يمثّل الطالب الجامعي ثقلاً كبيراً في المجتمع، فهو ضمانة مستقبل إذا أعدّ الإعداد الحقيقي والفعّال لذلك، ويمكننا أن نستشرف المستقبل من خلال طلاب اليوم, أو العكس، فإذا وُجدت الإرادة والإيجابية والإحساس بالمسؤولية فحين ذاك بإمكانك أن تنتظر من طلاب الجامعات الكثير, أما إذا وجدتهم يعيشون في خواء فكري وثقافي, إضافة إلى عدم إحساس بالمسؤولية, فما عليك إلا أن تقرأ عليهم السلام.. لذا على طلبة الجامعة أن يدركوا حقيقة موقعهم في المجتمع، وذلك من أجل المحافظة على نشاطهم ودورهم الذي يجب أن يكون ريادياً ومؤثراً, كما يجب أن يكون للطالب الجامعي دور التقدم والأسبقية , فعليه أن يعتبر نفسه ملزماً بنوعين من الإعداد والبناء في الجامعة، وهما البناء العلمي والإعداد الفكري والأخلاقي, إذا تم ذلك, حينها فقط نستطيع أن نقول: إن القادم أجمل وأفضل. تساؤلات لكن علينا الاستدراك.. طلاب يصلون إلى الجامعة وهم شبه أميين, تستقبلهم الجامعات بملازم وحصص نظرية تلقينية, لا تختلف عما تلقوه في مدارسهم الثانوية.. هل يعدون حينئذٍ روّاداً للمجتمع, وهم من سيقوده يوماً ما القيادة الصحيحة..؟، أم سيغدون تابعين لمشاريع يتم هندستها خارج استيعابهم أو في محل فهمهم.. ببساطة هل للطالب الجامعي تأثير.. إيجابي أم سلبي..؟ هل هو مثقف..؟ هل بإمكانه استيعاب احتياجات المجتمع؟, فيعمل جهده لإخراجه من الحالة التي يعيشها في ظل العنف والعنف المضاد..؟. تقاليد لأن الثقافة تعني مقاومة الجهل بالمعرفة والهمجية بالإنسانية والخطأ بالصواب والتأخر بالتقدم والتأقلم بالثورة.. إلا إننا نعيش الآن أجواء مضادة للثقافة بدلاً من أن تكون الثقافة مقاومة، فأصبح الفكر السائد هو مقاومة الثقافة الإيجابية والتمسك بالثقافة السلبية وهذا ما يلقي بظلاله بصورة كبيرة على جميع شرائح المجتمع المثال عامة، وطلاب الجامعات خاصةً، فالطالب الجامعي جزءٌ لا يتجزأ من المجتمع، فحال هؤلاء الطلاب في وقتنا الحالي لا يوحي بالتفاؤل؛ لأنه في حالة من التفكك الاجتماعي والانهدام الثقافي، فالجامعات تضم داخل أسوارها آلاف الطلبة مجمعين من مناطق مختلفة، ولكل منهم وعيه الثقافي الخاص به، وإن كانت تجمعهم منطقة واحدة، أو عادات وتقاليد مشتركة، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن ماهية الثقافة السائدة داخل الجامعات، هل هي ثقافة المعرفة أم ثقافة العنف أم ثقافة المقاومة أم ثقافة التسامح واحترام التعددية، أم ثقافة العادات والتقاليد، أم ثقافة التعصب الحزبي، أم ثقافة الانعزال؟. إغفال يرى زاهر حبيب، وهو طالب في جامعة ذمار بأنه لا يمكن الجزم بوصف الطالب الجامعي بالمثقف أولاً نظراً للتراكمات البيئية والفكرية وعوامل التنشئة الاجتماعية, التي تشرّبها في المراحل التعليمية السابقة لمرحلة الجامعة, ولا يمكن وضع معايير موحدة يصل معها الطالب لمواكبة فترة وصوله إلى أروقة التعليم الجامعي, إلا أن ما تشرّبه من قيم هي الشأن الفاصل بين مستوى ثقافته وجديتها وعدم حيازته لذلك, ومن خلال هذا التفصيل بالإمكان القول إنه سيمتلك رأياً هادفاً ومساعداً, في إناخة السلم ونبذ العنف في واقع المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه مع عدم إغفال ما تشرّبه من سلوكيات واعية بدوره, ومن جهة ثانية فإن مرحلة الجامعة هي مرحلة تشكيل آراء وموجهات ثقافية محددة تعمل على خلق شخصيته ومنسوب فاعليتها. موجه وعن واقع الطالب الجامعي اليوم يؤكد زاهر بأنه مجيّر ومسيّر، ومسخّر لصالح أيديولوجيات من يشرفون على العملية التعليمية إلا من رحم ربي, ولذلك تكون النتائج في الغالب خاذلة لما يأمله المجتمع والوطن منه, فالمنتظر أن يُسهم في عملية التنمية وإفشاء روح التسامح والمحبة وتغذية الولاء للوطن, لكن نتائج الأحداث في اليمن في السنوات الأربع الأخيرة تدل على أنه موجّه توجيهاً إنسانياً راقياً. يمقت التعصّب ويزيل غشاوة الأدلجة الشوهاء, وكي أكون منصفًا مازال يحدوني أمل بعينات من شباب الجامعات بأن يكون لديه ضمير وتكتنفه رغبة للإسهام في خلق مجتمعات مثالية, بشرط عدم الارتهان لحمى السياسة والابتعاد عن الاحتساب, ولو أن ذلك صعب في واقع الحال اليمني؛ لكون المشرفين على تعليمه في