يستقبل اليمنيون شهر رمضان هذا العام وسط أزمة معيشية خانقة فرضت ثقلها على كل طبقات المجتمع كل حسب جيوبه في ظل غلاء غير مسبوق ولاسيما السلع الأساسية المدرجة أصنافها ضمن الموائد الرمضانية؛ إذ ضيّع هذا الواقع الطارئ فرحة اللقاء بهذا الشهر بعد وصول الأسرة إلى حالة عجز حقيقي في إدارة نفقاتها، لتبقى الدعوة لترشيد استهلاكها غير منطقية.. وأكد عدد من المواطنين اليمنيين أن شهر رمضان هذا العام سيشكّل عبئاً إضافياً علينا، وخاصة لشريحة ذوي الدخل المحدود في ظل ارتفاع الأسعار الجنونية؛ ما يجعلهم يحجمون عن الشراء والتفكير ملياً بنوع السلعة التي سيشترونها وبكميات قليلة. الشكوى لغير الله مذلّة الأسواق في اليمن وقبل بدء شهر الصوم بأيام تشهد ازدحاماً وحركة نشطة ، ولكنها، حسب رأي التجار والباعة “ شكلية” أو “وهمية” لا يتم فيها الشراء، وإنما السؤال فقط عن الأسعار، ومن يشتري سلعاً فيأخذها بكميات تكاد تكون قليلة، قياساً إلى مشهد الشراء في السنوات السابقة قبيل مجيء شهر رمضان. وأكد محمد سلام وهو من سكان محافظة تعز أن موائد شهر رمضان هذا العام ستشهد غياب الكثير من الأكلات الشعبية التي تُعد في شهر الصوم، بسبب ارتفاع أسعارها الكبير، وعدم وجود قدرة شرائية تمكّنهم من شراء السلع لإعدادها.. وقال سلام ل«الجمهورية» أثناء تواجدها بسوق شعبي في باب موسى محافظة تعز: «الشكوى لغير الله مذلّة» نحن أهل اليمن نتفنّن كثيراً في شهر رمضان، ندعو الأهل والأقارب على موائد الإفطار، مشيراً إلى أن كل هذه الطقوس لن تكون حاضرة في هذا الشهر؛ لأنها سوف تشكّل عبءاً كبيراً على كاهلنا، مؤكداً أن الاختصار والتقشُّف هو شعار هذه المرحلة الصعبة من حياتنا. موجة الغلاء ومن جانبه عبّر عبدالسلام الوصابي عن استيائه الشديد من موجة الغلاء التي تشهدها أسواق اليمن قبل بدء شهر رمضان، مؤكداً أن هذا الازدحام الموجود في الأسواق “وهمي”. وقال الوصابي: كنت أتسوّق في السنوات الماضية قبل أيام من حلول شهر رمضان من نفس هذا السوق، وكنت أملأ الثلاجة بالخضروات واللحوم، أما اليوم فأنا أنظر بعيني وأتحسّر بقلبي على فقدان تلك السلع من منزلي بسبب الغلاء اللا معقول. حيتان السوق هي التي تتحكّم بالأسعار وبدوره اعتبر أحمد الدبعي، صاحب «سوبر ماركت» في سوق الجملة بمحافظة تعز أنه تاجر صغير في عالم التجارة، مؤكداً أنه لا علاقة له بارتفاع الأسعار الحاصلة في الأسواق، لافتاً إلى أن «حيتان السوق هي من تتحكم بالأسعار». وأكد البائع الدبعي أن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني يؤثّر علينا سلباً؛ لأن الناس تحجم عن الشراء وتصاب الأسواق بالركود، مكرّراً: ارتفاع الأسعار لا يصب في مصلحتنا، وإنما يشكّل عبئاً علينا أولاً وعلى المواطن. نريد أن نعيش لا أكثر ولا أقل المواطنة عزيزة الشرعبي قالت: «نحن نسكن بالإيجار وندفع مبالغ كبيرة من دخلنا الشهري إزاء ذلك» مؤكدة أن اشتعال الأسواق بالغلاء قبل شهر رمضان يشكّل عبئاً إضافياً على جيوب الناس. وأشارت المواطنة عزيزة، وعلامات الدهشة مرتسمة على وجهها، إلى أن كيلو الطماطم قبل أيام كان بمائة ريال، والآن أصبح ب200 ريال قائلة: «نريد أن نعيش لا أكثر ولا أقل». وأعربت مواطنة أخرى عن امتعاضها قائلة: «هناك غلاء كبير وغير محتمل يجب أن تقوم الحكومة بمراقبة الأسواق ووضع آلية لمنع ارتفاع الأسعار، الناس ماتت من شدّة ارتفاع الأسعار، وهذا شهر رمضان سيبدأ بعد أيام قليلة، والأسعار ارتفعت عن رمضان الماضي 4 أو 5 أضعاف. أسعار نارية ومن جانبه المواطن فهد المخلافي قال: «لا أعرف كيف سيدير المواطن الفقير وأصحاب الدخل المحدود أمورهم في رمضان؛ كل شيء غالٍ وأسعار نارية، فهل من المعقول أن يصل سعر باقة البقدونس إلى مئة ريال، وكيلو اللحم إلى أكثر من ألفي ريال؛ مع أنه تم توحيد سعره بأقل من ذلك، ولا تتحدث عن أسعار اللحمة التي حلّقت عالياً، وفي ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار كيف سيعيش الإنسان الفقير إن كان عمله اليومي لا يكفي لشراء حاجيات الطعام، فما بالك بمن يسكن بالإيجار..؟! لابد من متابعة هذا الأمر من قبل الجهات المختصة؛ لأننا حتى الآن لسنا راضين على الإطلاق عن جهودهم في متابعة الأسواق والسيطرة على الأسعار، ولن نقبل أن يفسد علينا الجشعون فرحة رمضان». تجّار الجملة هم السبب عدد من الباعة في سوق المركزي بتعز يؤكّدون أنهم ليسوا سبب ارتفاع الأسعار، ويوجّهون أصابع الاتهام نحو تجّار الجملة، وهذا ما يؤكّده مصطفى المخلافي؛ أحد الباعة في سوق الخضار بتعز، فتحدث عن حركة البيع والشراء في السوق وسبب ارتفاع الأسعار بالقول: «بصراحة الأسعار مرتفعة؛ لذلك حركة البيع ضعيفة، والسبب في ارتفاع الأسعار ليس بائع السوق؛ بل تجار سوق الجملة، فعندما نضطر لشراء كيلو الكوسا بثلاثمائة ريال والبسباس الأخضر بخمسائة ريال، وباقة البقدونس والنعناع بمائتي ريال؛ فكم يجب أن نبيعها كي لا نخسر، لذلك فإن مرابحنا بسيطة جداً وتكاد تكون معدومة، والعلّة هي في أسواق الجملة البعيدة عن عيون الرقابة التموينية”.