في قصة أغرب من الخيال، شهدت قرية اللبن بحجة صبحاً غير اعتيادي يوم الخميس الرابع عشر من أبريل العام الماضي، صباحاً فتحت الأبواب للرعب والمرارة، والتساؤلات عن مصير طفلة توارت بعد أن أحيطت بقصة قد يفترض- للوهلة الأولى- أنها لا تحدث إلا في مخيلة آجاثا كريستي أو أفلام هوليود.. أمها صماء وبكماء، والدها متوفى منذ طفولتها، فيما إبراهيم، أخوها الأكبر، كان قد اضطره ضيق الحال للعمل في المملكة العربية السعودية راعياً للأغنام. وإذا كان البعض قد ارتعب من البقاء في قرية «اللبن» ذات خميس غدا مشئوماً، فقد ترك إبراهيم عمله وعاد إليها فوراً، قرر الشقيق العائد البحث عن شقيقته الصغرى ذات الاثنى عشر ربيعاً، وقد توارت عن الأنظار بعد خروجها من منزلها في السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم صوب مدرستها القريبة، وقبل أن تصل إليها..ما الذي حدث؟ حتى لحظة عودة إبراهيم ما من أحد يدري بعدها، بحث عنها كثيراً.. لكنه حتى اليوم لم يجدها.. قصة على غير عادة كل القصص.. هل يعقل أنها ضلت الطريق؟ وهي التي لم تضل طريقها إلى المدرسة قط! أم أنها علقت في مكان ما ولم تستطع العودة؟ وهي التي ما كانت تذهب إلى أماكن غريبة عنها! وليس من مكان ليُشتبه أنه الفخ الذي علقت فيه أليس من الحكمة الانتظار؟ حسناً.. لقد ذهبت إلى مدرسة الحكمة، لكنها، وفي حين كانت تفكر، وهي تخطو إليها، بطريقة استغلال وقت الاستراحة في المرح مع أقرانها الأطفال وزيارة منزل ماما حورية لشرب الماء، كان ثمة من يفكر في استغلال براءتها، ويُتمها.. وفي هذه القصة تكمن الغرابة الحقيقية فالخاطفون معروفون!! يعرفهم سائر سكان مديرية أسلم التي تضم قرية اللبن، وقد توصلت إلى معلومات مهمة عنهم.. لكن من الذي سيساعدهم في القبض على الجناة إن لم تتفاعل معهم كل جهات الأمن؟!. اختفاء سلمى.. تقرير وقائع في الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الخميس 14 /4 /2010م، خرجت سلمى التي كانت تدرس في الصف السادس الابتدائي، متجهة نحو مدرستها.. وبينما كانت أمها تنتظر عودتها من المدرسة - كعادتها- في الساعة الواحدة ظهراً، لم يكن يخطر ببالها أن ابنتها لن تعود إليها بالمرة!! حين تأخرت سلمى في عودتها من المدرسة، انتظرت أمها حتى تمام الساعة الثانية بعد الظهر، ذهبت أمها للسؤال عنها في المدرسة ففوجئت بأن ابنتها لم تحضر إلى المدرسة أصلاً في ذلك اليوم!! أي إن الاختطاف قد تم قبل أن تصل سلمى المدرسة. ذهبت أمها وأخوها للسؤال عنها في بيوت زميلاتها، سألوا الجميع، ولم يجدوا عنها أي خبر فازداد قلقهم وشكوا في الأمر!! وأخيراً قام أخوها العائد لتوه وشيخ المحل بتبليغ مديرية أسلم بالاختطاف، ثم حجة ثم صنعاء. لماذا اختفت ماما حورية؟ كان(الحاشدي) وزوجته (حورية) يسكنان بجوار مدرسة الحكمة - المدرسة التي تدرس فيها –سلمى- والتي تبعد عن بيتها بحوالي 3كم.. وكثيراً ما كانت طالبات المدرسة يخرجن من المدرسة إلى المدعوة حورية لتسقيهن الماء، كان لديهما نحل وخيمة يتنقلان بها، ثم فجأة.. غادرا القرية بعد فترة من رحيلهما لزيارة القرية، لكن زيارتهما في هذه المرة.. كانت لمهمة أخرى ظلوا في ضيافة أحد الأشخاص لمدة سبعة أشهر. حورية لها لسان حلو، يأنس به الجميع، كما أنها كانت كثيرة التلطف للأطفال، وقد كانت تذهب إلى كل بيوت مديريتنا، ومن ضمنها بيتنا. جاءت المدعوة بماما