من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البركة وانعدامها في حياتنا
نشر في الجمهورية يوم 26 - 05 - 2013

إننا نعيش في زمنٍ بلغت فيه الحضارة المادية أوجها، بل بلغت مبلغًا لم تبلغه من قبل ولم يخطر على بال البشر ممن قد غمر، سعةً في الكسب ورغدًا في العيش ورفاهيةً في الوسائل وتقدم ثائر في الضروريات والحاجيات والتحسينات وتنوع في الأسباب الموصولة إليها منقطع النظير.. حياة عاجية معاصرة تدهش العقول وتبهر العيون, ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها ترى جديدًا في عالم التطور المعيشي والمادي، بيد أن هذه الحضارة وهذا البركان الهائج في المسارات المادية لم يجعل المرء الذي يعيشها أسعد من المرء في أزمانٍ سابقة, ولم تجعله أهنأ من غيره, ولا أكثر أمنًا ولا أشرح صدرًا مما مضى.
وما ذلكم إلا لغياب أمرٍ يُعدُّ غاية في الأهمية.. ليس للحياة معنى بدونه لا في كسبٍ ولا في علمٍ ولا في طعامٍ ولا في شراب، بل ولا في الحياة برمّتها!!
إنها البركة التي كثيراً ما تتردد علي ألسنتنا، ونطلبها في كل وقت، فهل البركة تكتسب اكتساباً من الحياة، أم أنها عطاء إلهي مخصص لبعض الناس دون الآخرين؟! وهل جعلها الله عامة يمكن لأي أحد أن يحصل عليها، أي أنه خصّ بها عباداً من خلقه وأفردهم بها فلا تنبغي لأحد سواهم؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا الاستطلاع..
بركة راتبي كانت من الكفالة
الأخ إسماعيل موظف يقول: بعد حصولي على الوظيفة ومرورعدة أشهر فيها، عانيت من عدم البركة في راتبي الشهري، فكنت لا أعلم أين يذهب، وبعد زيارتي لإحدى أسر الأيتام قرّرت كفالة أحد أيتام هذه الأسرة، حباً مني لها وطلباً للأجر من الله، وبعد ذلك لاحظت بركة عجيبة في الراتب رغم كثرة نفقاتي، و الله إني في أتم الراحة والسعادة النفسية . وصدق الحبيب حين قال : “ من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” .
أما الأخ عبد القوي سليمان جامعة إب فيقول: البركة عنصرٌ أساسٌ في تمام وجود الإنسان لا قوام لحياته بدونها ؛ إذ ما قيمة كسبٍ لا بركة فيه؟ وما قيمة وقتٍ مُحِقَتْ بركته؟ وما فائدة علمٍ وجوده وعدمه حد سواء؟ وما نتيجة طعامٍ وشرابٍ لا يُسمن ولا يغني من جوع.
والبركة ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه ولا كثرة الولد ولا في العلم المادي, إنها قيمةٌ معنويةٌ لا تُرى بالعين المجردة ولا تُقاس بالكم ولا تحويها الخزائن، بل هي شعورٌ إيجابيٌّ يشعر به الإنسان بين جوانحه يثمر عنه صفاء نفسٍ وطمأنينة قلبٍ وانشراح صدرٍ وقناعةٍ ظاهرةٍ ورضا آمن.
