تحولت قضية تطبيق الشريعة الإسلامية إلى معركة حامية بين الإسلاميين والليبراليين قام كل طرف بتكفير الآخر، واتهامه بخيانة الثورة والوطن. القاهرة: أعلن 40 حزبًا إسلاميًا الخروج في مليونية تعيد إلى الأذهان جمعة قندهار الشهيرة، للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وخروج دستور إسلامي. كما سيتم رفع شعارات أخرى تتعلق بعزل النائب العام. وفشل لقاء الرئيس محمد مرسي بالقوى الإسلامية في تنحيتهم عن فكرة الخروج للتظاهر في ميدان التحرير، انتظارًا لخروج المسودة النهائية للدستور. وتصر القوى الإسلامية على ضرورة أن تنص المادة الثانية بأن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، وترفض الاتفاق الأخير حول المادة الثانية بإضافة نص يفسر كلمة مبادئ، مؤكدة بأنها لن تقبل بأن تفرض الأقليات العلمانية وصايتها على غالبية الأمة وعلى دستورها، في حين ترى جماعة الإخوان المسلمين أن الدعوة لتلك المليونية تأتي في الوقت غير المناسب، وكان المفترض الانتظار للانتهاء من الدستور بشكل نهائي. أما الليبراليون، وتحديدًا حركة 6 أبريل، فيرون أن مليونية تطبيق الشريعة دعوة صريحة للدولة الدينية . معتصمون في الميدان أعلنت الأحزاب المجتمعة تشكيل ائتلاف جديد للدفاع عن الشريعة، لمراقبة أعمال الجمعية التأسيسية، والإعلان عن أي مخالفة للشريعة الإسلامية بالدستور، والدعوة إلى المظاهرات والفعاليات السلمية للخروج عن الشريعة في دستور مصر، كما أكدت أن لا تنازل على أن تكون المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وأن ينص الدستور على ذلك. وقال صفوت عبد الغني، القيادي البارز بالجماعة الإسلامية، ل"إيلاف": "لا اختلاف بين القوى الإسلامية على ضرورة نصرة الشريعة، ولا تنازل على أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والوحيد للتشريع، وهذا لن يأتي إلا بالضغط والحشد الشعبي والتظاهر في ميدان الثورة". وأوضح أن الإخوان خانوا الثورة برفض تطبيق الشريعة الإسلامية، الذي وعد بها الرئيس محمد مرسي قبل انتخابه رئيسًا للجمهورية، "ونحن لن نسكت على خروج دستور يدعو للدولة العلمانية كما كان في دستور 71 ". وأكد عبد الغني أن المليونية لن تنتهي بمجرد انتهاء اليوم، فهناك إجراءات تصاعدية "لحين تلبية مطالبنا بخروج دستور إسلامي يوافق عليه الشعب، ونحن معتصمون في الميدان". لنكافح الفساد أولًاً! وعن موقف الإخوان من المليونية، أكد فريد إسماعيل، عضو الجمعية التأسيسة عن حزب الحرية والعدالة، ل"إيلاف" أن تطبيق قضية الشريعة هي ضمن أولويات حزب الحرية والعدالة، قائلا: "نرفض أي اتهامات موجهة إلى الإخوان بتهميش قضية نصرة الشريعة الإسلامية، والرئيس مرسي حريص على تطبيق شرع الله في حكمه". واشار اسماعيل إلى أن الإخوان يرون أن الدستور يعبر عن مبادئ عامة، والأهم القوانين التي تخرج بعد ذلك عن مواد الدستور. فهناك قوانين تخالف الشريعة الإسلامية بالرغم من أن دستور 71 نص على أن مبادئ الشريعة مصدر التشريع. والأمر الآخر هو أن الدعوة للمليونية ليست في محلها، بحسب اسماعيل، بعد الاتفاق على نص المادة الثانية بتفسير كلمة مبادئ عند وضع القوانين، وبالتالي فتلك المادة بوضعها الحالي تؤكد على تطبيق الشريعة. وأوضح اسماعيل أن الإخوان يرون أن تطبيق الشريعة "يتطلب أولًا سيادة العدل بين المواطنين، بحيث لا يكون هناك مواطن في حاجة للسرقة على سبيل المثال، والفترة الحالية تحتاج إلى ترتيب الأوراق ومواجهة الفساد الذي كان متفشيًا في عهد النظام السابق، وبعد ذلك نبحث عن تطبيق الشريعة بشكل تدريجي". رذيلة وتبعية في هذا السياق، قال طارق الزمر، المتحدث الرسمي لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، ل"إيلاف" إن ميدان التحرير سيشهد أكبر تجمع وحشد إسلامي، يشارك فيه جميع المصريين الذين يريدون نصرة الشريعة، على اعتبار أنها مهمة وطنية في الأساس قبل أن تكون مهمة إسلامية. وأضاف: "عندما اتخذت الأحزاب الإسلامية والقوى الوطنية قرارًا بتأجيل مليونية تطبيق الشريعة إلى التاسع من الشهر الحالي، أعلنت في الوقت نفسه أن الجمعة 2 تشرين الثاني (نوفمبر) سوف تكون تجربة، ومسيرات بعد صلاة الجمعة إلى ميدان التحرير،ما يؤكد على عدم وجود خلافات وأن الجميع سوف يتواجد في الميدان يوم الجمعة، ولن نترك الميدان دون تلبية مطالبنا أو خروج رئيس الجمهورية لتوضيح موقفه من تطبيق الشريعة". وشن الزمر هجومًا على الأحزاب الليبرالية والعلمانية قائلًا: "يحاولون بكل الطرق محاربة إقامة الشريعة الإسلامية، من أجل نشر الرذيلة والفساد داخل المجتمع واستمرار التبعية للعالم الغربي". وأكد الزمر أن الإسلاميين رفضوا حتى الآن ما جاءت به مسودة الدستور، تجاه مواد الشريعة الإسلامية، خصوصًا المادة الثانية وكلمة مبادئ، ولا بد أن تمحى كلمة مبادئ منها ليكون النص الجديد "الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع". جمعة قندهار من جانبه، قال محمود عفيفي، المتحدث الرسمي لحركة شباب 6 أبريل، ل"إيلاف" إن الحركة أعلنت منذ البداية رفضها المشاركة في مليونية تطبيق الشريعة التي دعا لها عدد من القوى الإسلامية منعًا للصدام وحرب الشوارع مع الإسلاميين في الميدان ، مشيرًا إلى أن "جمعة تطبيق الشريعة هي جمعة قندهار جديدة لاستعراض قوة التيارات الإسلامية، ولرفد الشحن الطائفي حول الاستفتاء على الدستور الجديد". وأضاف عفيفي أن الإسلاميين حولوا جزءًا من الشعب المصري إلى كفرة، وأجازوا قتلهم لرفضهم دستورًا يكرس الدولة الدينية، وهو ما دعت حركة 6 إبريل إلى رفضه، مع الوقوف ضد هذا المخطط الطائفي. وتابع قائلا: "نريد استفتاءً ليس على أساس ديني أو طائفي، وكان الأجدر بهم الخروج في مليونية تدعو الرئيس لنشر العدالة الاجتماعية، ولأن يكون رئيسًا لكل المصريين".