يزداد الطلب على الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل سنوي قدره 9 في المئة، ولهذا يبدو مشروع الطاقة النووية في الإمارات حاجة ملحة، لذا تعمل معاهد التكنولوجيا جاهدة على إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة والمتميزة للعمل في محطات الطاقة النووية في عام ،2017 ويقوم معهد التكنولوجيا التطبيقية بتنظيم بعثات تدريبية لطلابه المتفوقين بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وتعتبر هذه البعثة الثالثة التي ينظمها المعهد والتي أرسلها خلال العطلة الصيفية الماضية، واستمرت أربعة عشر يوماً خلال شهر يوليو/تموز الماضي، ويتم اختيار الطلاب المشاركين في البعثة وفق معايير وشروط دقيقة بحسب مستواهم الدراسي وتخصصاتهم التكنولوجية بالمعهد، وبحسب رغبتهم بدراسة تلك التخصصات في المستقبل حيث إن برنامج التدريب يكسب هؤلاء الطلبة الخبرات العملية كما أن التدريبات المتقدمة التي يتلقاها الطلبة تفتح لهم المجال للالتحاق بهذا التخصص في المستقبل القريب وتفوقهم فيه . في البداية يقول محمد سلمان مدرس التحكم الآلي في ثانوية التكنولوجيا التطبيقية والمشرف على الطلبة في البعثة: كان الهدف الرئيس للبعثة أن يتعرف الطلبة عن قرب إلى كيفية إنتاج الطاقة النووية من أول مرحلة للإنتاج إلى آخر مرحلة، إضافة إلى تعرفهم عن قرب إلى كيفية تشغيل وصيانة معدات الطاقة النووية، وإتاحة الفرصة للطلبة كي يقوموا بأعمال الفك والتركيب والصيانة بأنفسهم، كان أمامهم فرصة حقيقية ليروا كيفية إنتاج الطاقة ويتعرفوا إلى كيفية التحكم بالإنتاج عن طريق برامج الكمبيوتر، وليشاركوا بالتدريب العملي ويقوموا بالتجارب بأنفسهم . ويضيف: هذه البعثة الثالثة على التوالي التي يقوم بها المعهد، فقد قامت بإرسال بعثتين خلال العامين السابقين لنفس الغرض بالتعاون مع مؤسسة الإمارات، ويتحمس الطلبة كثيراً للحصول على هذه الفرصة، لأنها تعني لهم الكثير، وقد شارك 40 طالباً في البعثة التي قمنا بها هذا العام من مدارس مختلفة، تم تقسيمهم على ست مجموعات، حيث قامت كل مجموعة بإجراء تجاربها واختباراتها على حدة والتدريب كان يومياً في مدينة "بوسان"في جنوب كوريا، وكان مكثفاً يبدأ الساعة الثامنة صباحاً إلى الخامسة مساءً، في مؤسسة KHNPk وقمنا بتهيئة الطلاب قبل الذهاب وشرحنا لهم كل شيء حول مكان العمل وطبيعة أهل البلد وعاداتهم وتقاليدهم المختلفة، وحول أهمية ما يقومون به، وضرورة الالتزام والانضباط واستغلال الوقت على أحسن وجه . وتقول "حنان مدني"مسؤولة الإرشاد المهني والوظيفي في ثانوية التكنولوجيا التطبيقية: دورنا يختص بدعم المادة الأكاديمية، وتأتي أهمية ما نقوم به من خلال مشاركتنا بتحقيق أهداف التنمية، حيث كانت هناك مبادرة لتوطين الوظائف التكنولوجية، وهذا يتطلب توجيه الطلبة في سن مبكرة وتعريفهم بالفرص الموجودة إضافة إلى تعريف أولياء الأمور بها، وتوعيتهم بالفرص التي يمكنهم أن يحصلوا عليها، ويبدعوا بها دراسياً، ويعتبر التدريب الميداني الخبرة العملية الأولى في حياة الطالب والتي يبدأ من خلالها تطبيق ما تعلمه في الصف في بيئة عمل حقيقية، ويكتسب المهارات ليستطيع أن يقرر توجهه المستقبلي في بيئة العمل الميداني . وهناك فرص حقيقية يوفرها المعهد للطلبة بالتعاون مع كبرى المؤسسات والجهات المعنية، وكان دوري كمرشدة هو التواصل معهم لتحديد نوعية البرامج الخاصة بالمعهد والتي تهدف إلى إعداد الموظفين وقمنا بعمل برامج للطلبة قبل الذهاب إلى البعثة حول أخلاقيات العمل والانضباط، وقبل الذهاب إلى البعثة قمنا بعمل ورشة عمل ختامية بإشراف مؤسسة الإمارات بحضور الأهالي وكان الغرض منها توعية الطلبة بأدوارهم وما الذي عليهم القيام به، وقد قدمت لهم مؤسسة الإمارات كل ما سوف يحتاجونه في هذه البعثة من معدات وغيرها حتى الملابس الخاصة بالتدريب . يعبر "يحيى عبدالرؤوف العوضي"عن سعادته للمشاركة بهذه البعثة قائلاً: كانت تجربة ممتعة ومفيدة في الوقت نفسه، تعلمت كيف يعمل المفاعل النووي، وكان البرنامج الدراسي مقسم إلى جزئين، الجانب النظري والجانب العملي التطبيقي، وقد أثرت هذه البعثة في قراري حقاً وساعدتني لأحدد وجهتي بثبات، فقد كان لدي فضول للتعرف إلى طريقة عمل المفاعل النووي، ومنذ سمعت عن إنشائه في الإمارات من قبل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والتي تهدف إلى توليد الطاقة، شعرت برغبة بالالتحاق بهذا المشروع