مدينة تحمل عبق المكان وتشهد على عبقرية الإنسان أنجبت ومازالت فطاحلة العلماء في شتى مجالات الحياة، خلفوا مآثر علمية في مختلف العلوم والمعارف من ما رسمته الأنامل وخطته الأقلام التي خاضت في القديم وأفرزت الجديد، فشاع نورها بين الأنام، ستظل تحكي على مر العصور قصة الثراء الفكري والاجتماعي الذي تحفل به عبر تاريخها على الرغم من اندثار الكثير من المعالم، بها من مدارس ومساجد وأسواق قديمة وغيرها من البناءات والبعض مازال يقاوم نائبات الدهر والعوامل المناخية مثل الجامع والقلعة ( مبنى الحكومة سابقاً ). جغرافية المكان تقع المراوعة في الشرق من المدينة على خط الحديدة – صنعاء على بعد حوالي عشرين كيلو متر وكتب عنها ضمن من كتب عن تهامة الكثير وذكرت في كتب الأوليين ومنهم الهمداني في ( صفة جزيرة العرب ) فقال “تهامة اليمن بلد بني مجيد وبلد الفرسان وهي محجة عدن إلى زبيد ثم ديار الأشعرين من حدود بني مجيد بأراضي الشقاق، فإلى حيس فزبيد نسبت إلى الوادي وهو الحصيب” إلى أن قال: “ثم سهام وهي عكية ويقصد بسهام السكنيين جواره أكانت مدنية الكدراء المندثرة أو المراوعة من بعدها” . أصل المسمى تعود تسميتها بهذا الاسم اشتقاق من المراع ومراعي، وهناك قول آخر إلى الروع وهو القلب أيا كانت المسميات فلا مشكلة فيها فربما يأتي احدهم يقول إنها الرائعة . ولكن حب من سكن الديارا بدأت تكسب شهرة كبيرة بعد حدثين كبيرين هما اندثار مدينة الكدراء واستوطان بني المجدلي ( المجادلة ) أهل الثروة والمكارم وعندما حل فيها منذ القرن الرابع الهجري آل الأهدل ( الأهادلة ) السادة الأخيار , العلماء الأبرار , أئمة المعقول وعمدة أرباب الفروع والأصول , الأولياء الصالحين من أول جدهم علي ( الأهدل ) بن عمر بن محمد القادم من العراق إلى اليمن كما قال الإخباريون والمصادر قدم ومعه أخ أو أبن عم فعمد أخوه أو أبن عمه إلى الشرف كما ذكر في كتابه ( تحفة الزمن ) حسين بن عبدالرحمن الأهدل فذريته آل باعلوي وقد روى العلامة ابن عباس الشرجي في ( طبقات الخواص ) في ترجمة علي بن عمر محمد الأهدل: قدم جده محمد المذكور من العراق هو وابن عم له على قدم التصوف فسكن بناحية الوادي سهام وذهب أحد أبناء عمه إلى ناحية الوادي سردد وهو جد المشايخ بني القديمي وذهب الثالث إلى حضرموت وهو أحمد بن عيسى ( المهاجر ) جد المشايخ آل باعلوي هناك في حدود سنة أربعين وخمسمائة تقريباً وذكر ذلك محمد بن احمد عبدالباري في كتابه ( المنهج الأعدل ) وأكد هذا صاحب ( المشرع الروي ) في المجلد الأول صفحة 77 . الجامع الكبير ما يزال يؤدي واجبه الحديث عن الحياة الدينية شجنه متفرع ولا يكون عن موضوع محدد بل عدة مواضيع، لأن المجتمع لم يكن إلا مجتمعاً عجنت طينته بروح الإيمان وزيارتنا للمدينة كانت يوم جمعة، الجو الإيماني في ساحة الجامع منذ الصباح تسمع صوت القراء وحفظة القرآن يتلون آيات الله في مشهد إيماني صادق، هذا الجامع بني في القرن الثاني الهجري وتمت توسيعته في العهد التركي الأخير 1333ه . . ولنا تساؤل للإخوة في الأوقاف والمجلس المحلي بالمديرية إلى متى يظل الجامع الكبير بدون ترميمات تليق بدوره وإنقاذ ما يمكن إنقاذه على أن يكون الترميم بنفس ا لمواد التقليدية ( الياجور والطين ) وهو من أهم الآثار المتبقية من الأزمنة السحيقة . القلعة شاهد آخر هذا البناء الشامخ الذي بني من قبل الأتراك خلال الحملة الأولى وهي حالياً تتوسط المدينة وقد كانت حتى فترة قريبة مقراً للحاكم والمحكمة وقد بدأت ظروف الزمن تترك أثرها فيها في ظل عدم وجود أي نوع من الصيانة أو العناية بها، وكما كل القلاع أنشئت بمعايير دفاعية ومن مواد شديدة الصلابة ومقاومة للعوامل المناخية السائدة في تهامة من أحجار الكلس والآجر المحروق . الحياة الاقتصادية يعمل اغلب سكان المدينة في الزراعة وتربية المواشي والنحل والتجارة تعتبر أهم سوق أسبوعي يقام كل اثنين من كل أسبوع تباع فيه شتى أنواع المواشي وأنواع العسل والحبوب والزيوت وخاصة زيت السمسم وهذا السوق يؤدي إلى توفير أجود أنواع المواشي لمختلف المناطق اليمنية والدول المجاورة ويشتهر أبناء المراوعة بعشقهم للثروة الحيوانية وهي وسيلة هامة في نقل السلع وحراثة الأرض ناهيك عن الاستفادة من ألبانها في صناعة السمن البلدي , القشطة البلدي , الجبن، وقد ساعد وجودها في دلتا وادي سهام في زيادة المراعي ووجود بيئة طبيعية للزراعة . مقامات وشواهد أسرية توجد بالمراوعة مقامات أسرية تمثل شواهد ماثلة للثقافة اليمنية مثل منزلة بني الأهدل بحارة ( القواسمة ) وهذه المنزلة ينزل بها الضيوف الوافدين وبهذه المنزلة مكتبة حافلة بالكتب النادرة وبكل جديد وهي عبارة عن وقف ومنها يتعلم من يريد أبجديات الدين والشعر والمعارف وتعتبر منتدى بدون سقف ولا وجود لفكر واحد !؟ زيارة الأولياء ها أنا أقف أجلالاً في حضرة أولياء الأصفياء واكتب عاشقاً وأقول عاد الفرع للأصول وأتذكر قول شاعر : لها بهجة ولها منظر بها كان يقبر من قد مضى من أبنائها وبها يقبر إذا ما مقابرنا بعثرت فحشو مقابرنا الجوهر وأنا ازور مقبرة آل الأهدل التي تقع شرق المدينة من الجد الكبير قدس الله سره حتى آخر الأحفاد أتخيل كيف عاصروا الأزمنة وعاشوا فيها في مواكب الخير والرشاد على امتداد التاريخ ونحن على الدرب سنواصل الرحلة ومنه عز وجل نسأل التوفيق .