على مساحة تبلغ أربعة أفدنة تعيش 700 أسرة تحت خط الفقر، وبدون أية مرافق أو بنية تحتية والمفارقة أن أكبر الفنادق بمصر وكورنيش النيل لا يبعد عنهم سوى بعض الامتار "رملة بولاق" او المهمشين كما يطلقون على انفسهم مع مطلع التسعينيات ،ومع ظهور متوحش لرؤوس الاموال صاحبها ارتفاع رهيب فى اسعار الارضى المطلة على النيل بدأت هذه المنطقة تستحوذ على إعجاب العديد من رجال الاعمال الذين ارادوا فرض سيطرتهم على المنطقة، وإخلائها بالقوة الجبرية او بإعطاء قاطنيها بعض الاموال الزهيدة أو بتلفيق القضايا لهم كما يروى أهالى الرملة . "البديل" ترصد معاناة هؤلاء البسطاء الذين يعيشون فيما يسمى بالعشش حيث لا حياة آدمية على الاطلاق غرف متهالكة ومهدمة منها ما له سطح يحمى قاطنه، ومنها دون ذلك وإن صح التعبير فقل انقاض يقطنها أفراد لا صرف صحى ،لا مياه حتى الكهرباء غير شرعية لا تعرف من أين جاءوا بها ولكن الغاية تبرر الوسيلة ، مياه تخزن فى جراكن للاستخدام فى كافة نواحى الحياة وفى بعض الاوقات يقبلون على شرائها ،وايضا من الممكن أنك تسير بالقرب من سرير نوم أسرة ، لا تتعجب فهكذا حكم عليهم التهميش تلقى السلام لتنحنى قليلا مع انخفاض بسيط للرأس لتعبر الى حارة تكاد تسير فيها بمفردك وإن صادفك أحد فى مقابلتك عليه ان ينتظر حتى تعبر أنت. لا جديد لا عدل لا تغيير حتى وإن جاء العمار بالقرب منا فهو خراب ، بهذه الكلمات بدأت مرزوقة بخيت محمد والتى قاربت على الثمانين من عمرها حديثها ل"البديل" مرزوقة تقول تربيت على هذه الارض عندما كان العراء يحصرنا ومع الايام كبرت ،وتزوجت وأنجبت ابنائى الذين تربوا هم ايضا عليها لم تكن الدولة او احد يهتم بنا على الرغم من المعاناة التى كنا نعيش فيها ،وعندما بدأت المبانى الشاهقة تقترب منا جاء معها كثيرون منهم من يرغب فى الشراء، ومنهم من اخذ على عاتقه اعتقال العشرات من الرجال لأجل الضغط علينا إما لنخرج من دون شئ أونبيع بملاليم على حد قول مرزوقة . من جانبه كشف حماد عربى من أهالى الرملة عن تنظيم لجنة شعبية من ابناء المنطقة تقوم الآن بحصر عدد الاسر وأفرادها لتقديم نسخة منها الى صندوق تطوير العشوائيات وأخرى الى رئاسة الجمهورية للمطالبة بضرورة تنمية المنطقة وإدخال المرافق الاساسية لها من صرف صحى وكهرباء ومياه لافتا الى أن هناك ضغوطا تمارس عليهم من قبل افراد الأمن الذين يقتحمون المنطقة من وقت إلى آخر ويقومون باعتقال العشرات من دون وجه حق لإجبارنا على المغادرة أو النزول على رغبة رجل الأعمال نجيب ساويرس بأن نبيع لهبمبالغ زهيدة ، مؤكدا على أن أهالى الرملة اقسموا على عدم المغادرة ألا وهم أموات. كما اوضح عربى ومعه العشرات من شباب الرملة، قصة اقتحام ابراج النيل سيتى التى روج لها إعلامي لخدمة رجل الاعمال نجيب ساويرس وتحقيق اهدافه فى إخلاء المنطقة لاستكمال مشروعه حيث بدأت القصة عقب ثورة يناير وبالتحديد يوم 28 يناير ومع غياب تام للشرطة