى مناضلي الجبهة القومية، أو التحرير، وغيرهما من القوى الفاعلة السياسية في الميدان.
العمليات الفدائية
وواصل المناضل محمد علي عريم (أبو خالد) ذكرياته النضالية قائلاً: اتجهت للعمل الفدائي بتوجيه من الأخ المناضل الشهيد الرئيس سالم ربيع علي (سالمين)، قائد جبهة عدن حيث كلفت بتحمل المسؤولية، وجمعت كل الخلايا، والحلقات من مدينة المنصورة، والشيخ عثمان، والبريقة في محافظة عدن، وتعرفت عليهم واطلعت على كافة ظروفهم، وكان أبرز الهموم الأساسية، هي مواصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني، وقواته، وتكتيك العمليات الفدائية، وقد تم مناقشة هذه الأمور مع قائد العمل العسكري بعدن الشهيد الرئيس سالمين حيث أكد توفير السلاح للعمل الفدائي، وبدأنا تنفيذ العمليات العسكرية بدقة، وتأمين وصول السلاح المرسل به خارج عدن أي من تعز، والبعض الآخر من مستودعات الجيش، والأمن، ومن الضباط العسكريين المتعاونين إلى الجبهة القومية، وكنا لانعرف هؤلاء الضباط المتعاونين معنا؛ نتيجة السرية العالية التي كنا نتبعها في عملنا السياسي، والفدائي، وكان بالصدفة أن تعرفت على شخص من هؤلاء الضباط الذين كانوا يعملون في الاستخبارات العسكرية، وهو من أبناء يافع، واسمه التنظيمي (حميد)، وكذلك الضابط سالم الناخبي .
سالمين يقود العمليات الفدائية
وحول أبرز وأهم العمليات العسكرية التي شارك فيها المناضل (أبوخالد) ضد قوات الاحتلال البريطاني تحدث عنها بعد استذكار قائلاً:
أهم العمليات الفدائية التي كان لي الشرف بالمشاركة فيها ضد قوات الاحتلال مع مجموعة من القيادات الفدائية، وقد اختارنا شخصياً المناضل الشهيد الرئيس سالمين، وكانت هذه العملية محددة بضرب مطار عدن الدولي بواسطة مدفع (ديه تي ون) وقد اشترك فيها سالمين بشكل مباشر، وضرب بأربع قذائف من المدفع، وتم انسحابنا فور إتمام العملية العسكرية إلى منطقة الدرين بالشيخ عثمان، ولم يتم إصابة أي فرد من أفراد المجموعة، رغم تعقب طائرة هيلوكبتر انجليزية لنا بعد العملية مباشرة، وبعد ذلك تتابعت العمليات العسكرية التي اشتركت فيها بتوجيه من القيادة العامة للجبهة القومية، ومنها العملية العسكرية التي اشتركت فيها بتوجيه من القيادة العامة للجبهة القومية، ومنها العملية العسكرية الخطيرة التي قمنا بها في منطقة السيلة بالشيخ عثمان، والعملية كانت عبارة عن كمين لأحد دوريات القوات البريطانية حيث تم إيصال أفراد الكمين إلى المكان المحدد، وجرى اشتباك بيننا والبريطانيين، أدى إلى إصابة أحد الفدائيين المشاركين في العملية العسكرية، واسمه جميل مشبط حيث بترت يده اليسرى وقمت بإسعافه إلى منزل أحد الأصدقاء من الجبهة القومية في القاهرة، وكان متواجدين في المنزل في الطابق الثاني منه قياديون من الجبهة القومية منهم الشهيد عبدالفتاح إسماعيل، ومحمد سعيد عبدالله (محسن)، والشهداء سيف الضالعي، وفيصل عبداللطيف الشعبي، وبعد يومين من إصابة رفيقنا مشبط قام بأخذ سلاحه رغم جراحه، وتوجه لتنفيذ عمليات أخرى، وبعدها نقل إلى جبهة المعلا .
