الحاكم اليمني النازح الذي عجز عن تحرير أرضه لم ولن يوفر الخدمات لأرض غيره    الأحزاب اليمنية حائرة حول القضية الجنوبية.. هل هي جزئية أم أساسية    العليمي يعمل بمنهجية ووفق استراتيجية واضحة المعالم لمن يريد ان يعترف بهذه الحقيقة.    هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    جماعة الحوثي تعلن الحداد على ل"7 أيام" وتلغي عيد الوحدة اليمنية تضامنا مع إيران!    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنّفت كإحدى أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية
اليمن.. مخزون مائي ضئيل.. استنزاف جائر.. نمو سكاني متزايد..!!
نشر في الجمهورية يوم 17 - 03 - 2013

يعتبر الماء أهم عنصر لاستمرار حياة الكائنات الحية بعد الهواء، حيث يقول جلّ وعلا: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ويأتي التأكيد على حقيقة دور الماء في خلق الكائنات الحية عموماً في آيات قرآنية عديدة، وجاء ذكر الماء في القرآن الكريم اربعاً وثلاثين مرة، وقد جعل الله سبحانه هذهِ النعمة أساس الخلق لهذا الكائن، قال تعالى: (و الله خلق كل دابة من ماء ) ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديرا) فكل الكائنات الحية ( نبات , حيوان , إنسان) لابد لها من الماء كي تعيش .. وفي الحقيقة فإن كل الكائنات تتكون غالبا من الماء كما أن ثلثي جسم الإنسان مكون من الماء.
الماء والحضارات
معروف أن المياه تغطي اكثر من ثلاثة أرباع الكرة الأرضية لكن بالرغم من كل ذلك فان الصالح منها للاستخدام يبقى قليلاً مع تزايد الحاجة إليه، وشكلت المياه في مسيرة الإنسانية عاملاً مهماً في ظهور الحضارات وتقدمها، لما يشكله الماء من حالة استقطاب للأفراد وللجماعات مهدت لإقامة المجتمع وإرساء أسسه وإيجاد اللبنة الأولى لقيامه من خلال إقامة التجمعات السكانية بالقرب من الموارد المائية الطبيعية، ولم تتوقف حاجة الإنسان للمياه عند حدود الاستخدام الشخصي بما يمثله من حجر الزاوية مع الهواء في بقاء الحياة ولا عند أهمية الاستقطاب والتجمع، بل تعدته لتشمل كل مجالات الحياة في النقل والزراعة والصناعة وتربية الحيوانات وغيرها وبقدر ما تشكله المياه من نقاط التقاء وتواصل بين المجتمعات والحضارات، كانت هناك أيضاً حواجز طبيعية حافظت على بناء الحضارة لمجتمعات عديدة من تأثير العوامل الخارجية المدمرة أو منعت وجمدت مجتمعات أخرى بدائية.
- كان دور الماء ومنذ الأزل بالغ الأهمية في تحديد استقرار التجمعات البشرية وكان أحد عوامل الصراع الذي بدأ مع بداية الخليقة لكنه لم يصل في أحواله إلى ما نحن عليه الآن ومستقبلاً كمصدر للصراعات والمساجلات والحروب، فالماء سر الحياة وهو سر التكوين وبداية الخليقة وتاريخياً تذكر لنا جميع الأساطير ان الماء هو الوجود ومنه انبثق كل شيء وما دوّنه البابليون في ملحمة التكوين البابلية (الاينو ما ايليش) مطلع الألف الثاني قبل الميلاد لا يختلف في هذا السياق عما جاء في الأساطير السومرية.
الوضع المائي اليوم
إن الوضع المائي في المنطقة والعالم حرج بسبب حدة الخلافات حول تقسيم المياه، مما أثار قلقاً دولياً حيال هذه المسألة، انعكس وبشكل واضح في عدة مناسبات وفي عدة مؤتمرات عقدت لدراسة هذه المشكلة وامكانية وضع الحلول المناسبة لها، فقد عقد مؤتمر (قمة الأرض) في (ريودوجانيرو) في البرازيل ومؤتمر (برلين) ومؤتمر السكان في (القاهرة) وكذلك مؤتمر (اسطنبول) وغيرها من المؤتمرات التي تكررت فيها تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعالم من نقص المياه .
