انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    إعلان البحرين يؤكد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فورا    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تمييز وعنصرية.. اهتمام حوثي بالجرحى المنتمين للسلالة وترك الآخرين للموت    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الرئيس العليمي: مليشيات الحوثي تواصل الهروب من استحقاق السلام ودفع روات الموظفين إلى خيار الحرب    موقف بطولي.. مواطنون يواجهون قياديًا حوثيًا ومسلحيه خلال محاولته نهب أرضية أحدهم.. ومشرف المليشيات يلوذ بالفرار    إصابة مواطن ونجله جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات شمال لحج    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    أسباب أزمة الخدمات في عدن... مالية أم سياسية؟؟!!    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    من يقتل شعب الجنوب اليوم لن يسلمه خارطة طريق غدآ    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    أوقفوا هذا العار.. إعلان إسرائيلي غاضب ضد ''توكل كرمان'' بسبب تصريحاتها الجريئة عن حرب غزة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل أحمد ناصر عوض العجي ل «الجمهورية»:
ثورة سبتمبر كانت ضرورة شعبية للنهوض بأوضاع اليمن
نشر في الجمهورية يوم 02 - 10 - 2014

المناضل أحمد ناصر عوض العجي من مواليد عام 1944م منطقة قرن الأسد بمديرية العرش برداع محافظة البيضاء ، والتحق بالكلية الحربية في الأسبوع الأول من قيام الثورة 1962م وهو من أوائل المناضلين الذين هبوا للدفاع عن ثورة سبتمبر وكانت له العديد من الأدوار البطولية والوطنية المشرفة، نلتقي به اليوم وهو يحدثنا عن مراحل عصيبة في عمر ثورة سبتمبر وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالمؤامرات والانقلابات والتهميش للوطنيين والمناضلين الشرفاء منذ ثورة سبتمبر الخالدة..
المناضل أحمد العجي تاريخ لكتاب لم يقرأ بعد.. محطات وأحداث ووقائع تنشر لأول مرة .. علاقته برؤساء وضباط الثورة الأوائل كل هذا وغيره في ثنايا اللقاء الذي أجريناه معه فإلى التفاصيل:
حدثونا عن بدايتكم الثورية وتكون وعيكم الثوري ؟
كانت الحماسة للثورة تملأ قلوبنا وأفكارنا نظراً لذلك الواقع الذي كنا نعيشه أيام الحكم الإمامي حيث كان الشعب اليمني شبه معزول عن العالم وعندما قامت ثورة سبتمبر 1962م كنت قد التقيت في مدينة رداع بالزميل عايش النصيري وهو زميل دراسة ويعتبر رفيق دربي فاتفقنا أن نسافر إلى صنعاء للالتحاق بالحرس الوطني من أجل الدفاع عن ثورة سبتمبر ونصرة النظام الجمهوري وذلك في اليوم السابع من انطلاقة فجر الثورة المجيدة وبالصدفة التقينا بالوالد المناضل الشيخ جبر بن جبر حسن رحمه الله وقلنا له إننا نريد أن نلتحق بالجيش ندافع عن الثورة فاستحسن الفكرة وقال أنتم يا أولادي صواريخ الثورة ولابد من التحاقكم بالكلية الحربية فأخذنا إلى عند عبد اللطيف ضيف الله وأعطانا توصية للالتحاق بالكلية الحربية وذلك في أول أكتوبر من العام 62م وفي يوم 10 من أكتوبر العام نفسه كانت البعثة التعليمية المصرية قد وصلت صنعاء وأقيم برنامج تدريبي لطلبة الكلية فبدأنا الدراسة الفعلية من تاريخ 10/10/ 1962م وكانت الدراسة النظرية في الفصول والدراسة العملية والتدريب على الأسلحة في الميدان ونظراً لكونه كانت تفتقد اليمن للضباط والخبراء فقد أقاموا البرنامج التدريبي لمدة عام كامل وقد تخرجنا في 25 سبتمبر من العام 1963م ثم استعرضنا عرضاً عسكرياً في عيد 26 سبتمبر وهو العيد الأول لذكرى الثورة ونحن أول دفعة متخرجة وبعد طابور الاستعراض تم التوجه إلى محافظة الحديدة ومنها إلى جمهورية مصر العربية وكل فرقة ذهبت إلى المدارس التخصصية التي تم تخصيصها بعد التخرج وأنا ذهبت إلى مدرسة الإشارة في منشية البكري.