استشهاد المناضل عبود الشرعبي
وتابع المناضل محمد علي (أبوخالد) حديثه عن ذكريات الكفاح المسلح، وغاية مشاركته في جبهات عدن قائلاً:
أتذكر أيضاً العملية الفدائية التي قام بها المناضل الجسور مهيوب علي غالب الشرعبي (عبود) حيث كان ذلك في ال14 من فبراير عام 1967م عندما كانت هناك مسيرة كبيرة شهدتها مدينة الشيخ عثمان؛ احتجاجاً على هذا اليوم الذي يصادف فيه قيام الاتحاد الفيدرالي؛ حيث حدث في هذه المسيرة الحاشدة، والكبيرة اشتباك مباشر بين فدائيين من الجبهة القومية ، وقوات الاحتلال البريطاني، والذين كانوا مدعومين بالدبابات، وقد باشر البطل الشهيد عبود، والذي كان مشهوراً بعملياته الفدائية الموجهة ضد قوات الاحتلال برمي قنبلة داخل دبابة بريطانية؛ مما فجرها تفجيراً كاملاً، وأجبر القوات البريطانية على الانسحاب من موقعها قرب المسيرة إلى الخلف، لكن أحد الجنود البريطانيين، والذي كان متخفياً في منارة مسجد النور بالشيخ عثمان لحظ حينها الفدائي عبود حال انسحابه وأطلق عليه النار فأصابه بشكل مباشر واستشهد على أثرها، وكانت هذه الواقعة حدثت بجانب مطعم دي لوكس المعروف بالشيخ عثمان، وكنت أحد المتواجدين في الموقع، وشاهدت الحدث بأم عيني حيث قامت القوات البريطانية مباشرة بأخذ جثته إلى مستشفى (الملكة)، والذي أطلق عليه مستشفى عبود، ومن ثم الجمهورية، وتواصلت العمليات الفدائية في عدد من مناطق عدن، ومنها نقطة رقم 6 في دار سعد حيث شارك فيها إلى جانب عدد من المناضلين، أتذكر منهم المناضل الجسور أحمد عنفوش من أبناء أبين أطال الله في عمره، وكذا الشهيد الشاعر أحمد علي حجيري، والذي كان يعمل حينها في معسكر شنيبون .
وأكد المناضل أبو خالد في ختام حديثه أن معظم العمليات العسكرية التي قاموا بتنفيذها، وكذا العمليات الأخرى التي نفذها فدائيو الجبهة القومية ساعد فيها عدد من أفراد القوات المسلحة، والأمن اليمنيين المنخرطين في الجبهة القومية، حيث كانوا يبلغوننا بسرية عن تحركات القوات البريطانية، أو عند رفع نقاط تفتيش، ومداهمة المنازل؛ ولهذا كنا نقوم بتفريغ المنازل التي يكون فيها سلاح، أو متفجرات إلى منازل أخرى بعيدة قبل مجيء البريطانيين للتفتيش، وكذا تجنب وتأجيل بعض اللقاءات للقيادة السياسية، والعسكرية للجبهة في بعض المواقع، وهذا التعاون الإيجابي كان له أثر كبير في تجنب اعتقال ناشطي الجبهة، ومواصلة تحركاتهم، ونشاطهم الذي كلل برحيل الاستعمار البريطاني في ال30 من نوفمبر 67م .
الاشتباك مع دورية بريطانية
المناضل حيدرة صالح المرقشي أحد المناضلين الذين انخرطوا في مسيرة النضال الوطني تحدث إلينا بهذه المناسبة قائلاً:
التحقت بالعمل الوطني أنا وعدد من المناضلين من خلال مشاركتنا في المقاومة الشعبية حيث قمنا مع مجموعة بقيادة المناضل محمد علي بلعيدي بالاشتباك مع دورة عسكرية بريطانية كانت متوجهة عبر الشريط الساحلي وأبين إلى محافظة حضرموت، وقمنا بالاشتباك مع هذه الدورية وتمكنا من قتل اثنين من أفراد القوات البريطانية وقد أصيب حينها المناضل الفقيد صالح سعيد بلعيدي، وبعد نجاح هذه العملية تمكنا من الهروب من موقع العملية من خلال سلسلة جبال تمتد من المراقشة إلى جبال البيضاء، وقد علمنا بعد وصولنا البيضاء أن تعزيزات عسكرية بريطانية وصلت إلى المنطقة؛ بهدف القبض علينا، وفي البيضاء استقبلنا المناضل صالح بن ناجي الرويشان، كما وجدنا هناك عددا من المناضلين من أبناء المحافظات الجنوبية الذين هربوا قبلنا، وهم رموز من القيادات، منهم على مسعود الزبيدي، وعمر سالم الدماني ومحمد ناصر الجفري وعلي صلعان الكشممي، ومحمد المجعلي، وعلى الصالحي .
