مجموعة أشباح يلعبون في «الكويت»، الأردن افتقدت للحماس، والاستثناء الأجمل: «الإمارات، العراق وفلسطين» تألق المنتخبان العربيان “العراق، الإمارات” في كأس آسيا بعث شيئاً من الأمل في أن الكرة العربية مازالت حاضرة في الساحة الآسيوية على الأٌقل، وبإمكانها الوصول إلى منصات التتويج القارية ولو بعد حين.. رغم اتساع الفجوة بين منتخبات غرب آسيا وشرقها .. منتخب الإمارات قدم كرة متطورة وأداء أنيقاً وكان الأكثر إمتاعاً في البطولة، وقد أجبرنا على المراهنة عليه في الفوز بالكأس، أكثر مما راهن هو على ذلك، فمدربه الوطني القدير مهدي علي صانع إنجاز “الإمارات” الكروي في السنوات ال8 الأخيرة، كان واقعياً حين حدد هدف منتخبه في الوصول إلى دور نصف النهائي.. واقعية مهدي علي هي سر نجاحه اللافت والمثير للإعجاب، ليس فقط في بطولة أمم آسيا الحالية، وإنما منذ تولى مسئولية الإدارة الفنية للمنتخب الإماراتي للناشئين، ثم الشباب والأولمبي والأول، وقد قادها جميعها إلى منصات التتويج كما لم يفعل أي مدرب قبله للكرة الإماراتية.. وبذات الكتيبة التي يتصدر قائمة نجومها عمر عبدالرحمن “عموري” الذي وصفته صحيفة ماركا الاسبانية بأنه أفضل لاعب مغمور في العالم. مسيرة رائعة قادها مهدي علي توجها أمس الجمعة بحصوله على المركز الثالث في نهائيات أمم آسيا بعد فوزه على المنتخب العراقي بنتيجة 3 2، ساهم في نجاحها التخطيط الجيد لاتحاد الكرة الإماراتية وحُسن اختيار الإدارة الفنية للمنتخب ومنح المدرب الوطني الثقة، وهذا ما ينقص الكرة الخليجية والسعودية على وجه الخصوص. الإطراء على “الإمارات” يجرنا إلى الوقوف احتراماً للمنتخب العراقي الذي يخرج دائما من أنقاض أزماته، متجاوزاً الحروب الطائفية والداعشية، والصراعات السياسية الطاحنة، ليحقيق إنجازاً يُفرح الشعب العراقي ويوحده، ويُحرج جيرانه. وفي أمم آسيا فاجأ المنتخب العراقي الجميع، كونه استطاع الوصول إلى نصف النهائي وحقق المركز الرابع، وهو الذي تم استبعاده من قبل المحللين الرياضيين من دائرة المنافسة وتوقعوا أن يخرج من دور المجموعات، خاصة بعد ظهوره السيئ في خليجي 22!! وبالرغم من الكبوات التي تقع فيها الكرة العراقية، إلا أنها تستعيد حيويتها سريعاً ربما لإدراكها أنها ما تبقى لشعب يتوحد ويتوقف نزيف دمائه فقط عندما يلعب أسود الرافدين. وبالعودة إلى بقية المنتخبات العربية التي شاركت في نهائيات أمم آسيا باستراليا، نجد أن المنتخب الفلسطيني الذي انتهت مغامرته الشيقة عند الدور الأول، لكنه حظي باهتمام إعلامي بالغ، لأن مجرد وصوله للنهائيات الآسيوية يعتبر حدثاً استثنائياً ليس في تاريخ الكرة الفلسطينية بل والآسيوية أيضاً، قياساً على ظروفه الصعبة المعروفة وشحة إمكانياته المالية وفي البُنى الرياضية. وعلى عكس المنتخب الفلسطيني، تسخّرت للمنتخب القطري الإمكانيات الهائلة والمال الوفير جداً لكنها