ما هو الابتكار؟ غالباً ما يتردد هذا المصطلح عندما نتحدث عن مستقبل أبوظبي، كونه أداة للتمكين وهدفاً أساسياً على حد سواء. نحن نريد أن نكون مجتمعاً للابتكار، وأن نصنع منتجات مبتكرة وملكية فكرية تسهم في عملية التنمية المستقبلية، وعند النظر إلى رواد التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم، سواء كانوا في وادي السليكون، أو دريسدن، أو كوريا الجنوبية أو سنغافورة، فإن السبيل إلى ذلك يبدو صعباً وبسيطاً في الوقت ذاته: التعليم المستهدَف، وإنشاء مؤسسات للبحث والتطوير، وتطوير قاعدة تصنيع تسهم في خلق قيمة اقتصادية راسخة. وبينما تعتبر كل هذه الخطوات عناصر أساسية لتحفيز الابتكار، فإنني أعتقد أن المصطلح نفسه يشير بوضوح إلى أمر أكثر تمايزاً. خلال فصل الصيف في دريسدن، يمتلأ الهواء المحيط بالحدائق ذات المناظر الطبيعية المصممة بكل دقة وعناية، برائحة شواء اللحوم والأحاديث بصوت عال، ويجتمع المهندسون والأساتذة والباحثون والطلاب الذين يشكلون جزءاً كبيراً من المنطقة التقنية في المدينة لقضاء وقت ممتع ومناقشة التحديات والنجاحات التي تحققت في الأسبوع الماضي. عقول لامعة ذات طرق تفكير مختلفة، تُستثمر جميعها ويتم تكريس جهودها لخدمة القطاع ذاته، الأفكار التي يسمعها المرء هنا تحفز العقل، كيف يمكننا إعادة تصميم هيكلية أشباه الموصلات لتصبح أكثر شبهاً بالعقل البشري؟ كيف يمكن للأنسجة العصبية الحية أن تشكل يوماً ما الركيزة الأساسية لأداة تعزز عمل الهواتف المحمولة؟ وما المطلوب لتصميم دارة إلكترونية أصغر ب 2000 مرة من شعرة الإنسان؟ إنهم يدفعون بحدود فهمنا للتكنولوجيا الحديثة، وهم يفعلون ذلك بشكل تلقائي أثناء تناول الغداء، في مثل هذه البيئة، يصبح تخطي حدود المعرفة الحالية جزءاً لا يتجزأ من الثقافة. وفي اعتقادي، فإن هذه الثقافة بالذات تشكل عصب وصميم عملية الابتكار. لقد بدأت مسيرتي في عالم التكنولوجيا بدراسة الهندسة الكيميائية في جامعة الإمارات العربية المتحدة في العين. وقد أتاح لي هذا التعليم فهماً عميقاً لمفاهيم الرياضيات والعلوم عالية المستوى، ووجهني في النهاية نحو اختيار مهنة في قطاع النفط والغاز، بعد التخرج، أردت أن أضع بصمتي على مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن أسهم في مجال يساهم بدوره في تغيير التركيبة الاقتصادية لمجتمعنا. وقد اخترت فرصة للعمل في مكتب غلوبل فاوندريز في أبوظبي، وانغمست خلال وقت سريع في صناعة تحقق فيها القطع الصغيرة آثاراً كبيرة. وبعد فترة وجيزة من العمل، تحدثت مع عائلتي عن فرصة للانتقال إلى دريسدن والعمل في أكبر منشأة لتصنيع أشباه الموصلات في أوروبا، في قلب واحدة من أكثر مناطق التكنولوجيا حيوية ونشاطاً في العالم، وحتى يومنا هذا، ما أزال ممتنة للغاية لدعم عائلتي ووقوفهم إلى جانبي. خلال السنة الأولى والنصف الأول من الثانية، كنت أعمل لمدة 12 ساعة في اليوم، و40 ساعة في الأسبوع، مع خبراء الصناعة لإدارة المرحلة النهائية في عملية تصنيع أشباه الموصلات، والتأكد من عمل كل منتج بالطريقة التي صمم من أجلها، وفي الأشهر الثمانية الأخيرة من عملي في الخارج، كانت مسؤولية فريقي تتمثل في ضمان الانتقال السلس إلى القدرة الكاملة للتقنية الجديدة في قطاع أشباه الموصلات وهي تقنية 28 نانومتر، وهو قياس يضم أكثر من ملياري دارة إلكترونية على مساحة تعادل تقريباً مساحة الدرهم. ... المزيد