من تتذكر من المناضلين الذين درسوا إلى جانبك حينها؟
أتذكر أنه كان يدرس معنا من دفعتي سلاح الإشارة الشهيد عبدالله الوجيدي والزميل اللواء محمد علي القاسمي المفتش العام للقوات المسلحة ومحمد المصنف وعبدالله محمد شمسان وكان منا ثمانية طلاب في الإشارة، وأنا كنت أريد ألتحق بسلاح المشاة لهذا بعد أن حضرت دورة الإشارة أخذت دورة مشاة.
متى كان تخرجكم من مصر؟ وأين تم تعيينكم بعد التخرج ؟
تخرجنا في أواخر شهر أبريل من العام 1964م وقد تم توزيعنا على لواء الثورة وهو لواء مشاة ذو تدريب عال فتوليت منصب رئيس الإشارة بالكتيبة الأولى واستلمت فصيلة مكونة من 30 فرداً وقمت بتدريبهم وفي أواخر العام 64 تحرك اللواء من الحديدة إلى صنعاء حيث كانت مهمة الكتيبة الأولى الذهاب إلى صعدة لاحتلال مواقع دفاعية بدلاً عن كتيبة مصرية وعند وصولنا إلى صعدة ذهبنا إلى منطقة مجز وهي تبعد عن صعدة شمالاً بحوالي 8كيلومترات وقد احتللنا الجبل الأسود وهو يقع غربي مركز مديرية مجز وإلى جانبه جبل يدعى خنفر وأيضاً سرية في منطقة الصفراء وكانت تبعث قياديين في تلك المرحلة كتيبة مصرية وفي شهر أغسطس من عام 64م وصلتنا توجيهات وأوامر للتحرك إلى منطقة رازح وانسحبنا من مواقعنا في صعدة ودخلنا إلى رازح بدون حرب وكان في استقبالنا الشيخ جبران الرازحي واحتللنا هناك جبل أو قلعة حرم وهي أشبه بنقم في صنعاء من حيث الارتفاع ثم منطقة النظيم السرية الثانية والسرية الثالثة في منطقة تدعى شعبان وهي غربي رازح وكان الهجوم على السرية الثالثة شبه يومي حيث كانت منطقة شعبان تابعة للملكيين وفي شهر سبتمبر وصلنا خبر بموعد صرف الرواتب وكان المدير المالي للكتيبة ملازماً مصرياً وهو كبير في السن ولا يقدر على المشي كوننا كنا نمشي راجلين وهو لا يقوى على ذلك فمنطقة رازح لا توجد طرقات للسيارات فاقترح أن يذهب لاستلام الراتب من صنعاء ضابط من الضباط الشباب وبحكم عملي كرئيس العمليات في الكتيبة ورئيس المشاة فقد تم اختياري كمندوب وسافرت إلى صعدة وصلت إلى مقر قيادة القوات المصرية هناك ومن ثم انتقلت إلى صنعاء وبعد أن انتهيت من معاملة الرواتب جاءت أخبار بأن مدينة رازح قد حوصرت فتم تجهيز حملة وقالوا لي أتأخر حتى أذهب مع الحملة والتي شكلت من عدد من قبائل الحداء من عنس ومن آنس بقيادة القائد المصري الرائد محمد عبدالله حيث كانت له كلمته المسموعة لدى القبائل وكان بمثابة الشيخ وتشكلت الحملة التي قوامها ألف فرد وكانت ضمن الحملة فصيلة من المظلات وطقما مدفعية وضابط إشارة الحملة زميلي عبدالله محمد الوديدي وقد تقدمنا مع الحملة وواجهتنا عدة مناوشات وفي منطقة المخزن حصل أن تراجعت قبائل الحداء التي كانت معنا وحصلت معهم حرب لمدة ساعة وحينها تم إبلاغ اللواء حسن العمري الذي كان موجوداً في صعدة وقد أقنع أصحابه وفي أثناء الاشتباكات تعرضت للإصابة فقام عبدالله الوديدي بسحبي إلى الخيمة وأخذ يربط لي الجرح في صدري وفي هذه الأثناء شعرت بارتخاء الربط فقلت عبد الله عبدالله فلم يرد علي وما دريت إلا وسقط بجواري مقتولاً ولا أعلم من أين جاءت الرصاصة التي اخترقت رأسه وهذا موقف لا أنساه أبداً ما حييت وهو موقف إنساني وموقف نبيل، وبعدها تراجعت معنويتي وفي هذه الأثناء تم نقلي لإجراء الإسعافات الأولية وتم نقلي إلى مستشفى صعدة لاستكمال الإسعاف وإمكانيات المستشفى ليست بالمستوى الذي وصلت إليه مستشفيات اليوم حيث باشروا بإجراء العملية خوفاً من وجود تلوثات أو إصابة في القلب وبعد إجراء العملية بيومين تم نقلي إلى العاصمة صنعاء وتم معالجتي حوالي شهر وبعد خروجي من المستشفى وجدت أن هناك عدداً من الزملاء الذين كانوا معنا محاصرين قد تم إعدادهم وذلك بموجب الأوامر للنزول إلى قضاء رداع مع المقدم عبده محمد قائد والذي عمل كقائد للواء رداع .