- الأرقام المتعلقة بالمياه العذبة في العالم تدعو للقلق. فهي لا تمثل أكثر من 3 % فقط من مجمل المياه الموجودة في كوكبنا الأرضي، 77.6 % من هذه النسبة على هيئة جليد، و 21.8 % مياه جوفية، والكمية المتبقية بعد ذلك والتي لا تتجاوز 0.6 % هي المسؤولة عن تلبية احتياجات أكثر من ستة مليارات من البشر في كل ما يتعلق بالنشاط الزراعي والصناعي وسائر الاحتياجات اليومية.
الوضع المائي العربي
إن معظم الدول العربية تعاني وستعاني - مستقبلاً - من أزمة حادة في المياه وهذه هي الصورة الحقيقية التي تستدعي دعم كفاية الموارد المائية في تلبية متطلبات الموازنة مع عدد السكان الآخذ بالازدياد.
- أما عن المياه في الوطن العربي فبالرغم من أنه يضم عشر مساحة اليابسة فإنه يصنف على أنه من المناطق الفقيرة في مصادر المياه العذبة، إذ لا يحتوى إلا على أقل من 1 % فقط من كل الجريان السطحي للمياه، وحوالي 2 % من إجمالي الأمطار في العالم.
- فقر الوطن العربي فيما يتعلق بمصادر المياه انعكس على التأمين المائي للفرد والذي يجب أن لا يقل عن ألف متر مكعب سنويا وفقا للمعدل العالمي، يصل متوسط حصة المواطن العربي في البلاد العربية إلى ما يقارب خمسمائة متر مكعب في العام وقد بلغت أعداد الدول العربية الواقعة تحت خط الفقر المائي (أقل من ألف متر مكعب للفرد سنويا) 19 دولة منها 14 دولة تعاني شحا حقيقيا في المياه إذ لا تكفي المياه سد الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، ولأن المنطقة العربية تقع جغرافيا ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة فإن 30 % من أراضيها الصالحة للزراعة معرضة للتصحر بسبب نقص المياه. يأتي هذا في وقت لا يستغل العالم العربي من موارده المائية البالغة حوالي 340 مليار متر مكعب سوى 50 % فقط والباقي معرض للهدر والضياع، من هنا تنبع أهمية الالتفات إلى قضية المياه، ووضع السياسات المتعلقة باستخدامها وترشيدها وزيادة كمياتها.
استهلاك المياه
تضاعف استهلاك العالم العربي من المياه خمسة مرات خلال الخمسين عاما الماضية، وينحصر الاستهلاك الحالي في مجالات الزراعة والصناعة والشرب. ويقدر الاستهلاك السنوي بحوالي 230 مليار متر مكعب، منها 43 مليار متر مكعب يستهلكها في الشرب والصناعة و187 مليار متر مكعب في الزراعة.
- إن الخصائص الديموغرافية والسياسية هي التي تجعل منطقتي الشرق الأوسط والشمال الافريقي محط اهتمام الدراسات حول مشكلة المياه فسكان المنطقة يشكلون 5 % من مجمل سكان الأرض في حين تمثل المياه المتجددة المتاحة للاستعمال 1 % فقط من مجموع مياه الأرض العذبة وتقدر حصة الفرد الواحد من المياه بحوالي 1250 متراً مكعباً في السنة علماً ان التوزيع السكاني بين بلدان المنطقة هذه لا يتناسب مع توزيع المياه في حين ترتفع نسبة النمو السكاني إلى 3 % في السنة الواحدة.
الوضع المائي في اليمن
صنّفت اليمن مؤخّراً كإحدى أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية و تشير معظم الدراسات والتقارير أن اليمن يواجه تحديات مائية باعتباره مناخ شبه جاف حيث يصل معدل استهلاك الفرد من المياه في العام 135مترا مكعبا وهو من اقل المعدلات في العالم.
