السبت 19 يناير 2013 11:55 مساءً يُحكى أنَّ ؛ عباس بن فرناس عرف كيف يكون الطيران من خلال مراقبة الطيور ، وتم له الطيران فعلاً ، ولمَّا عزم الهبوط أدرك أنَّه لم يتعلَّم كيف يكون الهبوط ، فهبط هبوط عشوائي تكسَّرت عظامه ، وترك الطيران للبحث في علوم أخرى !! وكمشارك منذ بداية الحراك ، أو مواطن مراقب - راعي غنم - أقول جازماً ؛ لا يوجد فصيل جنوبي قام بدراسة طُرق الهبوط على الأرض الجنوبية حتى اليوم ، ومن يدَّعي امتلاكه رؤية للهبوط تجدها مجرد تقليد لآخرين ، في دولة أخرى ، أو في قارة أخرى ، بمعنى آخر ؛ مدخلات القضية وعناصرها ومخرجاتها لاتتشابه مع قضية الجنوب ، ولم يُسقِط عليها المعطيات الجنوبية بحِرَفية . وهذا هو الخطر المعطِّل للجبهة الداخلية فهو إهدار للفرص ولتضحيات الشعب ، مايؤدي إلى احباط يصيب العامَّة ، فتتجه إلى قبول الانضمام إلى مكونات جديدة تنشط خلالها لعلَّها تفعل شيء ، وهذا تمزيق للممزق ، فماكان فعل ايجابي في مرحلة قد يتحوَّل إلى فعل سلبي في مرحلة أخرى . وكلما زادت الحشود الشعبية المتفاعلة مع الهدف كلما زادت خطورة السير في المجهول ، فالجموع القليلة تكون أكثراً صبراً على السير في المجهول ، وإدارتها أكثر سهولة ، وعملية نقلها من مسار إلى آخر ممكنة ، بعكس الحشود الكبيرة ! فهي تستطيع انجاز الاهداف الفرعية والرئيسية بسهولة إذا وضِعت لها الخطط المناسبة ، أمَّا بدون الخطة والتنظيم فقد تصبح هذه الحشود كارثة على نفسها . وكمثال على ذلك مناسك الحج ، فالحج عرفة ، فالوقوف بعرفات منسك أصيل لاتوكيل فيه ولا فدية ، وهو المنسك الأكثر سلامة للحجاج ، ولكنَّ رمي الجمرات وهو المنسك الذي يجوز التوكيل فيه ، كان حتى زمنٍ قريب المنسك الذي تقتل الناس بعضها بسبب الزحام ، واليوم بعد وضع الخطط والتجهيز والتنظيم أصبح منسكاً آمناً سلساً تغشاه الروحانية والطمأنينة ولو بلغ عدد الحجاج ملايين . ومما تعلمته أنَّ الأهداف العظيمة لكي يتم انجازها ؟ يجب أن تُقسَّم إلى أهداف فرعية ، وكل هدف فرعي يُقسَّم إلى مراحل ، وكل مرحلة تُقسَّم إلى أحداث ، ومن كل حدث وكل مرحلة يتم إنجاز شيء يُحقِّق تقدُّماً في هدف من الأهداف الفرعية ، حتى تحقيقها ، وكلما تحقق هدف فرعي تحقَّق تقدماً نحو الهدف الأم . فإذا علمنا ذلك وبنفس الوقت عرفنا واقعنا !! فكيف السبيل ؟؟؟ يقول الإمام الحسن رضيَّ الله عنه {الفرص سريعة الفوت بطيئة العود} والمثل الصنعاني يقول ( لو حرقت صنعاء سبِّر بوري ) ويقول المثل القوقازي (لو خرجت مظاهرة من ألف شخص و روَّحوا بعشاء خمسة نفر فقد انجَّزوا شيئاً ) !!! فكيف إذا خرجوا بمئات الآلاف فماهو أقلُّ مايجب أن يعودوا به ؟؟؟ والفرص ليست واضحة الملامح ، معلومة التوقيت ، فهي كالريشة في غبار العاصفة . لايقتنصها إلَّا ذو علم وفطرة ودهاء أو مغامر جاءت معه ضربة حظ . ختاماً نقول ؛ لقد خرج الشعب الجنوبي في يوم التسامح والتصالح 2013 أعظم من 30 نوفمبر و 14 اكتوبر الماضيين ، فزلزل الأرض تحت أقدام العدو ، وخلط أوراق الدول القائدة في المنطقة والعالم ، والدور اليوم على القيادات في تحويل آماله إلى عمل منظم ومخطط له ، تخرج الشعب من الطريق المجهول إلى الطريق المعلوم المأمول ، الذي يعزز بناء الجبهة الداخلية . فإذا عجزت القيادات عن القيام بواجبها !! فعلى الشعب أن يمسك زمام المبادرة ، فالشعوب التي يقودها قيادات لاتملك خطة استراتيجية لتحقيق أهدافها ، عليها أن تكون مبادرة لاقتناص الفرص ، وقادرة على توظيفها في الأحداث والمراحل لتحقيق أهدافها الفرعية ، حتى يأتي اليوم الذي تظهر فيه قيادة محنَّكة ، قوية ، متماسكة ، قادرة على وضع خطط استراتيجية ، تُنجِز ماتبقى من الأهداف الفرعية وتحقق الهدف الأم . * خاص صحيفة عدن الغد