للمخطوطة تعاريف تتعدد بتعدد المعاجم ولعل أقربها هو كل ما كتب بخط اليد رسالة كانت أو نقشاً أو عهداً أو على صورة نقش لحجر أو رسماً و غير ، وهنا نقصد بالمخطوط الكتاب المخطوط بخط عربي بصورة لفائف أو مجموعة صحف على هيئة كراسٍ. والمخطوطة دليل ثراء معرفي إبداعي للإنسان ارتبط ظهوره باختراع الحرف الهجائي وصناعة الورق والمخطوطات العربية واليمنية بالتحديد تحتل أهمية تاريخية باعتبارها دلالة ملموسة على ازدهار الحضارة الإنسانية في هذا الجزء من العالم ولها أهمية تتعدى قيمتها العلمية إلى آفاق القيمة التاريخية باعتبارها جزءاً من الإرث الإنساني غير المنقول وتكتسب المخطوطات العربية واليمنية على الأخص قيمة في كونها أسهمت في نقل تراث الأمم الأخرى إلى العربية وقامت بتنقيح ونقد هذا التراث ولاسيما في عهد المأمون الذي ينظر إليه كصاحب النهضة العلمية والأدبية الأبرز في تاريخنا العربي. وبالنسبة لنا في اليمن شهدت الحركة العلمية والأدبية وخصوصاً في عهد الدولة الصليحية والطاهرية وغيرهما حركة تأليف وإبداع علمي أثمرت الآلاف من المؤلفات في ميادين العلوم والأدب وطرقت ميادين لم يسبق أن تم التطرق لها من قبل واذا كانت المخطوطات العربية حسب تقديرات تتراوح بين ( 7-3) مليون مخطوط فيها ما بين مائة وخمسين ألف إلى مليون مخطوط يمني ، إلا أن معظم هذا العدد موزّع على مكتبات العالم الإسلامي والعربي وقد لعبت سنوات الانحطاط والاحتلال للعالم العربي إلى جانب أمور عديدة قيام المستعمرين بنهب التراث العلمي والإنساني ونقل الآلاف من هذه المخطوطات إلى تلك الدول المحتلة الجزء الأعظم من تراثنا ولا سيما المخطوطات في مكتبات تركيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وباكستان والهند. تنتشر مخطوطاتنا اليمنية في مكتبات الامبروزمايا بميلانو بما يقرب من 7000 مخطوط وغيرها في مكتبات إسبانيا والمكتبة الوطنية بباريس والمكتبة السلمانية في إسطنبول ومكتبة برلين وغيرها. وعند العودة إلى المخطوطات داخل اليمن كما أسلفنا ليس هناك حصر دقيق للعدد المتواجد منها والقسم الأغلب من هذه المخطوطات متناثر في مكتبات خاصة لدى بيوتات معدودة في زبيدوصنعاءوتعز وتريم ويافع وغيرها من المدن اليمنية إلى جانب عدد محدود يتواجد في مكتبة كلية الآداب بجامعة صنعاء والمكتبة الوطنية ومكتبة الأحقاف على سبيل المثال لا الحصر. وما دفعني إلى طرق هذا الموضوع هو الغياب شبه الكامل للجامعات اليمنية في هذا المجال فرغم العدد الكبير للجامعات اليمنية الحكومية التي في معظمها استنساخ لجامعتي صنعاء وعدن إلا أنها لم تقم بما يجب عليها علمياً ووطنياً في جانب الاستفادة من المخطوطات اليمنية والتخصصات التي تقتضيها العناية بها من حيث الحفظ والترميم والأرشفة وتخريج كوادر مؤهلة في التعامل مع المخطوط وفق المعايير الدولية التي يفتقر لها الكادر الخاص بالمكتبة الوطنية و غيرها كواحدة من آليات إصلاح التعليم الجامعي في اليمن إلى ذلك يمكن القيام بما يشبه الثورة الثقافية عبر برامج سنوية تلتزم بها جامعاتنا اليمنية ولاسيما في تعزوصنعاء والحديدة وعدن وحضرموت وخصوصاً في كليات الآداب وبما يوفر قيام الأكاديميين والمختصين بتحقيق المخطوطات اليمنية المتوافرة ونشرها لتتحقق الفائدة العلمية ويمكن لها أن تنظم المؤتمرات العلمية حول المخطوطات وتكريس كل عام لموضوع معين من موضوعات العلم أو الأدب وتكريس ما يعرف بالسياحة الثقافية التي تسهم في رد الاعتبار لأعلامنا في ميادين اللغة والأدب والعلوم. كما يلزمنا، جامعات ومثقفين ورجال دولة ومنظمات مجتمع مدني القيام بحملة لجمع المخطوطات المتواجدة لدى الأفراد وإفرادها في مكتبات الجامعات بأجنحة تحمل أسماء المالكين لها وفي هذا المقام يمكن تعويض هؤلاء بمبالغ مالية رمزية وتكريم أدبي يليق بهم بما يحفظ هذا الكنز من التلف أو التهريب إلى خارج الحدود وهو كارثة ولا شك لا زالت قائمة ونزيف لمخزوننا الإبداعي مستمر في ظل استمرار الشكوى من هنا وهناك.