هذه الأروقة العليا من التعليم محمومة للأسف هي الأخرى بالتأطير والتصنيف. أفق ويواصل حبيب حديثة مؤكداً ضرورة أن يربأ الطالب الجامعي بقناعاته عن المصالح المتشابكة, وأن ينذر نفسه للتعليم, وأن يراوغ في سبيل ذلك حتى إتمام المرحلة الجامعية منه, كي لا يكون مطية أو ذراعاً موجهة لخدمة مصالح الأحزاب والفئات الاجتماعية والثقافية المعلقة في حبال تعددية, فُهمت بطريقة مغلوطة تصيبه بالنكوص وعلى إثر ذلك تصيب وطنه بالخذلان.. لأن أفق الحرية منعدمة أمامه نوعاً ما, وهذا بحد ذاته ما جعل نتائج الثورات وخيمة وهدامة لقدسية الوطن وأبنائه. وعي من جهة أخرى ترى أمة الله الحجي, طالبة من جامعة ذمار أيضاً أن الطالب الجامعي مثقف؛ لأنه لم يصل إلى هذه المرحلة من التعليم, إلا لوعيه الكبير بأهمية الدراسة الجامعية, وهذه ثقافة يعتنقها اليمنيون ويؤمنون بها.. وتستدرك قائلة إنه ليس كل الطلبة يستوعبون احتياجات المجتمع الثقافية, أو السياسية. أما بالنسبة للتعليمية فنجد قله قليلة تنجح في اختيار التخصص, فتجد أغلبهم يدرس تخصصات هو يعلم أنه لا تطبيق لما تعلمه في مجتمعه ومحيطه فيصاب بالإحباط. لا متسع وعن مدى تطبيق ما تعلمه الطالب في أرض الواقع ترى الحجي أن أغلب الجامعات وخاصة الجامعات الحكومية فيها تخصصات لا تستوعبها الوظائف, وبالتالي المتخرج لا يجد متسعاً أو مجالاً ليطبق ما تعلمه، وفي ظل تردي اقتصاد بلادنا الذي يجعل اليمن تبدو من أفقر دول العالم اقتصاداً.. كما أعتقد أن أغلب الطلبة يعملون أكثر مما بوسعهم لإخراج مجتمعهم من الحالة التي يوجد فيها, وهناك الكثير من الشباب المخترعين والمبتكرين والباحثين الذين لا يجدون أي تبنٍّ لأفكارهم أو اختراعاتهم وهذا ما يجعل البلد في تردٍّ أكثر، إذ إنهم يعتمدون على الاستيراد وفي بلادنا الكثير من الشباب النشط والمثابر والمبتكر, الذين يرمونهم في سلة عدم الاحتياج رغم حاجتنا الماسة لهم.. وهو ما يؤدي إلى إحباط المرء أكثر ويؤدي إلى عزوف الشباب عن الابتكار والإبداع، مما يسهل من ظهور العنف في البلاد وظهور مبدأ القوة والحرب والكره بين أوساط الناس؛ لأنه لا مجال للابتكار والإبداع والتفرد. تعايش وبخصوص ثقافة الطالب الجامعي ترى الحجي أن السبب يكمن في تعدد الآراء والأطياف والأحزاب, فلا يوجد قبول بالآخر, وهذا ما يجعل الوضع في تأزّم أكثر من الناحية الثقافية.. الثقافة التي استشعرها في أوساطنا كجامعيين هي ثقافة تعايش هذا داخل الحرم أو القاعة الجامعية, أما حين يغادر الطالب ينسف كل ما بناه خلال دراسته وهذا ما تساهم به الأسرة والمجتمع المحيط به, فيكون تأثيره غائباً. تفاوت ليث الأهدل, طالب من جامعة تعز, يقرر أن خمسين في المئة من الطلاب مثقفون, لكنهم لا يعملون بثقافتهم، وهذه الثقافة تتفاوت من شخصٍ إلى آخر, فمنهم من يمتلك ثقافة عالية المستوى تؤهله لأن يكون رقماً فعالاً في المستقبل, وتجعله ذا مكانةٍ بين أقرانه, ومنهم من يمتلك ثقافة الهدم لا البناء.. وهكذا، أما البقية الباقية فلا يملكون ثقافةً, وترجع أسباب ذلك كما يرى الأهدل إلى الأسرة والمجتمع, أي المحيط الذي يعيش فيه. استنباط أما رانيا الأهدل, من جامعة عدن فتؤكد بأن الطالب الجامعي يمتلك القدرة على استيعاب احتياجات المجتمع؛ كونه فرداً من هذا المجتمع, وأما في أن يبذل جهده لإخراج المجتمع من دائرة العنف المحاط بها هنا تحكمه مقدرته في استنباط الحلول, وتفكيك القيود المعقدة, التي أدت للعنف والانخراط فيه, وقد يصل الطالب في نضجه للحلول, التي تُنجي مجتمعه من الانجرار الذي قد يسلبه به العنف، فالحجي ترى أن الطالب مثقف, وهو ما يؤهله لتقديم الحلول من خلال دراسته الأحداث اليومية. قرب يوافقها الرأي كثيراً عمر حسن, من كلية الآداب, قسم الإعلام, عدن بأن الغالبية من الطلاب الجامعيين مثقفون كونهم قريبين من وسائل المعرفة, التي تمدهم بالإحاطة على أشياء كثيرة من المعارف والعلوم, لذا يرى أن المتعلمين بصفة عامة هم قبس, ينير دجى الجهل وظلام التخلّف, فمن المهم المبدئية بما يمليه الضمير, كما يجب العمل على إرشاد المجتمع؛ والعمل على تنويره وإخراجه من محنته التي يعيشها اليوم, في ظل انقسام إذا استمر سيقضي على الأخضر واليابس.