قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    34 ألف شهيد في غزة منذ بداية الحرب والمجازر متواصلة    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك    جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    غارسيا يتحدث عن مستقبله    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايا من عمق المأساة..
مأساة صيف 94..!!
نشر في الجمهورية يوم 22 - 05 - 2013

باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فإذا أمسكت نفسي فارحمها.. وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.. ثم نتلو الشهادتين.. تسود لحظات صمت.. وبعدها تبدأ همسات البكاء تتسرب من كل اتجاه.. ترتفع في بعض الأحيان لتتوحد ويبدأ بكاء من نوع آخر، بكاء الذي يخشى أن ينام على فراشه ولا يصحو مجدداً..يخاف أن ينام وهو جسد واحد ولا يصحو وتتناثر أجزاؤه ولا تضمها الأكفان!! يا ربي ما أقساها من ليال وأيام..كنت ما أزال طفلة لا أعي الكثير من الأحداث ولا أعلم لماذا كل هذا يحدث لنا! ولكن ما وعيته جيداً مقدار الخوف في عين أمي والقلق الظاهر على ملامح وجه أبي الشاحب..
تجمعت معظم أسر الجيران في منزلنا على اعتبار أنه بناء حديث وسيصمد نسبياً في وجه النيران..اجتمع في الدور الأرضي من المنزل ما يقارب 20 امرأة وطفلاً كنا ننام في غرفة واحده لا تتعدى مساحتها أربعة في أربعة أمتار .. كنا ننام متلاصقي الأجساد يطمئن أحدنا على الآخر نحتضن خوفنا ونلتهي عنه. تبدأ الأمهات في اللقاء بعض الحكاوي القديمة وأحيانا تروي بعض الفتيات نكتاً أو مواقف محرجة.. نضحك كثيراً من قلوبنا وفجأة يتحول الضحك إلى بكاء.. حين تقطع ضحكاتنا أصوات الانفجارات والظلام الحالك الذي ينتج عن انطفاء الكهرباء!!
- أما الرجال والشباب كانوا يمضون طيلة الليل في نوبات الحراسة، البعض منهم يأخذ دوره في طوابير الماء من أقرب بئر لمنزله والبعض الآخر يأخذ استراحة لينام مع أن الخوف والحر والقلق مما سيكون بين لحظة وأخرى يسرق النوم من عيونه..
صيف ساخن
قرابة الشهرين مرت علينا في بعض المحافظات الجنوبية ونحن على هذا الحال شبح الموت يطاردنا ليل نهار ورائحة البارود والدخان ومناظر الدمار والقتلى؛ فلا ماء بعد القصف على آبار المياه التي تغذي عدن بما تحتاجه من مياه.. ولا كهرباء في ظل صيف ساخن بعد أن قصفت محطات توليد الكهرباء ولا مواد غذائية بعد أن شح المخزون في المحال التجارية ولا خضار بعد أن تقطعت السبل والطرق بين المحافظات .. ياااربي رحمتك ولطفك بنا هذه العبارة التي كثيرا ما سمعتها من أمي وبعض النسوة الكبيرات في السن!!
أتذكر الخالة «حميدة» جارتنا وهي تهمس في آذان بقية الأمهات من الجيران ..سنحفر سرداباً ونخبئ البنات فيه.. لم أكن أعي ماذا تقصد ولماذا نختبئ نحن البنات الصغيرات والشابات، أو عن آخر بأن يدخلونا إلى غرفة صغيرة تحت الدرج ويقفلوا علينا الباب بالطوب!
يا إلهي ماذا يخططون لنا ولماذا؟ سألت أمي لماذا يا أمي لماذا تريدون أن تخبؤونا بهذه الطريقة!؟ سوف نموت اختناقاً!! ردت عليا ودموعها تذرف تموتن بشرفكن مرة أحسن من أن تموتن كل يوم طيلة أعماركن؟! مازلت لم أفهم ولكن بعدها بسنوات فهمت ماذا كانت أمي وجاراتها يقصدن..!!
