انطلاقاً من رؤية وزارة التربية والتعليم لخلق جيل يواكب تطورات العصر وتفعيل وتطوير التعليم التعاوني، بادرت إدارة مدرسة العذبة للتعليم الأساسي للطالبات بدبي، بالتعاون مع المنطقة التعليمية والبلدية إلى خلق بيئة صفية جاذبة في الأجواء الخارجية بأسلوب مبتكر يحقق فوائد تعليمية، وبيئية، وترفيهية كثيرة، أهمها إعادة تدوير خامات البيئة المتمثلة في إطارات السيارات المستعملة، خاصة بعد تطبيق قرار وزارة الاقتصاد بمنع بيعها في الدولة . أما الفوائد التعليمية فتتلخص في الخروج عن الروتين اليومي للصف الدراسي، إلى بيئة صفية جاذبة تسهم في بث روح التعليم الذاتي والعمل التعاوني بين الطالبات، إضافة إلى الفوائد الترفيهية المحفزة لهن، إذ تحول الصف الدراسي إلى عناصر ووسائل تعليمية ملونة، تكافأ فيه المجدات بشكل فوري داخل منطقة الألعاب . عن فكرة الصف وكيفية تنفيذه تقول فاطمة الجزيري، اختصاصية اجتماعية في المدرسة حرصت منذ فترة على المشاركة في المسابقات البيئية لبلدية دبي الخاصة بإعادة تدوير الخامات المستعملة، وكانت أحدث المسابقات تدور حول إعادة تدوير البلاستيك، فأخذت أبحث في مواقع الإنترنت عن أشياء جديدة، ووجدت حدائق مزروعة من إطارات السيارات المستعملة في الصين واليابان، لكني فكرت في كيفية الاستفادة منها بيئياً وتعليمياً، خاصة بعد تطبيق قرار وزارة الاقتصاد بمنع بيع الإطارات المستعملة في الدولة اعتباراً من سبتمبر/ أيلول الماضي . وتتابع: بعد الاستقرار على الفكرة تواصلت مع المنطقة والبلدية لتنفيذ المشروع خلال إجازة الربيع، ووفرت البلدية لنا 500 إطار مستعمل خلال يومين . وحول مكونات الصف تضيف: يحتوي الصف على الأدوات والوسائل التعليمية اللازمة للحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، مثل جدول الضرب، والحروف العربية والإنجليزية، وبعض الآداب والمفاهيم الأخلاقية والتوجيهية، وطاولات يستخدمها المعلم كسبورات للتعليم التفاعلي مع الطالبات، إضافة إلى قصص تعليمية تتدلى من الأشجار . وفيما يخص اختيار الألوان وطريقة نشر الإطارات داخل الصف، تشير إلى أن الألوان المستخدمة لطلاء الإطارات جميعها محببة للأطفال، موضحة أنها اختارت ألوان السور الخارجي للصف من ألوان ملابس شخصيات المسلسل الكرتوني "فريج"، أما ألوان الطاولات والوسائل التعليمية فكان أغلبها من الألوان المبهجة والمريحة للعين، التي يختارها الطلاب لألعابهم وأدواتهم المدرسية . وتؤكد الجزيري الشعور الإيجابي الذي ينتاب الطالبات عند تلقيهن درساً في الهواء الطلق بين الزهور والأشجار، بعيداً عن جدران الصف التقليدي، ومدى السعادة والتفاعل الكبير الذي تظهره الطالبات، خاصة عندما تكافأ إحداهن باللعب لعدة دقائق بعد إجادتها وتميزها، مما يحفز بقية الطالبات على التميز وتحسين الأداء . وتشير عائشة نصر الله، مديرة المدرسة، إلى تضافر جهود إدارة المدرسة، وأولياء الأمور، والطالبات مع بلدية دبي، والمنطقة التعليمية لإتمام ونجاح المشروع، والتعاون الكبير الذي شهدته المدرسة خلال معسكر إجازة الربيع . وحرص الطلبات على ترك بصمة مضيئة بمدرستهن، خاصة طالبات الصف التاسع اللاتي أنهين سنوات مرحلة التعليم الأساسي بالمدرسة . وعن فكرة المشروع تقول إنه ينطلق من رؤية الوزارة لخلق جيل يواكب تطورات العصر لتفعيل وتطوير التعلم