ومن أجل خدمة بلدي ولكوني أميل حقاً لهذا النوع من التخصص، ولهذا كنت متحمساً جداً للحصول على هذه الفرصة، وبعد عودتي قررت الختصص في الطاقة النووية وأحلم بالحصول على بعثة للدراسة في الخارج، وأنا أشكر معهد التكنولوجيا التطبيقية على منحي هذه الفرصة الرائعة للتعرف إلى المفاعل النووي عن قرب والتعلم، وأنا أشعر بالانتماء لهذا المشروع حقاً والإخلاص له . "فارس حسين الجناحي"يحدثنا عن مشاركته بالبعثة قائلاً: كان الهدف من البعثة تعريف الطلاب على الطاقة النووية، وكيفية عمل المفاعلات وكانت مدتها أسبوعين، حضرنا خلالها ورشات عمل ميكانيكية وكهربائية ودروس نظرية وكان هناك رحلات تعليمية أيضاً ضمن نشاطات التدريب، وأنا شخصياً استفدت من البعثة كثيراً خصوصاً المعلومات الجديدة التي حصلت عليها عن المفاعلات النووية وعن الميكانيكا وتفكيك القطع الرئيسة في المفاعل وإعادة تركيبها، وقد خضعنا للاختبار في النهاية، وأنا أشكر معهد التكنولوجيا التطبيقية ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية على هذه الفرصة القيمة التي حصلت عليها، فقد عرفني هذا البرنامج على طبيعة العمل في المفاعل النووي، وهذه التجربة زادت رغبتي بالالتحاق بمؤسسة الإمارات للطاقة النووية . أما الطالب ماجد محمد المرزوقي فيقول: كنت سعيداً جداً باختياري للذهاب إلى كوريا الجنوبية والتعرف إلى مفاعل الطاقة النووية عن قرب، وأنا أشكر المعهد ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية فقد وفرا لي هذه الفرصة للالتحاق بهذا البرنامج الصيفي، الذي استمر 14 يوماً وحصلنا على شهادة تخرج في نهاية الدورة . ويضيف: في الحقيقة تغيرت طريقة تفكيري عن المفاعل النووي تماماً بعد هذه البعثة، فلم أكن أعلم في السابق لماذا يريدون إنشاء مركز للطاقة النووية في الإمارات، ولكني من خلال البرنامج عرفت أنها تستخدم لتوليد الكهرباء بالطاقة النظيفة، وفي السابق لم يكن لدي فكرة عن هذا الأمر وكنت أظن أنها تستخدم في مجالات أخرى، وبعد أن زرع بداخلي هذا الاهتمام بدأت البحث وتعرفت إلى الجامعات المتخصصة في هذا المجال، فقد قررت أن أكون مهندساً كهربائياً في مجال الطاقة النووية، وأنا أفكر بالتقدم لجامعة خليفة في أبوظبي أو جامعة بولي تكنيك الموجودة في أبوظبي أيضاً . "سلطان خالد كنّون"يقول: اختاروني لأني كنت من الطلبة المميزين في (الهندسة العلمية) وأنا في الصف الثاني عشر الآن، وبدأت أفكر وقتها بالأشياء التي يمكنني تعلمها والتي يمكنني القيام بها هناك، بعد أن تم اختيارنا خضعنا لبرامج تأهيل قبل السفر وبعدها سافرنا وكنا مستعدين تماماً ومهيئين لتلقي المعلومات والاستفادة من هذه البعثة على أحسن وجه، وفي الحقيقة كان البرنامج مفيداً لنا بشكل كبير وقد أضاف لنا الكثير من المعلومات التي دفعتني لاتخاذ القرار المناسب في ما يخص مستقبلي، إذ كنت أميل إلى التخصص في مجال الهندسة الإلكترونية، أما الآن فكل اهتمامي منحصر بالمفاعل النووي . فقدت أعجبت بهذه التجربة حيث رأيت المواد التي تصنع منها هذه المفاعلات كالأسمنت والحديد، وتعرفت إلى أصدقاء جدد من مختلف أنحاء الإمارات يشاركونني اهتماماتي العلمية، وقد كنا جميعاً أصحاب مستويات أكاديمية جيدة، وكانت التجربة الأكثر متعة وخصوصية هي دخولنا إلى المفاعل النووي، وقد علمونا كيف نأخذ الاحتياطات اللازمة، وأنا الآن بعد هذه التجربة قررت التخصص في هذا المجال حتى أفيد بلدي، ولدي طموح في أن أستمر في تطوير نفسي، وقد أخبرت زملائي عند عودتي عن المعلومات الجديدة التي اكتسبتها ونصحتهم بأن يطلعوا على هذا المجال . ويقول محمد علي: سمعت من الطلاب الذين ابتعثوا في السنة الماضية عن مثل هذه البعثات وكنت متحمساً جداً للذهاب، وقد أخبرني أصدقائي أنه علي أن أحصل على نسبة تفوق عالية حتى يتسنى لي الفوز بهذه الفرصة، كما أخبروني بأن الأمر يستحق المثابرة خصوصاً أني كنت أفكر بأن أكمل دراستي في هذا التخصص لكونه جديدا، وفرص العمل به ستكون كثيرة ومميزة، ولفت انتباهي أن الأشغال كلها كانت عن الميكانيكا والكهرباء، وقد قررت أن التخصص في المستقبل في مجال الكهرباء في الطاقة النووية، وأنوي الدراسة في جامعة خليفة أو جامعة بولي تكنيك التي ستؤهلني للعمل في مجال الطاقة النووية، قد عرفنا من خلال مشاركتنا في البعثة أن توليد الطاقة يحتاج إلى الكثير من التخصصات حيث تأتي الكهرباء والميكانيكا في الدرجة الأولى وبعدها تأتي الكيمياء .