جدران الذاكرة
مشهد آخر لايزال لصيقاً بذاكرتي في تاريخ 7/7 يوم النهاية رجل يبدو في الأربعين من العمر منهكاً يذرف الدمع عيناه تتلفت في كل اتجاه جسده النحيل يرتجف كان يجري ومع أول باب أختبئ خلفه تلقاه أبي وإخوتي محاولين التهدئة من روعه.. تحدثوا قليلاً ليتركه أبي ليجلب له بعض الماء للشرب.. أما أنا فجلست القرفصاء أتأمل الرجل وما يفعل.. اخرج الرجل بطاقة عرفت فيما بعد أنها بطاقة عسكرية وأخد يمزقها قطعاً صغيرة جداً ويرمي بها في أماكن متفرقه !!! لازلت لم أفهم ..بعدها بساعات سمعنا أصوات رصاص كثيف كان من الشارع الخلفي لمنزلنا، شارع أمام المليشيا بجانب مبنى البلدية حالياً في مديرية المنصورة.. ظل صوت الرصاص ما يقارب ساعة كاملة كان متبادلاً ما بين قوات الشرعية كما كانوا يسمونها وقوات عسكرية أخرى متمترسة داخل المبنى.. طاخ طيخ.. وبعدها هدأ وتوقف الصوت, صعد أبي إلى الطابق العلوي من البيت ومن نافذة تطل للشارع الخلفي نظر لم ينتبه أنني تسللت خلفه وقف مطولاً ينظر ويردد «لاحول ولا قوة إلا بالله يا ربي سترك».. وفجأة نظرت أنا من النافذة لأرى منظراً طالما صحوت مفزوعة منه ليلاً وأنا أصرخ.. منظر سيظل ملتصقاً بجدران ذاكرتي ما حييت, رأيت عدداً من الرجال قرابة الخمسة يلبسون اللبس العسكري مضرجين بدمائهم يتم اقتيادهم إلى عربة عسكرية!!! يا الله ما أبشعه من منظر لم ينتبه أبي.. والتف ليجدني متسمرة زائغة الأعين باردة كالثلج انتفض نفضاً لم أصرخ ولا بصوت واحد..ظللت كثيراً أعاني من هذا المشهد وأثر عليّ طيلة سنوات طفولتي وأنا أخاف من أي صوت مرتفع من منظر الدم ومن العسكري.
ومازال ينتظر..
اليوم ومع تزامن الذكرى التاسعة عشرة لحرب الألم سأعرج على جراح بعض من عاشوا هذه الحرب الظالمة, سأنفض ذاكرة الألم ليتشارك الجميع هذه الذكريات الموجعة علها تبرأ أو يطيب جراحها!!!
تسع عشرة سنة مرت منذ أن وقف “أيمن” بجانب والده أحمد فضل مشجري.. كان مايزال طفلاً في نعومة أظفاره، وها هو اليوم شاب ناضج لكنه ومنذ ذلك اليوم يفتقد إلى حنان الأب وحضنه الدافئ، ويملأ قلبه حنيناً عارماً إلى دفء تلك اللحظة التي لم يعد له منها سوى صورة تذكارية يقف فيها إلى جانب والده منذ الصيف المشؤوم المثخن بجراح حربٍ ظالمة مازالت تكوي بنارها آلاف الأكباد والقلوب..
لا يرى أيمن صور والده الطيار باعتبارها صوراً تذكارية فحسب، لكنها تمثل له تاريخاً طويلاً من الحنين، حياة مفعمة بالمواجع والوحشة وأحزان الفراق.. ينتظر أيمن وإخوانه ووالدتهم عودة الأب الغائب عند كل مساء.. يكابدون الشهور والسنوات صبراً وترقباً لعودة يأملون أن تكون قريبة.
