عصابة حوثية تعتدي على مواطن في إب بوحشية مفرطة    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقدم حسين الدفعي عضو تنظيم الضباط الأحرار:
الدعم المصري ساعد في توسيع قاعدة التنظيم والإسراع في تفجير الثورة
نشر في الجمهورية يوم 28 - 09 - 2014

استيقظ شعبنا والعالم صبيحة 26سبتمبر 1962م على صوت إذاعة صنعاء تعلن نهاية حكم الإمامة، وإقامة النظام الجمهوري بهذه المناسبة.. صحيفة ال«الجمهورية» رأت أن تنشر شهادات ووقائع تاريخية من خلال اللقاء الذي أجراه المركز اليمني للدراسات والبحوث مع المقدم حسين الدفعي عضو تنظيم الضباط الأحرار، أحد ثوار 26سبتمبر المجيدة قبل وفاته كشف فيه العديد من الحقائق والوقائع التاريخية التي تكشفها النواقص الأكثر دقة وإنصافاً، وخاصة المتعلقة بفكرة تكوين تنظيم الضباط الحرار وكيف تمت عملية التنسيق في الإعداد للثورة، والمصادر الفكرية والسياسية التي تأثر بها التنظيم، وماهي المواقف الحرجة التي جابهها التنظيم فترة الإعداد للثورة، وماهي أوجه الدعم الذي قدمته الثورة المصرية في عملية الإعداد والتنفيذ.. فإلى نص اللقاء:
كيف بدأ التفكير في تكوين تنظيم الضباط الأحرار، ومتى ومن هي الجماعات الأولى التي بادرت في الدعوة لتكوين التنظيم؟ وماهي الأهداف التي وضعها التنظيم عند تكوينه؟
فكرة تكوين تنظيم الضباط الأحرار تعود إلى ما قبل 1948م فعندما قامت ثورة 1948م، كان هناك تنظيم سري للضباط شارك في التنظيم السري للمدنيين في الإعداد والتنفيذ لثورة 1948م وبعد فشل الثورة واعتقال أغلبية الضباط تلاشى ذلك التنظيم، وفي عام 1950م بدأ التفكير من جديد في كيفية إعادة التنظيم وتكوينه من جديد، وفي نهاية عام 1953م، بدأ تكوين التنظيم السري للضباط وتكونت الجمعية التأسيسية لتنظيم الضباط الأحرار من الشهيد محمد الرعيني، والشهيد عبدالله اللقية، والشهيد محمد العلفي، والشهيد محمد الواسع، والشهيد هادي عيسى، والشهيد صالح أحمد العروسي، والمرحوم لطف الزبيري وحسين محمد الدفعي والأخ محمد تلها والأخ محمد الحبوري والمرحوم محمد محمد الحيمي أركان حرب الكلية الحربية والأخ حسين السكري والأخ علي محمد الربيدي، والأخ محمد الربيدي، وبدأت اللجنة بوضع اللائحة الداخلية ووزعت الأعمال على أعضاء اللجنة التأسيسية كالمسئول المالي والمسئول التنظيمي والمسئول السياسي، والمسئول الثقافي، والمسئول الأمني، ومارس التنظيم أعماله في كل المراحل رغم الهزات العنيفة التي واجهت التنظيم كحركة 1955م وعام 1961م عند محاولة اغتيال الإمام أحمد في مستشفى الحديدة من قبل المناضلين الشهيد محمد عبدالله العلفي، والشهيد عبدالله اللقية، والشهيد محسن الهندوانة وقد كانت تلك الرصاصات التي أطلقها المناضلون هي القاتلة للإمام أحمد وإن لم يمت في حينه وأصيب بإحدى عشرة طلقة وبعد عام توفي نتيجة لتلك الإصابات، وبالنسبة لتنظيم الضباط الأحرار الذي فجر ثورة 26سبتمبر 1962م المجيدة، فقد بدأ تكوينه قبل الثورة بعشرة أشهر أي في ديسمبر عام 1961م من قبل المجموعة الواعية من خريجي الكلية الحربية من الدفعة الأولى والثانية، ومعظم الزملاء الذي كانوا في التنظيم السابق وأنا واحد منهم، أما أهداف التنظيم وأسماء الجماعات الأولى التي بادرت في تكوين التنظيم فقد ذكرت في كتاب أسرار ووثائق الثورة اليمنية الذي شارك في إعداده مجموعة من الضباط وهم ناجي علي الأشول ومحمد حاتم الخاوي، وعبدالسلام صبره، وعبدالله محسن المؤيد وأحمد الرحومي وصالح الأشول، والذي يعتبر رداً على كتاب الأخ عبدالله جزيلان لأنه لم يدون فيه كل الحقائق وقد تغاضى عن أسماء كثيرة شاركت في التنظيم والإعداد والتنفيذ وتحدث عن أشخاص لم يكن لهم أي دور يذكر.
ماهي الظروف المحيطة بنشأة تنظيم الضباط الأحرار من حيث: وضع الجيش وتسليحه وتدريبه وعدده، ووضعه الاجتماعي، القبائل وموقفها من الأسرة الحاكمة في حينها، الصراعات داخل الأسرة الحاكمة، الملامح الاقتصادية والاجتماعية لنظام الإمامة قبل الثورة، الأوضاع التعليمية والثقافية والخدمات الأخرى، نظام الإدارة والقضاء، والضرائب، وطرق الجباية، السجون، ونظام الرهائن، والتنافيذ، علاقة نظام الإمامة بالأنظمة العربية المحيطة، والتأثيرات الدولية الأخرى، وضع الحركة الوطنية عند تكوين التنظيم؟
لاشك بأن وضع الجيش وتسليحه وتدريبه وعدده قبل ثورة 26سبتمبر 1962م أفضل بكثير عما كان عليه في ثورة 1948م وحركة 1955م فهناك مدارس أنشئت في الفترة الأخيرة كمدرسة الأسلحة والتي انضم إليها خريجو الدفعتين الأولى والثانية من الكلية الحربية وكلية الطيران وعدد كبير من الضباط ومدرسة ضباط الصف وكان عددهم أربعمائة شخص ومدرسة الإشارة برغم إغلاق الكلية الحربية قبل الثورة وتحويلها إلى مدرسة أسلحة وكان تواجد عدد كبير من الضباط في مدرسة الأسلحة قد ساعد كثيراً على انخراط مجموعة كبيرة من الضباط داخل التنظيم السري للضباط الأحرار ويعتبر وضع الجيش في تلك المرحلة أفضل بكثير عما كان عليه في الماضي وإن كان تسليحه وتدريبه في تلك الفترة في البداية وبحكم طبيعة النظام الإمامي الذي كان يخشى من وجود جيش مدرب ومنظم ومسلح ويخشى من أي تطور داخل الجيش في أي ناجية من النواحي وخاصة في مجال الوعي فمنذ أن تولى الإمام يحيى حميد الدين مقاليد الحكم بعد خروج الأتراك إلى فترة تولي الإمام أحمد إلى بداية تولي البدر محمد أحمد حميد الدين ولاية العهد وهم يعملون في اتجاه عدم إيلاء الجيش الاهتمام المطلوب تحسباً وتخوفاً من أن ينقلب ضد الحكم الإمامي المتسلط وكان تعداد الجيش في عموم أنحاء اليمن في حدود عشرة آلاف جندي.
أما القبائل وموقفها من الأسرة الحاكمة فالحكم الأمامي كان يعتمد على القبائل منذ نشأته أكثر مما يعتمد على الجيش وظل ولاء القبائل للإمامة فترة طويلة وفي كل مراحل النضال للحركة الوطنية إلى أن أصيب الإمام أحمد بالرصاص من قبل المناضلين الشهيد محمد عبدالله العلفي، والشهيد عبدالله اللقية، والشهيد محسن الهندوانة وبعد أن اشتد الصراع بين الأسرة بدأت القبائل تخفف من ولائها للإمامة بل إن بعض القبائل ذهبت إلى أكثر من ذلك وهو تمردها على نظام الإمامة كما حدث في خولان وحاشد.
