مدينة براقش هي المدينة التي عرفت في النقوش اليمنية القديمة المسندية باسم ((يثل)) وتعتبر مدينة براقش هي العاصمة الدينية لمملكة معين وتقع إلى الجنوب من مديرية الخلف وعلى بعد خمسة كيلو مترات تقريباً وقد بنيت هذه المدينة مثل باقي المدن القديمة على ربوات صناعية محاطة بأسوار عظيمة ومنيعة، عليه أبراج للحماية والمراقبة من كافة الاتجاهات، وقد ذكر استرابون اسم هذه المدينة من بين المدن التي احتلها القائد ((أليس غاليوس))أحد قادة الإمبراطور الروماني ((أغسطس)) خلال حملته العسكرية على أرض اليمن السعيد بين العامين (25-24) قبل الميلاد خاصة أن مدينة براقش كانت تعيش في ذلك الزمن فترة انحطاط وضعف بعد أن أصبحت تحت سيطرة البدو الرحل. أما فترة ازدهارها كما تذكر فترة التاريخ فتعود إلى الأرجح على الفترة الواقعة بين بداية القرن السابع ونهاية القرن السادس قبل الميلاد. ومدينة براقش تعتبر أفضل حالاً من مدن وخرائب الجوف الأثرية الأخرى لأن بقاياها ما زالت واضحة المعالم ولم تتعرض للنبش العشوائي والتخريب بشكل كبير مثل المدن القديمة الأخرى، لذلك ما زال سور المدينة مع أبراجها البالغ عددها ستة وخمسون برجاً في حالة جيدة، وهي من المدن الهامة، نظراً لوقوعها على طريق القوافل التجارية المحملة بالعطور والطيب والتوابل، والتي تحملها إلى مدينة الشام مروراً بهذه المدينة. كما أن الإمام عبد الله ابن حمزة قد اتخذ من هذه المدينة الصغيرة التي لا يتجاوز قطرها حوالي سبعمائة متر مركزاً له، وبنى فيها مسجده المعروف بمسجد الإمام عبدالله ابن حمزة والذي بناه في عام 48ه. كما أن الحالة الجيدة لسور المدينة وموقعها المنفرد في صحراء الجوف قد جعل من مدينة براقش جوهرة الآثار ليس في اليمن فحسب بل في كافة أرجاء الشرق الأدنى القديم، وكانت براقش إلى كونها العاصمة الدينية لمملكة معين، كانت عبارة عن محطة راحة للقوافل القادمة من الهند المحملة بالبخور والطيب حيث كانت تلك القوافل تنقل إلى سوريا ومصر العطور والطيب والتوابل. وتعتبر مدينة براقش أو ((يثل))آخر محطة في اليمن لهذه القوافل. ولأهمية هذه المدينة قامت البعثة الإيطالية ما بين العامين (1990 - 1992م) بعمل بحفريات أثرية برئاسة البروفسور الساندرودي ميغريه للكشف عن المعبد الرئيسي لهذه المدينة المعروف بمعبد الإله نكرح حامي هذه المدينة، كما قامت البعثة الإيطالية – أيضاً – بترميم هذا المعبد الفريد خلال عامي (2003 - 2004م). ويعتبر معبد ((نكرح)) من المعابد ذات الطراز لمعماري المميز للمعابد المعينية، حيث تتضمن هياكله الجزء الأكبر منها على قاعدة كبيرة مغطى بسقف، وهذا النموذج من المعابد ظهر – أيضاً – في حضرموت في مدينة((ريبون ومكينون)) وفي أثيوبيا, وهو من المعابد الجميلة والمكتملة، والذي سيكون له دور كبير في الترويج السياحي في هذه المحافظة الواعدة إذا ما استغل بشكل سليم. ختاماً لابد من الاعتراف أن محافظة الجوف بشكل عام رغم تميزها من المحافظاتاليمنية ،وأيضا عن مدن الجزيرة العربية بشكل عام إلا إنها لم تنل حظها من الاهتمام، بدليل عدم إجراء أية تنقيبات أثرية بصورة علميه منظمة في مواقعها الأثرية المختلفة باستثناء العديد من الحفريات العشوائية الليلية من قبل لصوص الآثار وباستثناء حفرية علمية منظمة واحدة نفذتها البعثة الإيطالية كما أسلفنا في مدينة براقش للكشف عن معبدها الرئيسي نكرح