يروي أيمن قصة اختفاء والده قبل 19 عاماً من خلال ما استجمعه من تفاصيل حصل عليها من أفراد أسرته نقلاً عن شهود عيان وشخصيات عسكرية مطلعة على الحادث الذي تعرض له والده الذي كان يعمل طياراً في سلاح الطيران التابع للواء التاسع طيران في قاعدة العند - محافظة لحج إبان حرب صيف 94م.
بنبرة مفعمة بالحزن والأسى وممزوجة بالألم والأمل (كان والدي يقود طائرة “ميج- 21” انطلق بها من العند إلى تعز، لكنه لم يتمكن من العودة إلى قاعدته سالماً، حيث تعرضت طائرته للإسقاط في منطقة تتوسط (ورزان الراهدة) بتاريخ 13 مايو 1994م، أثناء تنفيذه لمهمة حربية.. أثناء سقوط الطائرة تمكن والدي من القفز بالمظلة لكنه تعرض للإصابة في أحد ساقيه، فلم يتمكن من السير، ليجد نفسه محاطاً من قبل أفراد فرقة للجيش “ قوات الشرعية” وتم اعتقاله ..
ثم نقل الطيار الجريح إلى مستشفى الثورة في محافظة تعز، وهناك جرى التحقيق معه من قبل الاستخبارات. ويضيف أيمن: ولا نعلم ما الذي حدث لوالدي بعد خروجه من مستشفى الثورة، وما طبيعة الظروف التي مر بها حينها، لكنه يذكر أن ما حصل عليه من معلومات تؤكد تعرضه للاعتقال والتعذيب أثناء التحقيق معه وأنه بعد ذلك التحقيق تم نقله إلى صنعاء ليقبع هناك في السجون السرية للمخابرات، وما يزال مصيره حتى اليوم مجهولاً.. ولا يعلم أحد شيئاً عن ظروف سجنه أو طبيعة وسائل التعذيب النفسي والجسدي التي يكون قد تعرض لها..
- يقول أيمن: “راتب الوالد وهو الآن عقيد مستحق عميد طيار لا يتجاوز 40 ألف ريال فقط, نحن ثلاثة أولاد أنا أكبرهم ذهب والدي وأنا لم أتجاوز الرابعة و منذ حرب 94م ونحن مشردين بلا سكن متنقلين على بيوت الإيجار إلى يومنا هذا ولم تلتفت لنا الجهات المختصة ولو بقطعة أرض , وللعلم الراتب 40000 والإيجار 25000 خلاف الماء والكهرباء والمستلزمات المعيشية الأخرى من مأكل ومشرب وملبس وتعليم و تتطبيب و..و..”.
أيمن وإخوته يطالبون الجهات المعنية في الدولة بسرعة الكشف عن مصير والدهم الطيار، ويناشدون المنظمات المحلية والدولية وجميع الحقوقيين والناشطين وكل من له ضمير حي ومشاعر إنسانية الضغط لكشف مصير الوالد الغائب، بما يكفل عودته إلى أسرته بعد اختفاء دام لما يقارب عقدين من الزمن، في غياهب الزنازين والسجون السرية، حيث ينتظره أبناؤه وأهله بفارغ الصبر ومايزال الأمل بعودته يخالج صدورهم ويغمر قلوبهم شوقاً وحنيناً للحظة لقاء طال انتظارها وأن تصبح حقيقة لتضع حداً لمعاناة الأسرة وأحزانها في ظل الغياب والحرمان.
هنا انتهى حديثي مع أيمن المشجري ولكن معاناته وإخوته ووالدته والعديد من المخفيين قسراً والمجهولين المصير ستظل مستمرة.
عائش لم تحتضنه الأكفان..
