ارتفع متوسط العائد على المشاريع الصناعية إلى نحو 20% خلال العامين الاخيرين ولاسيما في إمارة أبوظبي بحسب مسؤولي شركات إنتاجية ومستثمرين عاملين بالقطاع الصناعي . وأسهم في ذلك لجوء رؤوس الاموال للقطاع الإنتاجي كضمان استراتيجي للاستثمار خاصة مع المشاريع التي تستطيع ان تفتح عدداً من الاسواق الاقليمية التي تضمن لها دوران عجلة الإنتاج بشكل متزايد مما ادى بدوره لزيادة متوالية في سقف العوائد الاستثمارية للقطاع الإنتاجي . أكد مسؤولو شركات ومستثمرون ان متوسط دورة رأس المال حتى تبدأ المشاريع في تحقيق العائد الربحي يبلغ نحو 4 سنوات مما يتطلب دعماً اكبر ولاسيما على صعيد التمويل حتى تضمن المشاريع استمرارها وتضاعف من عوائدها خلال السنوات الخمس المقبلة . "الخليج" استطلعت آراء عدد من مسؤولي قطاع الصناعة الذين أكدوا نمواً تدريجياً في المشاريع الصناعية الجديدة واقبالاً على استصدار التراخيص الصناعية مواكبة لنمو العائد، بينما قال مسؤولو الشركات الصناعية ذات الخبرة في السوق الإماراتي إن ضخ المزيد من السيولة وتوسعهم لتحقيق عوائد مالية اكبر مشروط بإفراد مساحة للتمويل من جانب الحكومة وإرساء مصادر تمويل ثابتة إلى جانب خفض الرسوم وتكلفة إطلاق المشاريع وبالتالي إيجاد فوائض مالية تدعم هذا الاتجاه . ودعوا إلى إيجاد نظرة شاملة للقطاع الصناعي للنهوض به متمثلة في حلول موضوعية وتدريجية لمشاكل القطاع الرئيسة وخفض الاجراءات التي تزيد من التكلفة التشغيلية وبالتالي تؤثر بشكل مباشر في العائد الاستثماري المخطط له إضافة لدعم فتح اسواق جديدة امام المشاريع الصناعية لتسويق منتجاتها بشكل فعال . ويدخل إلى مراحل التشغيل المختلفة خلال العام الجاري نحو 46 رخصة صناعية تم منحها من قبل المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة بحسب احصاءاتها في ظل اقبال الشركات الصناعية للدخول إلى المناطق الصناعية المتطورة التي تشهدها أبوظبي حاليا، وتتلقى المؤسسة بشكل متواصل الكثير من طلبات تأسيس المصانع منذ بدء العام الجاري في الكثير من المجالات والصناعات المتنوعة وهو مايخلق فائضاً كبيراً في حجم الاستثمار المتدفق إلى قطاع الصناعة في الإمارة خلال العام الجاري . وأشار محمد القمزي الرئيس التنفيذي للمؤسسة إلى ارتفاع حجم الاستثمار الصناعي في ظل تطوير البنية التحتية والمدن الصناعية المتكاملة سواء مدن "ايكاد" او مدينة خليفة الصناعية "كيزاد" إضافة إلى المناطق الصناعية المعروفة مثل منطقة "المصفح" والمناطق الجديدة في العين والمنطقة الغربية . وقال مستثمرون ومسؤولو الشركات الصناعية العاملة داخل سوق أبوظبي ان القطاع الصناعي يجب دعمه بشكل آخر على صعيد خفض الرسوم الحكومية للتوسعات التي تطلقها الشركات والرسوم المختصة باصدار وتجديد الرخص الصناعية حتى يتم تحقيق عوائد مادية تناسب المستثمرين ولاسيما مع فترة دورة رأس المال الطويلة . وأضافوا أن توسع المستثمرين في مشاريعهم يجب أن ترافقه سياسة حماية فعالة للمنتج الوطني وهو ما يمثل عنصر ثبات لتلك المشاريع مع المنتجات الخارجية التي تستقطب حصة كبيرة من السوق المحلي للدولة مما يخلق منافسة غير متكافئة مع المنتجات المحلية . ويختلف معدل العائد من مشروع لآخر بحسب حمد الهاجري رئيس مجموعة الهاجري الصناعية حيث هناك مشاريع متوسطة لا يتعدى العائد الصناعي فيها 5% بينما هناك مشاريع صناعية قد يصل العائد فيها على المدى الطويل إلى أكثر من 30% الا ان متوسط العائد على معظم المشاريع الصناعية ومنها المشاريع الصناعية المتعددة الاستخدامات نحو 20% . وأضاف الهاجري ان العائد الاستثماري ايضا مرتبط بحجم الاسواق التي يعمل بها المصنع وحجم الطلب على منتجاتها وتزيد مجموعته الصناعية إنتاجها بشكل دوري بنحو 20% وذلك للاستفادة من الطلب على المنتجات الورقية المتزايد بشكل كبير وخاصة في الاسواق الاقليمية الخارجية او الاسواق