غالبية الناس يعانون قلة البركة في معاشهم العام والخاص, فهذا كثيرٌ راتبه ولا بركة فيه, وهذا كثيرٌ ولده ولا بركة فيهم، وهذا واسع علمٍه ولا بركة فيه ولا نفع, بل إن ذلك قد تجاوز حدود الأفراد ليصل إلى المجتمع بمجموعه ؛ ففي الحضارة المعاصرة نرى العالم الأول والثاني يقرضان شعوب العالم الثالث أموالاً ثلثها ثمنًا لسلعٍ هي من صنعهم والثلث الآخر أجور العاملين والمشرفين من العالم المقرض على هذه السلع, وبقية القرض للنفقات المرتقبة مع ثبوت ضريبة القرض بالنسبة المئوية للمبلغ كله، ثم تمضي السنون والمدين البائس يؤدي أكثر مما اقترض والقرض باقٍ لم ينقص، أما الدائن المقرِض فقد باع سلعه وأعمل أفراده وبقي متمسكًا برقبة المدين يلوّح له بالخنق بين الحين والآخر.. فأي بركةٍ تراها تلك المجتمعات في واقعها وحالها كالذي يشرب الماء المالح.. كلما شرب منه كلما ازداد عطشاً؟
إننا نعيش أزمة إنسانية
جميعنا يُلاحظ أن البركة في المال والوقت والعلم تقبض وترفع رويداً رويداً من بين ظهرانينا, ولا يكاد يخلو الحديث عن هذا الأمر بين أي اثنين يجتمعان أو أكثر وهذا من الظواهر اللافتة حقاً, أحياناً أتساءل عن السر وراء ذلك، ولكنني أعود فأربط كل شيء بالعامل الروحاني، ولا مانع أن استشهد بقول لأحد علماء الاجتماع الأمريكيين، “لا سويل” الذي قال (نحن نعاني من أزمة روحانية حقيقية، ومجتمعاتنا تعيش أزمة قيم بكل معنى الكلمة، فالقيمة لم تعد محدودة بضوابط أخلاقية, فقيمة الاستهلاك، وقيمة المنفعة, وغيرها، باتت مفتوحة على مصراعيها ولا توقفها حدود أخلاقية محددة, هناك تناسب عكسي في حياتنا الاجتماعية فكلما ازداد التطور التقني (التكنولوجي) وزادت مساحة الاعتماد عليه في حياتنا، انخفض العامل الروحاني عندنا ، وبعُدنا عن القيم الدينية).. لقد ركز هذا العالم على ضرورة الحد من الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والعودة قليلاً إلى الوراء ، وإلى قيم الدين ، ودعا إلى الالتفات قليلاً إلى العلاقات الإنسانية, كلام لا سويل نبع من معاناة حقيقية من طغيان مفردات المادة ، واكتساحها لكل قواميس الحياة الأخرى..حقاً إننا نعيش أزمة إنسان.
المرأة الغنية بالله
تحدّثنا أمة السلام حمد والتي تعمل في احدى الجمعيات الخيرية عن قصة عاشتها مع أسرة كان للبركة دور في حياتها, فتقول:
في رمضان الماضي مررنا على بعض الأسرالفقيرة نوزّع عليها بعض الأشياء فإذا بطفل صغير في السابعة أو الثامنة من عمره أعطيه شيئاً فقال:لا عندنا, أصررت عليه بأن يأخذ ما بيدي فلم يرد, فذهبنا لبيته فإذا بأم صالحة تربي ثمان بنات وهذا الولد وليس لها عائل إلا الله ولكن ربّت هؤلاء الأبناء على غنى النفس فعرضنا عليها ما لدينا فلم ترد ولكن تأكل من عمل يدها فأين نحن من تلك المرأة؟ فبعض الناس غني بوظيفته والبعض غنيّ بماله وغيرهم غنيّ بمعارفه ولكن أين تجد من هو غنيّ بالله؟
يقول حكيم بن حزام سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حكيم بن حزام إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع.
الأخت ابتسام مدرسة من جانبها تقول:
فعلاً نعاني من قلة البركة في حياتنا والجميع يشكون من هذا الأمر, بالنسبة لنا نحن المدرّسات مرتباتنا لا تكفي لنهاية الشهر, واعتقد أن الأسباب قد تكون بسبب بعض التصرفات التي تلجأ لها بعض المدرّسات مثل أخذ إجازة مرضية بدون وجه حق, عدم الإخلاص في أداء واجبها في التدريس, هذه الأمور الكثير منا يتساهل فيها ولا يفكر أن هذ الأمور سبب كثير من المشاكل التي نعاني منها في حياتنا.
الصدقة تغيّر حياتك
• برهان على صحة الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم (والصدقة برهان).
• سبب في شفاء الأمراض: قال صلى الله عليه وسلم “داووا مرضاكم بالصدقة”
• تُظلُّ صاحبها يوم القيامة: قال صلى الله عليه وسلم “كل امرئٍ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس”
• تطفئ غضب الرب: قال صلى الله عليه وسلم “صدقة السر تطفئ غضب الرب”.
• محبة الله عز وجل: وقال عليه الصلاة والسلام “أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخي في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد شهراً ....” الحديث.