- بحسب ما نشرته الجهات الرسمية والتقارير والمؤتمرات المهتمة بهذا الشأن تبلغ كمية المياه المتجددة في بلادنا حوالي 2.5 مليار متر مكعب سنوياً، بينما تبلغ كمية المياه المتجدد في منطقة الشرق الأوسط حوالي 348,3 مليار متر مكعب سنوياً، وفي بقية أقطار العالم تبلغ كمية المياه المتجددة 40637 مليار متر مكعب سنوياً تقريباً. وبالمقابل فإن نسبة المياه المسحوبة من المياه المتجددة في اليمن تبلغ ما نسبته 136 % وتبلغ نسبة المياه المسحوبة من المياه في منطقة الشرق الأوسط حوالي 51 % أما في بقية أقطار العالم فلا تزيد نسبة المياه المسحوبة عن 8 % من كمية المياه المتجددة ويبلغ نصيب الفرد اليمني من المياه المتجددة مع ما يخص نظرائه على المستوى الإقليمي والعالمي 1,7 % من نصيب الفرد على المستوى العالمي ونسبة 10,4 % على المستوى الإقليمي. وفي ظل الزيادة الكبيرة في عدد سكان اليمن فإن حصة الفرد اليمني المتدنية أصلاً ستتناقص باستمرار تزايد عدد السكان.
وبحسب ما ينشر من بيانات إحصائية فإن الاستخدامات المختلفة للمياه تبلغ كميتها حوالي 3,6 مليار متر مكعب سنوياً يستخدم منها ما نسبته 93 % للزراعة ري القات. يشكل اكثر من 30 % من الاستخدامات المائية و يستأثر بأكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه سنوياً والباقي 7 % للاستخدام البيئي والصناعي الأمر الذي يحدث فجوة عجز بين كمية المياه المتجددة وكمية المياه المستخدمة تقدر بحوالي مليار متر مكعب في السنة.
وتعد الأمطار المصدر الوحيد للمياه المتجددة في بلادنا، حيث يتراوح متوسط الهطول المطري بين 50مم في المناطق الصحراوية وفي الشمال والشمال الشرقي والسواحل الجنوبية إلى ما يزيد عن 600 مم في السنة في المرتفعات الوسطى والغربية وعلى الرغم من الكمية الكبيرة والمقدرة ب 60 مليار متر مكعب في السنة، إلا أن وما يزيد عن 65 % من هذه الكمية تعتبر أمطاراً غير فعالة ولا يحدث منها جريان سطحي أو تغذية جوفية.
وتشكل مياه السيول والغيول عبر جريان الأودية أو العيون ما يسمى بالمياه السطحية المتجددة والمقدرة 2.1 مليار متر مكعب في السنة وهو ما يمثل 10 % من أجمالي الأمطار لفعالة ، يقدر التسرب من الأمطارب 4.5 % وهو ما يسهم في تغذية الخزانات المائية التي تعتبر المصدر الأول لمياه الشرب والاستعمالات المنزلية والصناعية.
أسباب تدهور الوضع المائي في اليمن
هناك أسباب عديدة وراء تدهور الوضع المائي في اليمن، منها شحة المياه الجوفية لاعتبارات مناخية والنمو السكاني المتزايد والمقدر بحوالي 3.5 % سنوياً، والذي يعتبر من أعلى معدّلات النمو في العالم، الى جانب ما شهده اليمن خلال الثلث الاخير من القرن الماضي من توسع في الانشطة الزراعية والنمو السريع في أعداد الآبار الأنبوبية التي تعمل بالديزل والتي بلغ عددها اكثر من مائة ألف بئر والتوسع الافقي في المساحات الزراعية المنبسطة على حساب المدرجات الزراعية في الريف والتي صاحبها تزايد معدلات الهجرة الداخلية من الريف الذي يشكل نسبة 70 % من السكان كما أن السحب الجائر للمياه الجوفية زاد من مستوى تعميق الآبار وبالتالي ظهور عدد من الاشكاليات الجيولوجية الجوفية زادت من غور المياه و يعتبر تدنّي كفاءة الري والري بالغمر وسوء الاستخدام والإدارة وعدم تطبيق القوانين، إضافة إلى تأثير التغيّر المناخي، وتدني مستوى الوعي وتحول الزراعة الى الزراعة من اجل السوق .. أسباب مجتمعة أو منفردة زادت من تدهور الوضع المائي في بلادنا الذي لا يحتمل ذلك.