أما الصراع داخل الأسرة فقد بدأ من الخمسينيات عندما قرر الإمام أحمد يحيى حميد الدين بأن يكون ولي العهد والخليفة من بعده ابنه البدر محمد أحمد حميد الدين وتجاهل إخوته واستمر ذلك الصراع بين الأسرة على ولاية العهد وكان للحركة الوطنية دور هام في خلق وإذكاء ذلك الصراع الذي استمر طويلاً وذهب ضحيته الإمام عبدالله يحيى حميد الدين والذي أتت به إلى الإمامة حركة 1955م وأخوه العباس يحيى حميد الدين الذي كان يعارض إسناد ولاية العهد للبدر وكان متحمساً لأخيه عبدالله يحيى حميد الدين كما خرج من اليمن الحسن بن يحيى حميد الدين والذي كان مكروهاً من قبل كل الشعب اليمني لتخلفه وبخله وجشاعة نفسه وأرسل إلى أمريكا واستمر ذلك الصراع حتى قامت ثورة 26سبتمبر 1962م المجيدة وعصفت ببقية الأسرة الذين كانوا متواجدين في الداخل وعلى رأسهم الإمام البدر محمد أحمد حميد الدين الذي لم يستمر في الحكم بعد والده سوى أسبوع واحد فقط.
أما الملامح الاقتصادية والاجتماعية لنظام الإمامة فلم تكن اليمن تعرف شيئاً عن الاقتصاد وكان الشعب اليمني معتمداً على الزراعة وبالطرق البدائية وتعتمد على الزراعة على هطول الأمطار، وكان اعتماد الشعب اليمني على الناحية الزراعية للحصول على احتياجاته الضرورية، وكانت اليمن تعيش في ظل الإمامة في تخلف رهيب وكان يخيم عليها الفقر والجهل والمرض ففي الناحية الزراعية مثلاً كان يوجد مع بعض المزارعين آبار توجد فيها المياه السطحية التي لا يزيد عمقها عن عشرة إلى عشرين متراً، وكان الإنسان هو الذي ينزع الماء وعلى كتفه والمتيسر منهم يوجد لديه الجمل أو الثور أو الحمار وينزع الماء بواسطتها وبطريقة بدائية ومتعبة وعلاوة على كل المتاعب التي يعاني منها المزارعون تأتي الدولة وتأخذ منهم أكثر من نصف المحصول باسم الزكاة لأن الحكم الإمامي كان يعتمد في دخله على الزكاة التي يأخذها من الفلاحين والمواطن ليس له دخل آخر إذا كان مزارعاً إلا ما يحصل عليه من الزراعة بجهده هذا إذا لم يكن هناك جفاف وإلا تعرض للمجاعة كما كانت تحدث بين الحين والآخر.. ولذا نستطيع القول إن الاقتصاد اليمني في تلك الفترة اقتصاد زراعي بدائي متخلف.
أما الناحية الاجتماعية فقد ركز نظام الإمامة على إبقاء المجتمع اليمني مجتمعاً مغلقاً ومجتمعاً قبلياً.
أما الأوضاع التعليمية والثقافية والخدمات فكانت مفقودة وليس هناك شيء يذكر فلا مدارس ولا مستشفيات ولا طرقات وكان الشعب اليمني قبل الثورة يعاني من التخلف والجهل والفقر والمرض ما لا يعانيه أي شعب في العالم حتى داخل القارة الإفريقية.
فالمدارس لا تتعدى أصابع اليد الواحدة حيث كان يوجد في صنعاء ثلاث مدارس وفي الحديدة مدرسة واحدة وفي تعز مدرسة واحدة وبعض الكتاتيب في بعض المدن، وهذه المدارس المحدودة للشعب بأكمله الذي ساوى تعداده في تلك المرحلة خمسة ملايين نسمة لقد تمكن الحكم الإمامي في فترة حكمه عبر مراحل الإمامة المتعاقبة أن يعزل الشعب اليمني عن العالم وأن يحرمه من أبسط مقومات الحياة وأغلق عليه كل الأبواب لدرجة أن المواطن لا يعرف في أغلب الأحوال غير قريته أو مدينته بحيث إنه لا يعرف مَن حوله وكان حكم الإمامة منغلقاً ومتخلفاً ومتحجراً لا يعرف عن مواصفات الحكم حتى الأشياء الأساسية وقد اتبع في حكمه للشعب اليمني سياسة التجهيل والتجويع والتضليل.
وفيما يخص نظام الإدارة والقضاء والضرائب والجباية فنظام الإدارة نظام متخلف وعتيق ورثه من الاستعمار التركي فليس هناك إدارات أو مؤسسات أو حكومة أو وزراء وكان الإمام هو كل شيء وإنما يوجد بجانب الإمام مجموعة من الكتبة الذين يقومون بالرد على شكاوى المواطنين ويوقع عليها الإمام، وقبل الثورة بأشهر عين الإمام وزراء للداخلية والمعارف والصحة والمواصلات دون أن يكون لهم رئيس للوزراء وكان الغرض من تعيينهم مساندة ولي عهده البدر قبل كل شيء وكانوا وزراء شكليين لا يستطيعون البت في أي شيء صغيراً كان أم كبيراً إلا بإذن من الإمام وكذلك القضاء، فالقضاء هو الإمام وهناك مجموعة من القضاة ليس لديهم أي استقلال قضائي ويتدخل الإمام في كل أعمال القضاء وتظل القضايا سنوات طويلة ولا تحل ويتقاتل الخصمان ويذهب أحدهما ضحية عدم الفصل في قضيتهم الشرعية وفي بعض الحالات يذهب الاثنان معاً ضحية لعدم الجزم في الأحكام أما الضرائب وطرق جبايتها فهي غريبة ولا توجد في أي بلد في العالم فالزكاة مثلاً بعد أن ينبت الزرع وفي بعض الحالات يكون معرضاً لكارثة.
يصل المخمن والذي يقدر أو يحدد الزكاة اللازمة على المزارع للدولة نقداً أو عيناً ويأخذ أجرته من المزارع مع الجنود المرافقين له وتساوي الأجرة في بعض الحالات الزكاة أو أكثر ويأتي بعده المتحصل الذي يتسلم الزكاة من المزارعين ويأخذ نفس المبلغ أو أكثر ويكون المزارع قد دفع لكليهما مضاعف الزكاة المحدد دفعها للدولة وطرق الجباية كانت طرقاً خبيثة وقذرة تسلب من المواطن قوته الضروري وفي بعض الحالات تسبب في مشاكل وحوادث يذهب ضحيتها المزارع والمواطن.
أما السجون ونظام الرهائن والتنافيذ فالسجون في نظام الإمامة ليس لها أي مواصفات فالقاتل والسارق والمجنون والسياسي يسجنون في مكان واحد لا فرق بين أحد منهم ويعاملون معاملة واحدة فالقيود الحديدية التي يكبل بها القاتل والمجنون والسارق يكبل بها السياسي وفي تلك السجون لا توجد نظافة ولا رعاية وكلها أماكن قذرة ويوجد في تلك السجون سجون انفرادية لا يدخلها إلا المغضوب عليهم من السجناء السياسيين ووسائل التعذيب في تلك الفترة تتمثل في وضع القاذورات داخل السجن والضرب بالعصي، ولو وجدت وسائل التعذيب الحديثة والتي انتقلت إلى بعض الدول أثناء الاستعمار لاستخدمها النظام الإمامي بكل سهولة.
