مواضيع ذات صلة تناقضات خارجية حيال لبنان تنافس انقساماته الداخلية ..الضغط قد ينتج قانوناً مختلطاً اسوأ من "الستين"! روزانا بومنصف تواجه كل فكرة تتصل بالانتخابات النيابية نقيضاً لها يدحضها في الوسط السياسي نفسه أحياناً الى حد عدم قدرة اركان الدولة انفسهم على إقناع الاخرين بان اصرارهم على اجراء الانتخابات في موعدها هو التزام جدي وحاسم، خصوصا باستمرار الخلاف على قانون الانتخاب العتيد الذي يمكن ان تجرى على اساسه الانتخابات. فامام المبررات الكثيرة التي يمكن ان تقدم من أجل التزام حصول الانتخابات في موعدها، ثمة ما يقابلها ويضاهيها حول احتمالات تأجليها. وازاء تلك التي تتحدث عن ضغوط غربية من اجل اجراء الانتخابات، ثمة من يثير عدم لامبالاة غربية فعلا حيال ما يحصل في لبنان في المرحلة الراهنة اللهم الا ما يتصل بالمحافظة على الاستقرار مهما كلف الثمن او ما يثير عدم رغبة الغرب ضمناً في انتخابات قد تفضي الى عدم استقرار في ظل عدم توافق داخلي او الى غلبة قوى 8 آذار وشرعنة وضع "حزب الله" يده على البلد عبر اكثرية نيابية تؤلف الحكومة وتنتخب الرئيس المقبل للجمهورية. وفي مقابل المبررات التي تتحدث عن عدم وجود مصلحة لدى "حزب الله" وحلفائه الاقليميين في حصول الانتخابات في موعدها من اجل المحافظة على المكتسبات في الحكومة الحالية وهي الأفضل بالنسبة الى النظام السوري في المرحلة المصيرية والحساسة التي يمر فيها، يبرز آخرون مبررات تفيد انه قد يكون من مصلحة الحزب اغتنام الفرصة السانحة من اجل اجراء انتخابات فيما لا يزال النظام السوري قائماً باعتبار ان انهياره لن يضمن له واقعاً مريحاً مثلما هو سائد راهناً والضمانات الموجودة في هذه المرحلة قد تكون افضل من الغياب الكلي لها. وتالياً فان سيطرته على الحكومة الحالية هو افضل ما يمكن ان يحظى به من أجل ترتيب ما يجده مناسباً من أجل فوزه بالأكثرية، لأن تأجيل الانتخابات قد لا يعني حكماً الوصول الى قانون الانتخاب الافضل او الى ظروف افضل من وجود الرئيس السوري في منصبه راهناً باعتبار ان الحزب ولو ساهم في اشاعة الانطباعات ببقاء الاسد ويساهم عملياً في ذلك وفق تقارير عدة خارجية توثق معطيات في هذا الاطار، فانه يدرك تماماً عدم صحة هذه الانطباعات او دقتها اياً تكن المدة التي سيبقى فيها الاسد في الحكم. وثمة من يقلل أهمية فوز هذا الفريق او ذاك في الانتخابات ويعطي اهمية كبرى لضرورة وجود كتلة وسطية عمادها النائب وليد جنبلاط توازن بين مختلف القوى التي يمكن ان تتقدم واحدة على الاخرى بصوت او بضعة اصوات لا تمكنها من الاكثرية المطلقة وباعتبار ان تجربة الحكومة الحالية اثبتت بما لا يقبل الجدل عدم القدرة على التفرد بقرارات لبنان بدليل تمويل المحكمة الدولية والتمديد لها واحترام التزامات لبنان الدولية وعلاقاته الخارجية ايضاً بما فيها مع الولاياتالمتحدة وهو وضع سيكون ضاغطاً أكثر من السابق في حال فوز 8 آذار، وذلك في مقابل من يعتبر الانتخابات المقبلة محطة مفصلية لهذا الفريق او ذاك. هذه المعطيات ونقيضها تنبع وفق ما تقول مصادر معنية من حسابات متناقضة