نورا محمد (القاهرة) - دخل الأعرابي على زوجاته فوجدهن يتشاجرن، وكان قد ضاق بهن ذرعا، فتوجه إلى إحداهن، وقال لها منذ أن جئت إلى هذا البيت والمشاكل لا تتوقف فأنت طالق، فسألته الثانية، ماذا فعلت كي تطلقها، فقال لها وأنت طالق، فقالت الثالثة ألم تجد شيئاً غير الطلاق تعاقب به، فقال لها وأنت طالق، فاستنكرت الرابعة، وقالت هل جننت، فقال لها وأنت طالق، وسمعته زوجة جاره، فقالت ما رأينا واحداً من العرب يطلق كل نسائه في لحظة إلا أنت، فقال لها وأنت لو أجاز لي زوجك فأنت طالق، فسمعه الرجل وقال له قد أجزت قد أجزت. تذكرت هذه الواقعة ولم أكن أصدقها من قبل لأنها ضرب من الخيال منذ سمعتها، فربما تكون مجرد مثل لا أصل له في الواقع، وإن كانت حقيقة أو خيالاً، فالمهم أنها تكررت وطلق زوجي نساءه الثلاث في لحظة واحدة وغيابياً من دون علمهن، أرسل لكل واحدة ورقة طلاقها على عنوان مسكنها، في البداية اعتقدت كل واحدة منهن أنه طلقها وحدها، ولكن بعد أن أجرينا اتصالات ببعضنا، علمنا بالواقعة التي فعلها رجل من هذا الزمان. كنت في العشرين من عمري، وقد انتهيت من دراستي وحصلت على مؤهل متوسط عندما تقدم لخطبتي، كان في الرابعة والأربعين من عمره، واضح وهو يقدم نفسه وواثق من إمكاناته، عرض أن أختار الشبكة بنفسي بلا تحديد، شقة فاخرة في منطقة جديدة راقية، مصروف شهري بعد ذلك يعادل مرتب ثلاثة موظفين كبار، بخلاف تحمله كل احتياجات ومصروفات البيت، ولن يكون متفرغاً لي طوال الوقت، فهو مشغول في أعماله الكثيرة، وبين بيوته، فهو متزوج من اثنتين قبلي ما زالتا على ذمته وكل واحدة منهما تقيم في مسكن مستقل بعيدا عن الأخرى. الرجل أكبر من عمر أبي، ليس فيه أي إغراء لفتاة مثلي، فأنا أريد أن أعيش فترة خطوبة مثل كل البنات مع شاب يقاربني في العمر، أحلم معه بالمستقبل، نتفاهم أو نختلف، نبني عشنا بأيدينا، وكما يحلو لنا وسنرتضيه مهما كان بسيطاً، لكن شتان بين الحقيقة والخيال والحلم والواقع، هكذا قال كل من حولي أبي وأمي وأخواتي وصديقاتي وقريباتي، كأنهم اتفقوا وهم في جانب وأنا في جانب، يرون أن تفكيري هو الخيال البعيد عن الواقع، فلا يوجد الشاب الذي أحلم به، فكلهم لا يملكون مالاً ولا عملاً وعندما يكون الواحد منهم مستعداً للزواج يكون في عمر هذا الرجل، ولن يكون في مستوى إمكانياته، ليس أمامي إلا أن اغتنم الفرصة وأوافق قبل أن تفوت ولا تعود. ارتبكت الحسابات واختلطت الأوراق في رأسي، لم أكن قادرة على اتخاذ القرار المناسب لأن المسألة لا تحتمل التجريب، والخسارة في كلتا الحالتين ليست سهلة أو قليلة، أصبحت بين نارين، اعترف بأنه عريس «لقطة» من ناحية الإمكانيات خاصة وأنه لن يكلف أسرتي أي شيء وتعهد بأن يتحمل كافة نفقات الزواج من الألف إلى الياء وسيوفر لي حياة كريمة تحلم بها كل بنت، لكن لا يمكن أيضاً أن أتجاهل الفارق بيننا في العمر وأنني سأتزوج «ربع» رجل، لأن وقته سيكون مقسماً بين الزوجات والعمل، ومن ناحية أخرى فأنا لا أملك إلا بعضاً من الجمال الذي لا يصل طبعاً إلى حد الإغراء، وهذا وحده لا يكفي، وأسرتي فقيرة، ونعيش بالكاد على هامش الحياة، نحصل على الضروريات بشق الأنفس ولا نجدها أحياناً. والسؤال الذي وقفت أمامه كثيراً: كيف سيكون التعامل مع ضرتين، ووجدت إجابات كلها تهون من الموقف، فالرجل مقتدر ويمكنه أن ينفق على عشرة بيوت، وكل واحدة في بيتها المستقل بعيدا عن الأخرى، ولذلك لن يكون هناك أي نوع من المشاكل أو الاحتكاكات، بل سأحظى بمعاملة خاصة لأنني الأصغر سناً والأجمل، والأخيرة، فلو لم يكن يرى فيّ ما لا يراه فيهما ما أقدم على الزواج مني، ومن ثم فهذا التخوف لا محل له على الإطلاق ولا داعي لطرحه أو التفكير فيه، بل جعلتني هذه الآراء أشعر بميزاتي وبنفسي وربما أتباهى بها بين الضرتين، فالنساء يسعدهن الكيد للأخريات. ... المزيد