أما علاقة نظام الإمامة بالأنظمة العربية المحيطة فكانت تتسم بالحذر واليقظة، وكانت العلاقات محدودة بالنسبة للعالم العربي لأن العزلة التي اختارها النظام الإمامي وحبذها وفرضها على الشعب اليمني حتمت عليه أن يمارسها على صعيد علاقاته الخارجية فعلى الصعيد العربي حجب عن الشعب اليمني وأحرمه من كل ما هو موجود في العالم العربي مثل التعليم والثقافة وما تتمتع به تلك الشعوب من حرية وعدالة اجتماعية حتى في ظل الاستعمار وبعد ثورة 23 يوليو 1952م المصرية التي أحدثت هزة داخل الأنظمة العربية الرجعية وعلى رأس تلك الأنظمة نظام الإمامة في اليمن حيث حاول الإمام أحمد الدخول في حلف ثلاثي بين مصر واليمن والسعودية وتم له ذلك وعقد اجتماع القمة الثلاثية في جدة وتم في 18 إبريل 56م التوقيع على ذلك الحلف ولكن الرئيس جمال عبدالناصر أعاد النظر في ذلك الحلف لأنه يخالف الشعارات التي رفعتها ثورة 23 يوليو 1952م وألغي ذلك الحلف وانتهى بعد فترة قصيرة مما دفع بالإمام أحمد إلى التنديد بثورة 23 يوليو الاشتراكية وزعامتها بنظم القصيدة الأرجوزة التي هاجم فيها الاشتراكية لكونها مخالفة للدين الإسلامي من وجهة نظره وساءت العلاقة بين مصر واليمن وبدأت الصحف والإذاعة في مصر تندد بالحكم الرجعي الإمامي المتخلف لعدائه الواضح للثورة المصرية أما علاقة النظام الإمامي ببقية الأقطار العربية فكانت محدودة جداً كما أن ليس له علاقات دولية بالمعنى المتعارف عليه مع بقية دول العالم سواء منها الشرقية أو الغربية ولم يكن لليمن أي تأثير إيجابي في المجال الدولي بل التأثير السلبي هو السائد في تلك الفترة من الحكم الإمامي.
فيما الحركة الوطنية كانت في وضع لا يمكنها من القيام بأي محاولة ضد الحكم الإمامي في تلك الفترة وخاصة بعد فشل حركة 1955م فالأحرار المتواجدون في الداخل. لازالوا يعانون الكثير من المتاعب نتيجة السجن الطويل والذي امتد سبع سنوات أما الذين في القاهرة أمثال أبي الأحرار القاضي محمد محمود الزبيري والأستاذ أحمد محمد نعمان ومجموعة من الأحرار فقد نشب خلاف بين الأحرار في القاهرة وأدى إلى انشقاق وانقسام كانت نتائجه عودة بعض الأحرار إلى الداخل وعلى رأسهم علي الجناتي وحسين المقبلي وكان شجبهم للزبيري والنعمان وتجيز تعاونهم مع الإمام أحمد حميد الدين قد ترك ردود فعل لدى الحركة الوطنية في الداخل وفعلاً وصلوا إلى الداخل وتم ذلك بمساعي العناصر التي كانت تتواجد في القاهرة والتي تمثل الإمام أحمد في القاهرة وكانت الحركة الوطنية في تلك الفترة تعاني من الضعف حيث كان نشاطها محدوداً وغير مجدٍ وفي بداية تكوين تنظيم الضباط الأحرار عاد إلى الحركة الوطنية نفسها وبدأت تلتقي مع بعض التجمعات الأخرى وبدأت كل الفئات تنظم لقاءاتها ببعض أعضاء التنظيم السري للضباط الأحرار وعاد نشاط الحركة الوطنية من جديد بغض النظر عما حدث مع انقسام داخل الحركة الوطنية في القاهرة.
كيف تمت عملية التنسيق في الإعداد للثورة بين التنظيم السري للضباط الأحرار وبقية الجماعات الوطنية الأخرى في الداخل والخارج؟ وماهي الفئات المشاركة في التحضير للثورة من العسكريين، العلماء، القبائل ، التجار ، المثقفين وغيرهم؟
بدأ التنسيق والإعداد للثورة منذ تكوين تنظيم الضباط الأحرار وكان التنسيق مع المجاميع المدنية الوطنية في الداخل من شباب ومثقفين ومشايخ وعلماء وعسكريين واستمر الاتصال بتلك الفئات في مرحلة الإعداد للثورة من قبل بعض الضباط الذين تم اختيارهم من قبل التنظيم وفي مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني والشهيد محمد مطهر ومن خلال القاضي عبدالسلام صبرة والمشير عبدالله السلال والفريق حسن العمري واللواء حمود الجايفي والعقيد حسين عنبة والعقيد غالب الشرعي والعقيد مجاهد حسن غالب والعقيد عبدالله الضبي والأستاذ أحمد المروني والتاجر علي محمد سعيد والتاجر عبدالغني مطهر والتاجر ناصر الكميم والتاجر محمد الجوفي والقاضي عبدالرحمن الإرياني وتم التنسيق مع كل الفئات في مختلف المدن اليمنية وفي كل مراحل الإعداد للثورة وكان الاتصال مستمراً حتى تم تفجير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م المجيدة، أما الاتصال الخارجي فكان مقتصراً على الثورة المصرية ومن خلال السفارة المصرية بصنعاء وعن طريق القائم بالأعمال محمد عبدالواحد وقد اختير لذلك الاتصال من قبل التنظيم الشهيد علي عبدالمغني الذي استمر في اتصاله بالقائم بالأعمال طوال مرحلة الإعداد للثورة وكانت نتائج ذلك الاتصال إيجابية ورافق مرحلة الإعداد دعم مصري معنوي التزمت به الثورة المصرية أثناء مرحلة الإعداد كانت عاملاً أساسياً للتنظيم لتوسيع قاعدته والإسراع في تفجير الثورة أما بالنسبة للإعداد والتخطيط للثورة فكان مقصوراً على تنظيم الضباط الأحرار ولا نقول إن الحركة الوطنية في الداخل كانت معزولة عما يدور داخل الجيش حيث كان لديها الفهم الكامل بأن شيئاً ما سيحدث من داخل الجيش ومن خلال تنظيم الضباط الذي لا يعرف أحد أعضائه وخلاياه حيث كان يمتاز ذلك التنظيم بالدقة والسرية رغم العلاقات الواسعة مع كل الفئات حتى داخل التنظيم فكل خلية لا تعرف عن الأخرى شيئاً.
ماهي المصادر الفكرية والسياسية التي تأثر بها تنظيم الضباط الأحرار وما مدى تأثير أهداف الثورة المصرية على أهداف الثورة اليمنية التي وضعها التنظيم؟ وماهي الأسباب في مقدمة أهداف الثورة ؟
المصادر الفكرية والسياسية التي تأثر بها التنظيم هي :
أولاً : تأثر التنظيم بنضال الحركة الوطنية وأشخاصها القياديين عبر مراحل النضال أمثال أحمد المطاع ومحمد محمود الزبيري وغيرهما من الرعيل الأول للحركة الوطنية هذا من وجهة نظري.
ثانياً : كانت هناك تنظيمات سياسية سبق وأن وجدت في العالم العربي والعالم الشرقي الاشتراكي قد بدأت أفكارها تتسرب إلى اليمن عبر عدد محدود من المجلات والصحف وبعض الكتب وأهم من ذلك كله هو تأثر التنظيم بالثورة المصرية وما رفعته من شعارات وبالرئيس جمال عبدالناصر بالذات إلى جانب أن أعداداً كبيرة من أبناء الشعب اليمني تأثروا بالثورة المصرية وبعبد الناصر نتيجة لسماعهم إذاعة صوت العرب ومن خلال المذيع أحمد سعيد لدرجة أن المواطن عند شرائه لجهاز الراديو يشترط على التاجر أن يسمعه صوت العرب “أحمد سعيد” أما تأثير أهداف الثورة المصرية على أهداف الثورة اليمنية فتلك الأهداف تتقارب في مضمونها أو قد تتساوى مع أهداف الثورة اليمنية غير أنه يجب التأكيد أن أهداف الثورة اليمنية قد صيغت من الواقع اليمني ومن واقع النضال الطويل للحركة الوطنية، وإن كانت تتساوى مع أهداف الثورة المصرية.. أما أسباب تبني النظام الجمهوري في مقدمة أهداف الثورة فهذا شيء طبيعي والواقع اليمني يتطلب ذلك ومرحلة 1962م تختلف عن 1948م و1955م ففي عام 1948م كان من الصعب إعلان النظام الجمهوري بديلاً لنظام الإمامة لأن الشعب اليمني لا يمكنه استيعاب ذلك في تلك المرحلة.