طيران الاحتلال تقصف التجمعات السكانية
ويواصل حديثه المناضل حيدرة المرقشي: أثناء وجودنا في البيضاء تم ضمنا إلى القوات المسلحة في البيضاء حيث تحصلنا على راتب شهري خمسة ريالات فرنسي، ثم توزعنا للتدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة وبقائنا كمقاومة، وكان يدربنا المناضل أحمد حسين الشرفي، واستمر التدريب لمدة شهرين، وبعدها عدنا إلى مناطقنا، وكل واحد من المجموعة يتحمل مسئولية خاصة، وكان عددنا (30) فرداً توزعنا على قرى المراقشة، والقرى المجاورة، وقد عرفت المخابرات العاملة بالمنطقة بوجودنا، وأبلغت القوات البريطانية التي بدورها أرسلت طائرات من نوع باوفرلي لها صوت قوي، وقامت بالقصف على مواقعنا، وتمشيط المنطقة كلها، وقد استشهد في هذا القصف عدد من الرفاق المناضلين وأصيب آخرون منهم الشهداء علي ناصر باقيس، وصالح الجوبري، وصالح أحمد، ومحمد أحمد محوري، والشهيدة نور أحمد باقيس كما قتلت العديد من المواشي، والإبل، والأبقار، ودمرت كثير من مساكن المواطنين بالمنطقة، وقد استمرت الطائرات المغيرة على المنطقة، والمناطق المجاورة من آل المحاورة، وباقيس، والجعادنة في الوضيع.. كما قامت الطائرات أيضاً بإسقاط المنشورات التي تهدد الأهالي بتسليم الذين قاموا بقتل الجنود البريطانيين، وتسليمهم رهائن بدلاً عنهم حتى توقف الطائرات قصفها وتفك الحصار على المنطقة، والذي استمر (15) يوماً، ولكن الأهالي في القرى لم يستجيبوا لهذه الدعوات، بل إن إخواننا في القرى البعيدة قاموا بإيصال المواد الغذائية إلى القرى المحاصرة من خلال طرق سرية.. ونتيجة لتواصل الحصار، والحملات العسكرية على القرى قام بعض مشائخ، وعقال المراقشة دون معرفة الثوار بتسليم رهائن للسلطنة الفضلية؛ حتى يتم إقناع البريطانيين بإيقاف العمليات العسكرية، وقد تم تسليم المناضل المرحوم محسن صالح البلعيدي، والذي كان يشغل مهام وكيل محافظة أبين، ثم سفيراً بعد الوحدة.. وبعد توقف قصف الطائرات البريطانية على مواقعنا، والقرى قررنا العودة إلى البيضاء، وفي طريقنا إلى البيضاء قمنا بضرب المواقع العسكرية في مكيراس، واستمررنا بعمليات مباغتة وقطعنا الطرق مثل طريق الساحل، والعرقوب وحيد يحيى لقطع الامتدادات العسكرية على مواقع الجيش البريطاني، واستمرت هذه العمليات، حتى قيام الثورة وإعلان الاستقلال.
تشكيل خلايا فدائية
عند قيام ثورة 26 المجيدة شاركنا مع إخواننا في الدفاع عن الثورة، وفك الحصار عن صنعاء بالقيام بعدد من المعارك ضد الملكيين، وكانت اهمها المعركة التي كان يقودها المناضل علي بن علي الرويشان، وأتذكر أننا كنا نردد زاملاً أثناء المعارك التي شارك فيها ناصر صالح بلعيدي كما أصيب عدد من المناضلين، وكانت المعارك عنيفة، ولكن المقاتلين كانوا صامدين، ولقنوا فلول الملكيين هزائم لن ينسوها، وبعد انتصار الثورة وتدمير قوات الملكيين عدنا مرة أخرى إلى جنوب الوطن لمواصلة المقاومة ضد الاستعمار البريطاني حيث قام المناضل الشهيد سالم ربيع علي بتشكيلنا إلى خلايا فدائية، وهذا كان قبل انطلاقة ثورة 14 أكتوبر بفترة وجيزة.. كما تم تكليف المناضل الوطني المرحوم ناصر علوي السقاف قائداً عسكرياً للمنطقة الوسطى، وكان معنا ضمن هذه الخلايا المناضل الفقيد محمد علي هيثم، وكذا المناضل علي ناصر محمد، والمناضل الفقيد محمد المجعلي، ومحمد فضل الصلاحي، وعلي محمد الصالحي، وأحمد صالح القنبلة، وكان معنا أيضاً من ردفان غالب علي الغزالي وآخرون. وقد كلفنا بالقيام بعدة عمليات عسكرية في مودية عام 1964م، واعتقل على إثرها المناضل علي حسن أحمد، وبعد هذه المعركة عدنا، وتوجهنا إلى جبل فحمان .
