بل في مستوي القيادة ايضا, فلم تعد الدولة موجودة، والذين يحكمونها هم أرباب الحرب: رؤساء العصابات المسلحة والطوائف والمليشيات وكل عنيف فيها رجل. هكذا كانت تبدو سوريا عشية الاحتلال الفرنسي في مطلع القرن العشرين فقد كانت فيها سيطرة نظرية للدولة العثمانية من بعيد وسيطرة علي الارض لرؤساء الطوائف والعصابات. إن سوريا هي أول دولة عربية انتقضت واختفت في واقع الامر وفي إثرها ليبيا التي انتقضت هي ايضا الي قبائل, والعراق في الطريق وهو الذي علي شفا تفجر طائفي وقبلي مع انتفاضة سنية تتسع علي السلطة الشيعية. فنحن نفهم الآن كم كان سطحيا ايجاد القومية العربية في الشرق الاوسط. هل يتم الحديث عن شعب فلسطيني؟ ثبت الآن انه لا يوجد الآن حتي شعب سوري أو شعب عراقي أو شعب لبناني. لكن هل يعني كل هذا ان ايام الرئيس بشار الاسد معدودة حقا؟. أصبح من المعتاد في الاعلام الاسرائيلي ان تؤبن سلطة الاسد الذي سيسقط قريبا لكننا سنتم بعد قليل سنتين علي الحرب ولم يحدث هذا الي الآن. لكن حتي لو سقط هذا النظام فستستمر الحرب بعد ذلك وبقوة أكبر. ولماذا؟ لأنه قد بني حول سوريا ائتلافان ضخمان من الأحلاف يتحاربان الآن بواسطة السوريين لكن احتمال ان يخرجا لحرب خارجية قائم بيقين. أما الائتلاف الاول فهو الذي يؤيد الرئيس الاسد بلا هوادة وهم رئيس روسيا بوتين والصين وايران وحزب الله وحزب العمال الكردستاني الذي تحول الي تأييد الاسد بعد ان منحه نوعا من الاستقلال في شمال سوريا. ومن الجهة الثانية تركيا والسعودية وقطر والمتمردون في سوريا وحلف شمال الاطلسي والولاياتالمتحدة وبريطانيا. فالشيعة ومؤيدوهم في مضادة السنيين ومؤيديهم, وروسيا في مضادة الولاياتالمتحدة التي يحكمها اوباما وتركيا في مضادة ايران. لماذا ما زالت روسيا تؤيد الاسد؟( حتي إنها منعت هذا الاسبوع رفع لائحة اتهام عليه الي محكمة الجنايات الدولية). لأن موسكو قد لذعتها النار في ليبيا من قبل فهي تزعم ان الغرب خانها وخان القذافي حينما أفضي الي اسقاطه بضربات عسكرية مباشرة من حلف شمال الاطلسي. وهذا يصب في مصلحة الاسد بالطبع. وتري ايران بقاء الاسد ضمانا لهيمنتها أو لما بقي منها في الشرق الاوسط, والاكراد سعداء لأنهم وجدوا حليفا منحهم ارضا. وفي المقابل تركيا التي تذيع علي الدوام اشاعات ان الاسد قد انتهي وتجد نفسها في المواجهة مع الاكراد( برغم الاشاعات التي نشرها الاتراك عن نجاح محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني), وفي مواجهة سوريا وفي مواجهة حكومة بغداد الشيعية وفي مواجهة ايران. إن وضع تركيا صعب والحرب التي يقوم بها الاكراد لجيش تركيا اتسعت فقط في المدة الاخيرة.