كان حلماً قد راوده ذات مساء.. ليصحو وجل تفكيره في أبنائه الثمانية.. عائش هو اسم رجل في نهاية العقد الرابع من العمر حلم باحتضان أطفاله الثمانية للمرة الأخيرة ولكن أتون الحرب منعته من تحقيق حلمه الأخير.. يروي لي شاهد عيان أن عائش صحا ذات صباح ليتوجه إلى قائد المنطقة في دوفس يطلب منه إذن مغادرة ليزور أبناءه في مديرية دارسعد بمحافظة عدن.. إلخ عائش أثنى كثيراً على القائد ولكن دون جدوى فحسب الراوي أنه تم رفض إعطائه أمر الخروج؛ لأن الوقت كان حرجاً وإن سمح لعائش بالخروج سيطلب الكثيرون غيره آذون خروج.. في الليلة التي تلت كان عائش مع موعد لم يكن حلماً هذه المرة بل كابوس وهو الأخير في حياته باغتتهم قذيفة لم تختر سوى مهجع عائش!! هو الوحيد الذي قتل في هذه الليلة تناثرت أشلاؤه في كل مكان وخضبت دماء المليئة بالحنين والشوق لأطفاله رمال الأرض!!!
الموت القادم من السماء..
في منطقة البريقة ومنطقة صلاح الدين وغيرها من المناطق المجاورة لها في محافظة عدن, كانت السماء تمطر قنابل على هيئة ألعاب أطفال ومفكات براغي وولاعات وأشياء أخرى مشابهة!!! وعلى الرغم من اكتشافها والتحذير منها بعدم الاقتراب منها أو استعمالها ولكن ليس الكل من سمع بالتحذير وحتى من سمع لم يتوقع أن يكون هذا التحذير حقيقة خاصة وأن الحرب كانت قد انتهت..أو على ما يبدو.. كيف لك أن تقنع طفلاً إذا شاهد لعبة مرمية على الأرض أن لا يلتقطها!؟ الكثير من أبناء هذه المناطق تعرضوا لإصابات بالغة الخطورة نتيجة انفجار هذه القنابل حال استعمالها.. البعض منهم فقد حياته والكثيرون منهم أصيبوا بعاهات مستديمة ومنهم «حيدرة» ذو الثلاثين عاماً كان حيدرة لايزال عريسًا جديداً أثناء تجوله صادف مفكاً براغيا مرمياً على الأرض أخذه حيدرة وهو يحدث نفسه أنه جاء في وقته، فقد عطل مكيف الهواء لديه ومحتاج إلى تفكيكه لمحاولة إصلاحه..
لكن حيدرة لم يكن يعرف أن مفك براغي الموت سيحرمه إحدى عينيه ويديه في لحظة واحدة فما كان من حيدرة حين أخد المفك والضغط عليه لمحاولة فك براغي مكيف الهواء إلا وانفجار قوي يأخذ معه عينه ويده... ولولا عناية الله لكان الضرر أكبر من ذلك ولكن من حسن حظه أنه وجد سريرا في المستشفى الذي نقل إليه وتلاحقه الأطباء لينقذوا حياته قبل أن تبادر هدية الموت باختطافه!! ..كثيرة هي الحالات التي سمعنا عنها ومما لاشك فيه أننا لم نسمع الكثير من البقية..
المصير المجهول
لم تعرف أم الشاب رشدي ناصر من أبناء مديرية المنصورة بمحافظة عدن عندما خرج ابنها للجلوس إلى ركن الحي الذي يسكنوه ليتسامر مع بقية الشباب من أبناء الجيران أن هذه المرة هي الأخيرة التي سترى فيها ابنها...
رشدي شاب في العشرينيات من عمره خرج ذات مساء كئيب لم يظهر فيه قمر.. خرج وحتى بعد مرور 19 عاماً لم يعد !! يقول جيران رشدي: لم يكن رشدي عسكرياً ولم يكن موظفاً تبع أي جهة كان ولايزال يحلم بالوظيفة التي ستهيئ له أن يكمل نصف دينه ويكون أسرة..