الوصول إلى رداع لاشك سيكون آمناً حبذا لو تطلعوننا على أبرز تفاصيل توجهكم إلى هذه المدينة ؟
بما أن رداع لم تكن قضاء بل كانت محافظة أيام المشير السلال، فقد وصلنا رداع وحررنا دار الحكومة وكانت تحصل مناوشات في الليل وهجمات على جبل أحرم وكنا نرد عليها بالمثل.. الخلاصة تم تحرير رداع وصفت من تلك العناصر واطمأن الأهالي ورحبوا بالكتيبة حتى إنهم لا يريدون أن نذهب من رداع، وفي عام 65م تم تغيير القائد العسكري للمحافظة الذي هو عبده محمد قائد والمجيء بآخر اسمه الرماح وكانت لا توجد عنده القدرة ولا الكفاءة القيادية ولا حسن التعامل مع الناس ولا وجاهة شخصية، كان عنده نوع من الأنانية، أي يفتقد لصفات القيادة، يعني مضموناً ومحتوى، وفي العام 66م جاءت أوامر بنقل الكتيبة إلى منطقة ثلا إلى قيادة اللواء الذي كان في ثلا وقائده حسين المسوري، نقلنا الكتيبة، حينها رشحني قائد سلاح المشاة لأخذ دورة في المركز الحربي في تعز هذا عام 66م في شهري مايو ويونيو للعام 1966م، فذهبت إلى المركز الحربي مع مجموعة من الضباط، أنا أخذت دورة قادة كتائب ألوية مشاة، حولت لم أعد إشارة وانتهت الدورة في شهر سبتمبر عام 67م وطلعت وقدمت نفسي إلى قيادة سلاح المشاة وكان المسوري قائد سلاح المشاة، وعينني مديراً لمكتبه، وفي شهر نوفمبر حصل انقلاب 5 نوفمبر وتغيرت الأوضاع رأساً على عقب.
من تعرف من مناضلين الثورة من أبناء رداع؟
لقد ضمت رداع العديد من المناضلين الأحرار ومنهم الشهيد علي الأحمدي وهو أول وزير للإعلام بعد أول حكومة بعد قيام ثورة سبتمبر وهو من خيرة المناضلين الذين عرفوا بأدوارهم التنويرية والنضالية والأحمدي قدم نموذجا في التوعية المجتمعية حيث كان يزور القرى والمناطق ويوعي الناس ويحثهم على دعم الثورة والوقوف معها وقد اغتيل في منطقة أبلح على مشارف مأرب وهو يؤدي رسالته التوعوية وأيضاً الأستاذ الراحل والشاعر الكبير مالك عبد الله العزاني الذي أفنى حياته مناضلاً وأديباً وتربويًا تخرجت على يديه الكثير من الأجيال وهو مناضل محنك وواجب من الدولة أن تهتم بأمثال هؤلاء الوطنيين وتهتم بأسرهم والدكتور محمد علي النصيري و الزميل عايش النصيري وغيرهم ممن لا أستحضرهم الآن لكن أقول لك رداع والبيضاء كان لهما دور في نصرة ودعم ومساندة الثورة السبتمبرية.
مقاطعاً .. ما الذي حصل وكيف كانت ملابسات هذا الانقلاب ؟
انقلاب 5 نوفمبر67م هو انقلاب داخلي على المشير عبد الله السلال وكان من قبل حزب البعث وبعض القادة وحينها طلع القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيساً للمجلس الجمهوري وعقب الانقلاب بحوالي شهر بدأت حرب الملكيين ومحاولتهم حصار العاصمة صنعاء وذلك بقطع الخط الرئيسي الذي يربط تعز بصنعاء وأول ما تم الحصار كان أحد ضباط المشاة متجهاً إلى العاصمة وهو محسن عبد العزيز حيث استشهد هناك وثالث يوم قطعت طريق الحديدة لتبدأ قصة الحصار.
