, ذكري ولادة رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم, وها هم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يحتفلون بهذه الذكري العطرة. ففي مثل هذا الشهر المبارك قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة ولد محمد بن عبد الله بمكة المكرمة, فاستنار الكون بنور طلعته, وأشرقت الأرض بهذا النور الوهاج حتي انقشعت الظلمات المتراكمة علي هذا العالم المتوارثة من القرون الهمجية المتوغلة في الجهل. وتحتفل مصر غدا بهذه الذكري تعبيرا عن الفرح والسرور بالمصطفي صلي الله عليه وسلم الذي كان يعظم يوم مولده, ويشكر الله فيه علي نعمته الكبري عليه, وكان يصوم يوم الاثنين حيث ولد فيه, وهذا رد واضح علي هؤلاء الذين أشاعوا أن الاحتفال بمولد النبي حرام, ولا يجوز شرعا. فالاحتفال بمولد الرسول الكريم ليس فقط بإقامة الزينات, والقاء الخطب والكلمات, ولكن الاحتفال الحق هو أن نتخذ من الرسول أسوة وقدوة, وأن نسعي إلي الاتباع الكامل لذاته ولأخلاقه وسلوكه. وفي هذه المناسبة ينبغي أن نتلمس أماكن جراحاتنا, وأن نستبين أسباب تلك الجراحات, وألا نتيه عن الدواء الأوحد الذي يضمد هذه الجراحات ويقطع هذا النزيف. وعلي الدعاة والعلماء أن يذكروا الأمة بأخلاق النبي, وآدابه, وسيرته, ومعاملته, وأن ينصحوهم ويرشدوهم إلي الخير والفلاح, ويحذروهم من البدع, والفتن, والفرقة, وأن يكون احتفالنا بمولد النبي للمعاني التي جاءنا بها, وللمعاني التي دعانا إليها, وللأخلاق المشعة من ذاته الكريمة الطيبة الطاهرة. أيها المسلمون, أيها العرب, أيها المصريون في كل مكان ألم يحن للإيمان أن يتحرك في القلوب, وألم يحن للنور أن يشع علي الحياة من جديد, وألم يحن لنا أن نتناسي الأحقاد, وأن ندوس الأضغان, وأن نعود إلي الحق.