ذات يوم خرج ولم يعد بعدها إلى البيت بحثت الأسرة كثيراً أثناء الحرب وما بعدها، بحثت في المستشفيات وفي ثلاجات الموتى وفي السجون وكل مكان ولا أثر لرشدي ..البعض قال انه تم تعبئته في حملات التعبئة التي تساق إلى الجبهة وقتل هناك والبعض قال انه اعتقل وهو الآن في صنعاء والبعض قال انه في سجن في جزيرة سقطرى ولكنها جميعا تكهنات ولم يثبت منها شيء ..أم رشدي أصيبت بحالة نفسية كبيرة وتدهورت صحتها كثيرا بعد هذه الحادثة ..تقول لو أنني أراه للمرة الأخيرة حياً أو ميتاً لكنت قنعت منه واطمأننت عليه ولكن ما يتعبني أنني لا اعرف أهو حي أم ميت!؟
لم يكن رشدي الوحيد الذي اختفى من على سطح المعمورة بل غيره كثيرون سمعنا عنهم حكايات تدمي القلوب.. كثيرون منهم في طور الشباب لايزال أهلوهم ينتظرون يوماً يدقون عليهم الأبواب فهل يا ترى سيأتي هذا اليوم!؟
شهود على المأساة
- ماجد عبد الله عدن، دارسعد: لم أزل طفلاً في الثامنة من عمري حين اندلعت الحرب وكل ما أتذكر صرخات أمي وخوف أبي علينا وأصوات القذائف التي كانت تقصف المنازل قتلت امرأتان وأصيبت طفلة رضيعة في صاروخ رأيته ينفجر في ساحة صغيرة تتوسط أربعة منازل في ذاك اليوم كان القصف شديد لم اعرف حتى الآن لماذا كانت منطقتي الخالية من العسكر مستهدفة؟... خرج الجميع من بيوتهم القديمة والبعض منهم هرب إلى مناطق أكثر أماناً في كريتر والمعلا سكنوا المساجد والمدارس !! انفجرت قنبلة في اليوم الثاني بالقرب من مدرسة فيها بعض الأسر أصيبت بعض النساء بإصابات طفيفة... كان الخوف يملأ الجميع تقاسم الناس الخوف مع رغيف الخبز حيث كانت النساء والأطفال تخاف من القذائف والطائرات، أما الرجال كان أكثر ما يخيفهم هو انقطاع المواد الغذائية والماء اعتمد الرجال على الآبار واجتهدوا في حفرها.. عشنا الخوف والجوع والظمأ في آن واحد..
- عرفات ياسين - عدن - البريقة
هذه الحرب الملعونة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة.. وبالذات قصف مصفاة عدن هذه المصفاة التي ضربت بالطيران الحربي والتي راح ضحيتها عشرات الشباب من عمال مصافي عدن من أبناء عدن والمناطق الجنوبية ومعظم الشهداء غير معروفة هويتهم؛ وذلك لصعوبة التعرف عليهم..
هذه الجريمة تم لملمتها وتغطيتها للأسف من قبل الكثيرين من أبناء جلدتنا فباعوا الأرض والعرض ومازال المئات من عمال المصافي وغير عمال المصافي من ساكني المنطقة يعانون من تشوهات جلدية ومنهم من أصيب بسرطان الدم والجلد ومات بعد فترة لا بأس بها من الإصابة وهذه الجريمة يجب أن يحقق فيها؛ لأنها جريمة حرب.. لمصفاة لم يكن موقعها بجانب الجبهات القتالية وإنما كانت ومازالت كابوسا يؤرق حياة من لا يحب الخير لليمن !!
- محمد عبدالرزاق لحج، المقاطرة:
وانا أشاهد القذائف التي كانت تتوالى على مدينة عدن من قلعة المقاطرة المحاذية لمحافظة لحج يصيبني الفزع وكنت أقول هل شعارنا الذي كنا نردده للوحدة هو تلك القذائف الموجهة إلى صدور أبناء الشعب.. وقد شاهدنا الطائرات الحربية وهي تضرب خزانات النفط القريبة من مصفاة عدن التاريخية التي تم إنشاؤها قبل أي مصفاة لنفط في الجزيرة العربية وكنت أقول أهذه هي الوحدة الذي كنا نتغنى بها!؟ هل جزاء أهلنا في الجنوب بعد أن مدوا لنا أيديهم بالسلام والحب أن نرد عليهم بالنار والقتل؟!