حدثنا عن بدايات الحصار المشهور بحصار السبعين وأين كنتم حينها ؟
بدأ حصار السبعين على العاصمة صنعاء في 1ديسمبر من العام 1967م وعند حصار السبعين كانت هممنا مرفوعة والروح المعنوية عالية وكنا واثقين أشد الثقة بأننا سوف ندحرهم مهما كلفنا من ثمن وفي بدايات الحصار انسحبت جميع السفارات ما عدا السفارة الصينية ومع بدء الحصار فإنه كان بالضرورة نتيجة للحماس الذي كان موجوداً عند المواطنين والاستماتة من أجل الدفاع عن الثورة وكان من القوى الوطنية كثير مخلصين من أمثال عمر الجاوي وعلي مهدي شنواح ومالك الإرياني الذين أنشأوا المقاومة الشعبية لكي تسند القوات القليلة المرابطة, حيث كان معنا في المظلات في الحيمتين سحبناهم وتركنا الدفاع عن صنعاء فقط للمضلات بالإضافة إلى جزء من طلبة الكلية الحربية في قلعة نقم وجزء من بقايا لواء العروبة في جبل براش الذي يسيطر على نقم أما بالنسبة لعيبان وظفار فقد احتله الملكيون قبلنا.
هل تشكلت هنالك كتائب أو لجان لدعم القوات المسلحة؟
بالفعل فإنه تم تشكيل المقاومة الشعبية والتي كان من مهامها حفظ الأمن داخل العاصمة صنعاء وحراستها من المتسللين والمرتزقة وغيرهم وهي حقيقة قامت بمهام الأمن الداخلي وأما القوات فقد طوعت نفسها للدفاع عن الثورة حيث كان معنا من اللواء العاشر عصر وسرية دروع مع قوة ضئيلة من المشاة في قرية القابل بقيادة الشهيد أحمد عبد الوهاب الآنسي.
. كيف كانت المعارك إبان حصار السبعين ؟
الحقيقة أنه حصل هجوم شرس من قبل الملكيين قوبل بصمود وصلابة وجلد من قبل قواتنا المسلحة حيث كانت تضرب صنعاء طيلة اليوم من عيبان وظفار وكانت تسقط ضحايا وجرحى من المدنيين ولكن بالرغم من الهجمات المتكررة على مواقعنا إلا أنهم لم يستطيعوا الاستيلاء على أي موقع حيث كانت جبال نقم وبراش لهم بالمرصاد حيث كانت تحاول حملات من خولان بقيادة الغادر كي يدعموا الملكيين في عيبان وظفار لكن كل المحاولات باءت بالفشل وأيضاً كان معنا موقع في ريمة حميد وهو بمثابة المخنق وكنا نصدهم في كل الهجمات وكان معنا جزء من قبائل الشيخ أحمد عبدربه العواضي في سلاح المشاة وكنا نسند أي موقع يحصل فيه تراخ أو ضرب عنيف.
قبائل البيضاء كان لها دور في فك حصار السبعين حبذا لو تحدثوننا عن ذلك ؟
لقد كان للشيخ أحمد عبدربه العواضي دور في فتح الحصار وذلك عن طريق تعز إلى الحديدة ومن الحديدة بدأ زحفهم وتعاون معهم أحمد علي المطري وفتح الطريق وصفى الحيمتين من القوات الملكية التي كانت فيها وجبل النبي شعيب في نفس الوقت الذي استولى على جبل النبي شعيب فقد شنت قوات الصاعقة وسرية من المشاة وعدد من قوات المظلات هجوم ساحق على جبل عيبان وبعدها احتللنا جبلي عيبان وظفار ومنهما فقد تمكنت الحملة التي يقودها الشيخ أحمد عبدربه العواضي من الهيمنة على منطقة عصر وغيره من المواقع والقضاء على الملكيين من أطراف العامة صنعاء وكان هذا الحدث في يوم 8فبراير من العام 1968م .
