شهدت محافظة ذمار أول موجة صقيع لهذا العام في منتصف نوفمبر الماضي إثر فيها الصقيع (الضريب ) على بعض المزروعات كمحاصيل الخضار، مثل: الطماطم، والبطاطس، والكوسة التي زرعت في موسم متأخر في بعض المديريات، وبالذات في مناطق القيعان بمديرية جهران وميفعة عنس وعنس. كما شهدت المحافظة موجة الصقيع الثانية خلال ديسمبر الحالي، ومازالت متواصلة حتى الآن. وسببت موجات الصقيع خسائر كبيرة في المزروعات والمحاصيل الزراعية خصوصاً التي يتم زراعتها في مثل هذا الوقت من السنة، وبالأخص الخضروات والقات وغيرها. وللوقوف على الآثار الناجمة عن هذه الموجة على المحاصيل الزراعية التقينا عدداً من المختصين بمكتب الزراعة والري، والاتحاد التعاوني الزراعي، والمزارعين، الذين تحدثوا عن موجة الصقيع التي تشهدها اليمن. يقول مدير عام مكتب الزراعة والري المهندس علي محمد الحمدي بذمار:" كان تأثير الموجة الأولى للصقيع خلال نوفمبر الماضي خفيفة نوعاً ما على المزروعات، ولكن موجة الصقيع من بداية ديسمبر وحتى يومنا هذا، ونتيجة الاستمرار في انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، وحدوث الصقيع أتت على ما تبقى من هذه المحاصيل وأتلفتها تماماُ". وأضاف:" كما أثر الصقيع على بعض محاصيل الحبوب المزروعة، حتى إن القات المغطى بقماشات واقية لم يسلم من موجات الصقيع، وقد أدى هذا إلى ارتفاع أسعار القات بشكل كبير، وبالتالي عزوف عدد من الناس من تناول القات بسبب ارتفاع الأسعار ". وبيّن المهندس الحمدي أن تأثير الصقيع امتد ليشمل معظم المديريات، وبخاصة مناطق المرتفعات والقيعان الرئيسة فيها بل وحتى الوديان، كما تأثرت بعض شجيرات ونباتات الزينة وأشجار الفاكهة لدرجة أن أشجار الخوخ التي كانت قد بدأت بالإزهار المبكر هذا العام جفت أزهارها وتساقطت، وبالتالي فقد نشهد هذا العام انخفاض في إنتاج محصول الخوخ. وتوقع الحمدي أن تطول موجات الصقيع، وتستمر حتى نهاية يناير، وهذا سيكون له أثر على العديد من المزروعات. ودعا المزارعين لاتخاذ الحيطة والحذر وتدفئة الجو المحيط بالمزروعات في الصباح الباكر من خلال الزيوت الحارقة وإطارات السيارات للتخفيف من موجة الصقيع على مزروعاتهم. مدير الإرشاد الزراعي بمكتب الزراعة والري بذمار المهندس فؤاد الكوري قال:" إن الصقيع يحدث في الليالي التي يكون فيها الجو صحواً، وتتوقف فيها حركة الرياح، فيحدث الصقيع الذي يؤدي إلى تجمد العصارة في خلايا وأنسجة النبات، فيؤدي ذلك إلى زيادة الضغط الاسموزي في بلازما النبات وتنكمش الخلايا، ونتيجة لذلك تتوقف النباتات عن التنفس، وتتهتك الأنسجة ما يؤدي بالتالي إلى موت النبات بالكامل، كما هو ملاحظ في محاصيل الخضار التي تحترق أوراقها ويذبل النبات ويموت. وأضاف:" الأثر في الأشجار الكبيرة كالفاكهة والحراجيات ونباتات الزينة يكون واضحاً أيضا من خلال تشقق النبات وموت الأطراف واحتراق الأوراق نتيجة لانخفاض درجة الحرارة ليلاً وتعرض النبات للسطوع الشمسي نهاراَ ". من جهته قال رئيس فرع الاتحاد التعاوني الزراعي بذمار عبد الوهاب محمد علايه:" إن الفرع تلقى شكاوى كثيرة من عدد من الجمعيات التعاونية الزراعية والمزارعين في المديريات تفيد بتلف كثير من المحاصيل الزراعية، وخصوصاً الخضروات والتي يتم زراعتها في هذا الوقت من السنة". وتوقع