إسقاط طائرتين للاحتلال بمودية
ويواصل المناضل حيدرة المرقشي في سرد ذكريات النضال بالقول:
عند صباح اليوم التالي أغارت علينا الطائرات البريطانية، وتم اسقاط إحداها في جبل نجدان بمودية بعد أن استطاع المقاتلون المتمركزون في الموقع التصويب عليها، واسقاطها، ثم جاءت طائرة أخرى تهاجم موقعنا وتم اسقاطها، ثم انتقلنا من هذا الموقع إلى موقع آخر؛ ونتيجة مراقبة المخابرات، وعملائهم بالمنطقة جاءت طائرة بريطانية تضرب الموقع الذي انتقلنا إليه، ولكن الحمد لله لم يصب أحد منا، وغادرنا المنطقة مرة أخرى إلى الحصن الدافئ لنا محافظة البيضاء، وبعد وصولنا إليها تم ارسالنا إلى تعز، وهناك في معسكر صالة التقينا بالقائد العسكري للمنطقة الوسطى بأبين المناضل السيد ناصر السقاف، ونائبه الشهيد أحمد بن أحمد الفقيرية حيث تم تدريبنا على مختلف الأسلحة، واستمر تدريبنا لمدة ستة أشهر بعدها عدنا إلى المنطقة الوسطى أواخر عام 64م حيث كلفنا بالقيام بتنفيذ عدد من العمليات الفدائية ضد القوات البريطانية في كل من عدن وزنجبار وجعار والوضيع وأحور في محافظة أبين وبعض المواقع العسكرية، وكذا التمركزات العسكرية في الطرقات، واستمر ذلك حتى سقوط المناطق بيد الجبهة القومية حتى يوم الاستقلال الوطني في ال 30 من نوفمبر 1967م.. كما كان لنا الشرف مع جميع المناضلين أن نكون متواجدين في المهرجان الجماهيري الكبير ليوم الاستقلال المجيد في مدينة الشعب عدن والذي فيه اعلن بيان الاستقلال، وتم قراءته من قبل المناضل الشهيد عبد الفتاح اسماعيل، ومنها ألقى الرئيس الشهيد قحطان الشعبي كلمته التاريخية بهذا الحدث المجيد .
المشيخات والسلطنات
أما الأخ المناضل ناصر صالح جبران الجعدبي من أبناء مديرية الضالع محافظة أبين فيروي نضاله الوطني، ولكن على الصعيد التنموي من خلال موقع عمله مديراً عاماً تنفيذياً للجنة أبين التعاونية الزراعية والذي استذكر المراحل النضالية خلال فترة الكفاح المسلح حيث قال: في أربعينيات القرن الماضي أحكمت بريطانيا قبضتها، وسيطرتها على المحميات الشرقية، والغربية في جنوب الوطن، وقد سبق هذه المرحلة الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م واجهت المحتل البريطاني مقاومة شديدة وكان أول هذه الملاحم البطولية للمقاومين مقاومة صيادي عدن لقوات الاحتلال، والدفاع المستميت الذي شهدته قلعة صيرة التاريخية حيث قدم اليمنيون صورا للبسالة والدفاع عن الأرض، وسقط في تلك المقاومة كوكبة من الشهداء.. واستمرت بعد ذلك الانتفاضات والهجمات ضد قوات الاحتلال طوال أكثر من قرن .
