الفتة كريمة التي تبناها مركز الحوار لتنمية ثقافة حقوق الإنسان والذي يتخذ من مدينة ذمار مقراً له بتنظيمه ندوة توعوية وتثقيفية لمناقشة أوضاع السجون وأماكن التوقيف بالمحافظة وفي مقدمها سجن الإصلاحية المركزي. وتستمد الندوة أهميتها من محاورها التي تناولت الحالات المتنوعة التي ترزح تحت وطأتها هذه الأماكن والتي لا تصلح في وضعها الراهن لإيواء قطعان الماشية، فما بالنا بالإنسان حتى وإن كان هذا الإنسان قد ارتكب جرماً أو متهماً بأي جناية فالكرامة الآدمية يجب أن تظل مصانة أما العقوبات وكيفية تنفيذها فهذا شان آخر له حالاته وقوانينه التي لا تتقاطع مع تعاليم ونصوص الشريعة السمحاء. واعتقد أن الكثير قد عايش أو أطلع على أوضاع هذه السجون أو جانب منها غير أن التقرير الصادر عن المركز يعتبر وثيقة وحري بنا الإطلاع عليها عليه لسببين ،السبب الأول أن التقرير صادر عن منظمة مدينة معنية بهذه الأمور والثاني انه لم يستق معلوماته سماعياً أو عن فلان أو علان لكنه جهد ميداني وقف على هذه الأوضاع وبالتالي لا يخضع للمزايدة أو التهويل الذي قد يتهم به أحدنا كما أن هذه الندوة رغم الحضور الباهت لممثلي الجهات المعنية من القيادات الامنية أو النيابة أو قيادة السلطة المحلية التي بدأت مشاركتهم وكأنها من باب إسقاط الواجب ليس إلا ، لكنها من وجهة نظري حجر كبيرة لتحريك مياه البركة الآسنة وخطوة جادة للفت أنظار المسئوليين لإيلاء هذه السجون الاهتمام الأكبر وتأهيلها حتى تستطيع القيام بدورها على أكمل وجه لأنها في الحالة القائمة ليست سوى خنجر موجه لصدر المجتمع كون دورها الإصلاحي توارى ليحل محله أساليب لتطوير الجريمة. وللإطلاع عن كثب للوضع السيئ لهذه الأماكن علينا أن نأخذ قبسات عن المعلومات والنتائج التي اشتملها تقرير المركز الذي أشرف عليه المحامي عمار الديلمي ولنبدأ بالزيارة الميدانية للفريق الخاص بالسجن المركزي. مراتع خصبة لتطوير الجريمة - يبدأ التقرير بتشخيص الوضع العام للسجن المركزي حيث يشير إلى أن السعة مجهزة لاستقبال 400 نزيل على الأكثر لكن النزلاء الفعليين الموجودين يقتربون من الألف وأخطر ما في الامر عدم وجود حواجز وجدران بين العنابر فهناك اختلاط بين القتلة والسرق وغيرهم، غير أن الأحداث في هذا الوسط يمثل تهديداً عليهم وعلى مستقبلهم.. ففي مداخلة للأخ/ حسن محمد عبد الرزاق عضو مجلس الشورى أكد أن هذا المناخ ألقى بظلاله السيئة على حدث دخل السجن بتهمة سرقة تلفون سيار وعندما خرج على أدق الأساليب لتزوير العملات المحلية والأجنبية بما في ذلك الدولار الأمريكي هذا جانب ..أما الجانب الآخر فهو أن الأحداث يتعرضون للاعتداء والتحرش الجنسي ولذلك أوصى التقرير بإقامة حواجز بين العنابر وبناء سجن خاص ومنفصل للأحداث وهنا يمكن أن نستشف أن السجن تحول إلى بؤرة لصنع المجرمين وتأهيلهم في هذا العالم. ازدحام شديد لقد طالب مدير السجن بتمويل مبنى إضافي في فوق المبنى الحالي لتخفيف الازدحام الشديد الذي يعاني منه السجن لكن هذا المطلب في تصوري غير واقعي ويمكن تجاوزه بإجراءات بسيطة مفادها الفصل في حالات النزلاء دون إبطاء وهي حالات تنقسم قضائياً إلى ثلاث شرائح فالبعض منهم أكمل ما حكم عليه ورغم ذلك لا يزال في السجن والبعض الآخر قضى عدة أيام بالسجن ولم يحقق معه فيما نسب إليه من تهمة أما الشريحة الثالثة فقد قضوا مدة ما حكم عليهم وتبقت المبالغ المالية. انتشار الحشرات والروائح الكريهة وهناك ما يتعلق بالنظافة التي يبدو أنها لا توجد في قواميس وأجندة المسئولين ومن خلال تطواف بسيط وسريع نلاحظ أن عدد الحمامات المخصصة للنزلاء قليل جداً إضافة إلى عدم وجود مياه ،الأمر الذي أدى إلى إقفال بعض الحمامات القليلة أصلاً ومع هذا الوضع لا نستغرب لجوء مجاميع من السجناء للتبول بجانب السور الداخلي لمبنى السجن كما أن الحشرات الضارة من قمل –كتن- بعوض- صراصير ضيف دائم إلى جانب انبعاث الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف في العنابر ومن داخل الحمامات ويزيد الصورة مأساوية عدم وجود مجاري صرف صحي وفي خضم ذلك لا تخطئ العين أكوام المخلفات البلاستيكية وأعواد القات بأرضية العنابر والحوش كما أن اتساخ ملابس النزلاء وافتقارهم إلى خدمة المياه يجعل أجسادهم بعيدة عن الاغتسال لأسابيع عديدة وما يتبع ذلك من عدم نظافة الفرش وأرضية العنابر. بعض المخالفات القانونية وقد قام المركز الحقوقي لتنمية ثقافة حقوق الإنسان بزيارة أخرى شملت أماكن الاحتجاز التابعة لقائمة من أقسام الشرطة والبحث الجنائي ولم يجدوا الاختلاف عن ما هو حاصل في السجن المركزي مع وجود نماذج إيجابية على قسمين فقط وقد خرج الفريق بتسجيل بعض المخالفات القانونية التي يجب مناقشتها وعمل مبانٍ سريعة من قبل القائمين على هذه الأماكن لعواقبها الوخيمة ومنها: أخذ مبالغ مالية من السجناء تحت مسميات عدة الرسامة- رسوم الإفراج، رسوم تحويل القضية إلى النيابة وقد نصت المادة (151) من قانون العقوبات على يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 10 سنوات كل موظف عام طلب أو قبل عطية من أي نوع لأداء عمل أو لاقتناع عن عمل إخلالاً بواجبات وظيفته. المخالفة الثانية استقبال الأقسام قضايا مدينة يفترض تقديمها وعرضها على قاضاً مختص والقانون يقول: إن اختصاص أقسام الشرطة بالقضايا الجنائية فقط. المخالفة الثالثة: احتجاز أشخاص بطريقة غير قانونية ولمادة (246) تنص على المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من قبضه على شخص أو حجزه أو حرمة من حريته بغير وجه قانوني وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن5 سنوات إذا حصل الفصل من موظف عام أو بانتحال شخصية. وأخيراً يجدر بنا التنويه إلى أن أكثر منتسبي الأجهزة الأمنية لا يفقهون الكثير من نصوص القانون واللوائح المتعلقة باختصاصاتهم...!!