أتيحت لي فرصة زيارة تركيا خلال إجازة منتصف الفصل الماضية، وتجولت في أنحاء مدينة استانبول (العاصمة السياحية والتجارية والثقافية) وزيارة عدد من مدارسها المتميزة ولقاء نخبة من التربويين والإعلاميين وبعض رجال الأعمال، والتعرف على كثير من الزوايا التي كانت خافية عن ناظري، عرفت لماذا بلغت تركيا ما حققته من نجاحات داخلية وخارجية، وعلى كل المستويات والاتجاهات، ولما سألني بعض الأصدقاء عن هذه الزيارة وما وجدته؛ قلت له باختصار: إنهم أناس جادون جيدون عمليون متميزون ومتواضعون بدون تكلف، وقد توضح ذلك خاصة مع مدير جامعة الفاتح الذي كان في زيارة للمدينة المنورة قبل أكثر من شهر، والتقيته في دعوة عشاء خاصة، فرأيت فيه من البساطة والتواضع الكثير، رغم عمق فكره، وكذلك ظهر ذلك واضحًا فيمن التقيناهم من مسؤولي تلك المدارس، حيث الإلمام بكل جوانب عملهم مع البساطة في الحديث وبعد النظر وحبهم الخير للغير كما لأنفسهم. المجتمع التركي ليس نوعًا واحدًا، ولا يمكن حصره في إطار واحد، وهو مجتمع حي ومتحرك يريد أن يعيش بكرامة، فظروف المعيشة صعبة والغلاء فاحش جدًا، ابتداءً من قرص الخبز (السميت)، ومرورًا بأسعار البنزين والاتصالات والملابس وغيرها، لكن العجيب أن كل شيء يسير ويتحرك بسرعة، ويكفي أن نظرة واحدة إلى أي سوق أو مركز تجاري تؤكد هذه الصورة، ورغم التعدد العرقي والديني والثقافي للمجتمع التركي إلا أنه يعتز بانتمائه الإسلامي دينًا وأمة، ويكفي أن مدارس تحفيظ القرآن الكريم نبتة قوية متعمقة الجذور وليست مشروعًا طارئًا، ويظهر تمسك المجتمع التركي بدينه رغم هيمنة الفكر العلماني عقودًا طوالًا، والذي كان يُحارب أي شيء فيه رائحة الإسلام والعربية، ورغم أنه لا يزال في المجتمع التركي من يكره العرب تاريخًا ولغة؛ نتيجة لجهود العلمانيين والقوميين في محاربة الإسلام، والذين أحكموا السيطرة على زمام الأمور أكثر من سبعين عامًا، لكن تمسك عامة الشعب بدينه وارتباطه الروحي بقبلته وكتاب ربه جعله يجاهد في الحفاظ على ذلك بكل الوسائل التي جعلته يحتفظ على ارتباطه بدينه وأمته. «استانبول» أو «القسطنطينية» مدينة تتحدث بلغة التاريخ العريق، ولا يزال فيها الكثير من الآثار البيزنطية خاصة في الجانب الأوروبي منها، ولكن واضح جدًا الامتزاج العجيب بين الحضارة الإسلامية من مساجد ومدارس وأسواق عتيقة ومتاحف، ويعجبك أكثر الاهتمام البالغ بالمحافظة عليها وترميمها وخدمتها وتوفير كل السبل للتعريف بها، وفتح أبوابها للزوار السياح الآتين من كل أصقاع العالم، ومن أبرز تلك المعالم «مينيا تركيا» ومسجد محمد الفاتح، والأجمل من كل ذلك تهيئة المناطق السياحية وتوفير كل احتياجاتها من مواصلات ومطاعم ومقاهٍ وأسواق جميلة، مما يجعل المدينة سياحية من الطراز الأول، وليس من الإنصاف تناسي الجهود الحثيثة لتشجير المدينة وغرس آلاف الشتلات لتصبح بعد سنوات غابات تضيف لمسات رائعة إلى هذه المدينة الساحرة، وتعتبر زهرة اللالة (الزنبقيات) بألوانها المتعددة من أبرز أنواع الزهور التي يعتز الأتراك بها، وتراها في كل مكان وزاوية من أنحاء البلد، وخاصة في الحدائق العامة وأطراف الطرق والشوارع. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (66) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain