العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنّفت كإحدى أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية
اليمن.. مخزون مائي ضئيل.. استنزاف جائر.. نمو سكاني متزايد..!!
نشر في الجمهورية يوم 17 - 03 - 2013

يعتبر الماء أهم عنصر لاستمرار حياة الكائنات الحية بعد الهواء، حيث يقول جلّ وعلا: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ويأتي التأكيد على حقيقة دور الماء في خلق الكائنات الحية عموماً في آيات قرآنية عديدة، وجاء ذكر الماء في القرآن الكريم اربعاً وثلاثين مرة، وقد جعل الله سبحانه هذهِ النعمة أساس الخلق لهذا الكائن، قال تعالى: (و الله خلق كل دابة من ماء ) ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديرا) فكل الكائنات الحية ( نبات , حيوان , إنسان) لابد لها من الماء كي تعيش .. وفي الحقيقة فإن كل الكائنات تتكون غالبا من الماء كما أن ثلثي جسم الإنسان مكون من الماء.
الماء والحضارات
معروف أن المياه تغطي اكثر من ثلاثة أرباع الكرة الأرضية لكن بالرغم من كل ذلك فان الصالح منها للاستخدام يبقى قليلاً مع تزايد الحاجة إليه، وشكلت المياه في مسيرة الإنسانية عاملاً مهماً في ظهور الحضارات وتقدمها، لما يشكله الماء من حالة استقطاب للأفراد وللجماعات مهدت لإقامة المجتمع وإرساء أسسه وإيجاد اللبنة الأولى لقيامه من خلال إقامة التجمعات السكانية بالقرب من الموارد المائية الطبيعية، ولم تتوقف حاجة الإنسان للمياه عند حدود الاستخدام الشخصي بما يمثله من حجر الزاوية مع الهواء في بقاء الحياة ولا عند أهمية الاستقطاب والتجمع، بل تعدته لتشمل كل مجالات الحياة في النقل والزراعة والصناعة وتربية الحيوانات وغيرها وبقدر ما تشكله المياه من نقاط التقاء وتواصل بين المجتمعات والحضارات، كانت هناك أيضاً حواجز طبيعية حافظت على بناء الحضارة لمجتمعات عديدة من تأثير العوامل الخارجية المدمرة أو منعت وجمدت مجتمعات أخرى بدائية.
- كان دور الماء ومنذ الأزل بالغ الأهمية في تحديد استقرار التجمعات البشرية وكان أحد عوامل الصراع الذي بدأ مع بداية الخليقة لكنه لم يصل في أحواله إلى ما نحن عليه الآن ومستقبلاً كمصدر للصراعات والمساجلات والحروب، فالماء سر الحياة وهو سر التكوين وبداية الخليقة وتاريخياً تذكر لنا جميع الأساطير ان الماء هو الوجود ومنه انبثق كل شيء وما دوّنه البابليون في ملحمة التكوين البابلية (الاينو ما ايليش) مطلع الألف الثاني قبل الميلاد لا يختلف في هذا السياق عما جاء في الأساطير السومرية.
الوضع المائي اليوم
إن الوضع المائي في المنطقة والعالم حرج بسبب حدة الخلافات حول تقسيم المياه، مما أثار قلقاً دولياً حيال هذه المسألة، انعكس وبشكل واضح في عدة مناسبات وفي عدة مؤتمرات عقدت لدراسة هذه المشكلة وامكانية وضع الحلول المناسبة لها، فقد عقد مؤتمر (قمة الأرض) في (ريودوجانيرو) في البرازيل ومؤتمر (برلين) ومؤتمر السكان في (القاهرة) وكذلك مؤتمر (اسطنبول) وغيرها من المؤتمرات التي تكررت فيها تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعالم من نقص المياه .
- الأرقام المتعلقة بالمياه العذبة في العالم تدعو للقلق. فهي لا تمثل أكثر من 3 % فقط من مجمل المياه الموجودة في كوكبنا الأرضي، 77.6 % من هذه النسبة على هيئة جليد، و 21.8 % مياه جوفية، والكمية المتبقية بعد ذلك والتي لا تتجاوز 0.6 % هي المسؤولة عن تلبية احتياجات أكثر من ستة مليارات من البشر في كل ما يتعلق بالنشاط الزراعي والصناعي وسائر الاحتياجات اليومية.
الوضع المائي العربي
إن معظم الدول العربية تعاني وستعاني - مستقبلاً - من أزمة حادة في المياه وهذه هي الصورة الحقيقية التي تستدعي دعم كفاية الموارد المائية في تلبية متطلبات الموازنة مع عدد السكان الآخذ بالازدياد.
- أما عن المياه في الوطن العربي فبالرغم من أنه يضم عشر مساحة اليابسة فإنه يصنف على أنه من المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، إذ لا يحتوى إلا على أقل من 1 % فقط من كل الجريان السطحي للمياه، وحوالي 2 % من إجمالي الأمطار في العالم.
- فقر الوطن العربي فيما يتعلق بمصادر المياه انعكس على التأمين المائي للفرد والذي يجب أن لا يقل عن ألف متر مكعب سنويا وفقا للمعدل العالمي، يصل متوسط حصة المواطن العربي في البلاد العربية إلى ما يقارب خمسمائة متر مكعب في العام وقد بلغت أعداد الدول العربية الواقعة تحت خط الفقر المائي (أقل من ألف متر مكعب للفرد سنويا) 19 دولة منها 14 دولة تعاني شحا حقيقيا في المياه إذ لا تكفي المياه سد الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، ولأن المنطقة العربية تقع جغرافيا ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة فإن 30 % من أراضيها الصالحة للزراعة معرضة للتصحر بسبب نقص المياه. يأتي هذا في وقت لا يستغل العالم العربي من موارده المائية البالغة حوالي 340 مليار متر مكعب سوى 50 % فقط والباقي معرض للهدر والضياع، من هنا تنبع أهمية الالتفات إلى قضية المياه، ووضع السياسات المتعلقة باستخدامها وترشيدها وزيادة كمياتها.
استهلاك المياه
تضاعف استهلاك العالم العربي من المياه خمسة مرات خلال الخمسين عاما الماضية، وينحصر الاستهلاك الحالي في مجالات الزراعة والصناعة والشرب. ويقدر الاستهلاك السنوي بحوالي 230 مليار متر مكعب، منها 43 مليار متر مكعب يستهلكها في الشرب والصناعة و187 مليار متر مكعب في الزراعة.
- إن الخصائص الديموغرافية والسياسية هي التي تجعل منطقتي الشرق الأوسط والشمال الافريقي محط اهتمام الدراسات حول مشكلة المياه فسكان المنطقة يشكلون 5 % من مجمل سكان الأرض في حين تمثل المياه المتجددة المتاحة للاستعمال 1 % فقط من مجموع مياه الأرض العذبة وتقدر حصة الفرد الواحد من المياه بحوالي 1250 متراً مكعباً في السنة علماً ان التوزيع السكاني بين بلدان المنطقة هذه لا يتناسب مع توزيع المياه في حين ترتفع نسبة النمو السكاني إلى 3 % في السنة الواحدة.
الوضع المائي في اليمن
صنّفت اليمن مؤخّراً كإحدى أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية و تشير معظم الدراسات والتقارير أن اليمن يواجه تحديات مائية باعتباره مناخ شبه جاف حيث يصل معدل استهلاك الفرد من المياه في العام 135مترا مكعبا وهو من اقل المعدلات في العالم.