الاوروبية التي تسوق بعض المجموعات الصناعية الوطنية منتجاتها من خلالها ومنها مجموعة الهاجري التي تستقطب عدداً من العملاء في تلك الاسواق . وأعرب عن أمله في أن تتجه الدولة لخفض الرسوم المفروضة على التراخيص أو استقدام العمالة لاسيما أن الأنشطة الإنتاجية هي أنشطة كثيفة العمالة ومما يخلق تكلفة إضافية قد تعيق نمو المشاريع، وأثبت قطاع الصناعة خلال الأزمة قدرته على التأقلم مما شجع بعض المستثمرين على تحويل دفة استثماراتهم أو جزء منها للدخول إلى هذا القطاع المهم والاستفادة من الطلب المتنامي عليه . وعن رأس المال الوطني أشار الهاجري إلى انه يمثل 60% من الاستثمارات الصناعية القائمة وهو ما يدعم خطوات الدولة لتنمية هذا الرافد الاقتصادي المهم . ودعا الحكومة إلى زيادة العائد الاستثماري للقطاع لتحقيق المزيد من الاستثمارات وتبني خطة رئيسة ونظرة شاملة للقطاع الصناعي للنهوض به متمثلة في حلول موضوعية وتدريجية لمشاكل القطاع الرئيسة مثل خفض إعطاء التراخيص الصناعية في القطاعات الصناعية غير التصديرية والمتشابهة والزائدة عن حاجة السوق إضافة للعمل الجاد من جانب الحكومة لدعم المشاريع على الانتشار الخارجي وفتح اسواق جديدة . من جانبه قال رجل الاعمال محمد المهيري إن النشاط الصناعي ترتبط به نسبة مخاطرة عالية تتحكم في معدلات العائد ولاسيما مع ارتباطه بتكلفة عالية وطول فترة تحقيق العوائد . وأشار إلى اهمية القطاع الصناعي كقطاع مفضل للاستثمار في الوقت الحالي وهو ما جعل جزءاً من رأس المال الوطني يتحول من قطاعي الأسهم والعقارات إلى قطاع الصناعة، ويتطلب ذلك توفير سياسة لتصنيف الانشطة الإنتاجية بشكل مختلف عن الانشطة التجارية الأخرى حتى تلقى دعما أكبر من الجانب الحكومي يساعدها على استكمال دورة رأس المال الخاص طويلة الامد المرتبطة بالنشاط الصناعي . وقال: "لاشك في أن هناك عدداً من من العوائق التي لاتزال تقابل نمو القطاع الصناعي والمتمثلة في صعوبة الحصول على الأراضي للتوسع الأفقي اللازم لزيادة خطوط الإنتاج وافتتاح المصانع الجديدة" . وتابع: "كما يتطلب تقديم المزيد من التسهيلات الخاصة بمصادر الطاقة والبنية التحتية الخاصة بقيام تلك المشاريع والأنشطة الصناعية في المناطق المتخصصة لها والإسراع باستكمال تلك المناطق حتى يجد المستثمرون فرصة لبدء أنشطتهم الصناعية في بيئة مثالية توفر لهم المدخلات الأولية التي يعتمدون عليها في تدوير أنشطتهم الإنتاجية ورفع مستويات الجودة الخاصة بها وأخذ الثقة للاتجاه إلى القطاعات الصناعية المهملة التي تعاني أحجام رؤوس الأموال عن الاستثمار الفعال بها" . 500 مليون درهم لمصنع "صفيح مقصدر" تمثل المناطق المتطورة للاستثمار والمحفزات التي تبنى عليها خطط الاستثمار طويل الأجل من العوامل المنشطة للاستثمار الإنتاجي بحسب ما أكده مسؤولي الشركة الخليجية للصلب التي من المزمع انشاؤها في أبوظبي لاطلاق اول مشروع لإنتاج الصفيح المقصدر فى المنطقة العربية بما يمثل مركز انطلاقة لتعزيز تلك الصناعة في المنطقة وذلك استنادا إلى ارتفاع الثقة في القطاع الاستثماري في الإمارات ودراسة العائد الاستثماري المتوقع على المشروع الذي يدعم المخاطرة بحجم الاستثمار المخصص لاطلاق المصنع . وتبلغ تكلفة انشاء المصنع للمرحلة الاولى من عمر المشروع عند الاتفاق على تنفيذه نحو 500 مليون درهم والعائد المتوقع على رأس المال يقدر ب 20% وفقا لدراسات الجدوى الاقتصادية . ولاشك في أن مثل تلك المشاريع عند انجازها المشروع الجديد تصبح انطلاقة لتنويع الصناعات الاستراتيجية ولاسيما في القطاع الصناعي الإماراتي وخطوة نحو تعزيز الصناعات الأكثر استراتيجية استنادا إلى البنية المتطورة التي تتمتع بها المناطق الصناعية في أبوظبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام ممايصب بالنهاية في تضاعف العائد الاستثماري على الصناعي خلال السنوات القليلة المقبلة .