التعاوني لدى الطالبات، وهو ما جعلنا نفكر في خلق بيئة صفية جاذبة في الأجواء الخارجية، بعيداً عن الأجواء الروتينية التي اعتادت عليها الطالبات . وتتابع: يهدف المشروع الذي استغل وقت فراغ الطالبات خلال إجازة الصف الأول من العام الدراسي 2012-2013 إلى الارتقاء بالمعرفة والوعي البيئي لديهن، وتفعيل التعلم الذاتي من خلال الدراسة في مجموعات حول طاولات الفصل، وتطوير البيئة الصفية لتكون أكثر جاذبية وتفاعلاً، إضافة إلى تعزيز مفهوم إعادة تدوير الخامات البيئية واستغلالها في أشياء مفيدة تنفع الفرد والمجتمع . من بين الطالبات اللاتي شاركن في تنفيذ المشروع علياء الشامسي، طالبة بالصف التاسع، التي آثرت المشاركة مع زميلاتها في ترك بصمتها الإبداعية في الرسم والتلوين داخل المدرسة، على عدم السفر مع أسرتها لقضاء إجازة الربيع . وتقول: أدركت أهمية إعادة تدوير خامات البيئة ضمن المشروع الخيري البيئي الذي نفذته مع زميلات المدرسة، إذ جمعنا كمية كبيرة من الورق المستعمل وبعناه لإحدى الشركات مقابل مبلغ كبير، خصص بالكامل لرعاية الأيتام . وعندما طلب مني الاشتراك في معسكر لإنشاء صف من الإطارات المستعملة، رحبت بالفكرة لما فيه خير للمدرسة وخبرة جيدة سأحصل عليها من خلال الرسم والتلوين . زميلتها فاطمة حسن، طالبة بالصف التاسع، تقول: إن البعض يجهل القيمة البيئية والاقتصادية لخامات البيئة المهملة، التي يمكن بتفكير الاستفادة منها مادياً واقتصادياً وبيئياً . وخير مثال على ذلك باستغلالنا إطارات السيارات المستعملة في تكوين عناصر صف دراسي كامل، من سياج، وكراسي، وطاولات، وسبورات، إضافة إلى الأراجيح ومناطق للألعاب . وتضيف: شاركت زميلاتي في رص، وزراعة، وتلوين الإطارات، ولم نشعر بالوقت لأننا كنا متشوقات لمشاهدة النتيجة النهائية، وأن يكون لنا أول صف من إطارات السيارات في منطقة دبي التعليمية . لأولياء الأمور دور في العملية التعليمية، سواء بالمتابعة والتواصل المستمر مع المدرسة، أو من خلال تشجيع البناء والحضور معهم الفعاليات المدرسية . وأم أبرار واحدة من الأمهات التي شاركت ابنتها العمل يداً بيد داخل صف وحديقة إطارات السيارات المستعملة، حيث كانت بحسب مديرة المدرسة شبه مقيمة، وملبية لما يسند لها من أدوار . وتقول أم أبرار: شاركت في المعسكر ليس بصفتي رئيسة مجلس أمهات المدرسة، ولكن بصفتي أماً رغبت في مشاركة ابنتها التطوع من أجل مدرستها . وتتابع كنا نذهب إلى المدرسة يومياً من الساعة التاسعة حتى الواحدة ظهراً، ونتبادل مع الموجودين الأفكار حول أماكن الإطارات، وألوانها، ولم أشعر بالملل على مدار أسبوع كامل قضيته مع الطالبات والمشرفات، بل تمنيت أن تطول الفترة لأستمتع بهذا الجو الذي سادته الألفة والتعاون . في تعليقه على المشروع قال المهندس صلاح أميري، مساعد المدير العام لقطاع خدمات البيئة والصحة العامة ببلدية دبي، إن المشروع، يهدف لإيجاد جيل يواكب تطورات العصر وتفعيل وتطوير التعلم التعاوني من خلال اللعب وغرس روح التعاون والحفاظ على البيئة من خلال مبادرة إعادة التدوير لدى الطالبات . وأضاف: بادرت إدارة المدرسة بإتاحة بيئة جذابة في الأجواء الخارجية لاستخدام الإطارات المستعملة بالتعاون مع البلدية، لتشجيع العملية التعليمية للطالبات وشغل أوقات الفراغ خلال إجازة الفصل الدراسي الأول .