تخيل أن جميع سكان ولاية واشنطن والبالغ عددهم 7.3 مليون شخص، كانوا على وشك الانزلاق إلى مجاعة، بجانب حصار ميناء سياتل وأيضًا حصار المدينة جويا، مما يجعلها غير قادرة على استلام وتوزيع الأغذية والمساعدات القادمة من الخارج. يعد هذا السيناريو كابوسًا وحشيًّا، ولكنه في الحقيقة موجود ويحدث في أفقر دول الشرق الأوسط، وهي اليمن على يد أغنى الدول العربية وهي السعودية، بدعم من الولاياتالمتحدة، وهو الدعم الذي لم يأذن به الكونجرس، وبالتالي يعد انتهاكًا للدستور. شاركت الولاياتالمتحدة منذ ثلاث سنوات في التحالف العسكري السعودي الإماراتي في حملته الوحشية على اليمن، حيث تبيع واشنطن الصواريخ والمعدات الحربية للسعودية، وتساعدها في اختيار مواقع القصف الجوي، وتزود الطائرات السعودية والإماراتية بالوقود، وتعد هذه الطائرات السبب الرئيسي في وقوع إصابات بين المدنيين، كما أن هذا التحالف يتسبب في تجويع الملايين. هذا الأمر مرعب، وتقدم الحزبان الجمهوري والديمقراطي بطلب للكونجرس لسحب القوات الأمريكية من هذه الأعمال العدائية التي تمت دون إذن، للمساعدة في تحسين أوضاع البلاد المعرضة للقصف، وقد أكدت صحيفة فورن بوليسي أنه بدون تزويد الولاياتالمتحدة للطائرات السعودية لن تتمكن من قصف اليمن. قدمت الولاياتالمتحدة في مارس 2015 أسلحة للنظام السعودي في " عدوانها" على اليمن.وأكدت وكالة أسوشيتد برس أن تنظيم القاعدة بحكم الأمر الواقع أصبح حليفًا للسعودية في ائتلافها ومعركتها ضد جماعة أنصار الله واليمنيين ، وهذا يثير التساؤل: ماذا تفعل الولاياتالمتحدة فعليًّا في اليمن؟ هناك سبب وجيه في الرجوع إلى الكونجرس للحصول على إذن إعلان الحرب، حيث يمنع الرئيس من خوض حرب لا تشكل تهديدًا حقيقيًّا على البلاد. ووجدت وزارة الخارجية أن العدوان السعودي على اليمن سمح للقاعدة في شبه الجزيرة العربية والفرع اليمني لتنظيم داعش بتعميق اختراقاتهم في أنحاء كثيرة من البلاد، وبعبارة أخرى فإن فراغ السلطة الذي خلفته الحرب جعل القاعدة أقوى من أي وقت مضى، ومع ذلك لم يكن هناك أي نقاش عام حول الدور الأمريكي في تعميق هذا التهديد لأمننا القومي. قبل أربعة عقود، ومع دموية الدولة العسكرية الأمريكية في فينام وكمبوديا ولاوس، انتهى الكونجرس من استخدام حق النقض والذي استخدمه الرئيس ريتشارد نيكسون في سن قرار الحرب لعام 1973، ويتيح هذا القانون وضع حد للحرب، ويمكن سحب القوات الأمريكية من اليمن، وبهذا الصدد سيعيد الكونجرس تأكيد سلطته الدستورية في إعلان الحرب ومناقشاتها. ممارسة الواجب الدستوري هو مفتاح تخفيف هذه الكارثة التي تجتاح اليمن، بعدما أعلنت الأممالمتحدة في إبريل الماضي أن اليمن هي أكبر أزمة إنسانية في العالم، وحذرت منظمة إنقاذ الطفولة من معاناة أطفال اليمن من سوء التغذية. حين يعي الشعب الأمريكي حقيقة هذا الصراع وعواقبه، سوف يعارض استخدام أموال ضرائبه في قصف المدنيين وتجويعهم لتعزيز أهداف إقليمية ملكية للسعودية.