اخفق حلف شمال الاطلسي وروسيا مجددا الخميس في التوصل الى تسوية خلافهما حول الدرع المضادة للصواريخ في الوقت الذي حذر فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان الوقت ينفد امام الحل. وقال الامين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن اثر محادثات بين وزراء خارجية الاطلسي ولافروف "في ما يتعلق بالدفاع الصاروخي، لم نتوصل الى اتفاق بعد". وكانت روسيا هددت بنشر صواريخ قرب حدود الاتحاد الاوروبي. غير ان راسموسن تابع في مؤتمر صحافي "لكننا اتفقنا جميعا على انه من الاهمية مواصلة المحاولة ومواصلة الحديث ومواصلة الاستماع لمخاوف كل جانب". ولا يشكل هذا الاعلان اي مفاجأة اذ ان الدبلوماسيين والخبراء لم يكونوا يتوقعون احراز تقدم يذكر. وقال دبلوماسي من احدى دول الحلف ان "الهدف هو تهدئة الوضع". وقامت روسيا بعرض قوة عبر تشغيلها نظاما للانذار مضاد للصواريخ في كالينينغراد، الجيب الروسي الواقع داخل الاتحاد الاوروبي. واوضح الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ان الامر يتعلق بالتصدي "للتهديدات" التي تشكلها درع الحلف الاطلسي. وعمل راسموسن على تهدئة المخاوف الروسية من ان المنظومة الصاروخية الغربية التي ستنشر اجزاء منها في بلدان كانت تدور في فلك الكتلة السوفياتية السابقة، ستقوض الترسانة الروسية الاستراتيجية، حيث كرر امين عام الحلف الاطلسي ان الحلف "لا يعتبر روسيا عدوا". وجدد الاطلسي دعوته للتعاون مع روسيا على صعيد منظومته الصاروخية — التي يتم نشرها في رومانيا وبولندا فضلا عن اسبانيا وتركيا — "حتى يمكنهم التحقق بأنفسهم انها غير موجهة ضد روسيا"، حسبما قال راسموسن. وتطالب روسيا الحلف الاطلسي بتقديم وثيقة ملزمة قانونيا تنص على ان المنظومة المضادة للصواريخ البالستية ليست موجهة ضدها، غير ان الحلف يقول انه اصدر ما يكفي من البيانات يؤكد فيها ذلك. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي عقب المحادثات "نريد ضمانات واضحة بأن القدرات الدفاعية الصاروخية لن توجه ضد قدراتنا الاستراتيجية". كما اقترحت موسكو ايضا ادارة من الجانبين لدرع صاروخية مشتركة، ولكن الحلف الاطلسي يصر على الابقاء على منظومتين منفصلتين والاكتفاء بتبادل المعلومات بين الخصمين اللدودين السابقين إبان الحرب الباردة. وقال لافروف "نقف مستعدين للحوار شريطة اخذ المصالح المشروعة لكافة الاطراف في الحسبان. ما زال امامنا وقت ولكن الوقت ينفد كل يوم". وقال راسموسن انه يأمل التوصل الى اتفاق خلال قمة الحلف الاطلسي المقبلة في ايار/مايو 2012 في شيكاغو. وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف اعلن الشهر الماضي ان روسيا مستعدة لنشر صواريخ متوسطة المدى من طراز اسكندر في جيب كالينينغراد بين ليتوانيا وبولندا. وبعد ذلك شغلت روسيا نظام انذار جديدا بالرادار لرصد الصواريخ المقبلة في الجيب الروسي وقالت انها تحتفظ بالحق في ضرب مكونات الدرع الاوروبية للحلف الاطلسي اذا لم تتم الاستجابة لمطالبها. وحذر الجنرال الروسي البارز نيكولاي ماكاروف من انه "يتم دفع" روسيا في سباق تسلح جديد. غير ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت ان خطط الدرع الصاروخية "لا تستدعي اجراءات مضادة" بعد إعلان موسكو عن تحركاتها. وصرحت كلينتون امام الصحافيين في بروكسل عقب المحادثات "سنواصل الدفع قدما باتجاه الدفاع الصاروخي"، مضيفة ان ذلك "بالتأكيد لا يستدعي اجراءات عسكرية مضادة"، مشيرة ان المنظومة الصاروخية للاطلسي تستهدف تحييد التهديدات التي تصدر من إيران. وقالت كلينتون "هذا ليس موجها ضد روسيا، ولا يتعلق بروسيا، انه بصراحة يتعلق بإيران وغيرها من اللاعبين من الدول او الجهات التي تسعى لتطوير تقنيات صواريخ تشكل تهديدا". كما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان تهديد مدفيديف "مخيب للامال"، مؤكدا ان الحلف الاطلسي ما زال يسعى للتعاون. واضاف هيغ للصحافيين "عرض الحلف الاطلسي ما زال مطروحا على روسيا ونود ان نرى تعاونا عمليا على صعيد الدفاع الصاروخي". وكان الحلف الاطلسي وروسيا اتفقا العام الماضي على البحث في سبل للتعاون على صعيد المنظومة الصاروخية التي يكرر المسؤولون الغربيون انها تهدف لابعاد خطر الهجمات من جانب إيران وغيرها من "الدول المارقة". ويسعى الحلف الاطلسي والولايات المتحدة لتحسين العلاقات مع روسيا منذ تولى الرئيس باراك اوباما الرئاسة الاميركية في 2009. لكن كلينتون اثارت غضب روسيا هذا الاسبوع باعرابها عن "مخاوف جدية" بشأن الانتخابات التشريعية الروسية ومطالبة بالتحقيق في الاتهامات بأن عمليات غش وتزوير اصوات قد جرت. يذكر ان روسيا انتقدت بشدة الحرب الجوية التي نفذها الحلف الاطلسي على ليبيا متهمة الحلف الغربي بتجاوز تفويض الاممالمتحدة لحماية المدنيين. وكرر لافروف مخاوف روسيا وحذر من استخدام ليبيا كنموذج لتدخلات تجري في المستقبل، قائلا "نرفض بشدة هذا الاقتراح". واضاف الوزير الروسي ان على الشعوب في العالم العربي "ان تقرر مصيرها"، مشيرا إلى ان خطة السلام في اليمن التي وافق بمقتضاها الرئيس علي عبدالله صالح على التنحي، قد تطبق على الوضع في سوريا. ورغم ان الارتياب ما زال قائما بين خصوم الماضي، الا ان روسيا سمحت للتحالف الغربي باستخدام اراضيها لارسال إمدادات حيوية لقواته في افغانستان. كما اصبح الطريق عبر روسيا اكثر اهمية مع اغلاق باكستان خطوط الامداد الى افغانستان المجاورة بعد الضربة الجوية التي قتلت 24 من جنودها على الحدود مع افغانستان الشهر الماضي. وتردد ان المندوب الروسي لدى حلف شمال الاطلسي ديمتري روغوزين حذر من ان بلاده قد توقف الامدادات الاطلسية الى افغانستان. لكن راسموسن رفض تلك التقارير وقال انها "تهديد فارغ"، مضيفا ان استقرار افغانستان يصب في مصلحة موسكو. === المصدر:: اخبارية نت / نقلا عن لوران توميه ولاخلان كارمايكل | الفرنسية