كيف كانت معنوياتكم بعد فك حصار السبعين ؟
الحقيقة أننا وبعد النصر المؤزر المتمثل في فتح وفك حصار السبعين عن العاصمة صنعاء تنفسنا الصعداء وعادت الأمور إلى مجاريها وكان أثناء الحصار أن عدداً من الضباط ذوي الرتب الكبيرة هربوا وغادروا في بداية حصار صنعاء ومنهم قائد سلاح المدفعية محمد الخاوي وقائد سلاح المشاة حسين المسوري وضباط آخرين كعبد الله الراعي وكثير من أصحاب الرتب الكبيرة ذهبوا إلى سوريا وبعد أن فككنا حصار السبعين عادوا من الخارج وحينها صدر أول قرار بتغيير النقيب على مثنى جبران من سلاح المدفعية ثم صدر قرار آخر بتغيير رئيس هيئة الأركان عبد الرقيب عبد الوهاب وعينوا علي سيف الخولاني بدلاً منه لكننا رفضنا هذه القرارات والتغييرات لأنه لابد أن تكون هنالك مشاورة فهم قد حشدوا قوات كانوا يجهزونها ويعدونها لمثل هذا الغرض من أجل القضاء على مجموعة الضباط الصغار الذين صمدوا ودافعوا عن العاصمة صنعاء فحشدوا قبائل إلى داخل صنعاء من بني حشيش وأرحب أضف إلى ذلك أن سلاح الدروع كان معهم وإلى جانبهم بقيادة محمد عبد الخالق فبدأت المناوشات فتحركت الدبابات من سلاح المدرعات والمقاومة الشعبية كانت محتلة شارع علي عبد المغني وتقريباً ضربوا دبابة وحينها بعثني محمد صالح فرحان قائد سلاح المشاة إلى عند عبد الرقيب عبد الوهاب قائد سلاح الصاعقة على أساس لا قول له لابد لنا من خطة عمل وأما أن نظل هكذا فهذا معناه أننا سنضرب في عقر دارنا وأنا لم أعرف ماذا كان يفكر فيه عبد الرقيب فقال لنا إن الوقت غير مناسب وسيتواصل معنا لاحقاً لكنه لم يكن هنالك وقت لكي نماطل في العمل إذا كان قد بدأ الهجوم تاريخ 23 أغسطس 68م وفي اليوم التالي احتلوا سلاح المشاة وقد كانت هناك وساطة برئاسة عبد الكريم السكري وأخيه حسين السكري وهم ناس وطنيون وتم الاتفاق بعد أن احتلوا سلاح المشاة أنه ينفى إلى الخارج كلا من الضباط الكبار أمثال محمد عبد الخالق وحسين المسوري وعبد الله الراعي بالإضافة إلى عدد من الضباط الصغار عبد الرقيب عبد الوهاب قائد الصاعقة ومن المشاة محمد صالح فرحان والذي قتل في أحداث أغسطس ويحيى الكحلاني قائد الشرطة العسكرية وحمود ناجي قائد لواء المظلات ومحمد أحمد سعيد وعبد الواسع قاسم وأنا من المشاة وتم الاتفاق هذا فهدأت الأمور إلا أن الملكيين أثناء الضرب يوم 23 أغسطس تحركوا للهجوم على صنعاء وكان هذا بإيعاز من الجماعة لأنهم كانوا متفقين أصلاً.
كيف كانت بداية علاقتك بالرئيس سالمين كما تصفها بالقوية ؟.. وهل كانت بدايتها في عدن؟
لا.. ليس في عدن.. بل تعود علاقتي به إلى وقت ليس ببعيد ليس من أيام الكفاح المسلح إلى ما بعد أحداث جعار أو أحداث مارس عام 68م التي حصلت بين قحطان وجزء من الجبهة القومية «الجناح اليساري» بقيادة عبدالفتاح وقحطان وفيصل ومجموعته الذين نزحوا واعتقل مجموعات منهم ومن ضمنهم عبدالفتاح إسماعيل الذي ذهبوا به إلى القاهرة لأن القواعد الجماهيرية كانت معه وهرب الكثير من الجناح القيادي مثل سالم ربيع علي وعادل خليفة ومحمد صالح مطيع ومقبل الذي كان أمين عام الحزب إلى ما قبل الدكتور ياسين وهؤلاء المجموعة الذين تركوا عدن أتوا إلى تعز وتوليت بتكليف من الحزب إيواءهم وإعطاء بيوت لمرافقي الرئيس سالمين ومجموعتهم معه، وتم إسكانهم في أماكن آمنة جداً بعيدة عن الأعين في تعز، وقبل حدوث أحداث أغسطس كنت قد أنشأت معسكراً في الحوبان، فحصل أنني كنت في تعز فتوليت أنا مسؤولية إيوائهم والمحافظة عليهم وقبل أحداث أغسطس بثلاثة أيام طلعت صنعاء والجو مشحون وشبه متفجر، رغم أن مهمتي كانت قليلة وبقيت في سلاح المشاة لأنني أركان حرب وبعد أن هربت مع حمود نعمان إلى تعز رجعت أسأل عن سالمين ورفاقه.. قالوا لي: مطلوبون ومطاردون وقد تم إخفاؤهم في عدد من البيوت.. كان لدي في المعسكر سيارة روسية.