- بحسب ما نشرته الجهات الرسمية والتقارير والمؤتمرات المهتمة بهذا الشأن تبلغ كمية المياه المتجددة في بلادنا حوالي 2.5 مليار متر مكعب سنوياً، بينما تبلغ كمية المياه المتجدد في منطقة الشرق الأوسط حوالي 348,3 مليار متر مكعب سنوياً، وفي بقية أقطار العالم تبلغ كمية المياه المتجددة 40637 مليار متر مكعب سنوياً تقريباً. وبالمقابل فإن نسبة المياه المسحوبة من المياه المتجددة في اليمن تبلغ ما نسبته 136 % وتبلغ نسبة المياه المسحوبة من المياه في منطقة الشرق الأوسط حوالي 51 % أما في بقية أقطار العالم فلا تزيد نسبة المياه المسحوبة عن 8 % من كمية المياه المتجددة ويبلغ نصيب الفرد اليمني من المياه المتجددة مع ما يخص نظرائه على المستوى الإقليمي والعالمي 1,7 % من نصيب الفرد على المستوى العالمي ونسبة 10,4 % على المستوى الإقليمي. وفي ظل الزيادة الكبيرة في عدد سكان اليمن فإن حصة الفرد اليمني المتدنية أصلاً ستتناقص باستمرار تزايد عدد السكان.
وبحسب ما ينشر من بيانات إحصائية فإن الاستخدامات المختلفة للمياه تبلغ كميتها حوالي 3,6 مليار متر مكعب سنوياً يستخدم منها ما نسبته 93 % للزراعة ري القات. يشكل اكثر من 30 % من الاستخدامات المائية و يستأثر بأكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه سنوياً والباقي 7 % للاستخدام البيئي والصناعي الأمر الذي يحدث فجوة عجز بين كمية المياه المتجددة وكمية المياه المستخدمة تقدر بحوالي مليار متر مكعب في السنة.
وتعد الأمطار المصدر الوحيد للمياه المتجددة في بلادنا، حيث يتراوح متوسط الهطول المطري بين 50مم في المناطق الصحراوية وفي الشمال والشمال الشرقي والسواحل الجنوبية إلى ما يزيد عن 600 مم في السنة في المرتفعات الوسطى والغربية وعلى الرغم من الكمية الكبيرة والمقدرة ب 60 مليار متر مكعب في السنة، إلا أن وما يزيد عن 65 % من هذه الكمية تعتبر أمطاراً غير فعالة ولا يحدث منها جريان سطحي أو تغذية جوفية.
وتشكل مياه السيول والغيول عبر جريان الأودية أو العيون ما يسمى بالمياه السطحية المتجددة والمقدرة 2.1 مليار متر مكعب في السنة وهو ما يمثل 10 % من أجمالي الأمطار لفعالة ، يقدر التسرب من الأمطارب 4.5 % وهو ما يسهم في تغذية الخزانات المائية التي تعتبر المصدر الأول لمياه الشرب والاستعمالات المنزلية والصناعية.
أسباب تدهور الوضع المائي في اليمن
هناك أسباب عديدة وراء تدهور الوضع المائي في اليمن، منها شحة المياه الجوفية لاعتبارات مناخية والنمو السكاني المتزايد والمقدر بحوالي 3.5 % سنوياً، والذي يعتبر من أعلى معدّلات النمو في العالم، الى جانب ما شهده اليمن خلال الثلث الاخير من القرن الماضي من توسع في الانشطة الزراعية والنمو السريع في أعداد الآبار الأنبوبية التي تعمل بالديزل والتي بلغ عددها اكثر من مائة ألف بئر والتوسع الافقي في المساحات الزراعية المنبسطة على حساب المدرجات الزراعية في الريف والتي صاحبها تزايد معدلات الهجرة الداخلية من الريف الذي يشكل نسبة 70 % من السكان كما أن السحب الجائر للمياه الجوفية زاد من مستوى تعميق الآبار وبالتالي ظهور عدد من الاشكاليات الجيولوجية الجوفية زادت من غور المياه و يعتبر تدنّي كفاءة الري والري بالغمر وسوء الاستخدام والإدارة وعدم تطبيق القوانين، إضافة إلى تأثير التغيّر المناخي، وتدني مستوى الوعي وتحول الزراعة الى الزراعة من اجل السوق .. أسباب مجتمعة أو منفردة زادت من تدهور الوضع المائي في بلادنا الذي لا يحتمل ذلك.
