اعتبرت دمشق، أمس، اجتماع الدوحة الذي أسفر عن توحيد صفوف المعارضة السورية تحت لواء «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» في الأيام الماضية «إعلان حرب». في حين سيطر «الجيش السوري الحر» على قريتين في المنطقة المنزوعة السلاح بين سورية وإسرائيل في هضبةالجولان، فيما قصفت القوات النظامية مناطق في جنوب العاصمة دمشق التي شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيشين النظامي والحر، تزامناً مع شن الطائرات المقاتلة غارات على مناطق في دير الزور وبلدة رأس العين التي تخضع لسيطرة المعارضة. وقال نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، ل«فرانس برس» «قرأنا اتفاق الدوحة (الذي توصلت اليه المعارضة) الذي يتضمن رفضاً لأي حوار مع الحكومة»، معتبراً أن هذا الاجتماع «هو إعلان حرب»، وأضاف «لا يريد هؤلاء (المعارضون) حل المسألة سلمياً»، في حين يدعو النظام «إلى حوار وطني مع كل من يريد الحل السلمي». وأبدى المقداد استعداد نظام الأسد «للحوار مع المعارضة السورية التي تكون قيادتها في سورية، وليست بقيادة الخارج أو صنيعة منه». وتوافقت أطياف المعارضة السورية على تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» بعد ضغوط دولية وعربية. واعترفت به الولاياتالمتحدةوفرنسا «ممثلاً شرعياً» للشعب السوري. والتزم هذا الائتلاف «عدم الدخول بأي حوار أو مفاوضات مع النظام». وترفض المعارضة السورية الخوض في اي حوار قبل تنحي الرئيس بشار الأسد. ورأى المقداد أن الاعتراف الفرنسي «موقف غير أخلاقي لأنه يسمح بقتل السوريين، هم (الفرنسيون) يدعمون قتلة وإرهابيين، ويشجعون على تدمير سورية». وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قال في مؤتمر صحافي، أول من أمس «أعلن ان فرنسا تعترف بالائتلاف الوطني السوري الممثل الوحيد للشعب السوري، وبالتالي الحكومة الانتقالية المقبلة لسورية الديمقراطية التي ستتيح الانتهاء من نظام بشار الأسد». وأكد أنه سيعاد طرح تسليح المعارضة السورية الذي ترفضه الدول الغربية حتى الآن. واعتبر المقداد ان هذه الخطوة «خطأ كبير»، وهي على «تعارُضٍ مع التاريخ الفرنسي في العلاقات الدولية»، وأضاف «أعتقد أن امل الناس حول العالم سيخيب جراء هذا الموقف». من جهة اخرى، دان المقداد اعلان هولاند ان مسألة تسليم اسلحة الى المعارضة السورية ستطرح من جديد، معتبراً أن هذا الموقف «غير مقبول». واعتبر أن «فرنسا تقدم الآن مساعدة تقنية ومالية لقتل الناس». وأضاف «هم (الفرنسيون) مسؤولون عن قتل الآلاف من السوريين عبر تقديم مساعدة مماثلة الى المجموعات الإرهابية». ودعا فرنسا الى «ترك الشرق الأوسط وشأنه، وعدم لعب لعبة مماثلة»، مشيراً إلى أن «دعم الإرهاب يخالف القانون الدولي»، وان «التدخل الفرنسي السافر في الشؤون السورية الداخلية يخالف ميثاق الأممالمتحدة». على الصعيد الميداني، أعلن مقاتلو «الجيش السوري الحر» السيطرة على قريتين في المنطقة المنزوعة السلاح بين سورية وإسرائيل في الجولان. من جهته، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أنه بعد قتال عنيف على مدار الأسبوع الماضي، تمكن الثوار من السيطرة على قريتي البريقة وبئر عجم، وأضاف أن القوات الحكومية حريصة على استعادتهما، ولهذا فإنها تقصف المنطقة بكثافة. وتقع القريتان في المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان. وتخضع المنطقة للحكم السوري، إلا أنه لا يسمح للقوات السورية بدخولها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الصادر عن الأممالمتحدة. وأكد الناشط هيثم العبدالله من دمشق أن المقاتلين يسيطرون حالياً على مناطق قريبة من القنيطرة بالجولان. إلى ذلك، تعرضت مناطق في جنوبدمشق للقصف، وأوضح المرصد في رسالة إلكترونية أن «قذائف سقطت صباح أمس، على مخيم فلسطين بمدينة دمشق»، من دون ان يحدد مصدر هذه القذائف. وقال عبدالرحمن في اتصال مع «فرانس برس» ان المنطقة «تشهد عملية عسكرية، لذا يصعب تحديد مصدر القصف على المخيم». من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية، أمس، ب«بدء القصف المدفعي على شارع فلسطين وحي التضامن». وأشار الى ان خمسة مقاتلين معارضين قتلوا الليلة قبل الماضية «خلال اشتباكات وقصف من قبل القوات النظامية على مخيم اليرموك وحي التضامن» في جنوب العاصمة، بينما تعرض حي العسالي المجاور للقصف من القوات النظامية. وتشهد المناطق الجنوبية من العاصمة في الفترة الأخيرة تصاعداً في القصف والاشتباكات. وكانت اشتباكات عنيفة دارت، أول من أمس، في حي التضامن الذي تعرض للقصف من القوات النظامية في محاولة للسيطرة عليه، بحسب المرصد. وفي ريف دمشق الذي يشهد تشديداً في الحملات العسكرية ضد مناطق عزز المقاتلون المعارضون وجودهم فيها، تحدث المرصد عن مقتل اثنين من المقاتلين المعارضين اثر كمين نصبته لهما القوات النظامية في الغوطة الشرقية. وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، شن الطيران الحربي السوري، صباح أمس، غارات على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية، بحسب المرصد الذي اشار الى وقوع اشتباكات في محيط معسكر وادي الضيف القريب من المدينة، والمحاصر منذ نحو شهر. كذلك قال المرصد ان خمسة اشخاص على الأقل قتلوا في قصف بالطيران الحربي والمدفعية، أمس، على بلدة التح في ريف إدلب. من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) ان القوات النظامية دمرت، أمس، «تجمعات عدة للإرهابيين في ريف محافظة ادلب وقضت على أعداد منهم». وفي محافظة دير الزور (شرق)، تتعرض مدينة دير الزور لقصف بالطيران الحربي، بحسب المرصد الذي اشار الى ان المدينة «تشهد اشتباكات بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة». وفي محافظة الحسكة، قال شاهد من «رويترز» إن طائرة حربية سورية قصفت، أمس، بلدة رأس العين التي يسيطر عليها المعارضون والقريبة من الحدود التركية وذلك لليوم الثالث على التوالي. وأضاف أن القصف هز المباني الواقعة على الحدود وأطلق أعمدة ضخمة من الدخان. وفي حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ نحو اربعة اشهر، نقل مراسل «فرانس برس» عن مصدر عسكري قوله ان المقاتلين المعارضين سيطروا على مستشفى الكندي، وحاجز عسكري هو الأخير للقوات النظامية في شمال المدينة. وقال المصدر ان المقاتلين شنوا هجوماً شاملاً على الحاجز العسكري مقابل مستشفى الكندي، مؤكداً أنهم «نجحوا في السيطرة على الحاجز والمستشفى».