ومنذ تكوين الحركة الوطنية وفي كل الثورات والحركات كانت فكرة النظام الجمهوري كبديل للنظام الإمامي وإن كانت ثورة 1948م قد جاءت بالإمام عبدالله أحمد الوزير بدلاً من الإمام يحيى محمد حميد الدين وحركة 1955م أيضاً جاءت بالإمام عبدالله يحيى حميد الدين بدلاً من أخيه الإمام أحمد يحيى حميد الدين نظراً للظروف المحيطة لكون الواقع اليمني في كلتا الحالتين لا يساعد على تقبل النظام الجمهوري بديلاً من النظام الإمامي نظراً لعدم الوعي الشعبي وعدم استيعاب الجماهير لتغيير نظام الإمامة بنظام جمهوري وفي عام 1962م أصبح الشعب اليمني قادراً على التغيير ويرفض النظام الإمامي وخاصة بعد موت الإمام أحمد حيث أصبح لديه من الوعي ما يمكنه من استيعاب فكرة النظام الجمهوري بدلاً من النظام الإمامي الملكي المتخلف وهنا أدرك تنظيم الضباط الأحرار التغيير في النظام على أن يحل النظام الجمهوري محل النظام الملكي الإمامي وحدد ذلك في الهدف الأول من أهداف الثورة وهو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
هل شاركت قوى سياسية أخرى في جانب تنظيم الضباط الأحرار في عملية التنفيذ للثورة؟ وكيف تمت عملية التنسيق بين التنظيم وهذه القوى في مرحلة التنفيذ؟
في مرحلة التنفيذ شاركت الحركة الوطنية بكل فئاتها بقدر ما طلب منها للمشاركة وقد سبق التنسيق مع القوى السياسية والحركة الوطنية قبل تفجير الثورة ومن ضمن القوى التي شاركت في التنفيذ الشباب من أولاد المشايخ من الحداء وخولان وأرحب وحاشد وغيرهم من أبناء المشايخ ومن الشباب المثقفين الذين تواجدوا في مواقعهم قبل التنفيذ ليلة السادس والعشرين من سبتمبر1962م امثال الدكتور عبدالعزيز المقالح وأحمد المروني وحسن العمري والمرحوم عبدالله حمران وعبدالوهاب جحاف ومحمد البابلي وغيرهم من الشباب الذين يعملون في الإذاعة من فنيين ومذيعين وإداريين.
ماهي المواقف الحرجة التي جابهها التنظيم في فترة الإعداد للثورة وعند التنفيذ؟
في مرحلة الإعداد للثورة لم تكن هناك أي مواقف حرجة جابهها التنظيم وهناك موقف واحد عند التنفيذ فبعد موت الإمام أحمد يحيى حميد الدين تحددت ساعة الصفر في يوم 22 أو 23سبتمبر1962م وتواجد كل أعضاء التنظيم داخل الثكنات وكان الجميع في أتم الاستعداد وكان كل الضباط في تلك الفترة في انتظار أوامر التحرك، وفي الساعة التاسعة مساءً تأجلت الحركة وأشعر كل أعضاء التنظيم بالتأجيل إلى يوم ما، طبعاً هذا موقف حرج وفي نفس الوقت خطير على أعضاء التنظيم ويعتبر هذا خطأ كبيراً تتحمله قيادة التنظيم ومن حسن حظ التنظيم في تلك المرحلة أنه لا يوجد استطلاع حربي داخل الجيش ولا جهاز مخابرات للدولة فانتهت العملية بهدوء وانسحب كل الضباط عائدين إلى منازلهم، وقد سبب تواجد أعضاء التنظيم في تلك الليلة داخل الثكنات تكهنات واستفسارات من قبل بعض العساكر النابهين بأن هناك شيئاً يعد في الخفاء ويعتبر هذا الموقف من المواقف الحرجة جداً للتنظيم وخطأ ارتكبته قيادة التنظيم أثناء الإعداد وقبل تفجير ثورة 26 سبتمبر 1962م بيومين أو ثلاثة أيام فقط.
هل وجدت أي اتصالات بين تنظيم الضباط الأحرار وبين قيادة الثورة المصرية ؟ وما هي أوجه الدعم الذي قدمته الثورة المصرية في عملية الإعداد والتنفيذ؟ وكيف كانت تتم هذه الاتصالات؟
سبق الإيضاح عن هذا السؤال في الرد على السؤال الثالث وتأكيداً لما سبق ذكره فقد كان الاتصال بالثورة المصرية عبر مراحل الإعداد والتحضير للثورة وعن طريق السفارة المصرية بصنعاء من خلال القائم بالأعمال المرحوم محمد عبدالواحد رحمه الله أما وجه الدعم الذي قدمته الثورة في مرحلة الإعداد والتنفيذ فلم يكن سوى دعم معنوي يتمثل في التزام الثورة المصرية بدعم الثورة اليمنية ومناصرتها ضد أي عدوان خارجي وتعتبر تلك الوعود التي أبلغت بها الثورة المصرية تنظيم الضباط الأحرار أهم دعم تقدمه القيادة المصرية للتنظيم في تلك المرحلة وكان يقوم بذلك الاتصال الشهيد علي عبدالمغني الذي اختير لذلك العمل من قبل تنظيم الضباط الأحرار.
هل يمكن أن تذكر أسماء الأفراد الذين شاركوا معك في الإعداد والتنفيذ للثورة ؟ وما هو الدور الذي قمت به شخصياً ؟ وهل استشهد أحد من زملائكم؟
سبق الرد على جانب من هذا السؤال والمتعلق بالأشخاص الذين شاركوا في الإعداد والتنفيذ في الإجابة على السؤال رقم “5” بالنسبة للقوى السياسية التي شاركت في الإعداد والتنفيذ وبالنسبة للأفراد فقد وردت أسماؤهم في كتاب أسرار ووثائق الثورة اليمنية والذي أعدته لجنة من الضباط أما الذين استشهدوا وقت التنفيذ ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م فهم طقم دبابة الشهيد محمد الشراعي حيث كانوا داخل الدبابة بجانب قصر البشائر مقر الإمام البدر وأحرقت الدبابة صباح الثورة واستشهد عبدالرحمن المحبشي ومحمد الشراعي ومن كان بجانبهم.
هل استمر دور القائمين بالثورة ؟ وهل استمرت القيادة السياسية في يد تنظيم الضباط الأحرار ؟ أم برزت قيادات أخرى؟ وما هي العوامل والظروف التي أدت إلى ذلك؟
دائماً دور الثائر الحقيقي في أي ثورة أو حركة لا ينتهي بانتهاء نظام ما أو شخص ما فالثائر يظل ثائراً على كل شيء حتى يحقق تلك المبادئ والأهداف التي ثار من أجل تحقيقها والثورة هي سلوك وأخلاق واستمرارية في النضال.