علايه أن لا تؤدي هذه الموجة من الصقيع لارتفاع أسعار الخضروات بشكل كبير، لأن هناك مناطق زراعية في اليمن لم تتأثر بهذه الموجة مثل أبين ولحج وغيرها، وسترفد هذه المناطق السوق المحلية باحتياجاته من الخضروات والمحاصيل المختلفة. ودعا علايه المزارعين لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية محاصيلهم من خلال التواصل مع مكاتب الإرشاد بالمديريات، والاستماع إلى النشرات التي تصدرها هيئة الأرصاد الجوية عبر وسائل الإعلام المختلفة. وعبر عن استعداد الفرع للتعاون مع المزارعين من خلال تقديم الإرشادات والنصائح لهم من خلال الأجهزة الإرشادية في هيئة البحوث الزراعية ومكتب الزراعة والري. وأكد رئيس فرع الاتحاد التعاوني الزراعي إن فرع الاتحاد سيعمل على التواصل مع الأجهزة المختصة في الاتحاد التعاوني والسلطة المحلية والزراعة والري لعقد لقاء موسع لدراسة الآثار التي سببتها هذه الموجة، وبالتالي العمل على وضع معالجات للمزارعين المتضررين. المزارع محمد يحيى صلحي من منطقة ذمار القرن مديرية عنس تحدث بحسرة عن ما سببته هذه الموجة من (الضريب) على محاصيله الزراعية، وخصوصاً البطاطس والقات، وقال إن:" خسارته جراء هذا الصقيع بلغت أكثر من 500 ألف ريال، وإن محصول البطاطس الذي قام بزراعته انتهى تماماً". أما المزارع عبد الله علي العنسي رئيس جمعية ذمار علي التعاونية الزراعية فقال أن هذه الموجة من الصقيع أثرت بشكل كبير على محاصيل الخضروات، وأتلفتها ولكنها لم تؤثر على القمح حيث أنه في موسم القياض، ولم ينبت بعد وبالتالي لم يتأثر. وأضاف:" إن هذه الموجة سوف تتسبب في ارتفاع أسعار للخضروات نظراً لعدم وجود مخازن ومراكز تسويق المنتجات الزراعية"، ودعا إنشاء مثل هذه المراكز لأنها كفيلة بحفظ التوازن بين العرض والطلب وجعل هذه المحاصيل متوفرة طوال العام حتى ولو حدثت مثل هذه الموجات من الضريب والصقيع. عبد الإله القوباني رئيس جمعية الفوز بمديرية جهران قال:" إن قاع جهران يعتبر إحدى السلال الغذائية لليمن، وإن المحاصيل التي يتم زراعتها في قاع جهران في هذا الوقت من العام قد تلفت بسبب هذه الموجة من الصقيع والضريب، وهذا من شأنه أن يسهم في خسائر فادحة للمزارعين وأيضاً ارتفاع الأسعار في السوق المحلية .. واكد ان المزارعين لم يشهدوا مثل هذه الموجة من الصقيع منذ أكثر من عشر سنوات". ويؤيد ما قاله العنسي سابقا بضرورة إنشاء مخازن ومراكز للتسويق والحفاظ على المنتجات الزراعية والأسعار، وبالتالي سيتمكن المزارع من الإنتاج في الأوقات المناسبة للزراعة، وستبقى المحاصيل موجودة طوال العام وبأسعار متقاربة. أما المزارع علي عبد الله منصور من جمعية الحداء التعاونية الزراعية فيقول:" إن الضريب جاء على المحاصيل الزراعية، وخصوصاً القات والخضروات، وإنه تكبد خسائر في المحاصيل الزراعية ربما لن يعوضها إلا في حالة استقرار الموسم الصيفي الزراعي العام القادم". من جهته عبر أحمد قاسم مسؤول المبيعات بجمعية المستلزمات الزراعية أن هذه الموجة سببت كساد في مبيعات مستلزمات الإنتاج الزراعي كالأسمدة والمبيدات، وغيرها كون المزارعين متخوفين من الزراعة في هذا الوقت خصوصاً أن هناك توقعات بأن تطول فترة موجة الصقيع والضريب على البلاد، وبالتالي فإن المزارع لن يزرع حتى انتهاء الموجة.