الشيخ مدثر إسماعيل في خطبة الجمعة بجامع الإمام: دعا الشيخ الدكتور مدثر أحمد إسماعيل إلى تقوى الله عز وجل باعتبارها زاد العباد في الحياة وعند الممات ويوم المعاد لقوله تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ». وشدد الأمين العام للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان في خطبة الجمعة أمس بمسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب أن عزة المسلمين في التمسك بالإسلام, ومعرفة معاني الانتماء لهذا الدين العظيم والاعتزاز به. وأوضح أن البشر جبلوا على طلب العزة والعلو والرفعة, ولأن كل الناس جبلوا على أن يتفاخروا ويعتزوا ويتعالوا, فالكفار يطلبون العزة ويرمونها من آلهتهم ومعبوداتهم أيا كانت, يقول الله تعالى: « وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا». أما المنافقون فيطلبون العزة من غير الله, وينافقون من أجل الوصول إليها, مع علمهم أنها قد لا تكون عندهم، ولذلك يحكي الله عنهم « بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا». وزاد الداعية السوداني أن من مناهج المنافقين في طلب العزة من غير الله أنهم يسارعون إلى الكفر وأهله. أما نحن المسلمين المؤمنين فلا نطلب العزة إلا من واهبها ومالكها ومعطيها ومسديها, من العزيز القهار القوي الجبار الله جل جلاله، مؤكداً أن المسلم يطلب العزة من الله الذي يقول لنا في صفات كماله ونعوت جلاله: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». ودعا الخطيب إلى الوقوف على كلمة نرددها بكثرة أفرادا وجماعات وأمة, والتدبر في مدلولاتها، قائلا عندما يقول الواحد منا أنا مسلم فماذا يعني ذلك من أمور عظيمة, وأنه مستسلم منقاد لسيده ومولاه الذي يعبده فلا يقدم ولا يؤخر إلا وفق إرادته وحسب أمره, منقاد لمالك الملك جل جلاله لمن في الأرض سلطانه وفي البحر عظمته, وفي النار سطوته, وفي الجنة رحمته, وكل هذا الكون خاضع له ذليل له, مستكين لمن بيده كل الأمر, يقول للشيء كن فيكون. وزاد الشيخ مدثر عندما أقول أنا مسلم يجب أن أتذكر أنني لله وحده, وليس هناك شركاء متشاكسون في حبي وخوفي ورجائي ورغبتي ورهبتي وشكري وصبري، وأني كلي لله تعالى القائل في كتابه: « قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ». وشدد الداعية السوداني على أنه حق للمسلم أن يعيش العزة في أشمل وأكمل وأبهى صورها، أن يعيش العزة بالإسلام لأن الله تعالى جعل الإنسان الأعز قدرا وكونا وشرعا لقوله سبحانه عز وجل: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» وقوله: «وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ», مؤكداً أن المسلم يجب أن يشعر بأنه غير بقية الناس, وأنه صفوتهم وخيارهم أراده الله شهيدا على سائر الناس يوم يعرض الناس على رب الناس لقوله عز وجل: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا». وتساءل الخطيب كيف تراجعت أمة المسلمين, وهي بهذا العز وبهذا القدر والمكانة العلية, وكيف رضيت أن يتحكم في مصيرها الآخرون, وطأطأ البعض رؤوسهم, وقولهم إنهم مسلمين على استحياء وخجل، داعيا المسلمين لمراجعة أنفسهم ومعرفة سبب غياب روح العزة بالإسلام, وكيف تكاسل المسلمون وبات دورهم ضعيفا وتفاعلهم مع ما يجري حولهم لا يرقى لمنزلة دينها. وقال الشيخ مدثر إسماعيل: إن الأمة محتاجة لخطاب استنهاض همم أبنائها وعزتهم بالإسلام, بعد أن باتت علاقة أغلبيتهم بالإسلام علاقة انتساب فقط, أو شعائر موسمية وشعائر تعبدية يومية دون أن يعتمدوا الإسلام منهج حياة, وأن يكون بوصلىة توجهها. ولاحظ أن الأغلبية تعيش انفصالا نكدا بين انتماءهم للإسلام وما يمارسونه في الواقع، حيث تظهر دنيا المسلمين ذلك, سواء في إعلامهم وتعليمهم أو تجارتهم أو سلوك أولادهم ونسائهم, الذي لا يمت للإسلام بصلة. وزاد: نحتاج إلى أن نعيش الاعتزاز والاعتداد بالإسلام, موضحا أن التاريخ الإسلامي مليء بالنماذج الشامخة للاعتزاز بالإسلام ,وأكد الشيخ مدثر في ختام الخطبة، أن الأمة الإسلامية لن تعود لعزها وتبوء المكانة التي تليق بها إلا بالاعتزاز بدينها, وأن ابتغاء العزة في غيره سيبقيها في مؤخرة الركب.