وفي تلك الفترة ارتبطت بريطانيا مع سلاطين وأمراء، ومشائخ الجنوب باتفاقيات الحماية، والتي قسمت بموجبها جنوب الوطن إلى أكثر من 23 سلطنة، وولاية، ومشيخة منها محمية عدن الغربية، وهي المحافظات المجاورة لعدن، والتي تشكل حالياً محافظات لحج، والضالع، وأبين، وشبوة، والمحمية الشرقية، وهي محافظتا حضرموت، والمهرة .
انتفاضات بقيادة فيصل عبد اللطيف
واستطرد المناضل ناصر جبران حديثه عن النضال الوطني قائلاً: وبعد انطلاق ثورة 26 سبتمبر المجيدة 1962م شمال الوطن واعلان قيام الجمهورية الوليدة تداعى الأحرار من جنوب الوطن للدفاع عن الثورة وأوجدت ثورة سبتمبر القاعدة الأساسية التي يمكن أن تنطلق منها مقاومتهم للاستعمار البريطاني، وفي إطار منظم، وكان السبق للجبهة القومية حيث أعلنت بداية الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني في 14 أكتوبر 1963م من قمم جبال ردفان الشماء وأضاف: كان لقيام ثورة 23 يوليو 1952م في مصر بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أثرها الكبير في نفوس أبناء اليمن شماله، وجنوبه؛ مما زاد الوعي الوطني لدى أبناء الوطن، فتم تشكيل جمعيات وأندية ثقافية واجتماعية، كان لها دور وطني مشرف في نشر الوعي الوطني، وتعميقه في أوساط الناس؛ مما ضاعف حماس الجماهير، واندفاعها نحو الانخراط طواعية في فصائل مقاومة الاستعمار، وفي أواخر الخمسينيات تشكلت البدايات الأولى للخلايا النضالية لحركة القوميين العرب، والتي كان رائدها في اليمن الشهيد فيصل عبد اللطيف الشعبي، وقد صاحب ذلك قيام العديد من الانتفاضات في عدد من المناطق، وبالأخص في المناطق الوسطى بأبين من قبل عدد من المناضلين، أبرزهم محمد ناصر الجفري، وعمر سالم الدماني، وقبائل آل باليل، والنخعي، وفي شبوة كان للمناضل علي سالم مجور دور بارز .
سيطرة المناضلين على كريتر
ويشير المناضل ناصر جبران أنه بانتصار ثورة 26 سبتمبر شمال الوطن وإعلان الجمهورية الأولى في منطقة الجزيرة العربية اندفع أبناء جنوب الوطن بشكل عفوي إلى حضن هذه الثورة، ومنها وجدوا القاعدة الأساسية والمنطلق الذي من خلاله يتم انطلاق الثورة لتحرير جنوب الوطن، وكما أشرت سابقاً شكلت جبهات نضال في عدن، والضالع، وردفان، والمنطقة الوسطى بأبين، والتي تضم حالياً مديريات لودر ومودية والوضيع، وجيشان، ومكيراس، وكانت تلك الجبهات يرأسها قيادات محلية كقيادة دثينة التي كانت تقود عمل المنطقة الوسطى، ولها مراتب نضالية في لودر، والوضيع، ومكيراس، وكان من أبرز قادتها حسين الجابري، ومعه كل من صلاح المسودي، وعبد الله حسين الرباش، ومحمد سليمان ناصر وعبد الله الهيثمي وآخرون.. أما المرتبة المسؤولة فتكونت من الشهيد محمد ناصر، ومنصور جبران، والشهيد علي أحمد، والشهيد السيد صالح عيدروس، والشهيد عوض ناصر الجحماء، والشهيد علي سالم ملهم، والشهيد محمد عوض عزان، والفقيد صالح محمد، والمناضل الخضر الصوفي، ومحدثكم المناضل ناصر صالح جبران، وتمثلت أشكال النضال بالانتفاضات، والأعمال المسلحة ضد الاستعمار وكأن ابرز الفدائيين في منطقة المستعمرة عدن الشهداء سالم ربيع علي ( سالمين ) وعبد النبي مدرم، وناصر عبد الله الحداد، وصالح علي عواس وجميل امشبق، وغيرهم.
