أخطاء الأطباء في بلادنا , وصلت إلى درجة يصعب تصديقها.. والمشكلة في تمادي هكذا ظاهرة تكمن في كونها ما زالت بعيدة عن التشريعات التي تصون سلامة وحقوق المرضى , وتحفز الأطباء على التفاني في أعمالهم والابتعاد عن النظر إلى « المرضى » كسلعة تجارية بالمزاد, فيصبح مبضع الطبيب ساطوراً بيد جزار لا تأخذه بضحيته ذرة من الرحمة !. مآس في المستشفيات بعد إغلاقه مرتين لنفس السبب, عاود أحد المستوصفات شمال الأمانة العمل وممارسة المهنة, في المرة الأولى كان هناك قتيل بسبب ضرب خاطئ للحقنة, وفي الثانية تكرر الأمر, والضحية هنا جاء بسبب ضرب حقنة مع إهمال اختبار الحساسية !. في جنوب الأمانة , أيضاً ضرب خاطئ للحقنة لأحد المرضى بداء السل يودي بالمريض إلى الوفاة, فالحقنة استقرت في العظم, وبعدها بأيام ساءت حالة الضحية وما لبثت أن لفظت الأنفاس الأخيرة!. تم منحها علاجاً خاطئاً, تسبب لها بمعضلة طالت الكلى, المريضة البالغة من العمر 50 عاماً أصيبت فيما بعد بفشل كلوي, تدهورت صحتها وانتهى الأمر بوفاتها. انشغلت الطبيبة عن مريضتها بالإنعاش, بدردشة مع زميلها الطبيب ، لم تجد المريضة اهتماماً لحظياً, لتفارق الحياة, خطأ طبي يصنف بحالة مفرطة من الاستهتار بحياة الناس, في بلد مفتقر لثقافة الصحة والمسؤولية !. أسباب عالقة خلال القيام بتحقيق استقصائي حول هذه الظاهرة ,سألت الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب الدكتور عبد القوي الشميري, عن توصيفه لقضية الأخطاء الطبية في بلادنا, وموقعها بين دول العالم, قال : هذه ظاهرة لا ترتبط ببلد معين, ففي كثير من دول العالم تحصل هذه الأخطاء , لكن هناك تفاوت في حجم الظاهرة من بلد لآخر لأسباب عدة مثل: مستوى وجودة الخدمات الطبية والصحية والتأهيل للكوادر العاملة في مهنة الطب, ومدى التوافر التقني من أجهزة ومعدات طبية تقلل منسوب الخطر للحالات المرضية , في بلادنا تبدو بالفعل قضية خطيرة, فحجم الظاهرة كبير , وللأسف مهنة الطب بالبلاد تسير دون رقابة قوية, وكثرة الأخطاء الطبية واقعة و ناتجة في كثير من الحالات عن وجود دخلاء على المهنة . ويتابع : الأخطاء في العالم المتخلف تكون أشد, ولا توجد لها إحصائية دقيقة قائمة على لجان تحقق فيها وتحدد مدى الخطأ من حيث كونه ناجماً عن مشكلة في الطب كالإهمال وغيره, وهنا المسؤولية المباشرة على الطبيب المعالج, أو كونه ناجماً عن ضعف تقني في العدد الطبية وخلافه, وهذا لا يوصف بأنه خطأ يتحمل وزره الطبيب. الباحث الدكتور أحمد الحاج, بدوره يرى أن تفاقم الأخطاء الطبية باليمن يعد من أكبر المفاسد والتي تتم في هذا القطاع الصحي, سيما أن هناك مستشفيات خاصة تستقدم عمالة أجنبية ويتضح بعد فترة من الزمن كثير منهم يمارس الطب فيما تخصصه بعيد عن هذا المجال أو هناك بعض ممن استقدموا يحملون شهادات في التمريض ويمارسون عمليات كبري وربما ما خفي كان أعظم. ويضيف : وقد نستغرب وجود الكم الكبير من المستشفيات الخاصة ذات المعايير الغير مؤهلة لتكون مستشفى وهذا في العاصمة صنعاء فكيف الحال ببقية المحافظات وهي التي لا تملك ما يؤهلها أن تقوم بتقديم أبسط الخدمات الطبية وتجرى فيها عمليات أشبه ب (مجازر) وتفتقر إلى أقسام العناية المركزة وهناك مئات المستشفيات تفتح أبوابها لاستقبال الحالات الطارئة 24 ساعة وليس لديهم إمكانات استقبال حالة واحدة . ضعف تشريعات ورقابة لا توجد تشريعات كافية حيال كارثة الأخطاء الطبية باليمن , ويرى مختصون أن هناك من يمارس الطب وهو ليس طبيباً لعدم وجود قانون ومتابعة ومساءلة مثل أولئك الذين يمارسون المهنة تحت مسميات الأعشاب وغيره, ومن هنا فيجب أولاً منع المتعدين على مهنة الطب حتى نمنع حدوث أخطاء ممن ليسوا أهلاً لممارسة المهنة، ومع هذا البلد عامة نعاني من انعدام الضبط القضائي نتيجة عدم وجود قضاء فاعل. في السياق يقول الباحث الحاج: الطامة الكبرى لشيوع هذه الظاهرة غياب مبدأ الثواب والعقاب وغياب الدور الرقابي لوزارة الصحة وكأنها متخصصة في شراء لقاحات فاسدة أو تركيزها المنصب على القروض التي ثبت أن كثيراً منها لا يخدم الصحة ولا المجتمع واتضح أن شعار الصحة للجميع بحلول عام 2000م لم ولن يتحقق في ظل الانتهازية التي تتخذ من القائمين على قطاع الصحة, بل مجرد وسيلة للثراء انعكس ذلك في ظهور بعض الأمراض المعدية من أمراض الطفولة الستة القاتلة كالحصبة وشلل الأطفال وحمى الضنك رغم الدعم الدولي الضخم في قطاع التحصين. وللحديث عن هذه الظاهرة بقية.