وبعد تمكن الإمام البدر من الهرب ترك معظم الضباط مواقعهم القيادية والتي حددها التنظيم في المرحلة الأولى وانشغلوا بمطاردة الإمام البدر وهروب البدر كان نتيجة خطأ ارتكبته جماعة الاقتحام للقصر الملكي المسمى دار البشاير، وبعد أن عرفت بعض القبائل بأن الإمام البدر هرب بدأت بعض التمردات في صعدة ومأرب وغيرها وبدأ معظم القياديين في الإسراع لإخماد تلك التمردات حتى الذين عينوا في أول حكومة للثورة كوزراء وأنا واحد منهم انشغلنا بتلك التمردات وتوزعنا على كثير من المناطق ولم يبق بجانب المشير السلال إلا القليل أمثال الأخ عبدالله جزيلان ، الأخ عبداللطيف ضيف الله وغيرهما من الضباط وبحكم انشغال معظم الضباط بالمعارك كان طبيعياً تسليم القيادة للآخرين ورفض أي مناصب وزارية فقد كنت يومها وزير العمل فلم أعط ذلك المنصب أي أهمية وذهبت إلى خولان لأقود حملة وأخوض معركة شرسة استمررت فيها ثلاثة أشهر حتى وصلت الوتدة على مدخل وادي حباب فوق صرواح وهكذا معظم الضباط كنا ننتقل من معركة إلى أخرى بكل إيمان وشجاعة لإخماد أي تمرد والحرب هي السبب الرئيسي لترك الضباط القيادة السياسية وظروف المعركة هي العامل الوحيد لترك القيادة.
ما هي معرفتكم بدور القوى التي دافعت عن الثورة والجمهورية منذ عام 1962م حتى عام 1968م ومن هي هذه القوى من القوات المسلحة والأمن والقبائل وغيرهم من أبناء الشعب اليمني بشطريه؟
قبل أن نذكر دور القوات المسلحة والأمن وكل فئات الشعب اليمني في الدفاع عن الثورة الذي يعتبر واجباً وطنياً على كل يمني، وقد شارك بالفعل في الدفاع عن الثورة والجمهورية كل الفئات الشعبية العسكرية والمدنية ونريد أن نذكر بإيجاز دور الثورة المصرية في الدفاع عن الثورة اليمنية ووفائها للوعد الذي قطعته على نفسها في مرحلة الإعداد للثورة اليمنية، ففي الأيام الأولى للثورة وبعد أن عرفت القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بأن هناك تأمراً على الثورة اليمنية وأن الاعتداء الخارجي قد بدأ في تسريب الأسلحة إلى الداخل وبدأت التمردات في بعض مناطق الأطراف ما إن وصلت تلك المعلومات إلى القاهرة إلا وبدأ ترحيل الطلائع من الجيش المصري وفي البداية كانت كتيبة وعلى رأسها علي عبدالخبير وتبعه بعد ذلك الفريق أنور القاضي وتزايدت القوات المصرية عبر مراحل الدفاع عن الثورة حتى وصلت إلى ثمانين ألف جندي في عام 1967م لذلك فإن دور الثورة المصرية في الدفاع عن الثورة اليمنية يعتبر دوراً مشرفاً ويعتبر دوراً عربياً قومياً أصيلاً وسيظل ذلك الدور العظيم رمزاً وديناً على الشعب اليمني ستذكره الأجيال القادمة من بعدنا وتعتز بما قدمته الجمهورية العربية المتحدة من مساعدات عسكرية ومادية ومعنوية وسياسية للشعب اليمني في دفاعه عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م المجيدة خلال سبع سنوات.. أما دور الشعب اليمني بشطريه في الدفاع عن الثورة والجمهورية ودور القوات المسلحة والأمن فكان دوراً بطولياً سيذكره التاريخ ويخلده في أنصع صفحاته فالشعب اليمني بشطريه وبكل فئاته قد جند نفسه منذ اللحظات الأولى للثورة ووقف بجانب قواته المسلحة والأمن في كل مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية وبجانبه القوات المصرية وانخرط في الحرس الوطني الكثير من أبناء الشعب اليمني بشطريه والتحق بالجيش الشعبي الكثير من أفراد الشعب حيث كان هذا الجيش يقاتل في كل الجبهات بجانب القوات المسلحة اليمنية والقوات المصرية.. أما بالنسبة للذين كانوا يصلون من الشطر الجنوبي من الوطن من عدن ويافع ودثينة وردفان والشعيب والضالع والعوالق والذين جندوا أنفسهم بجانب إخوانهم في الشمال للدفاع عن الثورة والجمهورية وبحكم منصبي في تلك المرحلة وهي مرحلة الدفاع عن الثورة والجمهورية كوزير للدفاع فقد أصدرت أوامر مستديمة فيما يتعلق بالإخوة الذين يصلون من الجنوب بأن يتم تسجيلهم وإرسالهم إلى جبهات القتال لفترة ستة أشهر فقط وبعدها يتم استبدالهم ليذهبوا إلى الجنوب للمشاركة في حرب التحرير لطرد الاستعمار البريطاني من الجنوب اليمني المحتل ولا شك بأن المعارك الضارية التي أشعلها أعداء الشعب اليمني وأعداء الثورة قد كلفت الكثير واستنزفت كل الإمكانيات وخسر الشعب اليمني الكثير من أعز أبنائه وأكبر قاداته خلال سنوات الحرب الطاحنة التي فرضها أعداء الثورة وأعداء الشعب اليمني.
ما هي المعارك التي شاركتم فيها؟ وهل لديكم معلومات عن المعارك التي خاضتها الثورة، وكيف كانت نتائجها وهل تذكرون أبرز القادة الشهداء؟
هذا السؤال بحاجة إلى شرح طويل ولكني سوف أختصر الإجابة قدر الإمكان: بالنسبة للمعارك التي شاركت فيها فأنا كغيري من الذين دافعوا عن الثورة والجمهورية وقد شاركت في تلك الحرب التي اتخذت شكل حرب العصابات وكما هو معروف فحرب العصابات أصعب من الحرب المنظمة وقد شاركت في مناطق كثيرة ولعدة مرات وخاصة مناطق القبل المحيطة بصنعاء مثل خولان وبني حشيش وسنحان وبلاد الروس وبني مطر والحيمتين وعيال سريح والجبل وبني الحارث وهمدان حتى في مناطق الأطراف فقد وصلت إلى رازح واستمررت فيها ثلاثة أشهر وكنت يومها وزيراً للدفاع وفي خولان أيضاً ذهبت في الأيام الأولى للثورة وكانت فترة صعبة لأن الأسلحة المرسلة من القوى المعادية وصلت إلى خولان من بيحان ونجران في الأيام الأولى للثورة واستمررت في خولان حتى وصلت مع القوات إلى الوتدة وبعدها كانت الطريق قد نسفت بالألغام ومن الصعب إصلاحها وكنت مهتماً بالقبائل المجاورة لصنعاء مثل بني حشيش وبني الحارث وسنحان وبلاد الروس وبني مطر وهمدان وقد شاركت في كل المعارك التي حدثت في هذه المناطق المجاورة لصنعاء وكان تمرد تلك القبائل دائماً وتخضع للقوة بين الحين والآخر وتتمرد عند سنح أي فرصة للتمرد وخاصة بعد موسم الحصاد واستمرت الأحداث بهذا الشكل لفترة سبع سنوات أما المعارك التي خاضتها الثورة فهي كثيرة جداً ووصلت إلى أربعين جبهة في بعض الأوقات وفي مختلف المناطق الشمالية والشمالية الغربية والمناطق الشرقية وكانت تلك الحرب حرب عصابات يصعب على الجيش المنظم القضاء عليها فهي تختفي عند وجود القوة وتعود من جديد وهناك الكثير من القادة العسكريين والشباب من المشائخ الذين برزوا من خلال الحرب وقد استشهد في تلك الحرب الكثير من أبناء الشعب اليمني ومن كبار قادته وأعز المناضلين سواء كانوا ضباطاً أو صف ضباط أو جنوداً أو موظفين أو سياسيين مدنيين ونظراً لعدم وجود إحصاء دقيق لأولئك الشهداء الأبطال الأبرار لا يستطيع المرء إلا أن يذكر أبرز القادة أمثال الشهداء أبي الأحرار محمد محمود الزبيري وعلي عبدالمغني، محمد مطهر زيد، محمد الصباحي، علي الأحمدي، محمد الرعيني، هادي عيسى، صالح أحمد العروسي، محمد الحمزي، حسين الزين، محمد الوادعي، صالح الرحبي، مثنى الحضيري، أحمد الكبسي، عبدالرحمن المحبشي، محمد الشراعي، قاسم الأمير، علي حسين الكبسي، الشيخ صالح بن ناجي الرويشان، أحمد بيدر، محمد الديلمي، علي سعد الربيع، أحمد عبدالوهاب الآنسي، أحمد السماوي، الشيخ أحمد عبد ربه العواضي، الشيخ عبده كامل، عبدالرقيب عبدالوهاب والذي قتل في ظروف غامضة أو بالأصح قتل نتيجة تآمر المجلس الجمهوري عام 1968م بعد خروجه من الجيش وقد أصبح مواطناً عادياً وقد لعب دوراً أساسياً مع زملائه في الدفاع عن الثورة والجمهورية وخاصة في حصار السبعين يوماً عندما تولى رئاسة الأركان في تلك الفترة ومن الصعب جداً ذكر كل الشهداء لعدم وجود الإحصاء الدقيق لدى لأولئك الشهداء وسوف يقدم الكشف الكامل فيما بعد.
