الدوحة - قنا : افتتح معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قبل ظهر اليوم بفندق الريتز كارلتون أعمال المؤتمر الدولي للمانحين لاعادة الاعمار والتنمية في دارفور. حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر دولة السيد علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني وسعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والشركاء الإقليميين والدوليين لسلام دارفور وممثلو الدول المانحة والمنظمات والهيئات الاقليمية والدولية المعنية. وفي بداية الكلمة التي افتتح بها المؤتمر نقل معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية للمشاركين في المؤتمر تحيات حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وتمنياته للمؤتمر بالنجاح والتوفيق. كما نقل معاليه تحيات سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الذي يتابع هذا المؤتمر باهتمام كبير. وأكد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في كلمته دعم دولة قطر الكامل للمؤتمر الدولي للمانحين لاعادة الإعمار والتنمية في دارفور وحرص قطر الشديد على أن يخرج المؤتمر بنتائج تكون في مستوى تطلعات وطموحات أهل دارفور. وشدد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على أن المؤتمر يتوج رحلة حافلة بالعمل والانجاز من أجل السلام والاستقرار والتنمية في دارفور بدأت عام 2008 بتشكيل اللجنة الوزارية العربية الافريقية حول دارفور برئاسة دولة قطر وتواصلت عبر محطات متعددة من ابرزها اقرار اصحاب المصلحة في دارفور في ختام مؤتمرهم بالدوحة في مايو 2011 وثيقة الدوحة للسلام الذي حظيت بمشاركة وتأييد أهل دارفور ولقيت كذلك دعما اقليميا ودوليا واسع النطاق. وأوضح معاليه، أنه على أساس هذه الوثيقة وقعت الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة في يوليو من نفس العام اتفاقية للسلام يمضي تنفيذها بدقة ونجاح. ونوه إلى أن من ثمار هذه الوثيقة الاتفاق الذي تم توقيعه بالأمس بالدوحة بين حكومة السودان وحركة العدل والمساوة الذي يشكل تطوراً ايجابياً مهماً وانجازاً حقيقياً على طريق تثبيت دعائم السلام وترسيخ الاستقرار وتهيئة المناخ لعمليات التنمية والبناءلاعادة الاعمار في دارفور. وأشار معاليه إلى أن الطريق لسلام دارفور لم يكن سهلا والعملية السلمية لم تكن متسرعة ولا مرتجلة وانما كانت بعيدة النظر واسعة الأفق، تسير بخطى مدروسة وترتكز على اساس سليمة ومتينه، وبالتالي فأن السلام الذي ينتج عنها يبقى سلاماً راسخاً وشاملاً وعادلاً ودائماً وقادراً على الصمود في وجخه الهزات والعثرات. وخاطب معالي رئيس مجلس الوزراء المؤتمرين بقوله، "ولذلك فأن ما تقدمونه من دعم مالي لدارفور لن يذهب هباء ولن يتبدد في اجواء المعارك والحروب، فلقد ولت الحرب الى غير رجعة ولم يتبق من مخلفاتها سوى تفلتات أمنية محدودة وعمليت معزولة مصيرها إلى زوال. وأكد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية من جديد في كلمته، أن الحرب في دارفور قد ولت بكل ويلاتها وجاء زمن السلام في دارفور "الذي نتطلع أن يكون سلاماً تحرسه التنمية قبل أن تحرسه القوة، ويحميه القانون في ظل العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد". وأضاف، "دارفور اليوم مهيأة تماماً ليس فقط لتلقي الهبات والتبرعات وهي ضرورية في هذه المرحلة، ولكنها مهيأة كذلك لتلقي الاستثمارت العربية والعالمية وخاصة في مجالات الانتاج الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية والتعدين". وشدد على أن تجربة الوساطة المشتركة في دارفور كانت بحق تجربة جديدة وفريدة وناجحة، مشيراً إلى أنه لم يسبق أن قامت وساطة من هذا النوع وبهذا الشكل حيث تلاقت جهود جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في عمل دبلوماسي منسق ووفق منهج مدروس وتحرك محسوب الخطوات ومحدد الاهداف وواضح الرؤية، ولذلك كان طبيعياً ومنطقياً أن تجيئ النتائج بهذه الصورة المرضية سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وقال معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، أنه على الصعيد السياسي تشكلت السلطة الإقليمية لدارفور التي أقامت هياكلها الإدارية وجهازها التنفيذي والتشريعي وبدأت في ممارسة مهامها بثقة وكفاءة وفي تنسيق تام مع السلطة المركزية في الخرطوم ومع ولاة ولايات دارفور الخمس واستطاعت في فترة وجيزة تحقيق العديد من الانجازات المهمة. وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح معاليه أن عجلة التنمية بدات تدور في دارفور وتنتظم ولاياتها الخمس المشروعات الجديدة، "فهناك شبكة الطرق التي يجري تشييدها الان ، وهناك المشروعات الزراعية التي عادت إلى الانتاج بعد سنوات من التوقف إلى جانب المشروعات الزراعية الجديدة التي بدأت الانتاج". وأضاف في ذات السياق، أنه على الصعيد الأمني لا يمكن مقارنة اوضاع دارفور عام 2003 وما تلاه من اعوام بأوضاعها الحالية حيث أصبح السلام حقيقة واقعة، ولم تفلح العمليات المحدودة والمعزولة في أطراف دارفور في هز هذا السلام الذي يزداد ثباتاً ورسوخاً