لم تمكنه من تقديم مستوى أفضل من “فلسطين”، ومفاجأته سارت في اتجاه سلبي صادم بعد خروجه من الدور الأول، وهو البلد الذي لم تتوقف فيه الاحتفالات بفوزه بكأس الخليج الذي أقيمت بالعاصمة السعودية الرياض في نوفمبر 2014 إلا قبل توجهه إلى سيدني بأيام قليلة! أما منتخبات الكويت وسلطنة عمانوالأردن فلم يكن بإمكانهم تقديم مستوى أفضل، وينطبق الحال على المنتخب البحريني الذي لا يستحق تخصيص مساحة لتحليل ما قدمه في البطولة، فمشاركة البحرين في أهم حدث كروي آسيوي يعد إنجازاً كبيراً للكرة البحرينية التي تفتقر لإنجازات رياضية تستحق التوقف عندها.. فكرتها بلا تاريخ، وهي الأقل شأناً بين جيرانها الخليجيين والعرب. وبالمقابل يستحق المنتخب السعودي تخصيص مساحات واسعة لتحليل أسباب إخفاقه في كأس آسيا، فتاريخه الحافل بالإنجازات يجعل من عدم فوزه بالكأس حدثاً هاماً، فكيف إذا خرج من الأدوار الأولى؟! فالسعودية تسيّدت آسيا كرويا منذ منتصف ثمانينيات القرن الفائت وخلال التسعينيات خرجت للمرة الثالثة من دور المجموعات بين النسخة التي احتضنتها الصين 2004، وقطر 2011 طوال مشاركاته ال9 في النهائيات والتي حقق لقبها في 3 مناسبات كانت أعوام “84 و88 و96” وكانت وصيفاً في 3 مناسبات أعوام “92 و2000 و2007”.. على السعوديين أن يدركوا أن التاريخ لا قيمة له بدون مستقبل وبدون مواكبة التطور.. وعليهم ألا يركنوا على زفة الأغاني الحماسية التي تبثها قنواتهم الرسمية والخاصة والتي تتغنى ليل نهار بتاريخ كرتهم ثم سرعان ما تنطفئ عند الإخفاق ليتفرغوا لنقد المدرب وكأنهم يريدون مدرباً “ساحرا” ينتشلهم من إخفاقاتهم الكروية التي لا تتناسب إطلاقاً مع إنفاقهم المالي الخيالي وتصطدم بعبثية التخطيط. وخلال ال13 عاماً الفائتة وهم يهربون من الاعتراف بحقيقة افتقارهم لإدارة كفؤة، وفقط يحمّلون “المدرب” مسئولية فشلهم الذي عبّرت عنه الصحافة السعودية بجرأة: “السعودية لم تعد من كبار آسيا”. بإمكان الكرة السعودية العودة إلى منصات التتويج خليجياً وآسيوياً، وبإمكانهم العودة إلى بطولات كأس العالم، غير أن عائقهم في سبيل تحقيق ذلك التخلص من طريقة تفكيرهم بعقلية “عجوز ثمانيني” يظن أن خبرته وحدها تكفيه للتفوق على منافسيه الممتلئين شباباً وحيوية ك”اليابان، استراليا، كوريا الجنوبية، وحتى الجارتين الإماراتوالعراق”. عموماً.. يبدو جلياً أن عرب آسيا أصبحوا خارج دائرة المنافسة على الكأس القارية رغم أن ثمة أملاً مازال قائماً، كما أن حظوظهم في التأهل لنهائيات كأس العالم باتت ضئيلة للغاية ولا يمكن التعويل على الإماراتوالعراق في تحسين سمعة الكرة العربية رغم ما قدموه في استراليا من مستوى رائع. وحين يتخلى منتخب بحجم “المنتخب السعودي” عن زعامة آسيا بملء إرادته لأحفاد الساموراي والكنجر الاسترالي والشمشون الكوري، فاقرأوا على الكرة العربية “الفاتحة”. [email protected]