• الرزق ونزول البركات: قال الله تعالى “يمحق الله الربا ويربي الصدقات”
• البر والتقوى: قال الله تعالى (لن تنالوا البر حتى تُنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم)
• تُفتح لك أبواب الرحمة: قال صلى الله عليه وسلم “ الراحمون يرحمهم الله، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.
• يأتيك الثواب وأنت في قبرك: قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له”
ذكر منها صدقة جارية
• توفيتها نقص الزكاة الواجبة: حديث تميم الداري رضي الله عنه مرفوعاً قال: “أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة؛ فإن كان أكملها كتبت له كاملة، وإن كان لم يكملها قال الله تبارك وتعالى لملائكته : هل تجدون لعبدي تطوعاً تكملوا به ما ضيّع من فريضته؟ ثم الزكاة مثل ذلك، ثم سائر الأعمال على حسب ذلك.
• إطفاء خطاياك وتكفير ذنوبك: قال صلى الله عليه وسلم “الصوم جُنة، والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار”.
• تقي مصارع السوء: قال صلى الله عليه وسلم(صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
• إنها تطهّر النفس وتزكيها: قال الله تعالى “خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها”.
من جانبه أحمد موظف يقول: كنت أعاني من ظروف مادية شديدة وكنت أعتقد إني سأعيش على هذا الحال إلى أن أموت وأن حالي لن يتغير, وأكثر ما أخافه أن أموت وعليّ هذه الديون التي كل فترة تزداد والمفروض أنها تنقص, فهذه متطلبات الحياة والزواج على الرغم أن زوجتي تقدّر ظروفي إلا أن تلك الديون تنغص عيشنا, وفي يوم من الأيام شكوت لصديق لي ما أنا فيه ونصحني بتخصيص مبلغ من راتبي للصدقة، قلت له: “أنا لاقي آكل عشان أتصدق! ولما رجعت البيت أخبرت زوجتي بما نصحني به صديقي، قالت جرّب يمكن يفتحها الله علينا. قلت: إذن سأخصص 300 ريال من الراتب للصدقة, والله بعد التخصيص لاحظت تغيراً في حياتي صرت متفائلاً رغم الديون وبعد شهرين نظّمت حياتي، راتبي جزّأته ووجدت فيه بركة ما وجدتها قبل وماهي إلا فترة قصيرة حتى تخلّصت من الديون التي عليّ بفضل الله.
خطة لتوفير المرتّب الشهري
قبل أن تتحدث أماني سلام المتخصصة في التدبير المنزلي عن كيفية توفير المرتب الشهري تحدثت عن الأسباب المؤدية إلى عدم البركة في هذا المرتب فقالت: عدم وجود بركة في المال يدفعنا إلى التساؤل: هل فكّرنا إذا كنا نفعل ما يجب علينا فعله في حياتنا اليومية أم لا؟!بمعنى آخر هل فعلاً نحافظ على ما في أيدينا من نِعم قبل أن يحاسبنا الله عليها؟!لو فرضنا أننا نتكلم عن المياه فهل نحافظ عليها؟ هل نستخدمها في مسارها الصحيح؟!هل نعمل حساباً لغد فمن المؤكد إننا سنستيقظ يوماً من نومنا لا نرى نقطة مياه هل تخيّلت حياتك بدونها؟ و ليست المياه فقط و أيضاً الكهرباء لم تسأل نفسك يوماً: كم مصباحاً مضاءً في بيتك دون أن تكون في حاجة إليه؟! كم جهازاً يعمل في نفس الوقت و نرجع نشتكي مُرّ الشكوى من الفواتير .
هل تتذكّر لحظة حصولك على المرتب الشهري؟!إنها لحظة صعبة لأن كثيراً منا لا يريدون تذكرها، فمع الحصول على المرتب تبدأ استعدادات صارمة لإعداد ميزانية الشهر التي تشمل حصراً شاملاً بالنفقات والإيرادات, ويقاس النجاح بمدى قدرة ربّ وربة الأسرة على عدم ظهور عجز قد يضطرهما إلى الاقتراض، سواء من الأهل أو الجيران.. أما عن الخطة التي قد تساعد في بركة المرتب الشهري فتقول إن أولها:
الصدقة, فكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده )وذلك بطريقة الاستقطاع الشهري فتستقطع من راتبك لحساب أحد أقاربك المحتاجين ،و إن لم تجد فتستقطع ذلك لإحدى الجمعيات الخيرية وستجد أثر ذلك بإذن الله ببركة في مالك حيث أن الصدقة تجنبك كثيراً من أقدار الله المؤلمة التي تأكل كثيراً من راتبك كمرضك ومرض أهلك،قال صلى الله عليه وسلم (داووا مرضاكم بالصدقة).