كان حينها قائد معسكر تعز محمد الإرياني، وكان ينتمي إلى حركة القوميين العرب وإلى الحزب الذي أنا فيه، فسهل لي المهمة، كان يعطيني مصاريف, فذهبت أسأل عن الرفاق عند بعض المخفيين وقال: «يا أخي الجماعة قد هم مشدودين ونحن كل يوم ننقلهم من بيت إلى بيت، لكن ولو عملناها أسبوع أسبوعين مثلاً سيعتقلونهم كيف نعمل حتى نخرجهم إلى شرجب، إلى بيت محسن محمد سعيد عبدالله»، ذهبت لأحضر سيارتي من المعسكر، وفعلاً وقد حصلت الأحداث، وأنا كنت هارباً في تعز، لكن العسكر الذين ربيتهم هناك تربطني بهم علاقة قوية كعلاقة القائد مع جنوده، ولذلك أدخل وأخرج من المعسكر بحرية، أخذت السيارة ونقلت الرئيس سالمين ومطيع وعادل خليفة ومنصر كلفوت، وتقريباً عددهم ثمانية إلى شرجب مع محسن محمد سعيد ومكثوا في بيت محسن في شرجب قمت أنا وزميلي عبدالباسط فضل سعيد من قدس - رحمه الله- وثابت عبده حسين أيضاً وهو استشهد فيما بعد وقلنا لسنا معروفين في عدن نقول هذا لسالمين: «سنذهب إلى عدن لنرى عيد أكتوبر وقد كان قريب الاحتفال به، فنزلنا الثلاثة، وفعلاً شاهدنا عيد أكتوبر ووجدنا بالصدفة واحداً كان زميلاً لنا في الجيش يدعى أبوبكر علي علوي، كان حركياً، ففرحنا قلنا خير.. قال: أنت وهؤلاء من أصحاب اليسار.. شافني ثابت.. يريد إخافتنا وهددنا بعدم التنقل وقال: «والله لأحلق رؤوسكم ونجعل من جماجمكم منافل للسجائر»، أكدنا عليه أنه عنتر بن شداد وطلبنا منه أن يوفر لنا مصاريف ثم دعانا لشرب الشاي، فشربنا شاياً، بالصدفة لم تكن لدينا مصاريف فعلاً ووجدت خالي محمد وهو متوجه إلى ليبيا أو أي دولة.. هو أخ والدتي محمد صالح حليقة - رحمه الله-، ورغم أنه اقترض مالاً من جحيش أعطاه خمسة دنانير، قلنا يا أصحابنا والله حصلنا خمسة دنانير تعيشنا ورجعنا لأننا رأينا الوضع في عدن سيئاً.
ما هو الموقف المأساوي والإنساني الذي لاتزال تتذكره ؟
أتذكر في أحداث أغسطس عندما أصيب محمد صالح فرحان قائد سلاح المشاة في رقبته فدفعنا باثنين يسحبانه من مترسه فضربوهما بالرصاص فأردوهما قتلاً فرجعنا حفرنا السقف وأخرجناه من تحت وأنزلناه ووقتها لا توجد عندنا مجموعة طبية ولا عيادة إسعاف وكان في حالة هلاك وهو مخنوق والدماء تسيل منه فأسعفناه مع السواق حقه إلى المستشفى وهذا موقف مأساوي ومؤثر في حياتي.
ما هي الكلمة التي تودون قولها في نهاية هذا اللقاء ؟
ختاماً أتوسل إلى الله تعالى أن ينقذ الشعب اليمني من هذه الحالة التي نعايشها وندعو الشرفاء والوطنيين إلى ضرورة استشعار مسؤولياتهم ودورهم في حماية اليمن والحفاظ على أمنه واستقراره ومكتسباته، وأتوجه بكلمة شكر لأبناء محافظة تعز كافة لأنهم يمثلون الوعي الثوري وتطلعهم البناء لإيجاد دولة مدنية مستقرة وأيضاً دأبهم على العلم وهذا يزيد الأمل بأن هناك رجالاً في اليمن لا يزالون يمتلكون حساً ووعياً وطنياً وكانوا من الأوائل في حماية ثورة سبتمبر وهذا ليس بمستغرب عليهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.