حزب خليك بالبيت!!
كثيرة هي المرافق المتعثرة التي تضررت كثيراً من حرب صيف 1994م، التي ألقت بظلالها الداكنة على وضعية تلك المصانع والمرافق الحيوية الأخرى خارج إطار وزارة الصناعة والتجارة، وكان من نتائج تلك الحرب الظالمة تصفية تلك المرافق وإلغاء منتسبيها، إما بالتقاعد المستحق أو الإجباري مع الإبقاء على الكوادر الجامعية من أصحاب الخدمات غير الطويلة، الذين قطعت لهم عهود ووعود باستيعابهم ولم يروا منها شيء!!
عدد من العاملين المنتسبين للمرافق المتعثرة، الذين أحيلوا إلى ما سمي ب «صندوق الخدمة المدنية» وهم كوادر جامعيون، فنيون وإداريون ومنهم من تراكمت لديهم خبرات كبيرة في مشوار حياتهم المثمر في مرافق اقتصادية منها المؤسسة العامة للبناء والإسكان والمؤسسة العامة للتجارة (شركتا التجارة الداخلية والخارجية) والمؤسسة العامة للسياحة والمؤسسة العامة لتسويق الخضار والفواكه ومصنع الثورة للمنتجات الحديدية ومصنع الألبان والمخبز الشعبي ومصنع الدباغة ومصنع المشروبات الغازية وتعاونية المرأة للخياطة ومصنع العطور وتعاونية الصناعات الجلدية ومصنع الأحذية الجلدية والمؤسسة العامة للنقل البري.
ولقد تعارف عامة الناس على تسمية أولئك ب«حزب خليك في البيت» الذين عطل النظام السابق طاقاتهم ولم يستفد من معارفهم وخبراتهم، ويمنحون رواتب تتراوح بين «22ألفاً إلى 18 ألف ريال» تحت مسميات شتى بعيدة عن استراتيجية الأجور والهيكل الوظيفي الجديد هل يعقل أن يكون هذا راتب موظف تراكمت لديه خبرة عقود من السنين والذي تبوأ مناصب قيادية ومدراء عموم في هذه المرافق ؟ حرب 94 التي استهدفت الإنسان ووضعت تلك المرافق في فوهة مدفع الفيد..
الأزمة التي يعانيها هؤلاء المسرحون والمنتسبون لتلك المرافق يعيشون ويعانون أزمة مركبة أوقعتهم في دوامة يصعب الخروج منها؛ لأن تلك الأزمة مست بقوة مفهوم المواطنة لديهم ومست مشاعر حرصهم وحبهم لمرافقهم التي تعرضت للنهب ومزقت غريزتهم الاجتماعية كأرباب أسر تأثرت التزاماتهم تجاه من يعولون وجعلتهم ينعون القيم الإنسانية..
المسرحون قسراً من العسكريين..
ويشكو عشرات آلاف من العسكريين من أبناء المحافظات الجنوبية من ضباط وجنود عمل النظام السابق على تسريحهم من وحداتهم في الجيش وإحالتهم إلى التقاعد المبكر.
وفي تصريح سابق للعميد ناصر الطويل, الأمين العام لجمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين في عدن, طالب بإصدار قرارات عاجلة تعيد المسرحين إلى وظائفهم.
والجدير بالذكر أنه مؤخراً زارت لجنة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع محافظة عدن مكلفة بالإجراءات العملية لإعادة المئات من الضباط والقيادات العسكرية المتضررين والمسرحين إلى الخدمة العسكرية ودفع مستحقاتهم القانونية.
وأوضح العميد المتقاعد أن لديهم في الجمعية إحصائية لنحو 85 ألف عسكري مفصول من عمله من بعد حرب 94 لم يستلموا راتباً وبعضهم يتقاضى مبلغاً لا يتناسب ورتبته العسكرية.
