ألزمت نفسي في الفترة الأخيرة على مشاهدة السينما المصرية بعد الثورة أو أجزاء منها للأمانة، فأحيانا تضطر مرغما على مغادرة الفيلم غصبا عنك خوفا من «ارتفاع الضغط والسكر»، فرغم الثورة الاستثنائية التي قادتها جماهير استثنائية لم تستطع السينما مواكبة التحولات أو تقدم أي إسهامات ولو متواضعة رغم أن السينما في العالم كله قادت حركة التغيير. المهم قرأت مقالة قديمة لكريستيان بيرجمان في مجلة «فكر وفن» تتحدث عن السينما المصرية بعد مرور أكثر من مئة عام على ولادتها، لا يتطرق المقال لما بات يعرف للجميع بأزمة السينما المصرية التي طالت وأصبح الحديث حولها «ممجوجا»، فالأزمة في تصوري لم تولد مع السينما المصرية ولكنها تخبطت مع الزمن بفعل السياسات والمفاهيم والطمع، ما علينا، وسأحاول أن أستجمع بعض النقاط التي أراها ضرورية في هذا المقال الطويل، في البداية تحدث الكاتب عن محاولات بعض المخرجين المصريين لتصوير الواقع الاجتماعي والسياسي باحترافية مكنتهم من اختراق بعض التابوهات، ولكنه يستدرك بفطنة أن تابوهات أخرى ظلت قائمة لم يمسسها أحد، وظلت أخلاق الجمهور تحدد دائما إلى أي مدى يمكن أن يذهب التغيير، يبدأ المقال بمعلومة قد تكون معروفة ولكننا لا نتذكرها في خضم الفوضى الحاصلة وهي أنه مرت ستون سنة على نشأة السينما المصرية دون أن تتناول بجدية الصراع الإسرائيلي– العربي حتى جاء فيلم «باب الشمس» الذي عرض للمرة الأولى في مصر في شتاء عام 2005، ويبرر ذلك بأن السينما المصرية رغم ريادتها فقد ظلت هامشية وتم النظر إليها على أنها رمز للتسلية هدفها أن تدفع بالمشاهد إلى النسيان، وهو قد لا يتفق معه العديد من الناس، تحدث المقال عن غياب الدولة في الإنتاج السينمائي رغم أن السينما أسهمت وبشكل لا تخطئه العين بالصراعات الاجتماعية، وطبع الثقافة المصرية التناقض الطبقي بين المجتمع الزراعي والطبقة العليا «المتأوربة» ومثلت الطبقة المتوسطة بداية جمهور هذه الأفلام التي كانت تجلس في قاعات مريحة لمشاهدة آلام الفلاحين في المجتمع الإقطاعي، وكانت تهتم أكثر بطريقة حياة الطبقات الحاكمة وبالأمور التي تدفع الأميرات إلى سكب الدموع. تحدث الكاتب عن «الريحاني» الذي لم يستثن أحدا في نقده وصور الظلم الذي تتعرض له الطبقات الدنيا بالنكتة الذكية، وعن طه حسين وروايته «دعاء الكروان» التي تناولت العلاقة بين امرأة بدوية «آمنة» مع شاب لعوب الذي أغرى أختها فقررت الانتقام منه ولكنها وقعت صريعة هواه وتزوجته في نهاية المطاف لتتطور بفضل ذلك إلى امرأة حرة، وتناول الكاتب السينما المصرية بسرد مفصل وعقلاني وتطرق إلى «شاهين» وعادل إمام وجيل 67 الذي تحول من مخرجين ملتزمين إلى الأفلام التجارية (محمد خان، خيري بشارة) وغيرهم، وانتقل إلى جيل التسعينيات الذي حاول التجريب وحقق بعض النجاحات، وانتهى بالحديث عن «باب الشمس» باعتباره النموذج للسينما التي يتوق لرؤيتها الجميع.