عدن فري - يشار إلى أن الاقتصاد الصيني البالغ حجمه 8.4 تريليون دولار، سجل أشد تباطؤ في 13عاما خلال 2012 متأثرا بضعف الصادرات ورفع أسعار الفائدة من العام السابق. وسجل أيضا معدل نمو سنوي بلغ 7.8 في المائة وهو معدل قوي بالمعايير العالمية لكنه الأضعف في الصين منذ عام 1999. بينما ينصبّ اهتمام العالم على المآسي السياسية والاقتصادية في أوروبا واليابان والولايات المتحدة، فإن دولة واحدة عكفت في هدوء على معالجة مشكلاتها الاقتصادية. وتشير البيانات الصادرة أخيرا إلى تحول تدريجي ولكنه ملحوظ في نموذج النمو الصيني. غير أن الوقت لا يزال مبكرا للغاية على إعلان الفوز، والقيادة الصينية الجديدة حددت المهام التي يتعين عليها التصدي لها. تشير البيانات الحديثة إلى أن ألوقت قد حان لإعادة النظر في التصور القائل إن نمو الصين يدفعه قدما إلى حد كبير الاستثمارات والصادرات. فقد شكل الاستهلاك الحكومي والخاص معا ما يزيد على نصف النمو في إنتاج الصين في 2011-2012، الأمر الذي يشير إلى تحول كبير في تشكيل الطلب المحلي. والاستثمار الرأسمالي العضوي، وهو الدافع الأساسي للنمو خلال العقد المنصرم، لم يعد المساهم الأساسي في النمو. وفيما يتعلق بالصادرات ، فإن الميزان التجاري المتراجع قد خفض النمو بالفعل في العامين الماضيين. وقد أحرزت الصين نموا كبيرا في تقليص الاختلالات الداخلية التي تعاني منها، وانكمشت الفوائض في تجارتها وحسابها الجاري بصورة مضطردة مقارنة بالذروة التي وصلت إليها في عام 2007 عندما وصلت إلى 7.6 % و 10.1 % من إجمالي الناتج المحلي على التوالي. وفي عام 2012، كان كل من هذين الفائضين أقل من 3% من إجمالي الناتج المحلي. أسباب التحول ويتمثل أحد أسباب هذا التحول في أن نمو الصين القوي جنبا إلى جنب مع الضعف الاقتصادي في أسواق تصديرها الرئيسية قد خفضا العجز التجاري. وهناك سبب آخر هو أن الحكومة قد خففت من القيود المفروضة على تدفقات رأس المال من الصين وإليها، وسمحت للمستثمرين والشركات الصينية بالتطلع إلى الاستثمارات الأجنبية لأغراض التنمية. وقد تجاوزت تدفقات رأس المال إلى الخارج تدفقاته إلى الداخل في عام 2012، وهو شيء لم تعرفه الصين على امتداد أكثر من عقد من الزمن. وقد أثار ذلك مخاوف حول هروب رأس المال ، ولكن العكس قد يعكس اقتصادا أكثر ثراء وآخذا في النضج، مع أسواق مالية أكثر انفتاحا تسمح للمستثمرين بالاستفادة من فرص التنمية. وهناك مؤشرات على التقدم في إعادة التوازن المحلي كذلك. وقد تم إيقاف التراجع في نصيب الاستهلاك الخاص في إجمالي الناتج المحلي، بل إن هذا النصيب قد ارتفع قليلا في العامين الماضيين. وذلك على الرغم من أنه لا يزال أقل من نظيره في جميع الاقتصادات الكبرى الأخرى المتقدمة أو الناشئة. وقد زاد التشغيل في هذا القطاع على نحو يتفق مع هدف الحكومة المتمثل في تطوير قطاع الخدمات بشكل أسرع في 2012 مقارنة بما هو حادث في القطاع الصناعي، ونصيبا هذين القطاعين من إجمال الناتج المحلي متساويان الآن. لا يعني هذا أن كل شيء على ما يرام في ما يتعلق بالاقتصاد الصيني، فهناك مشكلات تهيمن على دفاتر المصارف الكبرى المملوكة للدولة، التي واصلت بصورة أساسية إقراض مشروعات الدولة. وقد واصل الانتقال من المشروعات المملوكة للدولة إلى المشروعات الخاص إلى حد التوقف. وتعاني الحكومات المحلية من مستويات كبيرة من الديون. ويظل إجمالي النمو في التشغيل محدودا، والنتائج البيئية المترتبة على نموذج النمو واضحة بصورة مؤلمة. غير أنه بالنسبة لهذه المشكلات ومشكلات أخرى، تظل الحقيقة القائلة أن الحكومة الصينية قد تمكنت من الانطلاق بالسفينة الاقتصادية الكبيرة والسريعة في الاتجاه الصحيح واضحة للعيان باعتبارها إنجازا كبيرا. فرصة ذهبية وتتاح للصين فرصة ذهبية مع انتعاش النمو وانخفاض التضخم للتطلع إلى ما يتجاوز إدارة الطلب قصير الأمد، والتركيز بدلا من ذلك على تحسين التوازن والنوعية واستدامة النمو. وبينما تحدث القادة الصينيون الجدد كثيرا عن الصيغ المناسبة للإصلاحات ، فإن الأوان قد آن لاستثمار نتائج العامين الماضيين والانطلاق بها قدما.