ما هو دور مجموعة الضباط الأحرار في مرحلة الدفاع عن الثورة؟
وما هي الظروف الجديدة التي مكنت غيرهم من المشاركة والوصول إلى موقع القيادة السياسية للثورة في هذه المرحلة؟ وما هي السلبيات التي ظهرت في هذه المرحلة إن وجدت؟ وهل كان في الإمكان تجنبها؟ وكيف؟
بالنسبة لدور مجموعة الضباط الأحرار في مرحلة الدفاع عن الثورة فدورهم كغيرهم من فئات الشعب ففي الأيام الأولى توزعوا على المناطق التي حدث فيها التمرد وبدافع وطني وثوري تاركين وراءهم القيادة السياسية لمن يريدها ويطمح فيها حتى الذين تعينوا في أول حكومة للثورة وأنا أحدهم فقد عينت وزيراً للعمل ولم يخطر على بالي بأني في يوم من الأيام سأباشر عملي كوزير للعمل لأني كنت أعرف مسبقاً بأن المعركة ستطول ولدي تصور لما ستواجهه الثورة من مؤامرات داخلية وخارجية، واستمرت مجموعة الضباط الأحرار في الدفاع عن الثورة وبجانبهم ضباط التحرير وضباط مدرسة الإشارة وكافة الجيش وضباطه والأمن الذين هم خارج التنظيم وكل فئات الشعب وعندما تخرجت أول دفعة من الكلية الحربية وهي الدفعة الأولى التي لم تستمر أكثر من عام واحد داخل الكلية نظراً لظروف المعركة وتوزعوا على الوحدات الجديدة وذهبوا مع وحداتهم إلى جبهات القتال بجانب من سبقوهم من ضباط الجيش والأمن، واستمر تخرج تلك الدفع من الكلية الحربية وتوزعوا على الوحدات في مختلف الأسلحة وعبر كل مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية وقد أسهموا إسهاماً فعالاً ولعبوا دوراً أساسياً في الدفاع عن الثورة ودافعوا دفاع المستميت واستشهد الكثير منهم ومن كل الدفعات التي تخرجت من الكلية الحربية بعد الثورة فقد تصدوا مع كل فئات الشعب والجيش والأمن لتلك الحرب التي فرضها أعداء الشعب اليمني وأعداء ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م الخالدة، أما الظروف التي مكنت الآخرين من المشاركة والوصول إلى مواقع القيادة السياسية فهي الصمود والاستمرار في الدفاع عن الثورة والجمهورية ولا شك أن الظروف التي وجد فيها الضباط الأحرار غير الظروف التي وجد فيها الآخرون ولا ننسى أن هناك ظروفاً محلية وخارجية مكنت الآخرين من الوصول إلى القيادة السياسية بحكم مواقعهم الهامة التي وصلوا إليها خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات.
ما هي طبيعة الخلافات السياسية والفكرية التي نشأت داخل الصف الجمهوري في مرحلة الدفاع عن الثورة؟
وهل هي ناتجة عن غياب التنظيم ؟ أو دور القوى المعادية للثورة؟ أو ضعف الوحدة الفكرية والسياسية؟ أم هناك عوامل أخرى ؟
بالنسبة للخلافات السياسية والفكرية التي نشأت في داخل الصف الجمهوري كانت موجودة بين الأحرار قبل الثورة وفي صف الحركة الوطنية وجاءت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وجاء معها كل المختلفين وانعكست الخلافات على الآخرين سواء كانوا من تنظيم الضباط الأحرار أو غيرهم من الشباب واستطاعت القوى المعادية للثورة والثورة المضادة أن توسع الخلافات داخل الصف الجمهوري وأن تؤثر على بعض المجاميع فمثلاً مؤتمر عمران عام 63م كانت تلك المجاميع تعتقد أنها من خلال المؤتمر سوف تغير كل شيء وحاولت أن تخلق متاعب للثورة لأن البعض من هذه المجاميع كان ولا يزال متأثراً بالإمامة والملكية وأطلقت على نفسها اسم القوى الثالثة أي إن الأولى الجمهورية والثانية الملكية والثالثة الدولة الإسلامية وإن لم يفصحوا عن ذلك في الداخل في حينه فقد أعلنوا عنها وهم خارج اليمن وفي مؤتمر الطائف عام 65م الذي ضم الجمهوريين والملكيين من المشائخ والمدنيين وبقية أسرة حميد الدين واتفقوا على إلغاء النظام الجمهوري وقيام الدولة الإسلامية بديلاً من النظام الجمهوري ووقع على تلك الوثيقة جميع المؤتمرين من ملكيين ومشائخ جمهوريين وعددهم ثمانون شيخاً من كبار المشائخ وأربعمائة وستون من القيادات السياسية والمتأثرين بالنظام الملكي والقياديين من الجبهة الثالثة والتي كان يتزعمها في تلك المرحلة إبراهيم بن علي الوزير وكان ذلك في مؤتمر الطائف تاريخ 8/ 10/ 1965م وقد ترك ذلك الاتفاق ردود فعل غير عادية في الداخل لدى الشعب اليمني بكل فئاته وعقد مؤتمر في الجند في تلك الفترة وتم شجب اتفاق مؤتمر الطائف ورفضه جملة وتفصيلاً وحضر ذلك المؤتمر أغلبية المشائخ الذين سبق وأن وقعوا في الطائف على الدولة الإسلامية ورفضهم للدولة الإسلامية في مؤتمر الجند أتى بعد ضغط شعبي ومن الجيش والأمن بالذات أما عوامل الخلاف بين الصف الجهوري فلم يكن سببه غياب التنظيم وإنما كان بسبب ضعف الوحدة الفكرية والسياسية من جهة ودور القوى المعادية من جهة أخرى هذه القوى تمكنت من التسلل إلى بعض المجاميع وأغرتها ببعض المرتبات التي كانت توزع شهرياً وبطريقة سرية لكثير من الشخصيات وكبار المشائخ بعد أن عرفت القوى المعادية تلك الشخصيات من خلال المؤتمر وخاصة بعد مؤتمر الطائف.