الأمر الثاني التخلّص من الديون, لقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من غلبة الدين وقهر الرجال، فاحرص أن تفر من الدين فرارك من الأسد..اجلس مع نفسك و احسب ديونك و اكتبها في سجل خاص، وكلما توفرعندك مبلغ سدد غريمك ولا تؤخره ولو كان الدين هيناً لغفره الله للشهيد، في الحديث يغفر للشهيد كل ذنوبه إلا الدَين.
الأمر الثالث: اصرف نصف راتبك وادخر النصف الآخر..
الأمر الرابع هو: إذا اشتهيت شراء شيء فأجّله أسبوعاً أو شهراً وذلك لأن النفس البشرية كالطفل إن رغب بشيء يريد الحصول عليه آنياً، ولكن إن أخّرت الشراء لشهر ستجد أن الرغبة قد خفت أو زالت وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لجابر لما رأى معه لحماً: ما هذا يا جابر؟ فقال جابر: اشتهيت لحماً فاشتريته فقال عمر: أوَكلما اشتهيت اشتريت ؟؟!! ..
الأمر الخامس والذي يساعد على توفير المرتب هو: أن تجعل لزوجتك مصروفاً ثابتاً ،فإن سحبها على المفتوح يؤدي لتآكل أموالك وأنت لا تدري, أعطها مبلغاً ثابتاً يكفيها شهرياً وأعلمها أن هذا راتبها تلبس منه و تتزيّن منه, علمها الاقتصاد والتوفير بهذه الطريقة, إن طلبت منك زيادة في شهر فأخبرها أن لا مانع أن أقدم لك مصروف الشهر القادم, أو جزءاً منه, ومع الوقت سترتاح أنت من المطالبات المتكررة، و ترتاح هي من مطالبتك في كل مناسبة. ولا تنسَ أن تزيد مصروف رمضان ، ولا تنسَ أيضاً أن تزيد لها مصروفها مع كل زيادة في راتبك بنفس نسبة الزيادة براتبك.
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).
الأمر الآخرهو أن لا تتنزّه في السوق ولا تدخل السوبر ماركت إلا بقائمة للمشتريات ولا تدخله وأنت جائع!
النزهة لها أماكن كثيرة يمكن أن تستمتع فيها أنت وعائلتك ، لكن السوق ليس أحدها خاصة إذا كنت ممن يتساءل عن سبب نفاد مرتبه في منتصف الشهر, واجعل زوجتك تكتب لك قائمة بمشتريات البيت ولا تحد عنها ،وقاوم رغبتك بشراء أي شيء لم تكتبه لك.. الأمر الآخر والمهم هو أن لا تشتري شيئاً إلا نقداً، ابتعد عن جحيم التقسيط فلقد أهلك أمماً ونحن على طريقهم, ولا تغرّك الدعايات الجذابة المغرية, فإن قررت شراء شيء فعوّد نفسك أن توفر له حتى تكتمل قيمته, ولا تكن صيداً سهلاً لشركات التقسيط .
الأمر الأخير: جدْ لك دخلاً آخر، ابحث عن عمل مسائي أو عمل حر إن استطعت لتدعم دخلك الشهري..
أسباب عدم وجود البركة في الراتب الشهري:
1 عدم التصدّق من الراتب بسبب الاعتقاد أن الراتب لا يكفي.
2 أكل المال الحرام ومنها الربا، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا،قيل له: الناس كلهم قال: من لم يأكله منهم ناله من غباره).
3 فعل الفواحش، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الربا سبعون جزءاً أيسرها أن ينكح الرجل أمّه).
4 القروض الربوية.
5 عدم المواظبة في العمل، مثلاً الخروج من العمل قبل نهاية الدوام بدون إذن ولي العمل.
