السوريون على تماس مباشر مع الانتخابات الأميركية، كما تماسهم مع الاشتباكات اليومية الدامية في طول سوريا وعرضها. تردد باراك أوباما، وعدم تدخله الحازم للقضاء على النظام السوري، جعله مجرمًا في عيون المعارضين السوريين، فانحازوا في غالبيتهم إلى ميت رومني، المحارب المخلص. أوباما رجل سلام... بالتأكيد، يقول رجل الأعمال السوري باسل كويفاتي ل "إيلاف"، لكنه "لم يلتفت للمجازر في سوريا، وهو ما يضعف دفاعه عن حقوق الإنسان والديمقراطية، فادعاء السلام في غير وقته لا يفيد، وإن كان ميت رومني رجل حرب، فإنما يخدم مصالح بلاده الاقتصادية". وما عارضه المحلل الاقتصادي السوري محمد كركوتي في رأيه هذا، بل زاد ل"إيلاف" قائلًا: "تقليديًا، يفكر الديمقراطيون كثيرًا قبل الخوض في الحروب، على عكس الجمهوريين، وهنا تختلف حرب عن أخرى. فلو شنها أوباما، ستكون ذكية أكثر، بينما ستكون أقل ذكاء لو شنها رومني، وهذا يعطي أوباما توصيف رجل السلام أكثر من رومني". شاهد زور في سوريا بالرغم من توافق الجميع حول ثبات السياسة الخارجية الأميركية، "لأنها تنبع أساسًا من نظرة السياسة الخارجية الاسرائيلية وهي انعكاس لها وداعم أساسي لتوجهاتها ولو بدرجات متفاوتة" بحسب ما قال عاطف صابوني، عضو التيار الشعبي الحر، ل "إيلاف"، يؤيد كركوتي أوباما "لمجموعة من الأسباب، في مقدمتها إيمانه بسياسة الإشراك الدولية، ما يوفر صمان أمان عالمي لن يتوفر مع رومني، وإيمانه بحتمية الديمقراطية خارج الولاياتالمتحدة، ومن هذا المنطلق أجده أفضل لسوريا، لأنه لا يربط مصالح الدول الأخرى وثيقًا بمصلحة بلاده، من دون التضحية بمصلحة بلاده". من جهته، يدافع كويفاتي عن رومني، "الأصلح لسوريا اليوم والغد، ولمستقبل ثورتها قبل سقوط الأسد وبعده، فقد خبرنا سياسة أوباما الباهتة خلال ما يزيد عن 18 شهر من عمر الثورة، ولا بد أن تكون مواقف رومني أكثر جرأة وشجاعة". ويرى الدكتور عمار قربي، عضو تيار التغيير الوطني، في تصريح خاص ل"ايلاف"، أن ادارة أوباما وقفت شاهد زور في سوريا، واساءت إلى المصالح الاميركية قبل المصالح السورية، لأن تردد أوباما أضعف التأثير الاميركي في المنطقة، واطاح بهيبته، وساعد على تقوية النفوذ الروسي، كما دفع بالسوريين إلى أحضان التطرف الإسلامي". غداء في دمشق القربي متأكد أن فوز رومني بالرئاسة الأميركية سيغير المعادلة في سوريا وفي المنطقة، بالرغم من انصياعه الكبير للرغبات الاسرائيلية، "ولقناعتي هذه، دعوت الأميركيين من أصول عربية، وخصوصًا سورية ولبنانية وعراقية، للتصويت لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني، لأنهم بذلك يصوتون لإسقاط بشار الاسد، وينتقمون للدم السوري الذي يحمل أوباما وزره". قد لا يكون القربي عارفًا بما في نوايا رومني. لكنه، كالكثيرين، يقيسون أمره على قياس جورج بوش الإبن وإرث الجمهوريين الحربي. يروي ل "إيلاف": "منذ شهر تقريبًا، التقيت السيناتور الأميركي جوزيف ليبرمان والمرشح الجمهوري السابق جون ماكين على الغداء في واشنطن، فقلت لهما لو فزت يا ماكين بالانتخابات الاميركية الاخيرة، لكنا الآن نتناول الغداء في دمشق". وعلى منوال