التدمير العمد لمنشآت المياه في عدن
ترجح الأدلة أن منشآت مياه عدن كانت هدفاً مباشراً لقوات ما سميت آنذاك بالشرعية، التي تعمدت تحطيم نظام المياه وسببت قطع الماء عن عدن في انتهاك لقواعد الحرب.
تعتمد عدن على المياه التي تضخ إليها من حقول عدة خارج المدينة: أبين، بئر أحمد، لحج، بئر ناصر وفي كل حقل تُضخ المياه من الآبار إلى خزانات حفظ، ومن هناك ترسل إلى أحد محطات الضخ في بئر ناصر حيث يُخزن ثم يُضخ إلى عدن وضواحيها، وبئر ناصر جنوب الحوطة محافظة لحج تضخ 90 % من مياه عدن.
وعندما عاد عمال المحطة بعد الحرب وجدوا المولدات الثلاثة محطمة، وكان واضحاً أنها قد أشعلت فيها النار عمداً؛ ولم تكن قد دُمرت بفعل قصف مدفعي أو قنابل أو قاذفات صواريخ (RBG) وكان هذا هو السبب الرئيس والمباشر لكل انقطاعات ضخ المياه من هذه المحطة.
ونتيجة للدمار الذي أصاب نظام تموين المياه بعد سيطرة القوات الشرعية، كما كانت تسمى نفسها.
وطبقاً للمقابلات وتفتيش الموقع “حسب تقرير منظمة هيومن ريتس” فإن التدمير كان عمداً ولم يكن صدفة ولا نتيجة المعارك بين طرفين كما وجد المراقبون بأنه ليس من المحتمل أن يقوم الجنود بتخريب معدات تعتبر حيوية جداً ، قبيل تراجعهم إلى داخل المدينة نفسها ولا يبدو بأن هناك أي دافع لقطاع الطرق ليخربوا المولدات.
نهب وتدمير الممتلكات المدنية
عندما انتهت الحرب كثير من المسئولين ذهبوا أو عادوا إلى عدن؛ الذين وصلوا سريعاً شاهدوا عساكر ومدنيين ينهبون. ويقول المراقبون أن ما بين 25 - 30 % من النهب كان منظما جداً وعلى مستوى عال. النهابون وصلوا في شاحنات وحملوا المعدات والآلات من الميناء وغيرها، واستخدموا الرافعات لتحميل القطع الثقيلة. وكان عدد من المركبات استخدم لهذا الغرض ((القصد النهب)) برغم وجود نقص في المركبات المخصصة لجلب المياه.
تدمير الممتلكات بدا وكأنه يستهدف بصورة رئيسيه سجلات، وممتلكات ، وهذا التدمير سُمح به وغالباً نفذ بواسطة القوات التابعة لما يسمى بالشرعية.
في سابقه لتدمير ونهب الأهداف السياسية المعارضة بواسطة القوات الحكومية.. قامت القوات الحكومية بالدبابات والمدفعية بضرب المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي اليمني في صنعاء صباح يوم 5 مايو.
وقد اعتقلوا خمسة أو ستة حراس وشخصين كانا يعملان في صحيفة قريبة .العمارة تم نسفها بمفجرات شديدة ودخلها الرجال والأولاد وأخذوا المقاعد، والطاولات ،والأدوات المكتبية، وأوراق الدعاية الانتخابية. وأخيراً أحاطت قوات الأمن بالمبنى، تراقبه وهو يحترق.!
في نفس اليوم كان هنالك غارات على بيوت خاصة لسياسيين، وقد شملت بيت مجاهد القهالي عضو مجلس النواب والذي يمثل حزب التصحيح، ولم يتم اعتقاله والسبب أنه كان في عدن، لكن أقاربه الذكور اعتقلوا وبيته نهب حتى مفاتيح الكهرباء ومواد السباكة! وقد قيل إنها حملات مشابهة في أماكن أخرى بحسب مقابلات مع شهود عيان في صنعاء6 مايو..
