روى الأصمعي أن رجلاً من فزارة قَدِمَ على الخليل بن أحمد وكان الفزاري أحمق، فسأل الخليل مسألة فأبطأ في جوابها، فتضاحك الفزاري، فالتفت الخليل إلى بعض جلسائه فقال: الرجال أربعة: فرجل يدري ويدري أنه يدري، فذلك عالم فاعرفوه.. ورجل يدري ولا يدري أنه يدري، فذلك غافل فأيقظوه.. ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري، فذلك جاهل فعلموه.. ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فذلك مائق (أي أحمق) فاجتنبوه.. ثم أنشأ الخليل بن أحمد يقول مخاطباً الأحمق: لو كُنتَ تَعلَمُ ما أَقولُ عَذَرتَني أَو كُنتُ أَجهلُ ما تقولُ عذَلتكا لكن جَهِلتَ مََقَالَتي فعذلتني وعلمتُ أَنَّكَ مائقٌ فَعَذَرتُكا الصحابة والشعر * قال المفضّل: لم يبق أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد قال الشعر أو تمثل به.. فمن ذلك قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، يرثي النبي صلى الله عليه وسلم: أَجِدّكَ ما لَعينكَ لا تَنامُ كأَنَّ جُفُونَها فيها كِلامُ * وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مازِلتُ مُذْ وَضَعوا فِراشَ مُحَمَّدٍ كيما يُمَرَّضَ خائفاً أَتَوَجَّعُ * وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أَلا طَرَقَ النَّاعي بليلٍ فَرَاعَني وأرَّقَني لَمَّا استّفَزَّ مُنَادِيا * وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: فيا عينِ ابكي ولا تَسأمي وَحُقَّ البُكا على السَّيِّدِ الأصمعي والمرأة * قال الأصمعي: رأيت امرأة تتبع ميتاً على نعش وهي تقول: رحمك الله يا هيثم، فلقد كان مالُكَ لغيرك، وأمرك لغير عرسك، وكنتَ كما قال الشاعر: رحيبُ ذراعٍ بالذي لا يَشينُهُ وإن كانت الفَحشاءُ ضاقَ بها ذَرعا فقلت: يا أم الهيثم، هل لك من الهيثم خلف؟ فقالت: نعم ثواب الله، وهو أَجَلُّ العوض وأحسن الخلف.. الوزير والملك * قيل إن وزيراً لملك في الزمن الغابر نفاه لموجدة وجدها عليه، فاغتم الوزير لذلك غماً شديداً، فبينما هو ذات ليلة في مسيره إذ لقيه رجل، فأنشده: أَحسنِ الظَّنَّ بِربٍّ عَوَّدَكْ حَسَناً أَمس وسوَّى أَوَدَكْ إنَّ ربَّاً كان يكفيكَ الذي كان منكَ الأمسِ يكفيكَ غَدَكْ وسلامتكم...