استنزاف المياه وانعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني
إن التدهور الحاصل اليوم في المياه يؤثر بشكل مباشر في الإنتاج الزراعي وذلك بانخفاض إنتاجية المنتجات الزراعية مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية وزيادة الاعتماد على الامدادات الخارجية. وعادة ما تتأثر بها أيضاً كثير من فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني.
أدى استخدام وتطبيق التقنية الحديثة لحفر الآبار الافراط في التنقيب عن المياه الجوفية والضخ الزائد لها وسوء استخدام اساليب الري التقليدية القديمة دون ان يتم تطويعها وتطويرها بما يتناسب مع الظروف المحلية السائدة الى تزايد معدلات نضوب العديد من الآبار والاتجاه نحو قرب نفاد عدد من الاحواض المائية وبالتالي انخفاض معدل الإنتاج الزراعي باستثناء القات.
وأدى التوسع العمراني والحضري على حساب الاراضي الزراعية الخصبة خاصة على اطراف المدن والتجمعات السكنية بسبب تنامي معدلات الهجرة الداخلية عدداً من الاثار السلبية تتمثل في خلق صعوبات للأجهزة الرسمية في مناطق الاستقرار الجديدة من حيث تأمين الأمن والاستقرار والخدمات والمتطلبات الضرورية حتى أنها تصبح عاجزة امام التحديات أحياناً.
أضف الى عدم استقرار المناطق المتضررة وعادةً ما يكون الريف لعدم تركيز الاجهزة المختصة على توفير الخدمات بشكل مستمر. كما أن ازدياد عدد سكان المدن بنسب كبيرة يؤدي الى صعوبة تأمين المرافق الحيوية الضرورية والإخلال بمجمل الخطط التنموية وتفشي البطالة والفقر.
وتسبب الهجرة الداخلية حرمان القطاع الزراعي من المناطق المتضررة من العنصر البشري المدرب على الزراعة وتؤدي إلى سرعة التوسع العمراني في المدن نتيجة تزايد السكان على حساب موارد الاراضي الزراعية و المياه.
وتقوم الحكومة بالإنفاق ضمن امكانياتها لإنقاذ حياة المواطنين والمحافظة على استقرارهم وغالبا ما يكون ذلك على حساب رفاهية وسعادة السكان بأكملهم او عن طريق المساعدات الدولية.
كما ان ازدياد الضغوط الكبيرة على الموارد الطبيعية في مناطق الاستقرار المؤقت او الدائم يؤدي إلى سرعة تدهور وتدمير الانظمة البيئية اذا كانت غير قادرة على مقابلة احتياجات السكان المحلية.
الإجراءات الحكومية
يدرك جميع المعنيين في قطاعات الدولة أهمية مفرزات تدهور الوضع المائي باليمن واتخذت امام ذلك عدداً من الاجراءات الحكومية تمثلت في إنشاء الهيئة العامة للموارد المائية في العام 1996م وصدور قانون المياه عام2002م والذي تضمن عدداً من الاجراءات المنظمة لاستخدامات المياه وطرق الحفاظ عليها .. الى ذلك انشئت وزارة المياه والبيئة في 2003 و اطلق مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة عام 2004 م كما تم إعداد الاستراتيجية الوطنية الموحدة للمياه وذلك بهدف تقوية البناء المؤسسي واعتماد النهج اللامركزي في ادارة المياه على المستوى المحلي والأحواض المائية ودعم جمعيات مستخدمي المياه في ادارة المياه وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
صعوبات مالية
يحتاج البرنامج الاستثماري لقطاع المياه في اليمن الى اكثر من مليار ونصف المليار دولار، لضمان تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمياه، بحسب الدراسات السابقة ولم يتوفر من هذا المبلغ سوى 550 مليون دولار قدمته حكومتا ألمانيا وهولندا، إلى جانب حصة الحكومة اليمنية البالغة 24 في المائة من التكلفة الإجمالية للاستراتيجية ما يشير إلى وجود عجز تمويلي نسبته 36 في المائة تسعى الحكومة لتوفيره عبر المانحين.. ومن بين أبرز الخيارات المطروحة لتأمين موارد مياه جديدة، خيار تحلية مياه البحر رغم التكلفة العالية لهذا الخيار التي تصل إلى 5 دولارات للمتر المكعب الواحد من المياه، ما يجعله أحد الخيارات الملحة والصعبة بالنسبة لوضع الاقتصاد اليمني بموارده المحدودة.