هي الجماعات التي عارضت الثورة بقناعات عقائدية؟
ماهي الفئات التي عارضت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر؟ وما هي الأساليب التي اتبعت من قبل القوى المعادية للثورة في تضليل بعض أبناء الشعب؟ وما هي الجماعات التي عارضت الثورة بقناعات عقائدية؟
ليس هناك أي فئة أو مجموعة معينة عارضت الثورة سوى البقية الباقية من أسرة آل حميد الدين وركائزهم ويعدون بالأصابع والمعارضة كانت خارجية أكثر من أن تكون داخلية وبعد هروب الإمام البدر وبسبب البعض من المشائخ وبعض ركائز الحكم الإمامي تم تكوين تلك المعارضة للنظام الجمهوري وكانت تلك المعارضة تسمى بالملكيين وعلى رأسهم الإمام البدر محمد حميد الدين وقد وفرت القوى الرجعية كل وسائل الخراب والدمار كما وفرت لهم الأسلحة بمختلف أنواعها وأيضاً وفرت للملكيين الأموال الطائلة وفتحت المعسكرات للتدريب وأوجدت إذاعة باسم الملكيين واستقدمت المرتزقة الغربيين وقدمت لهم كل الإمكانيات لغرض إسقاط الثورة وعودة الملكيين إلى الحكم ولكنها كانت محاولة فاشلة عبر مراحل الحرب والتي استمرت ثماني سنوات أما الأساليب التي اتبعت في تضليل أبناء الشعب اليمني فهي كثيرة منها أن الجمهورية تخالف الدين الإسلامي وأن الثورة بتدبير خارجي وأن المصريين يحتلون اليمن وأن الشيوعية مسيطرة على البلاد مستغلين ظروف التخلف والجهل المنتشر في اليمن من جراء الحكم الإمامي الكهنوتي ولقد اتبعوا تلك الأساليب إلى جانب اشعال الحرب وكانت على شكل حرب العصابات حيث تواجدت تلك العصابات داخل كل القبل في المنطقة الشمالية والشمالية الغربية والشرقية وهي مزودة بكل أنواع الأسلحة والألغام وتم تعيين مقادمة من مشايخ تلك المناطق وأعطيت لهم كل الامكانيات وساعدهم في استخدام الأسلحة مرتزقة غربيون وخاصة المدفعية الهوزر والصواريخ وكانت تلك العصابات تقوم بتلغيم الطرقات وقطعها ومهاجمة الحملات والوحدات التي كانت ترسل إلى مناطق التمرد وتعوق سيرها واستمرت تلك الحرب دون أن تحقق تلك العصابات أي شيء رغم تواجدها في القبل المحيطة بصنعاء ورغم وجود الإذاعة وتضليل البعض من القبائل لم يتمكن الملكيون من تحقيق أي نصر على النظام الجمهوري رغم الدعم المادي والعسكري والمعنوي والسياسي غير المحدود من قبل القوى الرجعية والأجنبية، أما الجماعات التي عارضت الثورة بقناعة وبدون مقابل فهي بعض القبائل الشمالية الغربية والتي تسكن الجبال العالية والمعزولة نتيجة الجهل والفقر الذي تعاني منه تلك المنطقة فقد وقفت مع المعارضة الملكية ولفترة قصيرة حين بدأ أبناؤها من الشباب الواعي ينتشرون داخل المنطقة واستطاعوا أن يؤثروا على الكثير منهم داخل المنطقة.
ما هو تقييمكم للدور الذي لعبته القوى الخارجية المعادية للثورة في دعم واستمرار العمليات المضادة للثورة “ سياسياً وعسكرياً”؟
لا شك أن الدور الذي لعبته القوى الخارجية المعادية للثورة كان دوراً غير عادي فالقوى المعادية للثورة جندت كل إمكانياتها السياسية والعسكرية من اللحظات الأولى للثورة فمن الناحية السياسية حالت دون الاعتراف بالنظام الجديد في اليمن وحرضت أصدقاءها بعدم الاعتراف بالنظام الجمهوري أما الناحية العسكرية فقد وفرت وأمدت الملكيين بكل احتياجاتهم من المال والسلاح والتدريب والمؤن والعلاج كما أمدتهم بالمرتزقة الغربيين وفرضت معركة وحرباً طويلة الأمد استمرت ثماني سنوات قدم فيها الشعب اليمني الثمن غالياً من أعز أبنائه وأبرز قادته وكل إمكانياته، وكان لتلك القوى المعادية هدفان من وراء تلك الحرب أما الهدف الأول فهو إسقاط الثورة اليمنية وإعادة القوى المتخلفة والمتمثلة بالإمامة لتحكم اليمن والهدف الثاني إضعاف الجيش المصري ومحاربة عبدالناصر وإسقاط النظام والثورة في مصر وكانت تقف وراء ذلك كل القوى المعادية للرئيس الراحل جمال عبدالناصر فالغرب ومعظم الدول الرجعية التي كانت تقف ضد الثورة المصرية وجدت المناخ المناسب لمحاربة عبدالناصر عن طريق إضعاف الجيش المصري وإرهاقه من خلال الحرب ولأن تلك الدول تلتقي مع الكيان الصهيوني في إسقاط الثورة المصرية وإسقاط الثورة اليمنية وإسقاط عبد الناصر لأن مساندة عبدالناصر للثورة اليمنية وتواجد القوات المصرية يهدد مصالح الغرب في المنطقة ويشكل خطورة على الأنظمة الرجعية في المنطقة ولذا استمرت القوى المعادية في تصعيدها للحرب وتآمرت كل القوى المعادية للسلام ودفعت الكيان الصهيوني للعدوان على الأمة العربية وفي مقدمتها مصر من خلال حرب عام 1967م وكانت نتائج تلك المؤامرة الدولية من قبل الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل نكسة عام 1967م والتي لا يزال العالم العربي من جرائها يعاني الكثير من المتاعب والاعتداءات المتكررة وفي المقدمة الشعب العربي الفلسطيني إضافة إلى نتائج تلك الحرب المباشرة والمتمثلة في احتلال بعض الأراضي العربية من قبل العدو الصهيوني.
هل تتذكرون الدول التي وقفت مع الثورة والنظام الجمهوري؟ وما هي أشكال الدعم التي كانت تقدمها؟
لعل أكثر الدول التي وقفت مع الثورة والنظام الجمهوري وجندت كل إمكانياتها المدنية والعسكرية والسياسية هي جمهورية مصر العربية فقد تحملت في سبيل الدفاع عن الثورة والجمهورية ما لا تتحمله أي دولة من الأشقاء والأصدقاء وضحت بكل إمكانياتها البشرية والمادية منذ الأيام الأولى للثورة فدور مصر العربية في الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري دور لا ينسى وسيظل ذلك الدور مشرقاً تتذكره الأجيال القادمة فمصر عبدالناصر قدمت الكثير والكثير للأمة العربية والبلدان الإفريقية في مرحلة التحرر من الاستعمار والاستبداد وسيظل ذلك الدور العربية وضاء عبر التاريخ الحديث والمعاصر ولا ننسى دور بعض الدول العربية كالجزائر والكويت والعراق وسوريا التي أرسلت الطيارين السوريين في أصعب الظروف التي كانت تعاني منها بعد النكسة وفي أحلك الظروف بالنسبة للثورة اليمنية بعد انسحاب القوات المصرية من اليمن وقد قام أولئك الطيارون السوريون مع الطيارين اليمنيين بدور هام خلال حصار السبعين يوماً وخلال الدفاع عن الثورة والجمهورية في تلك الفترة الصعبة والتي يترتب عليها مصير النظام الجمهوري والثورة، أما دولة الكويت فتأتي مساعداتها كثاني دولة تقف بجانب الثورة اليمنية فالمساعدات التي قدمتها دولة الكويت تمثلت في شكل مدارس ومستوصفات وجامعة صنعاء بمختلف كلياتها ومرافقها هذا الصرح الشامخ المنير يعتبر من أهم المساعدات التي قدمتها دولة الكويت لبناء جيل متعلم ساعد الثورة على خلق جيل واعٍ وتخريج كوادر متعلمة توزعت في كل المؤسسات والمصالح والوزارات أما الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي فقد وقفت مع الثورة من اللحظات الأولى واعترفت بالنظام الجمهوري وقدمت المساعدات والأسلحة عبر مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية وكان موقف الدول الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي إلى جانب الثورة والجمهورية عبر مراحل النضال وحتى اليوم وقد ساعد الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية في تأهيل وتدريب كثير من الكوادر الذين أرسلوا في بعثات دراسية وفي مختلف التخصصات وهم اليوم يساهمون في عملية البناء والتنمية في كافة المرافق الخدمية والإنتاجية.
