البحث عن الموهبة وإيجادها ليس بالأمر السهل، خاصة أن بيئة الإمارات تربة خصبة للعديد من المواهب التي تريد من يكشف عنها النقاب، إيماناً بهذا المبدأ قامت رابطة أديبات الإمارات بالمكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، بتنظيم الدورة الثانية من برنامج "موهبة"لرعاية الموهوبين في المجال الأدبي والفني، وتحقيقاً للرعاية الممنهجة لعدد من الطالبات الموهوبات في المراحل الإعدادية والثانوية على مستوى إمارة الشارقة . . وفي هذه المتابعة التقينا بعدد من المشرفات والطالبات المشاركات في الدورة لإلقاء مزيد من الضوء على هذا المشروع . في البداية قالت الكاتبة صالحة غابش، المديرة العامة للمركز الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة: إن هذا البرنامج خطوة جديدة تقوم بها رابطة أديبات الإمارات، لدعم الساحة الأدبية الثقافية في الدولة، بأسماء لمبدعات قادمات بإذنه تعالى، فقد تم توجيه دور الرابطة وعضواتها اللواتي أصبحت لديهن تراكمات في الخبرة الإبداعية، لقيادة فريق من الموهوبات في مجال الأدب والفن التشكيلي، من طالبات مدارس الشارقة . وأضافت: يأتي هذا بالتعاون مع منطقة الشارقة التعليمية والإدارة المختصة برعاية المواهب فيها، وتم عقد عدد من اللقاءات والاجتماعات مع هذه الإدارة بعد التجربة الأولى التي قمنا بها في بداية هذا العام، حيث إن هذه هي الدورة الثانية للبرنامج . ثم أوضحت أنه قد تم الاتفاق على أن تكون الرعاية ممنهجة، بحيث يتم تسليط الضوء على مجموعة محددة من الموهوبات عبر 3 جلسات طوال العام، مع متابعة مستمرة من قبل عضوات الرابطة لهن، وقياس تطور الموهبة عبر استمارة لكل طالبة خصصت لهذا الأمر . وفي نهاية حديثها أكدت الكاتبة، أنها تأمل أن يحقق المشروع هدفه وهو الإعلان عن ميلاد موهبة فذة في كتابة الشعر أو القصة القصيرة والرواية، وفي الفن التشكيلي والتصوير الضوئي، ويكون لهذا البرنامج الذي ترعاه رابطة أديبات الإمارات بالمكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، دور في إيجاد أسماء جديدة تكمل مسيرة المرأة الثقافية في الدولة . ومن بين المتحدثات في الدورة القاصة الإماراتية "صالحة عبيد حسن"والتي قالت: تنظيم مثل هذه الدورات شيء مفيد جداً وبالغ الأهمية لرعاية المواهب المميزة، خاصة أنني لا أعتبرهم أطفالاً، فالموهبة ليس لها عمر محدد، لكنها مثل الشعلة الصغيرة التي تحتاج إلى محيط حاضن حتى تتوهج وتخرج إلى الناس أكثر فأكثر، ونحن هنا كمشرفات في الدورة نعمل على توجيه وتقييم المواهب الحقيقية ومن ثم إخراجها للنور . وبيّنت أن هذه هي المرة الأولى أشارك فيها في الإشراف على مجموعة من الطالبات، رغم أنني شاركت في العديد من الندوات والأمسيات التي تنظمها الرابطة أو خارجها، لكنني أتمنى أن تكون هذه الدورة مختلفة، بخاصة أن تواصلنا مع الموهوبات غير جامد أو نمطي، لكنه حيوي ومستمر على مدار العام . ومن بين مشرفات الدورة أيضاً الشاعرة "كلثم عبدالله"والتي أكدت أن الاهتمام باكتشاف المواهب ومساعدتها للخروج إلى النور مسؤولية الجهات والمؤسسات الحكومية الثقافية، من ناحية، ومسؤولية الأديب والشاعر وكل من لديه موهبة وخبرة في أي مجال، لابد أن نبحث عن صفوف جديدة تحمل راية الثقافة والفنون