حلول ومعالجات
وللحد من تداعيات اتساع نطاق مشكلة شح المياه وضعف تجدد مصادرها يرى كثير من المختصين في هذا المجال ضرورة اتخاذ اجراءات فاعلة لمنع الحفر العشوائي وتنظيم وضبط عمليات استيراد معدات الحفر.
وضبط تنامي الهجرة الداخلية من خلال منع التفاوت الشديد في مستويات التنمية بين الريف الى الحضر والتوجه الى إحداث خدمات تعليمية وصحية واجتماعية لأبناء الريف الذين يشكلون نسبة 70 % من إجمالي السكان في اليمن والعمل على إشراك الحكومة والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة والمستفيدين لإحداث تعاون وتنسيق ايجابي من خلال تبني العديد من الوسائل والإجراءات الهادفة الى الحد من الاستنزاف الجائر للمياه في مختلف المحافظات.. ورفع مستوى الوعي لدى المزارع لاستخدام وسائل الري الحديث وتركيب وسائل ري حديثة وإقناع المزارعين بعدم التوسع في الاراضي المروية من المياه الجوفية وتحسين قدرة نظم الري على حفظ الفاقد وتشجيع المزارعين على استخدام وسائل حصاد الأمطار وحسن إدارتها الى جانب وضع خطط عملية لإدارة الموارد المائية في الأحواض وتنظيم وتنفيذ حملات توعية إعلامية مكثفة للتحذير من أخطار القات وأضراره ودعم المزارعين بالبذور المحسنة والمحاصيل البديلة للقات ذات المردود الاقتصادي المستدام وتشجيع الزراعة المعتمدة على الري المطري. ومنع نقل المياه لري القات والتوسع في بناء الخزانات لتغذية الاحواض المائية و منع قطع الاشجار وإحياء التقاليد والأعراف في هذا الجانب.
أهم القضايا
وغني عن البيان أن قضية المياه في اليمن تعتبر من أهم القضايا التي يجب الوقوف أمامها ووضع الحلول الكافية والكفيلة بتنمية مصادر تجددها ووضع حد لتنامي عدد الآبار من خلال اتخاذ إجراءات فاعلة غير أن مقدرة الحكومة للوفاء بالتزاماتها المالية تكون عادة غير كافية، أضف الى ذلك أن مسألة تفعيل القوانين وتنفيذها في هذا المجال تستلزم تفاعل كل الجهات والأجهزة الرسمية وكذلك كل شرائح المجتمع من اكاديميين وتربويين وإعلاميين ومنابر الفكر والأدب وصولاً الى المزارع الذي يشكل تفاعله الإيجابي مع قضية المياه وترشيدها تقدماً هاماً. الامر الذي يتطلب تعزيز كل الجهود المجتمعية لوضع الحلول وتنفيذ ماخطط له في إطار الجهود الرامية لاستمرار وديمومة هذا العنصر الحيوي لاستمرار الحياة وتأمين حياة كريمة لأجيالنا القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.