كيف تقيمون دعم الثورة المصرية للثورة اليمنية والإيجابيات والسلبيات على المستوى السياسي والعسكري؟
بالنسبة لدعم الثورة المصرية اليمنية أستطيع القول إنه كان دعماً غير محدود وقد تمثل ذلك الدعم في النواحي العسكرية والسياسية والمادية والمعنوية وفي مختلف المجالات وسيظل ذلك الدعم صفحة ناصعة في تاريخ الشعب المصري ورئيسه الراحل جمال عبدالناصر الذي سخر كل إمكانياته المادية والعسكرية والسياسية في سبيل الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري.
أما السلبيات فيتحملها اليمانيون أكانت على المستوى السياسي أو العسكري ويتحمل نتائج ذلك الجانب اليمني أكثر من الجانب المصري أما الإيجابيات لذلك الدعم فهي أكثر بكثير من تلك السلبيات والتي كان لا بد من وجودها نتيجة لعدم استيعاب الآخرين لتلك المساعدات وذلك الدعم المصري للثورة اليمنية والذي استمر سبع سنوات ضحى فيها الشعب المصري بكثير من أبناء قواته المسلحة كما قدم كل المساعدات التي تمكن الشعب اليمني من الدفاع عن ثورته المجيدة.
كيف كان وضع القوات المسلحة والأمن بعد عودة القوات المصرية إلى مصر؟ وما الدور الذي قامت به مع بقية فئات الشعب اليمني في الاستعداد لصد الهجمة المعادية للنظام الجمهوري؟
بعد انسحاب القوات المصرية من اليمن في عام 1967م لا شك أنها تركت فراغاً من الناحية العسكرية وكان وضع الجيش في ذلك الحين وبعد حرب سبع سنوات ليس بالشكل الذي تتطلبه تلك المرحلة سواء من ناحية العدد أو التسليح أي الكم والكيف ولكن أستطيع القول إن الجيش اليمني ومن خلال الحرب الطويلة كان قد اكتسب خبرة كافية تمكنه من صد أي هجوم يحدث وبالعدد القليل أيضاً بالنسبة للأمن، وقد وجدت لدى القوات المسلحة خبرة قتالية مكنتها من صد العدوان عام 1967م على صنعاء من قبل أعداء الثورة والنظام الجمهوري وأثبتت جدارتها في التصدي لتلك الهجمات الشرسة والتي تكررت خلال أيام الحصار فبعد وضع الخطة للدفاع عن صنعاء وإعادة توزيع الوحدات بحسب تلك الخطة والسيطرة على المواقع الاستراتيجية حول صنعاء بدأت القوى المعادية للثورة بحشد كل إمكانياتها المادية والعسكرية واستغلت فرصة انسحاب القوات المصرية من اليمن فبدأت تحشد أكبر عدد من الأسلحة والخبراء والقبائل ودفعت بهم حول صنعاء معتقدة أنها ستسقط صنعاء خلال أيام وتمكنت من محاصرة صنعاء وقطعت كل الطرق المؤدية من وإلى صنعاء والتي تربط العاصمة بالمدن الأخرى وبدأت بضرب العاصمة وبالذات القيادة العسكرية والمطارات والإذاعة والقصر الجمهوري، ومعظم المراكز الحكومية وتصدي الجيش والأمن وعدد بسيط من الجيش الشعبي والمقاومة الشعبية لتلك الهجمات ليلاً ونهاراً ودافع عن صنعاء وعن الثورة والجمهورية ببطولة نادرة برغم قلة العدد فقد قام الجيش وبجانبه الأمن بدور غير عادي خلال حصار السبعين يوماً وكانت المواقع التي يحتلها الجيش تشتعل من جراء استمرار الهجوم عليها من قبل أعداء الثورة ولكنه صد تلك الهجمات ودافع عن الثورة ببسالة وشجاعة غير عادية رغم الضرب على المواقع بالمدفعية من قبل أعداء الثورة والمرتزقة لكنه لم يتزحزح أي جندي عن موقعه ولم يحقق أعداء الثورة خلال السبعين يوماً أي نصر يذكر وظلت القوات المسلحة والمقاومة الشعبية ومجموعة الجيش الشعبي يصدون تلك الهجمات بكل شجاعة وبكل إيمان وكان شعار الجيش في تلك المرحلة وفي تلك المواقع هو« الجمهورية أو الموت» وكان الأشقاء والأصدقاء قد وضعوا تقديراتهم من خلال الفراغ الذي تركته القوات المصرية فكانت الإذاعات والصحف تعلن بأن صنعاء سوف تسقط خلال أربعة أيام ولكن صمود الجيش والأمن نسف تلك التقديرات، واستمر الحصار سبعين يوماً، قدم الجيش وقوات الأمن وأفراد الشعب الكثير من الشهداء في تلك الملحمة البطولية النادرة، وأنا أعتبر حصار السبعين يوماً والانتصار على أعداء الثورة يساوي ليلة الثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م المجيدة.
ما هو تأثير ثورة 26 سبتمبر في نظركم على قيام الثورة المسلحة في الشطر الجنوبي من الوطن ضد الاحتلال البريطاني؟ وخاصة على المستوى السياسي والعسكري، وهل كان توجه الحركة الوطنية في الشطرين قائماً على تأكيد وحدة الكيان السياسي اليمني؟ وما هي العوامل التي أدت إلى تعويق إعادة الوحدة؟.
عندما أعلن عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م المجيدة في الشمال لاشك بأن الاستعمار البريطاني توقع حدوث ثورة في الجنوب وتأثير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كبير وكبير جداً على قيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر فقد مثلت ثورة 26 سبتمبر خلفية صلبة ونقطة انطلاق لثور 14 أكتوبر كما أن ثورة 26 سبتمبر أيقظت الأخوة في الجنوب وهزت مشاعر الشعب اليمني بشطريه وأوجدت لديه القناعة لطرد الاستعمار البريطاني من الشطر الجنوبي من الوطن، وبدأت الثورة في الجنوب بتكوين نفسها معتمدة على مساعدة الشطر الشمالي من الوطن وكما كانت عدن قاعدة للأحرار تحولت صنعاء وكل المدن اليمنية قاعدة للثوار من أبناء الشطر الجنوبي من الوطن وبدأ النضال ضد الاستعمار وتفجرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م من جبال ردفان بقيادة الجبهة القومية وقامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بدعم الثورة في الجنوب سياسياً وعسكرياً ومادياً، أما بالنسبة للوحدة فكانت القناعة لدى الحركة الوطنية للشطرين بضرورة إعادة الوحدة وكان توجه الحركة الوطنية اليمنية قائماً على هذا الأساس وكل الشعارات التي رافقت العمل الوطني والكفاح ضد الاستعمار البريطاني وأدبيات الحركة الوطنية اليمنية عموماً تدعو وتؤكد ضرورة إعادة الوحدة اليمنية وما التفاف الشعب اليمني بشطريه حول ثورة 26 سبتمبر 1962م في الأيام الأولى لقيامها و14 أكتوبر 1963م إلا برهان على وحدة الشعب اليمني وقد أكد على ذلك الهدف الخامس من أهداف الثورة: العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.