أبسط الأسباب والخلافات صارت تنتهي بالقتل والانتقام الناري من الآخر، باتت النفس التي حرّم الله قتلها رخيصة، وبأبخس الأثمان تُنتهك وتُقتل بأسرع وقت دون حسيب أو رقيب أو خوف من الله تعالى، لم يسلم الأقارب منها وكذا الأخ والخال والأم والابن والصديق والصاحب والجار كل الناس دون استثناء، الجميع قضوا نحبهم بسبب قضايا القتل ومنها قضية حدثت في محافظة إب الأسبوع الماضي؛ حيث لقي شخص أربعيني العمر مصرعه جرّاء إطلاق نار تعرّض له من قبل شخص على متن درّاجة نارية ولاذ بالفرار يُدعى «ن ، م ، خ» 42 عاماً من أبناء مدينة إب.. عقب تبلُّغ الأجهزة الأمنية بالحادثة؛ باشرت باتخاذ الإجراءات، وبعد أن تم نقل جثة القتيل إلى المستشفى واستدعاء خبراء الأدلّة الجنائية لتصويرها ومعاينتها وبمجرد انتهائهم من ذلك وإيداعها ثلاجة الموتى في المستشفى حتى استكمال إجراءات القضية، وفي الجانب الآخر من القضية والحادثة كانت أطقم أمنية بقيادة العقيد محمد سيف قحطان، مدير إدارة القيادة والسيطرة في شرطة المحافظة قد وصلت إلى المكان وفرضت حصاراً على المنزل الذي يتواجد فيه أحد الأشخاص الذي «حينها» كانت تشير أصابع الاتهام إليه بارتكاب الجريمة وتربطه قرابة أسرية «القتيل خاله» بتعاون عضو المجلس المحلي لمديرية المشنة وليد عبدالسلام الجبري الذي سلّم المتهم للأطقم الأمنية وبدورها أوصلته إلى إدارة البحث الجنائي. سبب الاتهام الذي وجّه مباشرة للشخص المضبوط أن مشادة كلامية وقعت بين القتيل وابن أخته صباح أمس الأول في أرض زراعية تابعة لهم فيها محصول «البطاط» وتطوّر إلى قيام الخال بضرب ابن أخته وإطلاق النار عليه. العقيد أنور عبدالحميد حاتم، مدير البحث الجنائي في محافظة إب وجّه بتكليف رئيس قسم الاعتداء والقتل العقيد عبدالعزيز الشعري بالقضية الذي باشر بأخذ أقوال المتهم المحجوز الذي أظهر إنكاره التام وعدم معرفته بما حدث لخاله وظلّ مصمماً على الإنكار مدلياً بأقوال هدف من خلالها إثبات براءته، وأنه لا يُعقل أن يقوم بقتل خاله مهما قام به ضده؛ فهو خاله - على حد قوله..!!. العقيد الشعري لم يكن مقتنعاً بما قاله المتهم في محاضر جمع الاستدلال المأخوذ معه «محضر أولي» ما كان منه مواصلة الإجراءات والتحريات ومواجهة المتهم بالأدلة والقرائن رغم محاولات البعض التشكيك والخوض بما لا يُطاق ولا يصدّق بهدف خلط الأوراق وإدخال الأسرتين في معمعة لا أول لها ولا آخر؛ مستغلين قضايا ومشاكل سابقة كانت قد حدثت بين القتيل وبعض الأشخاص، وأن هناك منهم من قد قام بارتكاب الجريمة مستغلاً خلافه مع ابن أخته، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وكان لابد من أن تظهر الحقيقة وتنكشف أكثر وأكثر وفق ما وقعت وحصلت في تلك الليلة وما سبقها من أحداث وخلاف ولطم وإطلاق نار وبقائها كالنار تشتعل في قلب وذات ابن الأخت المغلوب على أمره؛ بل المقهور على حد قوله ساعات عاشها بعد تعرّضه للطلم والضرب على يد خاله، وكانت هذه البداية للجريمة. استطاع العقيد عبدالعزيز الشعري وبإشراف من العقيد أنور عبدالحميد حاتم، مدير البحث الجنائي أن يقنع المتهم وبأسلوب ذكي أن لا فائدة من الإنكار، فالحقيقة ظهرت من خلال التفاصيل السابقة لحادثة مقتل خاله. فعلاً كانت خطوة موفّقة في مصلحة القضية؛ حيث اعترف بعد أيام من حجزه والتحقيق معه ومواجهته با الأدلّة والقرائن الممزوجة بخبرة مباحثية بحتة؛ فيقول المتهم باختصار نوجزه هنا إنه يوم الحادثة ذهب إلى المزرعة التي تتبع خاله وأمه؛ وكان خاله فيها وأراد أن يأخذ من محصولها «بطاط» فرفض خاله وطلب منه أن يعمل استلاماً بالذي سيأخذه من البطاط، فرفض تحرير استلام، فالمال لأمه حق فيه ما أزعج الخال الذي قام بلطمه وإطلاق النار عليه، المتهم بعد ذلك غادر المكان وبعد لحظات اعتلى مكان مرتفع ومطل على المكان قام بإطلاق النار، فلم يحدث شيء أو يصيب الهدف على حد قوله، عاد المتهم وقضى وقته في التخزين “«مضغ القات» وقلبه محروق وموجوع مما حدث له وما ارتكبه خاله بحقه، فقرّر الانتقام وحتى المساء، وكان لابد له أن يأخذ درّاجة أخيه لأنها أسرع من درّاجته حسب تعبيره، فعلاً أخذها واستقلها قبل الجريمة بلحظات والظلام دامس يمشي بدرّاجة أخيه النارية بالقرب من مكان تواجد خاله وبيد يقود الدرّاجة والسلاح على صدره وبيده الأخرى يضغط على زناد سلاحه ويطلق النار صوب خاله ويصيبه بالرأس كما علم لاحقاً ويفر هارباً إلى المنزل، وبعدها جاءت الأطقم الأمنية وسلّم نفسه لعضو المجلس المحلي الأستاذ وليد عبدالسلام الجبري الذي بدوره سلّمه إلى الأطقم الأمنية وأوصلوه إلى البحث الجنائي في المحافظة. وبذلك الاعتراف أقفل المحقّق العقيد عبدالعزيز علي الشعري المحضر مع المتهم وبه أقفلت أبواب كاد إنكار المتهم والوشايات الخبيثة أن تنذر بنشوب خلافات بل تجديد خلافات سابقة بين القتيل وأطراف أخرى؛ إلا أن الاعتراف أسكتها وأقفلها تماماً وهي بفضل من الله وحنكة المحقّق ورجال البحث الجنائي الذين أشاد بجهودهم العميد الركن فؤاد محمد يحيى العطاب، مدير عام شرطة محافظة إب وأثنى عليها، داعياً إلى بذل المزيد منها من قبل جميع الأجهزة الأمنية موجّهاً باستكمال الإجراءات في قضية القتل وإحالتها مع المتهم إلى النيابة طبقاً للقانون.