استنزاف المياه وانعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني
إن التدهور الحاصل اليوم في المياه يؤثر بشكل مباشر في الإنتاج الزراعي وذلك بانخفاض إنتاجية المنتجات الزراعية مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية وزيادة الاعتماد على الامدادات الخارجية. وعادة ما تتأثر بها أيضاً كثير من فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني.
أدى استخدام وتطبيق التقنية الحديثة لحفر الآبار الافراط في التنقيب عن المياه الجوفية والضخ الزائد لها وسوء استخدام اساليب الري التقليدية القديمة دون ان يتم تطويعها وتطويرها بما يتناسب مع الظروف المحلية السائدة الى تزايد معدلات نضوب العديد من الآبار والاتجاه نحو قرب نفاد عدد من الاحواض المائية وبالتالي انخفاض معدل الإنتاج الزراعي باستثناء القات.
وأدى التوسع العمراني والحضري على حساب الاراضي الزراعية الخصبة خاصة على اطراف المدن والتجمعات السكنية بسبب تنامي معدلات الهجرة الداخلية عدداً من الاثار السلبية تتمثل في خلق صعوبات للأجهزة الرسمية في مناطق الاستقرار الجديدة من حيث تأمين الأمن والاستقرار والخدمات والمتطلبات الضرورية حتى أنها تصبح عاجزة امام التحديات أحياناً.
أضف الى عدم استقرار المناطق المتضررة وعادةً ما يكون الريف لعدم تركيز الاجهزة المختصة على توفير الخدمات بشكل مستمر. كما أن ازدياد عدد سكان المدن بنسب كبيرة يؤدي الى صعوبة تأمين المرافق الحيوية الضرورية والإخلال بمجمل الخطط التنموية وتفشي البطالة والفقر.
وتسبب الهجرة الداخلية حرمان القطاع الزراعي من المناطق المتضررة من العنصر البشري المدرب على الزراعة وتؤدي إلى سرعة التوسع العمراني في المدن نتيجة تزايد السكان على حساب موارد الاراضي الزراعية و المياه.
وتقوم الحكومة بالإنفاق ضمن امكانياتها لإنقاذ حياة المواطنين والمحافظة على استقرارهم وغالبا ما يكون ذلك على حساب رفاهية وسعادة السكان بأكملهم او عن طريق المساعدات الدولية.
كما ان ازدياد الضغوط الكبيرة على الموارد الطبيعية في مناطق الاستقرار المؤقت او الدائم يؤدي إلى سرعة تدهور وتدمير الانظمة البيئية اذا كانت غير قادرة على مقابلة احتياجات السكان المحلية.
