بقلم/ علي الهتار انطلقت ثورة ال 11من فبراير الشبابية السلمية لتكون التعبير الأقوى عن حلم اليمنيين في التغيير الشامل نحو الأفضل ولتضع حداً لكل معوقات البناء والتحديث والمدنية ولكنهاتعرضت لتآمر محلي وأقليمي كبير أقحم فيها بعض رؤوس المؤسسة العسكرية ورموز التيار القبلي السياسي بكل مايحملانه من تناقض جذري مع أهدافها فولدت هذه الثورة مشوهة ممسوخة الملامح يتنازع الجميع نسبها حتى جاءت المبادرة الخليجية لتحكم للإحزاب التقليدية الهرمة بحضانتها ولأنه لابد لكل ثورة من وعاء يستوعب مخرجاتها ولكون الشباب لم يستطيعوا تأطير أنفسهم ضمن كيان يستوعب تطلعاتهم ويكون الوعاء الذي يستوعب مخرجات هذه الثورة فكان من المنطقي أن تكون الأحزاب المشاركة فيها هي الوعاء الذي يستوعب مخرجاتها ولكون هذه الأحزاب أحزاباً إيديولوجية هرمة شاخت أفكارها وقياداتها ولم تستطيع إحداث أي تغيير في بنيتها الفكرية والتنظيمية بما يواكب تطلعات الشباب ومتغيرات المناخ السياسي العالمي فأنها لم تستطع إستيعاب هذه المخرجات فقامت بتطويعها بما يناسب إيديولوجياتها وتوجهها فكان هذا هو السبب الرئيسي في كون هذه الثورة لم تستطع إحداث تغيير جذري ملموس في ثقافة المجتمع وعقيدته السياسية كالذي أحدثته الثورات العربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في توجه المجتمعات العربية نحو القومية والإحياء العربي على سبيل المثال ولو تأملنا واقعنا اليوم بعد مضي عامين على هذه الثورة لوجدنا الكثير من المتغيرات التي ظهرت على واجهة المشهد السياسي اليمني أكثر من أي وقت مضى منها على سبيل المثال : - أن النظرة العامة للحركة الحوثية ظلت لفترة طويلة على أنها حركة تمرد مسلح تريد إسقاط الجمهورية وإعادة الحكم الإمامي البائد وهي حركة شيعية مدعومة من الخارج وخاصة من إيران ، فجاءت ثورة ال11 من فبراير لتعطي للحركة شرعيتها فقد شارك الحوثيون في الثورة ورابطوا في الساحات ومازالوا وجاءت المبادرة الخليجية لتضع القضية الحوثية في المرتبة الثانية بعد القضية الجنوبية من حيث أولويات الحوار الوطني مما أتاح للحوثيين فرصة التمدد والإنتشار - بروز القضية الجنوبية والحراك الجنوبي الى الواجهة وخاصة بعد عودة بعض القيادات الجنوبية في الخارج والتي عملت على لملمة فصائل الحراك والمصالحة بين الفرقاء بالتوازي مع لقاءات ومصالحات بين قيادات الخارج مما رفع سقف المطالب إلى الدعوة للإنفصال وتقرير المصير وفك الإرتباط - تزايد حدة الإنقسامات السياسية والتوجهات الإيديولوجية والطائفية ودخول بعض الفصائل في سباق تسلح غير معلن جعل منه سبباً رئيسياً لإزدياد موجة تهريب الأسلحة الى داخل اليمن - تمدد وأنتشار تنظيم القاعدة وصولاً الى سيطرته على بعض المناطق والدخول في حروب تقليدية مع الجيش وأغتيال بعض القيادات العسكرية والأمنية الهامة مما أدى الى ازدياد نشاط الطائرات الأمريكية بدون طيار وتمدد ضرباتها الى مناطق عدة - تبعية القرار السياسي وإرتهانه للدعم الخارجي وتزايد الدور الأقليمي في توجيه التيارات السياسية وإعادة صياغة الواقع السياسي والاقتصادي والإجتماعي بعيداً عن الاستراتيجيات الوطنية المنشودة ورغم هذه المعوقعات والتي أدى غياب الشباب وتقلص دورهم السياسي وسوء إدارة الثورة من قبل الأحزاب والقوى التقليدية إلى تفاقمها بشكل كبير فما زال الأمل كبيراً في أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بصيغة تلغي كل هذه الصراعات والتجاذبات والسلبيات من خلال دستور يضع المعالجات الدائمة وليست الآنية لكل القضايا العالقة مما يفضي إلى نظام حكم عادل وانتخابات تشرك الجميع في اتخاذ القرار ضمن رؤية وطنية متقدمة تتلافى الأخطاء التي أفرزتها ثورات الربيع العربي في كل من تونس ومصر وإلا فإن للشباب عودة إلى الساحات لتصحيح مسار الثورة .