أطلقت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع حملتها الجديدة للتوعية بأهمية ودور الموهوبين في تقدم المجتمع، ودعم الطفل الموهوب بعنوان :»أنت الإبداع.. وعلينا الاهتمام»، وهو ما دعينا له أكثر من مرة في هذه المساحة، وفي الصفحة نفسها، لما يمثله استثمار العنصر البشري في مسيرة البناء والنهضة والتنمية من أهمية. إن دور الأسرة في تنمية الموهبة والإبداع يمثل تحدياً آخر يواجه أسر الموهوبين، من أجل توفير البيئة الميسرة لتنمية الموهبة، فالأسرة تلعب الدور الأهم في تشكيل الموهبة لدى الطفل، وإذا لم تقم بتشجيع الطفل وتقديره، وتوفير المناخ الملائم له في البيت، فإن الموهبة قد تبقى كامنة. إن رعاية الطفل الموهوب في الأسرة تمثل تحدياً آخر صعباً للأسرة. للتعرف إلى أهم أساليب رعاية الطفل الموهوب، يستلزم التعرف إلى نوعية المشكلات التي تواجهها الأسرة التي يوجد طفل موهوب فيها، فعلى الرغم من أن الدراسات السابقة قد بينت أنه من أهم خصائص البيئة الأسرية التي تنمي الموهبة والإبداع لدى الطفل، هي البيئة الثرية ثقافياً والآمنة سيكولوجياً، إلا أن هناك العديد من الدراسات تؤكد أن أسرة الطفل الموهوب في الواقع تواجه العديد من المشكلات في تعاملها مع طفلها الموهوب. ويبدو أن هناك بعداً غائباً في تربية الطفل الموهوب. وهو عدم مراعاة احتياجاته العاطفية والنفسية. وأن العديد من الأفراد الموهوبين الذين يتمتعون بذكاء عال قد يفشلون في الحياة العملية، إذا لم يمتلكوا الذكاء العاطفي الذي يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع مشاعر الفشل في الإحباط والغضب والانفعال، وأكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين، وتوظيف المهارات الاجتماعية في حل مشاكله اليومية. يبدو أن أسر هؤلاء الأطفال تستثمر قدراً هائلاً من الجهد والطاقة مع الطفل، خوفاً على موهبته من الضياع، وبأسلوب مبالغ فيه، فالطفل المبدع لا يستطيع أن يتنفس إلا في جو مليء بالحرية، ولا يمكن لموهبته أن تنمو وتزدهر إلا في مناخ يتيح له الاستقلالية والاعتماد على النفس، ومن الضروري على الآباء أن يدركوا أن الطفل الموهوب يرى أبعد، ويشعر أعمق، ويعرف أكثر من أقرانه، وأن يقبلوا فكرة أنه من الطبيعي أن يكون مختلفاً عن بقية الأطفال، وأن يتذمر من الروتين المدرسي الممل، وأن يعتبر الإذعان والقبول نوعاً من الإذلال النفسي. إنه يبحث عن التعقيد والإثارة والتحدي، فلقد لعبت بيئة المنزل الثرية والمهيأة للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة دوراً في حياة الأفراد الموهوبين والأذكياء ذوي الإنجازات العظيمة. علينا أن نعي أن الطفل الموهوب ليس بالضرورة موهوباً في كل المجالات، وفي كل الأوقات، فقد يكون متفوقاً في الرياضيات، وعادياً في اللغة الأجنبية، أو قد يكون موهوباً في الموسيقى، ولكنه عادي في الرياضة. لا يجب النظر إلى الطفل الموهوب على أنه كائن خارق، متفوق في كل شيء، فيضعون توقعات عالية لأدائه في جميع المجالات، وأن عليهم تشجيعه على السعي للتميز لا للكمال، والمقصود بذلك، هو مساعدة الطفل للوصول الى أقصى ما تسمح به قدراته دون ضغوط. المحرر | [email protected]