الإجراءات الحكومية
يدرك جميع المعنيين في قطاعات الدولة أهمية مفرزات تدهور الوضع المائي باليمن واتخذت امام ذلك عدداً من الاجراءات الحكومية تمثلت في إنشاء الهيئة العامة للموارد المائية في العام 1996م وصدور قانون المياه عام2002م والذي تضمن عدداً من الاجراءات المنظمة لاستخدامات المياه وطرق الحفاظ عليها .. الى ذلك انشئت وزارة المياه والبيئة في 2003 و اطلق مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة عام 2004 م كما تم إعداد الاستراتيجية الوطنية الموحدة للمياه وذلك بهدف تقوية البناء المؤسسي واعتماد النهج اللامركزي في ادارة المياه على المستوى المحلي والأحواض المائية ودعم جمعيات مستخدمي المياه في ادارة المياه وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
صعوبات مالية
يحتاج البرنامج الاستثماري لقطاع المياه في اليمن الى اكثر من مليار ونصف المليار دولار، لضمان تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمياه، بحسب الدراسات السابقة ولم يتوفر من هذا المبلغ سوى 550 مليون دولار قدمته حكومتا ألمانيا وهولندا، إلى جانب حصة الحكومة اليمنية البالغة 24 في المائة من التكلفة الإجمالية للاستراتيجية ما يشير إلى وجود عجز تمويلي نسبته 36 في المائة تسعى الحكومة لتوفيره عبر المانحين.. ومن بين أبرز الخيارات المطروحة لتأمين موارد مياه جديدة، خيار تحلية مياه البحر رغم التكلفة العالية لهذا الخيار التي تصل إلى 5 دولارات للمتر المكعب الواحد من المياه، ما يجعله أحد الخيارات الملحة والصعبة بالنسبة لوضع الاقتصاد اليمني بموارده المحدودة.
حلول ومعالجات
وللحد من تداعيات اتساع نطاق مشكلة شح المياه وضعف تجدد مصادرها يرى كثير من المختصين في هذا المجال ضرورة اتخاذ اجراءات فاعلة لمنع الحفر العشوائي وتنظيم وضبط عمليات استيراد معدات الحفر.
وضبط تنامي الهجرة الداخلية من خلال منع التفاوت الشديد في مستويات التنمية بين الريف الى الحضر والتوجه الى إحداث خدمات تعليمية وصحية واجتماعية لأبناء الريف الذين يشكلون نسبة 70 % من إجمالي السكان في اليمن والعمل على إشراك الحكومة والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة والمستفيدين لإحداث تعاون وتنسيق ايجابي من خلال تبني العديد من الوسائل والإجراءات الهادفة الى الحد من الاستنزاف الجائر للمياه في مختلف المحافظات.. ورفع مستوى الوعي لدى المزارع لاستخدام وسائل الري الحديث وتركيب وسائل ري حديثة وإقناع المزارعين بعدم التوسع في الاراضي المروية من المياه الجوفية وتحسين قدرة نظم الري على حفظ الفاقد وتشجيع المزارعين على استخدام وسائل حصاد الأمطار وحسن إدارتها الى جانب وضع خطط عملية لإدارة الموارد المائية في الأحواض وتنظيم وتنفيذ حملات توعية إعلامية مكثفة للتحذير من أخطار القات وأضراره ودعم المزارعين بالبذور المحسنة والمحاصيل البديلة للقات ذات المردود الاقتصادي المستدام وتشجيع الزراعة المعتمدة على الري المطري. ومنع نقل المياه لري القات والتوسع في بناء الخزانات لتغذية الاحواض المائية و منع قطع الاشجار وإحياء التقاليد والأعراف في هذا الجانب.
أهم القضايا
وغني عن البيان أن قضية المياه في اليمن تعتبر من أهم القضايا التي يجب الوقوف أمامها ووضع الحلول الكافية والكفيلة بتنمية مصادر تجددها ووضع حد لتنامي عدد الآبار من خلال اتخاذ إجراءات فاعلة غير أن مقدرة الحكومة للوفاء بالتزاماتها المالية تكون عادة غير كافية، أضف الى ذلك أن مسألة تفعيل القوانين وتنفيذها في هذا المجال تستلزم تفاعل كل الجهات والأجهزة الرسمية وكذلك كل شرائح المجتمع من اكاديميين وتربويين وإعلاميين ومنابر الفكر والأدب وصولاً الى المزارع الذي يشكل تفاعله الإيجابي مع قضية المياه وترشيدها تقدماً هاماً. الامر الذي يتطلب تعزيز كل الجهود المجتمعية لوضع الحلول وتنفيذ ماخطط له في إطار الجهود الرامية لاستمرار وديمومة هذا العنصر الحيوي لاستمرار الحياة وتأمين حياة كريمة لأجيالنا القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.