في الدولة، فربما يظهر شاعر أو شاعرة أفضل من الجميع . وأوضحت بدورها أن غياب الأنشطة المدرسية وإهمالها سبب رئيس لموت وفقدان العديد من المواهب، في ظل وجود مدارس تلغي حصص الأنشطة وتخصصها للمواد العلمية، وهذا خطأ فادح، لأننا بهذه الطريقة نقتل مبدعاً صغيراً ونقضي على موهبته، وبعدها نظل نبحث عن حلول للمشكلات والظواهر الاجتماعية الغريبة المنتشرة بين الطلبة والطالبات، مثل التدخين، والسلاح الأبيض وظاهرة البويات، رغم أن الحل الوحيد لها هو الاهتمام بالأنشطة والتركيز عليها حتى نسمو ونرتقي بالحس الفني والأدبي لهذا الجيل من الموهوبين، لذلك علينا كمؤسسات وأفراد أن نتكاتف حتى نأخذ بيد هذه المواهب . وأكدت الشاعرة أنها من خلال الاحتكاك المباشر مع الطالبات المشاركات وجدت نماذج مميزة جداً وتمتلك طاقات كبيرة، لذلك قررت التواصل معها عن طريق الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، كنوع من التشجيع والدعم حتى تلتقي بهم في الدورة المقبلة التي ستقام في شهر يناير/كانون الثاني 2013 . الفنانة التشكيلية "منى الخاجة"أكدت أيضاً أهمية الدورات وورش العمل التدريبية، فمن خلالها نتمكن من إزالة الستار من فوق براعم فنية وموهبة قد تنتهي بمجرد انتهاء الدراسة، خاصة أن معظم المعلمات في المدارس ليس لديهن من الوقت والإمكانات ما تسهم به في تنمية هذه المواهب، لذلك من المهم أن نشجع هذه الدورات، وننظر لها كحافز كبير على التقدم والنجاح . الشاعرة بشرى عبدالله المشرفة على مجموعة الشعر، وإحدى عضوات رابطة أديبات الإمارات، أوضحت أنها في بداية الدورة وبعد التعرف إلى الطالبات المشاركات في الجلسة الأولى، قامت بتحديد النمط الذي تكتب به كل واحدة منهن، سواء شعر حر أو تفعيلي أو نثر، ومن ثم بدأت تعرفهم بمجموعة من شعراء العصور المختلفة، "امرؤ القيس"من العصر الجاهلي، "ابن زيدون"من العصر الأندلسي، ومن العصر الحديث "الشاعر محمود درويش والإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم"حتى تتعرف كل طالبة إلى الصور المختلفة للشعر، وتتمكن من تحديد اتجاهاتها . وأضافت، ثم بدأت أعرفهم بمفاتيح الشعر أو البحور، وركزت على البحر الكامل والوافر، لأنهما أسهل الأوزان، التي من الممكن أن تبدأ بها الطالبة، وفي الجلسة الثانية، جعلت الورشة عملية وطلبت من كل فتاة أن تكتب بيت شعر بنفس الوزن، وكانت النتيجة بالنسبة لي بمثابة إنجاز، لأن الجميع تمكن من هذا بتفوق، لذلك طلبت من كل طالبة كتابة مقطع كامل بنفس البحر . مهرة عثمان بني ياس، الصف السابع بمدرسة الرويضة، صاحبة موهبة مميزة في كتابة القصة القصيرة، وعنها قالت: أمتلك مجموعة من المواهب أهمها كتابة القصص والرسم والتمثيل، وقد شاركت في هذه الورشة من خلال معلمتي التي تشجعني على الاهتمام بمواهبي، فأنا أمارس كتابة القصص القصيرة الطفولية منذ كنت في الصف الخامس، وعندي العديد من المفردات اللغوية اكتسبتها من خلال قراءاتي المتعددة . وعن أهم كاتب تقرأ له قالت: لا يوجد عندي كاتب واحد مميز، فأنا أحب القراءة من أي مصدر وفي أي مكان، خاصة أن المدرسة تشجعنا على ذلك، وأتمنى من خلال مشاركتي في هذه الدورة وغيرها من الدورات التي تساعدنا على توسيع مداركنا أن أصبح روائية كبيرة . أما