ومع اشتداد النضال المسلح الذي يقوم به فدائيو الجبهة تشكلت منظمة التحرير للجنوب اليمني المحتل عام 1965م، وكان أبرز قادتها جعبل بن حسين العوذلي، والسلطان محمد عيدروس العفيفي، وآخرون، وكانت مدعومة من القوات المصرية شمال الوطن، وواجهت الجبهة القومية ضغوطاً للاندماج مع منظمة التحرير، وكان نتاج ذلك تشكيل جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل إلا أن هذا الاندماج لم توافق عليه أغلبية قيادات الجبهة القومية؛ فتم انسحاب الجبهة من جبهة التحرير في 13 يناير 1966م، وتفاعل بعد ذلك النضال المسلح ضد الاستعمار من قبل الجبهة القومية في كل جبهات القتال، واشتدت هذه المعارك في العام 1967م وللأمانة هنا يجب أن أشير إلى أن التنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير خاض معارك مشرفة في عدن، وفي غيرها من المناطق، ولا ننسى هنا انتفاضة 20 يونيو 1967م، والتي سيطر فيها مناضلو الجبهة القومية على مدينة كريتر "عدن" لمدة أسبوعين، وكان هذا الانتصار بمثابة الرد للثوار على نكسة 5 يونيو حزيران التي تعرضت لها الأمة العربية .
سقوط المناطق بأيدي المناضلين
وفي أغسطس عام 1967م بدأت الجبهة القومية خطتها العسكرية لاسقاط المناطق وكانت أولى هذه المناطق التي سقطت في أيدي الجبهة القومية في أغسطس هي المنطقة الوسطى ومودية ثم اليوم التالي 12 أغسطس سقطت منطقة الوضيع، وقد اعقب ذلك خروج مسيرة كبيرة في مودية اعلن فيها المناضل الوطني المغفور له الفقيد محمد علي هيثم اسقاط سلطة الاتحاد الفيدرالي من على مبنى سكرتارية مودية، وأذكر أنه بعد أن نزل من على منصة الخطابة، وجلس في أحد المنازل، وسألته: لماذا يا أخ محمد لا يتم رفع علم الجبهة القومية محل علم حكومة الاتحاد؟ وكان رده إذا تم ذلك فإننا سنكون مسؤولين إدارياً ومالياً وأمنياً عن المنطقة بما في ذلك دفع رواتب الموظفين، وغيرها من الالتزامات، وتوالت بعد ذلك عملية اسقاط المناطق في بقية مناطق المحميات من قبل الجبهة القومية، وكان آخرها في أكتوبر 1967م حيث تم نزولنا من مودية إلى منطقة شقرة الساحلية بأبين حيث التقينا هناك عددا من القيادات أذكر منهم سالم ربيع علي، وعبد الله الخامري والأشطل وعبد الملك اسماعيل الذين ابلغونا بالتحرك معنا إلى زنجبار وجعار لإسقاطها وكان ذلك في 27 أغسطس، اسقطت هذه المناطق بشكل سريع، ودون أية مقاومة، وكان سقوط المناطق بداية النهاية للاحتلال بتحقيق الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م بعد أن أحكمت الثورة زمامها على كل المناطق الواقعة تحت سيطرة الاستعمار البريطاني .
مفاوضات جنيف
وحول الصراعات التي نشبت بين مناضلي الجبهة القومية، والتحرير قال جبران:
في نوفمبر 1967م اعترف جيش الجنوب العربي بالجبهة القومية كممثل وحيد لجنوب الوطن؛ فهرب مناضلو جبهة التحرير إلى مناطق كثيرة، ولكن بعد فترة لم يكن هناك أفضل مكان ملائم لهم غير شمال الوطن، ولحقهم عدد كبير من المناضلين خلال فترة الأزمات، والصراعات الدائرة في جنوب الوطن، وفي 20 نوفمبر 1967م، تم تشكيل وفد الجبهة القومية للتفاوض للاستقلال الوطني برئاسة المناضل قحطان محمد الشعبي، والمناضل فيصل عبد اللطيف الشعبي، وعبد الفتاح اسماعيل، وسيف الضالعي، وعبد الله صالح سبعة وآخرين، وتم التفاوض في جنيف، وقد كان الوفد البريطاني برئاسة اللورد شاكلتون، وكانت مفاوضات صعبة، ولكنها توجت بإبرام وثيقة الاستقلال الوطني المجيد في الثلاثين من نوفمبر 1967م .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.