القربي، ينسج مأمون الحمصي، المعارض السوري وعضو مجلس الشعب السوري الاسبق، إذ قال ل"ايلاف": "يشعر السوريون بخيبة أمل من سياسة أوباما إزاء الوضع في سوريا، خصوصًا أنه الداعية للديمقراطية وحقوق الانسان، فأين حقوق السوريين الذين قدموا أرواحهم على مذبح الحرية؟". وتمنى الحمصي تغييرًا في الرئاسة الأميركية بفوز ميت رومني، "وعسى أن يكون هذا التغيير خيرًا يعم العالم أجمع". المبتغى في الفارق التكتيكي في خضم التأييد الأعمى لرومني بين المعارضين السوريين، "نكايةً بأوباما وانكفاء أوباما ورفض أوباما تسليح الثوار السوريين بما يقدرهم على سرعة إسقاط الأسد وإعادة بناء دولتهم المنهكة، أعتقد أن انهاك سوريا واضعاف جيشها وضرب بنيتها التحتية وتدمير قدراتها الاستراتيجية المستقبلية في مواجهتها مع اسرائيل مصلحة أميركية إسرائيلية مشتركة، وفي هذا السياق يمكن فهم السياسة الأميركية التي تبرر تقاعسها بخوفها من صعود الاسلاميين"، كما يقول صابوني. وهو لا يرى فارقًا كبيرًا مع وصول رومني الجمهوري إلى المكتب البيضاوي "إلا في التفاصيل والتكتيك، وفي هذا الفارق قد نجد مبتغانا، فأوباما ورومني متفقان على مواجهة الخطر النووي الإيراني، رومني بالمواجهة العسكرية السريعة وأوباما بسياسة الاحتواء والديبلوماسية، ومن هنا مساهمة وصول رومني في التعجيل برحيل الأسد بضرب حليفه الإيراني". حساب منطقي وتستمر القراءات السورية للتنافس الرئاسي الأميركي. فالناشط الكردي السوري صلاح بدر الدين رأى في حديث ل "إيلاف" أن لا فارق بين أوباما ورومني بالنسبة إلى الحراك الثوري السوري... لكن! فبدر الدين يأخذ على العرب جميعًا اعتقادهم بأن أوباما حرك رياح الربيع العربي، فأبحرت سفن الحرية من شاطئ عربي إلى آخر. يقول: "لننظر إلى المسألة بعين المنطق البسيط، ففي عهد الرئيسين جورج بوش الأب والابن الجمهوريين، أتى الدعم الأميركي المباشر للاطاحة بأنظمة دكتاتورية في غاية الاستبداد البشع والظلامية، والعراق وأفغانستان خير دليل، فقيل إن الجمهوريين طلاب حرب". وتابع بدر الدين: "أما في عهد الرئيس باراك أوباما الديموقراطي، فقد بان التردد في اتخاذ موقف مناسب من ثورات الربيع العربي الشعبية الوطنية الشبابية، وبان العحز عن اتخاذ أي موقف عملي مع الشعب السوري الذي يقدم الضحايا بالمئات يوميًا". ونسجًا على ذلك، يأمل بدر الدين أن يكون رومني الرئيس القادم، "لأنه بحساب بسيط أفضل لنا جميعًا". لألا تضيع هباءً! يأمل بدر الدين أن يبادر الرئيس الجديد وبأقصى السرعة إلى دعم الثورة السورية "وخصوصًا ثوار الداخل، بتقديم المساعدات الانسانية – الانقاذية لمهجري الداخل والخارج، والسلاح الفعال للجيش السوري الحر، وتحقيق منطقة آمنة يحظر فيها الطيران السوري التابع للنظام، والتعامل مع الشرعية الثورية والوطنية السورية ككيان معترف به على الصعيد الدولي، وتقديم المساعدة في اعادة اعمار سوريا بعد اسقاط النظام وتفكيك سلطة الاستبداد". أما كركوتي فطلبه من الرئيس الأميركي الجديد بسيط جدًا، "ألا يرتكب المزيد من الأخطاء في سوريا، كي لا يضيع فترة ولايته في تصحيحها، فتضيع كل الجهود الخيرة هباءً"!