صديقتها، طيف عبدالله، طالبة الصف التاسع بالمدرسة نفسها، فقالت أتمنى أن أصبح كاتبة كبيرة ومميزة مثل الكاتبة الإماراتية "كلثم صالح«، لذلك أشارك في مثل هذه الدورات، التي تعمل على تنمية مواهبنا وصقلها، من خلال الاستماع والتواصل إلى أديبات وفنانات لديهن موهبة وخبرة كبيرة، بخاصة أنني طالبة متعددة المواهب مابين الرسم، التصميم، التمثيل، الإنشاد وألعاب القوة . ميثاء محمد يحيى، طالبة في الصف الحادي عشر بمدرسة واسط النموذجية، أكدت أن هذه ليست أول مشاركة لها في دورة "موهبة"ففي الورشة الأولى شاركت في مجال الشعر، وهذه المرة في مجال كتابة القصة، لأن هذه الدورات التي تشرف عليها مجموعة من الأديبات والفنانات تحقق استفادة كبيرة جداً لكل الطالبات المشاركات، وأوضحت أنها في الورشة الأولى تعلمت كيف تضبط الأبيات الشعرية والقوافي، لذلك فهي تتمنى تحقيق هذه الاستفادة في مجال كتابة القصة، حتى تصبح أديبة كبيرة . وأوضحت ميثاء أنها حصلت على عدد كبير من الجوائز، منها جائزة "الشاعر الواعد"التي حققت فيها المركز الأول على مستوى المنطقة التعليمية، والثاني على مستوى الدولة، كذلك فازت بالمركز الأول في فئة الأدب على مستوى الوطن العربي في جائزة "الشباب العربي المتميز«، كما حصلت على جائزة الشيخ حمدان مرتين، وجائزة الشارقة مرة . دانة أحمد، طالبة أخرى في الصف الثامن بمدرسة أشبيلية الإعدادية، قالت: أنا فخورة جداً بالمشاركة في هذه الدورة التي تساعدني على صقل موهبة التصوير التي أعشقها، كذلك تتيح لي فرصة الالتقاء بأسماء مبدعات كبار نتمنى أن نحذو حذوهم، وأنا بطبيعتي أهتم كثيراً بالحصول على الدورات التدريبية التي تشجعني على الاهتمام بموهبتي، وقد سبق وحصلت على دورة خاصة في هذا المجال وأيضاً شهادة تثبت قدرتي واتقاني لهذا الفن الجميل . وداً على سؤال عن كيفية التوفيق بين الدراسة وممارسة هوايتها، قالت: بالعكس التصوير يشجعني كثيراً على التفوق التعليمي، فأنا من بين الأوائل في الصف، وأحصل دائماً على درجات مرتفعة، كما أن والدي ووالدتي حافز ومشجع كبير لي، دائماً يدعمانني ويشجعون هواياتي سواء في التصوير أو الطيران، الذي أتمنى أن أكون من أوائل البنات اللواتي يعملن فيه على مستوى الدولة . فاطمة سيف السويدي، طالبة في الصف الثامن، من مدرسة الطلاع الإعدادية، مشاركة في مجال الرسم بالدورة، قالت: معلمتي شاهدت لوحاتي ودعمتني للمشاركة في دورة "موهبة«، حتى أنمي من إمكاناتي وقدراتي الفنية، فأنا عندي العديد من الرسومات أهمها لوحة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أخذتها من غلاف كتابه "سرد الذات"لكنني غيرت خلفيتها . وأضافت فاطمة، أنها شاركت في العديد من المسابقات والدورات حتى تدعم هوايتها وتنميها، مثل مسابقة لوحات الشيخة لطيفة، ومسابقة جماعية على مستوى إمارة الشارقة وحققت فيها المركز الثاني . ومن مدرسة "خولة بنت ثعلبة"قالت آمنة البطي، الطالبة في الصف التاسع: المشاركة في الدورات التدريبية حافز ودافع كبير لكل بنت لديها موهبة تحتاج من يساعدها على الظهور، لذلك سوف أحرص على المشاركة في الدورات مستقبلاً، لأن هذه أول مشاركة لي، فأنا أحب الرسم وأمارسه منذ كنت صغيرة، وأهتم برسم مناظر ومشاهد التراث الذي تشتهر بها دولتنا .