وظهور العديد من "الهليبة" الذين اقتحموا مول أركيديا وبعض المحال التجارية ،توجه العشرات من شباب الرملة وقاموا بعمل لجنة شعبية بمحيط ابراج النيل سيتى كونها ملاصقة لنا واخذنا نتناوب الحراسة على مدار الساعة والحمد الله لم يتم اقتحام الابراج وبعد ايام وعند استقرار الاوضاع عزمنا على الرحيل، طلب منا مدير أمن الأبراج الانتظار لبعض أيام وسوف يقوم بمكافأتنا وهو ما تم بالفعل بل تطور الامر وأصبحنا 120 شابا يقومون بحراسة الابراج على أن يصرف لنا مرتبات شهرية تترواح من 1000 جنيه الى 3 آلاف لكل فرد من قبل رجل الاعمال ساويرس على مدى عام ونصف . يضيف عربى بعد انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة قنديل امتنع عن دفع المرتبات لنا الامر الذى اغضب أحد الشباب ،ونشبت بينه وبين رئيس الامن مشادة كلامية تطورت إلى أن تم إطلاق النار عليه من الخلف ولقى حتفه ،وتم اتهامه بمحاولة اقتحام الابراج بغرض السرقة وهو مالم يحدث مطلقا . غضب اهالى الرملة وثاروا على ماحدث وفوجئت بالأمن يقتحم الرملة تحت اطلاق كثيف لقنابل الغاز وقاموا باعتقال قرابة 70 شابا لم يخرجوا حتى الآن وتم تلفيق عدد من القضايا لهم ،وكل ذلك من أجل إجبارنا على ترك المنطقة . تقول بخاطرها أحمد السيد كنت صغيرة فى عصر الملك والى الآن أعيش على الرملة لم أر ظلما أبشع مما يحدث لنا اليوم حيث لم تراع قوات الامن عجزى أو مرضى وهم يقتحمون علينا عششنا ،ويلقون علينا أبشع الالفاظ ليجبروننا على الرحيل "لما يشوفوا حلمة ودنهم" من أصغر طفل الى أكبر راجل هيموت فى الرملة ولا يستطيع أحد إخراجهم منها وبقول "اللى شايف نفسوا كبير ربنا أكبر من أى حد" . يروى أحمد على حايل ريان البالغ من العمر 45 عاما وهو يحمل بطاقة والدته الورقية المدون عليها عنوانها بالرملة أنا ولدت هنا وأولادى ايضا فضلا عن والدى وعلى الرغم من التهميش الذى نعيش فيه لم نطالب بشئ وقلنا هذا حال البلد ،ولكن ما يحدث الآن اسمه اضطهاد ولن نسكت ، يحذر ريان من ثورة جياع قادمة مالم يتحرك المسئولون ويؤكد على أنها ثورة ليست كباقى الثورات كونها سوف تقضى على الأخضر واليابس نظرا لتوحش رأس المال الذى يريد أن يدفع المال بكل شئ واى شئ حتى ارواح البشر . تقول قدارة إسماعيل السيد ام محمد وحسام ناصر الذى تم إلقاء القبض عليهم فى الاحداث الاخيرة وتلفيق بعض القضايا لهم اعيش فى غرفتين انا وزوجات أبنائى الاثنين وابنه ولا أجد من يعولنى أتقوت على الصدقة التى تأتى من أصحاب الخير . تتابع قدارة ناشدت رجال الأمن فى بعض زيارتى لأبنائى فى محبسهم الإفراج عنهم و سوف أغادر الرملة ولكن ابنائى منعونى من ذلك ولا اجد من استجير به إلا الله سبحانه وتعالى . تتابع قدارةلا يوجد شئ اسمه الثورة ،ولم اعرف ما يسمى بالعدل والكفاية والعيشة الهنية طيلة حياتى قائلة على من أسمتهم "المفترين"عليهم أن يستعدوا ليوم لا ينفعهم فيه مال ولا بنون. أخبار مصر - البديل - تحقيق