للافرقاء الداخليين وحسابات اخرى متناقضة ايضاً للدول المهتمة بلبنان واستحقاقه الانتخابي بناء على التناقضات اللبنانية من جهة، وبناء على رؤيتها هي لتطورات الوضع في المنطقة في الأشهر المقبلة من جهة اخرى. الى حد يمكن القول ان هذه الدول لا تقل ارتباكاً عن اصدقائها في لبنان في حسم اتجاهات الامور في المرحلة المقبلة. وساهم ارتباكها في اعطاء مؤشرات متناقضة في بلبلة الوضع الداخلي وانفتاحه على كل الاحتمالات، وفقا للتطورات التي يعترف الجميع بتأثيرها على لبنان وهي التطورات السورية. فما سمح بالدفع في اتجاه تأكيد ضرورة حصول الانتخابات هو انحسار تأكيد انهيار الاسد او رحيله في الاسابيع القليلة او حتى الاشهر القليلة المقبلة وفق ما كانت تجزم به الدول الغربية والتي كانت تعول على هذه النقطة من اجل انطلاق لبنان نحو مرحلة جديدة مختلفة بناء على خلط اوراق داخلياً واقليمياً يمكن من الاهتمام بشؤونه. وهذا الامر، اي انحسارحسم رحيل الاسد خلال ايام معدودة، لم يحصل سوى من اسابيع عدة بحيث انطلق بعدها وبقوة الجدل حول قوانين الانتخاب. ومع المراوحة التي يشهدها الوضع السوري الداخلي وفي المفاوضات الدولية من اجل ايجاد حل للازمة، يتم ابراز اهمية ايلاء الانتخابات الاولوية. فبداية يسود اقتناع لدى كثر بان الضغط على لبنان من اجل التزام اجراء الانتخابات في موعدها من شأنه ان يساعده الى حد بعيد كونه يعني ان هناك قدرة لديه على عزل نفسه عن التطورات السورية. ونجاحه في اجراء الانتخابات سيعني انه عبر قطوعاً مهما يوازي، بل يتخطى، عبوره سنتين من عمر الازمة السورية بحد كبير من الانعكاسات التي لا تزال محتملة ومقبولة والتي يسعى الغرب الى مساعدته على مواجهتها لتخفيف تأثيرها عليه. وينسحب الامر بالنسبة الى مساعدته على تجاوز الانتخابات عبر اجرائها في موعدها. ثم انه وعلى رغم الجدل والخلافات السياسية الشديدة حول قانون الانتخاب، ثمة ارتياح في هذا الاتجاه كون الاخذ والرد على هذا الصعيد اخذ الوضع السياسي الى انشغالات اخرى غير تبادل الاتهامات على وقع الازمة السورية وتداعياتها وان يكن الجدل المتصل بهذه الاخيرة لا يزال قائماً. وهو ايجابي بمعنى انه يمكن ان ينقل انشغالات الرأي العام اللبناني اليه بنسبة كبيرة ايضا وفق ما بدأ الحديث عن تحالفات انتخابية او ترشيحات تساهم في حيوية سياسية الى حد كبير. يضاف الى ذلك ان الاستحقاق الانتخابي فرض ويفرض على القوى السياسية تأكيد حضورها وتحفيز جمهورها مما ساهم في اعادة التوازن الى المشهد السياسي، الذي كان مختلا، خصوصا مع الاطلالة الاخيرة للرئيس سعد الحريري بعد غياب طال عن جمهوره الامر الذي ادى الى احباط من جهة، ورهانات من جهة اخرى، ساهمت في تعميق هذا الاحباط. في اي حال تخشى مصادر معنية ان يذهب الخلاف على قانون الانتخاب الى استنباط قانون مختلط، اذا كان الضغط الخارجي كافيا للذهاب الى الانتخابات بأي قانون، يكون اسوأ من قانون الستين الذي قد يكون افضل لو بقي مع ادخال بعض التعديلات عليه. لكن ايا من اركان الدولة لا يجزم بحصول الانتخابات ويكتفي بتأكيد التزام حصولها وضرورته