التوحد واجب ديني قبل أن يكون مادياًً تجمعنا فيه المصالح والأغراض، فهو يجسد صورة سمحة للإسلام لذلك حرص على لم شمل المسلمين.. والوحدة اليمنية نموذج رائع يبلور مدى التمسك بذلك الواجب، ولاشك أن كل يمني نال شيئاً من الوحدة، لأنها بحد ذاتها نعمة يحسدنا الكثير عليها. الوحدة شعار «القوه والأخوة»عادت بنا إلى الرشد باعتبارنا «يمنيين» تجمعنا العديد من القواسم المشتركة من «حضارة، وموقع جغرافي، وديانة» وإلى جانب ذلك فديننا الحنيف جاء لتوحيدنا «أرض، إنسان، عبادة» وأنهى الفوارق الطبقية والحروب القبلية لإيجاد مجتمع ووطن ك «البنيان الواحد» يشد بعضه بعضا. نعمة كبرى الأهدل علي «خطيب جامع» قال ما سبق وأضاف: الوحدة من أجل النعم التي امتن الله علينا بها البلد وفي زماننا الاستثنائي, فهي فريضة أمر الله بها بمحكم التنزيل «واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا» فالاعتصام ولم الشمل وجمع القلوب هدف لم يتحقق إلا عن طريق الوحدة النموذج الراقي الذي قدمناه للعالم في التسعينيات حينها غمرت الفرحة الشعب اليمني بأسره. ويردف: الوحدة نعمة ومنجز عظيم يجب أن نحافظ عليها قولا وسلوكاً وفعلاً بالعمل الجاد والمتواصل في سبيل استئصال ونزع كافة الذرائع والمبررات التي تقف وراء إحياء النعرات الشطرية والمناطقية والمذهبية والقبلية, وذلك بانتهاج وإحياء ثقافة الشراكة والانفتاح والتعاطي مع الجميع, سواء على مستوى النخب السياسية, أو على مستوى الشعب كافة ويزيد : ففي العيد الوطني للعام 2014 وحدتنا اليمنية المباركة تدعونا للعمل بروح الفريق الواحد في سبيل ترسيخ قيم الانتماء لهذا الوطن الغالي بين أوساط المجتمع, الذي لن يتحقق إلا بالسعي إلى تحويل المجتمع لطاقة منتجة تقف دوما وتطلع لغد مشرق يواكب العالم بالتطورات على كافة الأصعدة, فالإسلام منهجيته تحثنا على «العمل, الوحدة, القوة, العزة» التي تريد للمسلم الوصول إلى الكمال, كي لا يبقى عالة على غيرة مستجديا لهم, يقتات فتات موائدهم. الوحدة قوة مصطفى محمد «ماجستير شريعة» يفصل دور وأهمية الوحدة للمجتمع والفرد بقوله: الإسلام يعتبر الفرد جزءاً لا ينفصم عن كيان الأمة, وعضوا موصولا بجسمها لا ينفك عنها, فالوحدة قوة وليس ذلك في شؤون الناس فقط بل هو قانون من قوانين الكون, فالخيط الواهي إذا انضم إليه مثله أصبح حبلا متينا يجر الأثقال, وهذا العالم الكبير ما هو إلا جملة ذرات متحدة, ونحن نعرف قصة الحكيم لأولاده حين أراد أن يلقنهم درسا عن الوحدة عندما قدم إليهم حزمة من العصي وقد اجتمعت عيدانها فعجزوا عن كسرها ولما انفك الرباط وتفرقت الأعواد كسرت واحدة واحدة, تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسراً.. وإذا افترقن تكسرت أحادا. سر البقاء والنجاح ويضيف مصطفى: الشتات يضعف الأمة القوية ويميت الأمم الضعيفة، ولذلك جعل الله أول عظة للمسلمين بعدما انتصروا في معركة «بدر» أن يوحدوا صفوفهم ويجمعوا أمرهم بقوله تعالى (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) لذلك فائتلاف القلوب والمشاعر ووحدة الغايات والمناهج من أوضح تعاليم الإسلام, ومن أبرز صفات المسلمين المخلصين.. ولا ريب أن وحدة الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوطيدة لبقاء الأمة ودوام دولتها, ونجاح رسالتها, ولئن كانت كلمة التوحيد باب الإسلام فإن وحدة الكلمة «سر البقاء والنجاح» الذي نتمنى بعيدنا الرابع والعشرين للوحدة أن تكون هي سر نجاح اليمن ومصدر عزه . قطعة واحدة أما الشيخ محمد هائل فيقول: الدين الإسلامي الحنيف جاء للقضاء على العصبية والتفرقة التي وجدت في الجاهلية الأولى وأيضاً ما قبل الوحدة اليمنية كان جزءاً مماثلاً للجاهلية وجاهلية حديثة بالمضمون، حيث كانت تجمعنا شراكة الأرض والتاريخ والديانة ونحن من يستوطن هذا الوطن فريقين «جنوبي, وشمالي» خصمان مع أن المصلحة والرابط بيننا موحد.. ويضيف: أحب أن أقول للجميع إننا قطعة واحدة ، ففي أحاديث النبي توجد إشارات كثيرة تذكرنا بأن أرض اليمن «واحدة» ليست منفصلة ومقسومة لجزأين ويتمثل ذلك في قوله «حتى