مع الأيام مما دفع الكثيرين من أبناء دارفور إلى مغادرة معسكرات اللجوء والعودة إلى قراهم. ونبه معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إلى أنه إذا كان السلام ضرورياً لدفع عجلة التنمية، فإن التنمية ضرورية لإستدامة السلام وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار وتسريع وتيرة العودة الطوعية، مبيناً أنه من هنا يأتي دور المشاركين من خلال هذا المؤتمر الهام. وأكد معاليه على أن دولة قطر عندما قبلت التكليف برئاسة اللجنة العربية الإفريقية لتحقيق السلام في دارفور، فعلت ذلك انطلاقاً من مسؤلياتها الإنسانية والأخلاقية ومن التزاماتها العربية وقيمها الإسلامية، فلم تحركها أجندات خاصة ولم تستثن أحداً ولم تنحز لطرف دون طرف ولم تفرق بين جماعة وجماعة ولا بين حركة وحركة. وقال بهذا الصدد، إن دولة قطر وقفت من جميع أطراف النزاع على مسافة واحدة وكان هدفها في البداية والنهاية انهاء معانات أهل دارفور وتحقيق السلام وتقديم نموذج للعالم بأن العرب والأفارقة قادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم حتى لو كانت هذه المشاكل بحجم أزمة دارفور. كما أكد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في كلمته، أن جهود دولة قطر لم تقتصر على الجانب السياسي بل أولت اهتماماً خاص في دارفور، فكانت مبادرة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى الداعية لتأسيس بنك للتنمية في دارفور برأسمال قدره ملياراً دولار لمعالجة افرازات الحرب وبناء المستشفيات والمدارس والمساعدة في اعادة تأهيل النظام الزراعي والصناعي ومساعدة صغار المستثمرين مما يمهد لتنمية مستدامة في دارفور. وأشار معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى أن دولة قطر تنفذ حالياً في دارفور برنامجا للتنمية وتيسير العودة الطوعية للنازحين واللاجئين، وقال إن هذا المشروع في المرحلة قصيرة المدى يستهدف 150 ألف شخص بموازنة اجمالية قدرها 31 مليون دولار أمريكي، بينما يستهدف المشروع في المرحلة متوسطة المدى مليوني شخص بموازنة اجمالية قدرها 529 مليون دولار في 45 مجلس قرية موزعة على 30 محلية وخمس ولايات. وتابع معاليه مخاطبا المشاركين، "لنجعل عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية في دارفور مهمتنا العاجلة، وهي مهمة تحتاج إلى تمويل كبير، فهناك عشرات الآلآف من أهل دارفور يقيمون منذ سنوات في معسكرات النزوح في الداخل وفي معسكرات اللجوء بدولة تشاد المجاورة، وعودة هؤلاء تتطلب تهيئة مناطقهم الاصلية ببناء المساكن والمدارس والمستشفيات حتى يتمكنوا من العودة واستئناف حياتهم الطبيعية". ودعا معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني المشاركين في هذا المؤتمر، أن يولوا التعليم جانباً كبيراً في برامجهم وكتبهم لبناء وإعمار دارفور الجديدة، وقال أنه كلما زاد الوعي وانتشر التعليم وتعمقت ثقافة التسامح، تأكدت القناعة بالسلام وبعدم جدوى الحروب والمنازعات التي لا طائل منها ولا تجلب سوى الخراب والدمار. وقدم معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في كلمته التحية لكل من بذل جهداً وفكراً من أجل السلام والتنمية في دارفور، وخص بالذكر في هذا الصدد سعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والوسيطين المشتركين السابقين جبريل باسولي وابراهيم قمباري والوسيط المشترك الحالي محمد بن شمباس وممثلي الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والمبعوثين الخاصين إلى السودان من مختلف دول العالم وكذلك البعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي العاملة في دارفور(يوناميد)، والحكومة السودانية وحركات دارفور التي أقبلت على السلام بحس وطني ودفعت استحقاقاته بقناعة ورضى. ودعا الآخرين بهذا الخصوص إلى الاسراع بالانضمام للعملية السلمية حيث لم يعد الأمر يتحمل مزيداً من التأجيل والتسويف. ومضى مخاطباً المؤتمرين "التحية لكم أيها الأخوة وأنتم تساهمون في بناء دارفور الجديدة وتساعدون أهلها على تضميد جراحاتهم وتجاوز أزمتهم وفتح أبواب الأمل أمامهم بعد سنوات المعاناة ليعودوا قوة للبناء والتعمير وليس قوة للحرب والتدمير". ووجه معاليه التحية لأهل دارفور جميعهم بمختلف مكوناتهم وتوجهاتهم مؤكداً أنهم التفوا بصدق حول وثيقة الدوحة للسلام وباركوها منذ لحظة توقيعها والتزموا بتنفيذها كاملة غير منقوصة حتى أصبحت الآن حقيقة تضرب بجذورها في أعماق أرض دارفور فتعيد الامن وتحقق الطمأنينة وتنشر السلام وتزرع الخير والأمل والثقة في المستقبل وتؤكد للعالم أن ما حدث في دارفور خلال السنوات الماضية كان حالة طارئة وأزمة عابرة. ونوه أنه وبعد أن انقشعت سحب الأزمة وهدأت النفوس وزالت مبررات الصراع فأن دارفور تعود كما كانت منبعا للخير وأرضا للسلام ونموذجاً للترابط الاجتماعي والمسؤلية الوطنية. وأكد معاليه في ختام كلمته على دعم دولة قطر لجهود المشاركين الخيرة من خلال هذا المؤتمر الذي يتطلع اليه اهل دارفور بتفاؤل كبير، ويترقبون نتائجه بآمال عريضة، معرباً عن ثقته أن المؤتمر لن يخيب آمالهم وسيكون على مستوى طموحهم .