حورية لزيارة منزل سلمى في يوم الأربعاء 13 /4 /2010م وفي الخميس 14 /4/ 2010م، اختفت حورية وزوجها فجأة من القرية.. واختفت سلمى باختفائهما أيضاً!!. اكتشاف مصير سلمى أثناء البحث، أفاد عدة أشخاص بأنهم رأوا عبد الله الحاشدي وزوجته يركبان سيارة، ومعهما طفلة بنفس مواصفات سلمى، وكان ذلك صباح الخميس الباكر!! وحسب المعلومات التي أفادها بعض الأشخاص الذين تمكنوا من ملاحظة السيارة التي استقلها الجناة، بحث أهلها حتى عثروا على صاحب السيارة، الذي أكد بدوره أن الفتاة التي كانت معهما كانت حاملة لحقيبة المدرسة!! وبعد الحصول على أوامر بمراقبة خط التلفون الخاص بالخاطف (الحاشدي) ومن خلال الأرقام المتكررة في مكالماته الصادرة توصلوا إلى معلومات مهمة. شكوك وشراكة يقول إبراهيم: يراودني الشك أن صاحب السيارة مشترك معهم في الجريمة فقد قال "إنهم رنوا عليه رنة" فقط وحينما راقبنا خط تلفونه وجدناهم يتصلون به يومياً!!، فقد جئنا بمذكرة من نيابة البحث لشركة الاتصالات لمراقبة خطه، وقد كان رقمه أول رقم اتصل به (الحاشدي) صباح يوم الاختطاف، وفي اليوم الذي يليه أيضاً!! ما يؤكد أن له علاقة بالخاطفين، وهو الآن مقيم بأمان الله في مديرية عبس. شخص آخر كان راكباً معهم من مديرية أفلح، تمكنا من التعرف على بياناته، وقد كانوا ساكنين لديه من قبل، لكنه انكر معرفته بهم تماماً!! حتى الشخص الذي استضافهم في قريتنا لا بد أنه يعرف أين ذهبوا، فالواحد منا قد يستضيف في بيته الغرباء ليوم أو يومين، أما أن يستضيفهم سبعة أشهر فيستحيل أن لايكون على علاقة بشيء معهم، لاسيما وصاحب البيت يعمل أصلاً في التسول، ثم إنه بعد فترة بسيطة من الاختطاف غادر القرية. لا بد أن الخاطفين يتبعان لمجموعة عصابات للتجارة بالأطفال، أو الأعضاء البشرية، فنحن نجد في قائمة اتصالاتهم أرقاماً قوية لا يستطيع أحد أن يميز نوعيتها، لا هي كأرقام الهاتف الثابت ولا كأرقام الهاتف الجوال، ولا هي دولية، وحين العثور على أحد الأرقام المتكررة في اتصالات الخاطف وجدنا أرقاماً مشتركة يتكرر الاتصال بها من هذا الشخص ومن الخاطفين والعجيب أننا حين نعمل مذكرة إلى شركات الاتصالات، «يطلعوا» لنا الأرقام من دون اسم. وهذا ابن الخاطفين!! ومن مراقبة اتصالات الخاطفين، كان الرقم الثالث الذي يتواصلان معه باستمرار هو “ابن الخاطفين!! توصلنا عن طريق شركة الاتصالات إلى بيانات بطاقته الشخصية، وأنه مقيم في عمران- حارة السلام، وحصلنا على أمر بالقبض عليه بتاريخ5 /6/ 2010 م لكن البحث الجنائي في عمران يقول بأنه لم يعثر على هذا الشخص في حارة السلام. لو اهتم بحث عمران سيجد في حارة السلام من يدلنا عليه، فهو أكثر شخص يمكننا عبره التوصل إلى والديه.. بإمكانهم - على الأقل- أن يأتوا بالشهود الذين شهدوا على بياناته في الأحوال الشخصية، أو عن طريق عاقل الحارة، فحتى لو كان غادر حارة السلام، لا بد من وجود شخص قد عرف طيلة فترة إقامته فيها، ولو كان قد غادر عمران، فلا بد أن أحداً يعرف إلى أين اتجه؟ لكن أمن عمران لم يسأل عن أحد من هؤلاء، ومن المفترض أن شخصاً مثل هذا بياناته متوفرة يسهل القبض عليه، لكن لا اهتمام، فأنا أذهب إلى عمران بشكل دائم للمراجعة والمتابعة، بلا فائدة خلال كل هذه الأشهر. لأننا بسطاء ما من أثر يتحدث إبراهيم بمرارة: لقد استغل الخاطفون باختيارهم أختي بالذات ظروف ضعفنا، كوننا أيتاماً، وأنا مهاجر، أمي صماء بكماء، وأختي بريئة قد يسهل عليهم أن يخدعوها، كما أنها أصغرنا عمراً ومن أكثر ما أعاقنا في البحث عن أختي أننا لا نحتفظ لها بأية صور فوتوغرافية ففي منطقتنا عيب وعار تصوير البنات!! ما في اليد حيلة! راود الشك جميع الناس بأنه قد وضع لسلمى مخدراً أو شيئاً ما من هذا القبيل فقد كانت صغيرة وبريئة، أو قد تكون أغرتها وخدعتها أنها تريد أن تذهب إلى السوق لتشتري لها ملابس أو أيّ شيء، أو لعلها سحرتها أو ضغطت عليها، الكل في قرية اللبن متفاعل مع القصة، ويحاول رسم سيناريو لها. لكن ما في اليد حيلة، وكل آمالهم كانت معلقة على الشرطة التي يظل بإمكانها إعادتها لأسرتها. يقول إبراهيم :كما تعرفون، فأنا ليس لي أحد يقف إلى جواري، وحالتنا المادية متعبة للغاية، كنت في السعودية اعمل بالرعي لأعول أسرتي، ولم أقصر يوماً تجاههم، لكني الآن أبحث عن أختي.. وأبحث فقط دون أن يكون لي أي مصدر دخل. قلب الأم والدة سلمى، والحديث الآن لإبراهيم متعبة جداً من اختطاف ابنتها، أنا أقول لها إنني ذاهب للبحث عن أختي، وحين أعود بغيرها تنهار كما أنها صماء بكماء ولا أتمكن من توضيح جميع التفاصيل لها.. أخاف أن تصاب والدتي بحالة نفسية أو أي مكروه، قلب الأم لا يحتمل فقدان ابنتها بهذه الطريقة. أنا أواصل البحث، ومهما كانت المعلومات التي أتوصل إليها لا أجد أي اهتمام أو تفاعل من الجهات المختصة، ربما ”مسكين” لا أحد معي ليقف إلى جانبي،لا ظهر لي ولا معين، فلم يعيروني اهتماماً، ولو كان لي مال وجاه لأسرع الجميع لمساعدتي، ولو كانت أختي سلمى ابنة تاجر أو مسئول، لكانوا قد عثروا عليها لكن لأنها من أسرة فقيرة فلن يهتموا بها. اختطاف في الجوار في جوار قريتنا منطقة يعمل الكثير من سكانها في التسول، يأخذون العجائز ليتسولوا بهن، قبل حوالي عامين اختطف ولد معاق عمره 17 عاماً ولم يجده أحد.. ثم بعد شهر من اختطافه رماه الخاطفون ليلاً في الشارع ولم يعلم احد من هم، قال: إنهم أخذوه إلى السعودية وتسولوا به فهو مشوه في يده ورجله، وقد انتشر اختطاف المعاقين للتسول بهم واستعطاف الناس. أما في منطقتنا فهذه أول حادثة فيها، وقد صار الناس يخافون أن تذهب بناتهم أو الأطفال الصغار إلى المدرسة. الاهتمام أكثر أرجو أن تهتم الجهات الأمنية أكثر بهذه القضية، وليستشعر الجميع ماذا لو فقد أحد ابنه ماذا سيعمل؟ وليفكروا.. ماذا لو نجح الخاطفون في هذه العملية بالطبع سيجرؤون على جرائم أسوأ وأشنع. مصير مجهول لقد راجعنا كل الدوائر والمنظمات بلا جدوى على الرغم من أننا توصلنا إلى معلومات مهمة وخيوط توصلنا إلى الجناة!! والله أعلم ما إذا كانت سلمى لا تزال على قيد الحياة، أم أنهم قد ذبحوها؟ ثم باعوا أعضاءها أو الحقوا بها أي ضرر؟ ولو كانت ما تزال على قيد الحياة لكانت قد ظهرت ورأيناها. النداء الأخير نرجو من الإخوة المواطنين إذا عرفوا أي شيء عن “الحاشدي وزوجته حورية” أو عن ابنتنا "سلمى علي محمد جابر العامري" أن يتعاونوا معنا بأن يدلوا على مكانهم، أو أن يتصلوا بنا، أنا مستمر في البحث لكن العثور عليها لن يتم إلا لو اهتم الناس والأجهزة الأمنية بالقضية لا بد أن يتوصلوا إلى شخص يقودهم إلى الجناة عن طريق قوائم الاتصالات، لا بد أن هؤلاء ضمن عصابة منظمة.. قد تكون للتجارة بالأعضاء البشرية وإذا نجوا مرة لا بد أنهم سيعيدون الكرة مرات ومرات.