يسافر الراكب من صنعاء إلى حضرموت» فالنبي ربط من شمالها إلى جنوبها من أقصاها إلى أقصاها فكلها يمن بمعنى «أشمل» سيأتي يوم في آخر الزمان لا يخاف الراكب على نفسه من التقطعات والعصبيات، نظراً بأننا أصبحنا في موطن آمن تعمه الوحدة والتآلف لا توجد فيه جوازات سفر ولا حدود نصفية تمنعنا من الإبحار في السفر وإلى أي محافظة وأتمنى أن تحقق الوحدة ذلك. مزيج يكمل الآخر للوحدة اليمنية وقع جميل في نفوس كثير من أبنائها لما تحمل فيها من إعجاز يمني صامت يتجاوز الحدود والأفكار والنزعات المغايرة التي تحاول أن تطيح باليمن دوما حفاظا على مصالحها, وبالمقابل ثمة أعداد هائلة من (المثقفين, العاميين, أجيال الغد) يستشعرون شعور الوحدة وإيجابياتها التي تظهر في مدى امتداد اليمن من شمالها إلى جنوبها والعكس. فما أجمل أن تخطو قدماك لقضاء نزهة «عابرة» في بحر عدن ومنتزهاتها دون فواصل حدودية تمنعك من رؤية نصفك الآخر لتنال رحلة صيفية ومن ثمة تعود مسرعا لرؤية المناظر الخلابة على مرتفعات «إب» الشامخة, رحلة لا تكتمل أركانها إلا بمجموعة من الأسفار من أعلى جبل «ربي» حتى قاع عدن من جنوباليمن إلى شماله مزيج يكمل بعضه الآخر وهذا حال صنعته الوحدة وكثير منا يستشعر ذلك. - الشاب الجامعي «عاصم محمد» يحكي جمال التنقل السابق مرجعا ذاك الترحال الممتد من شمال اليمن إلى جنوبها من مكاسب الوحدة اليمنية الذي اقتلعت تلك الفواصل التي كادت تفرق وطننا وتجعله أجزاء مجزأة يسهل فيها على العدو احتلالها والتمرس في أراضيها كما حصل في مطلع القرن العشرين من قبل بريطانيا من استيلائها على بعض المناطق الجنوبية. مجرد زوبعة فيما الشاب الثلاثيني «باسم باحضرم» من حضرموت «خريج جامعي» يقول: أكملت دراستي الجامعية في الحديدة مستشعرا جمال ومتعة معاشرة اخوانك هناك وإيجابيات الوحدة الذي جعلتنا نتعرف على معظم محافظاتاليمن دون مقابل.. ويؤكد أن الشراكة الجغرافية في اليمن أعطتها امتداداً جغرافياً وكثافة سكانية ضخمة بإمكانها أن تجعل من اليمن دولة ذات نفوذ اقتصادي يعم على أبناء اليمن بالتقدم والتطور. أما الحاج غالب محمد «مخضرم» عايش الوحدة وما قبلها من جهته يفند رؤية من يرون فك الارتباط ويقول: من يريدون تمزيق الثوب الواحد يقصد الوطن فذلك كلها مجرد زوبعة من الحراكيين للحصول على وطء أقدامهم بالدولة فهم يرون مصالحهم الشخصية أكبر وأعظم من «الوطن الغالي» ويزيد حاكيا: الحقيقة واضحة كعلم على جبل قبل الوحدة ، فالقيادة الاشتراكية التي كانت متأثرة بالماركسيين أوجدت معتقدات خاطئة وحكمتنا بعنف لدرجة أن فضولها وصل «للأكل والشرب» إضافة إلى أنها احتكرت الاستثمار لنفسها، فحال المواطن العادي كان مستضعفا بخلاف من ينتمي لكرسي الحكم أو إلى القيادات العليا لا يطبق عليه شيئا من ذلك وينخر في القانون كيفما شاء فيما «الضعفاء» فالقانون مطبق حتى على مستوى الغذاء والبناء ما جعل الجنوبيين في وقتها يلجأون إلى المناطق الشمالية للعيش وكانت تستقبلهم آنذاك بصدر واسع والتاريخ شاهد على ذلك. واجب ديني سعد الدين «قاض» من جهته هو الآخر أيد ما سبق آنفاً وأضاف: الوحدة اليمنية تعني استخلاص النظام الاجتماعي والاقتصادي ورفع مستواهما, وهي واجب ديني قبل أن يكون سياسيا, فالإسلام حرص على أن يكون المؤمنون كالجسد الواحد في توادهم وتراحمهم. ويردف: يجرم الدستور اليمني من يقف في صف التفريق وشق العصا كما يحصل حاليا من بعض القوى التي تستثمر قضايا الانفصال وتبني كيانها وقوتها على حساب الآخرين مدعية بذلك أنها تخدم شعبها، مع أن الواقع يفصح بأنها أجندة خارجية تنفذ مشاريع خارجية بأموال طائلة وامتناعها عن تلك المناورات سيمنع عنها مددها. ويختم: كثير من أشقائنا الجنوبيين يعرف الحال قبل الوحدة من (انفراد بالحكم, واستضعاف البسطاء, والاستعمار, والحرب) الذي عمل حينها على سلب حريتهم وممتلكانهم مما ألجأ ألآلف من الجنوبيين إلى الشمال واحتضناهم بصدر واسع, فالأسرة اليمنية موجودة من قبل الوحدة اليمنية التي هي بدورها قضت على كثير من المشاكل التي عانوا منها نتيجة الالتحام بين الشطرين.