شن رجل دين شيعي عراقي هجوماً على نظام الرئيس السوري بشار الاسد وشببه بالديكتاتور العراقي صدام حسين، مضيفاً أن الشعب السوري أكثر مظلومية من الشعب العراقي. فاجأ رجل الدين الشيعي العراقي محمود الصرخي الرأي العام بموقف مخالف لما بات يعرف عن الشيعة العراقيين حيال الازمة السورية المتواصلة فصولاً. فقد شبه الصرخي "الرئيس السوري بشار الأسد بالديكتاتور العراقي الراحل صدام حسين، والشعب السوري بالشعب العراقي بل أنه بات أكثر مظلومية منه مقارنة مع مقدار الظلم الذي تعرض ويتعرض له الشعب السوري اليوم". جاء ذلك خلال الظهور المفاجيء للصرخي في مدينة كربلاء في أول مؤتمر صحافي له ظهر امس الجمعة ضم عددا من وسائل الاعلام العراقية بعد سنوات من العزلة الاختيارية. وقال الصرخي: "وفق ما نقلته عنه وكالة أنباء المدى برس المحلية إن "الشعب السوري هو كالشعب العراقي تعرض للظلم والاضطهاد ونظام بشار الأسد هو نسخة من تجربة نظام صدام والشعب السوري أكثر مظلومية من العراقي لانه شعب فقير وموارده قليلة والأيام كشفت مقدار الظلم الذي تعرض له". وأضاف أن هذا الرأي قد يتسسب بتصفيته من قبل أذرع النظام السوري المنتشرة في كثير من البلدان، حسب وصفه. ويأتي هذا الرأي مغايراً لما بات ينسب أو يعلنه رجال دين شيعة من وقوفهم مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يعاني من انتفاضة شعبية ضد حكمه منذ أكثر من سنتين راح ضحيتها عشرات الالاف من السوريين. وكان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر سبق الصرخي بتعاطفه مع معارضي الرئيس السوري من خلال رفع أعلام الجيش السوري الحر في آخر تظاهرة لهم في الشهر الماضي. ويرى الباحث في الشؤون الدينية وليد خادم أن موقف الصرخي يأتي كإعلان لرأي يتبلور لدى أغلبية صامتة من جمهور الشيعة العراقيين خاصة من المتعلمين الذي يفرقون بين الجيش السوري الحر وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. وأضاف الباحث العراقي خلال حديث هاتفي مع إيلاف أن الجيش السوري الحر يضم فئات متعددة من معارضي النظام السوري ولاعلاقة له بالتكفيريين من جبهة النصرة الذين يكفرون الشيعة ويدعون لقتلهم ويقتلون كل مخالف لهم حتى من الجيش الحر. وأكد أن سبب الانطباع لدى الرأي العام العربي بأن الشيعة يقفون من نظام بشار الاسد هو الدعاية الايرانية التي يعتبر عامة شيعة العراق من اكبر المستهلكين لها، حيث صورت هذه الدعاية الجيش الحر بأنه هو نفسه جبهة النصرة. وانهم سيأتون للعراق لقتل الشيعة بعد إسقاط نظام بشار الأسد. وبين خادم أن من ساهم ببلورة هذه النظرة التخويفية عدد من رجال الدين السنة المتشددين من العرب والسوريين عبر فضايئات طائفية الذين يكفرون كل يوم الشيعة ويُظهرون خلال فتاواهم التلفزيونية ان كل معارضي بشار الاسد هم من حملة ذات الأفكار التكفيرية. ورأى في ما يشاع من دعم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يعارض اسقاط نظام بشار الاسد لرجل الدين محمود الصرخي بأنه لاسباب تكتيكية، بالتقرب من الزعامات الهامشية لتخويف خصوم المالكي من رجال الدين، خاصة في كربلاء والنجف. لكنه رأى فيه من جانب آخر تمردا على الهمينة الايرانية على المؤسسة الشيعية العراقية، بعد ان سبقه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي بات أكثر رجل دين مشاكس ومصدر تعب للجانب الايراني من بين رجال الدين الشيعة العراقيين. واضاف الباحث العراقي أن الصرخي عرف عنه اتخاذه مواقف عروبية يتميز بها عن بقية رجال الشيعة الذين يرون في الإسلام شموليا لكل العالم. وحول أعلمية الصرخي قال خادم إنه لم يسلك الطرق التقليدية ولم يسلك أيضاً الجانب العلمي في البحث من خلال المواظبة على حضور حلقات الدرس والبحث الفقهي مع راجع كبار ليكون مرجعاً. وهو كان المحسوبين على أتباع السيد محمد صادق الصدر والد مقتدى الصدر ولم يكن من المقربين منه بل كان على الهامش الصدري. من جانب آخر قال الصرخي حول التظاهرات في المناطق السنية العراقية وضمن نفس المؤتمر الصحافي "بعد الاحتلال تعرض الشعب العراقي بكل طوائفه ودياناته الى الظلم والحيف وكل إنسان يمر بهذا الظرف يعبر عن طلباته من خلال التظاهر في العراق الجديد فنحن نعتقد أن المجتمع خرج لتحقيق هذا الهدف ونحن نؤيد خروج المتظاهرين من أجل هذا". مضيفا "لكن هناك أناساً انتهازيون استغلوا التظاهرات لمصالحهم الخاصة"، مبينا في الوقت نفسه أن "الانتهازيين موجودون حتى في الدين والحوزة وهدفهم كسب المنافع الشخصية وبرغم وجود الانتهازيين فهذا لا يعني أن التظاهرات باطلة وبالمقابل لا يعني أنها حقيقية بالكامل وعلينا أن نفصل بين القضيتين". وفي سياق متصل، أكد الصرخي أنه لا يوجب أو يحرم الذهاب إلى الانتخابات "وكل إنسان حر وهو يقدر القضية وله الحق في الاختيار"، وأضاف "لكننا ننصح بانتخاب الناس الذين فيهم الخير والصلاح وألا ننخدع باسم الطائفية وباسم علي فلا يعقل أن يكون علي مع الباطل والفاسد والسارق"، مبينا "ولا يعقل أن المجتمع الشيعي ليس فيه إنسان صالح ليتصدى لأمور هذه الأمة وكذلك المجتمع السني لذا ننصح بانتخاب الشخص الصالح بغض النظر سنيا كان أم شيعيا مسلما أو مسيحيا". وبشأن الاتهامات التي نسبت لإتباعه في الهجوم على مؤسسات صحفية، قال الصرخي "نشجب الاعتداء على أبنائنا الإعلاميين ونأمل أن تكون هناك استقلالية للإعلامي من ناحية المورد المالي حتى لا يكون منقاداً لمسؤول أو مؤسسة معينة أو مسؤول، لمن يدفع له الأموال من غير هؤلاء ونعتقد أن الإعلام أكثر قوة ممكن أن تكشف الحقائق وتصحيح الأخطاء". وتشير السيرة الذاتية لمحمود الحسني الصرخي بأنه "درس وتخرج في كلية الهندسة "المدنية" بجامعة بغداد عام 1987 قبل أن يتوجه لدراسة العلوم الدينية" في مدينة النجف. لكنه منذ عام 2003 عرف باتخاذه موقف معادٍ للوجود الاميركي في العراق وكوّن له عدداً ليس قليلا من الاتباع خاصة في جنوبالعراق وطرح نفسه مرجعا دينيا وريثا للمرجع محمد صادق الصدر الذي يتهم نظام صدام حسين بقتله مع نجليه عام 1999. وللصرخي عدد من المؤلفات الفقهية المطبوعة يحاجج بها بأعلميته.