6 استخدام أدوات العمل للأعمال الشخصية، مثلاً آلة التصوير استخدمها لأغراضك الشخصية وكذلك الهاتف وغيرها.
7 الإسراف وعدم التوفير وذلك بوضع خطة لنسف الراتب قبل أن يأتي.
8 الثانويات على الأولويات.
ازداد مالي وشُفي ولدي
أم عبدالرحمن تقول: كنتُ موظفة منذ عشر سنوات، وأحاول جمع مبلغ كافٍ لبناء منزل خاص لتأمين مستقبلي ومستقبل إبني ولم أتمكن من ذلك، حيث لا ينتهي الشهر إلا وينتهي الراتب معه، ومنذ أن كفلت يتيماً أحسست ببركة المال، حيث تمكنت من أخذ قرض لبناء المنزل، وتسديد أقساط القرض شهرياً بانتظام، ويبقى من الراتب ما يكفي لأصرف على نفسي وابني، وأُعطي أهلي، وأدخر جزءاً منه أيضاً، كما كنت أحاول _ قبل الكفالة _ إجراء عملية لولدي ، ولم أتمكن من ذلك على مدار سنة كاملة، حيث يرفض الطبيب بسبب ضعف صحة ابني تارة، ووجود التهابات تارةً أخرى، وبعد الكفالة أجريت العملية بدون أية صعوبات ..!
الخاتمة
أعتقد إننا بدأنا ندخل في نفق “ اللا بركة “المظلم، وبدأت الماديات تسيطر على حياتنا، وعلى تعاملاتنا، وأمام هذه المعطيات الجديدة من الطبيعي أن تقبض البركة، وترفع من حياتنا .. تحكي لي جدتي - حفظها الله تعالى - عن قصص أيام زمان، وعن البركة في المال ، وفي العيش وفي الوقت، وتقول: كنا نشعر أن اليوم طويل ولا ينتهي، كنا في بضع ريالات نشترى حاجاتنا الأساسية وندخر، والأهم من كل ذلك، كنا إذا وقع أحدنا في أزمة يلتفت حوله فلا يرى نفسه وحيداً.. أعتقد إن بركة الوقت فُقدت مع فقداننا للربانية والروحانية العالية في التعامل.. جميعنا نصلّي، ونصوم، ونعتمر، وندفع الصدقات، وتلهج ألسنتنا بالشهادة كل يوم عشرات المرات, ولكن ألا ترون في نفس الوقت أن روحانية المسلم الحق، ورحمته، ورأفته، والتذلل بين يدي إخوانه في الإيمان، والعطف على الفقير، وإكرام الجار والإحسان إليه، وحسن الأخلاق، والإيثار، والخشوع، والاستحضار، والبكاء بين يدي الله والانكسار له سبحانه وتعالى .. وغيرها من قيمنا الإسلامية العظيمة إنها تتحول شيئاً فشيئاً إلى نسي منسياً!
كم نحن بحاجة للعودة إلى سيرة سيد الخلائق، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لقراءتها ودراستها، والتعلم من أخلاقه العظيمة، ومن عظمته، وحكمته، ورأفته وكم نحن بحاجة لترطيب أرواحنا بمساعدة الفقراء والمحتاجين، وطمأنة قلوبنا بذكر الله مع الاستشعار.
معانٍ إسلامية عظيمة كثيرة وعديدة غابت عن ذهننا ووجداننا، فترك غيابها ندبة واضحة في سلوكياتنا ومعاملاتنا، فأحالتنا إلى ألواحٍ بشرية متحركة، تنبض بالجماد بدلاً من الحياة .. تاريخنا الإسلامي وعلماؤنا الأبرار دعونا مراراً لكي نكتشف ديننا الإسلامي بأنفسنا، لا أن نرثه أباً عن جد، بل نحن مدعوون لاكتشاف الإسلام كل يوم من جديد، مثل الإنكليزي، والهندي، والأمريكي، والأفريقي الذي يعتنق الإسلام حديثاً، فترى قلبه يفيض حباً بهذا الدين العظيم، ويبدي عاطفة جنونية تجاهه، دعونا نكتشف روعة الإسلام وعظمته، بالقراءة والبحث والتقصي، والتفكر، والتدبّر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.