عدم وجود عائق للسرقة، جعل بعض النازحين وسكان عدن يعبثون بالمخازن في الميناء وغيرها، لقد أخذت الطاولات والكراسي من المدارس والتي كانت تستخدم كبيوت للنازحين.
حوالي 7000 طن من المواد الغذائية تم نهبها بواسطة الجنود والمدنيين من مخزن الأمم المتحدة في دار سعد قبل انتهاء الحرب، وفي 10 من يوليو شاهد أحد موظفي الإغاثة بدون أن يستطيع عمل شيء النساء الأطفال وهم يأخذون 1000 طن وهو ما تبقى من زيت الطبخ.
من 7 يوليو إلى 11 تدفق إلى عدن، ألوف، من المتطوعين والنهابين من خارج المدينة والعاشقين للذكريات .وقد جاء بعضهم إلى عدن “كقافلات أغذية” كل شاحنة كانت تحمل عدداً قليلاً من الأغنام وعشرة مسلحين على الأكثر والذين استخدموا هذه الأغنام كرشوة في نقاط التفتيش حتى يسمح لهم بالدخول. في 21 من يوليو، كان يوجد 11 سجيناً في سجن المنصورة بمدينة عدن كلهم كانوا متهمين بالنهب.
واحد منهم قال إنه وخمسة آخرين من محافظة إب جاءوا إلى عدن بعد انتهاء الحرب وبرغم أنهم كانوا مسلحين لم يجدوا مشكلة عند المرور في نقاط التفتيش., خلال هذه المرحلة لم تصدر أي أوامر لوقف النهب ولم تتخذ أي إجراءات من قبل الحكومة آنذاك لاستعادة النظام والتي كانت تسيطر على المدينة.
في الختام
بعد مضي أكثر من 19 عاماً على الحرب الظالمة التقيت معلمتي الغالية «سمية» حدثتني كثيراً وفي نهاية حديثها أدلت لي باعتراف واعتذار تقول “في صبيحة 7794 كنت في البيت استمع للمذياع وما هي إلا لحظات حتى نادت عليّ أمي أن اتبعها إلى سقف البيت ولاحظت أن هناك نيراناً تشتعل في أسطح معظم البيوت. والزغاريد تنفجر من كل بيت. ووجدت أمي تزغرد كما جميع النساء وهي توقد ناراً في سطح منزلنا. وبدأت بعدها موجة إطلاق نار وألعاب نارية غير مسبوقة في تاريخ المدينة (مدينتي ذمار). سألت أمي لماذا هذه الزغاريد وهذه النيران؟ فاجأبتني: انتصرنا على الانفصاليين كانت أمي بغاية الفرح وأنا كذلك... وللأسف بعدها بفترة قصيرة عندما عرفنا حقيقة الأمر شعرنا أنا وأمي بالخجل والذنب كثيراً لما فعلناه ..لم نكن نعرف أن هناك أناساً قتلت وبيوتاً هدمت، كنا نستمع كل يوم لإذاعة صنعاء وهي تصف بطولاتها بأنها قضت على الانفصالين وصدقنا أعلامها المزيف أنها لم تمس بشراً ولم تقطع شجرة، وأنها من تحمل راية السلام والخير لأهلنا في الجنوب، ولأننا نحبكم تمنينا أن تنتصر حتى لا تضيعوا منا في رحى الانفصاليين !! . ما حدث في ذمار حدث في كثير من المحافظات الشمالية التي ضللت الإنسان هناك وأقنعته بمشروعية الحرب.. معلمتي سمية اعتذرت عن فرحة وزغرودة أطلقتها عن طريق الخطأ... وأنا قبلت اعتذارها..ولكن ألا يستحق شعبي المثخن بالجراح والمثقل بالحزن أن يسمع اعتذاراً يداوي بها ولو جزءاً يسيراً من جراحه ويرد ما تيسر من كرامته التي أهدرت ودمائه التي سفكت وعرضه الذي حلل؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.